الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملخص كتاب نظام التفاهة

عدنان جواد

2023 / 6 / 27
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


ملخص كتاب
انتشرت ظاهرة تلخيص الكتب في الآونة الاخيرة ، لعدم تفرغ الناس للقراءة، فيقرأ القارئ كتاب بمئات الصفحات من خلال ملخص لا يتجاوز العشرات من الصفحات، وتلخيص الكتب ظاهرة قديمة ترتبط بانتشار القراءة والكتابة، ومما دعاني لهذا النوع من الكتابة اهمية الكتاب الذي نحاول ان نختصر ما موجود فيه في صفحات معدودة.
الكتاب نظام التفاهة
تأليف الدكتور الآن دونو الكاتب الكندي الجنسية.
ترجمة الدكتورة السعودية مشاعل عبد العزيز الهاجري.
مؤلف الكتاب استاذ في الفلسفة في جامعة كيبك الكندية، وهو ناشط اكاديمي يتصدى للرأسمالية المتوحشة، في البداية يصف الكاتب التفاهة بانها (لعبة) وبالرغم من انها غير مكتوبة ولا يعرفها الجميع ولا يتكلم عنها احد، ولا يتبناها احد صراحة، لكنها تنتمي الى كيان كبير، وهذا الكيان مسخ يبتعد عن القيم والاعتبار والمبادئ والقيم، ويرتبط بحسابات متعلقة بالربح والخسارة الماديين كالمال والثروة، ومعنوية بالسمعة والشهرة والعلاقات الاجتماعية، فيفقد الناس تدريجياً اهتمامهم بالشأن العام ويقتصر اهتمامهم على فردياتهم الصغيرة، وفق قواعد جديدة يتم اختراعها، ويمكن من خلال هذه اللعبة النجاح السهل لان الغالبية تذهب للتبسيط وترك المجهود ، والقبول بالحدود الدنيا من ذلك المجهود، وان الاوائل ليس فقط هم الاذكياء والعباقرة، وحسب وصف المترجمة(كل مرتفع يقاوم الجاذبية الارضية فيما كل منحدر يسلم نفسه بسهولة اليه)، وذهاب الناس بهذه الاعداد الكبيرة نحو هذه (اللعبة)نتيجة تبسيط الاوضاع الفردية المعقدة الى ابسط حدود التبسيط، فلا اهمية لأي شيء، وايهام الناس بانه ليس هناك اهمية للسياسة ولا جامعة ولا اعلام، ولا حتى شؤون الصالح العام هي بالأمر المهم، اذاً تقتضي التفاهة ان نتذكر ان الامر بالنهاية لا يعدو ان يكون(لعبة).
اللغة الخشبية
وهي لغة جوفاء فهي تعدو في النهاية ان تكون محض لغو، مثل لغة جورج اوريل في روايته 1984 لغة مليئة بالاستعارات، والكلمات الطنانة التي لا معنى لها، ويقابلها لغة التبسيط الخطر، والكتابات الاكاديمية التي تبالغ احياناً في التعقيد.
الجامعة والمظاهر الاجتماعية
ذكر ايضاً الكاتب علاقة الجامعة بالمظاهر، وان ظاهرة طلب العلم لأغراض المظهر الاجتماعي وليس طلباً للحكمة، والهوس بالحصول على الشهادات العلمية العالية من ماجستير ودكتوراه لأغراض الظهور الاجتماعي وحدة، ومسالة بيع المعرفة الاكاديمية للجهات الممولة للجامعات، في سعي الاستاذ الجامعي في الحصول على المنح من الجهات الممولة ، وهكذا ينحدر العمل بالجامعة الى درك التفاهة، فتتحول من منتج الى المعرفة الى تجارة.
الخبرة العامة
يكاد يجمع العلماء ان الفلسفة هي اساس فكر الرياضيات والميكانيك والنجوم والحركة، بينما الجامعات اليوم تذهب حسب ما تطلب الشركات الممولة، فيعمل الاساتذة والطلبة على المشروعات والموضوعات التي فرضتها هذه الشركات، لينتهي الامر بهذه المؤسسات الاكاديمية العليا الى انتاج الخبراء من ذوي التخصص الضيق والذي يخدم السوق، ولا تخلق علماء ذوي افق واسع قادرين على مواجهة المشاكل الحياتية، وهنا يجد المؤلف ان حضور (الخبير) في نظام التفاهة، باعتباره ممثلا للسلطة مقابل المثقف صاحب الفكر الحر وما يمثله من التزام بالمبادئ والقيم، وما يحركه من دوافع اخلاقية ونضالية، بينما الخبير دوره وما ينتجه من افكار مقابل ما يحصل عليه من مكافئات، لذلك فالعلاقة تتسم بالمصلحة الواضحة، فأنتجت تخصصات صغيرة جداً، وانعدام الجدوى والتفكير العلمي، فاختفت مصطلحات: الفضول، التقسيم، التصنيف، الفك والتركيب، الفكر الناقد، التحيل، المقارنة، الارتباط، الاستخلاص وغيرها .
التجارة والاقتصاد
يذكرنا المؤلف بالمسؤولية المباشرة للممارسات التجارية في الكثير من اوجه الانحطاط الاخلاقي في المجتمع الحالي، وكيف يتمكن نظام التفاهة من السيطرة على مفاصل الحياة ومن خلال بعض المصطلحات مثل:
1ـ الحوكمة: وهي موائمة مصالح الافراد والمؤسسات والمجتمع بشكل منسق ومتساوي، وحثت عليه الكثير من المؤسسات والمنظمات الدولية، واهمها لجنة كادبوري بعد الازمة الاقتصادية التي ضربت بريطانيا 1992، واساس عملها مبدأ المساءلة وذلك من خلال الالتزام بالقواعد والتعليمات الصادرة عن الجهات الرقابية، فهي بالنهاية تتعلق بمجلس ادارة موهوب ومنضبط و اخلاقي وهي بهذا المعنى مصممة للبيئة والتجارة بشكل خاص، ولكن لعبة التفاهة قد ظهرت في السياسة البريطانية عندما تسلمت الحكم ما رغريت تاتشر، فنقلت فكرة (الحوكمة) الى المجال السياسي فأفرغت السياسة من المبادئ والقيم الكبرى كالحق والواجب والعمل والالتزام والقيمة والصالح العام، واستعيض عنه بمفهوم الحوكمة، وتم استبدال مفاهيم الارادة الشعبية والناشطون السياسيون بمفاهيم المقبولية المجتمعية واللوبيات والشريك، وشيئاً فشيئاً تحول الاهتمام بالصالح العام من شان سياسي قيمي الى مجرد ادارة عملية فارغة من منظومات الاخلاق والمفاهيم والمثل العليا والمواطنة والالتزام، وصار الهم هو الخصخصة وتحويل المشروعات الى القطاع العام بهاجس تحقيق الربح فقط وكأن الدولة شركة تجارية، في حين ان الغاية من الحوكمة هو الحد من الفساد والشفافية في التعامل والمساءلة، لكن ازداد حجم الفساد بعد الحوكمة.
2ـ تنميط العمل: اضمحلال الحرفة وظهور المهنة، ولان نظام التفاهة مقترن بالنظام الرأسمالي، وهذا النظام يبنى فكرة "فريدريك فون هايك " الذي نادى بفكرة النظام التلقائي للسوق الحرة، اي تحجيم دور الدولة حيث تقوم باقل الوظائف، فتقتصر وظيفتها على ما يعبر عنه ب(وظيفة الحارس الليلي) وهي الامن الخارجي والداخلي، وترك الباقي لأليات السوق وهي مقارنة لفلسفة (جون كينز )التي تؤيد تدخل الدول بالسوق بناءً على وظيفتها الحمائية فتراجعت الحرفة واصبحت مجرد مهنة يعمل فيها الفرد كمصدر للرزق، فانحدرت الى مستوى متدني وتافه، فالفقراء يزدادون فقراً، والاثرياء يزدادون ثراءً، وبما يسمى تأثير (متي )وفق القديس متي التي تقول" من كان معه يعطى ويزداد، ومن ليس معه يؤخذ منه كل ما في حوزته"
3ـ الثقافة: يولي المؤلف اهمية كبرى لموضوع الثقافة ويلفت انظارنا الى انها صارت اداة هامة في توطيد ونفاذ اركان نظام التفاهة كما هي اليوم، فتغيرت بعض المفردات في اللغة، لغة اليوم فيتم الاستعاضة عن كلمة (العلمانية) بكلمة (مدنية) وعن الفلسفة ب(التفكير النقدي)، واستبدلت كلمة(قانون) الى( نظام)، وكلمة (فائدة) الى (مرابحة) ولا يتحدثون عن لفظة قتل بل يتحدثون عن( تصفية العدو).
4ـ الصحافة: وهي اقتتطاع اخبار ثم صياغتها وفق ما يلائم مصالح ملاكاتها وتوجهاتهم السياسية والاقتصادية، ثم تقوم بتبسيطه بحيث يكون مفهوماً للسواد الاعظم من المتابعين والقراء، ثم تضع له عناوين عريضة تضخ الكثير من الانفعالات، وهذا الامر يذكرنا بما كان يروى في الصحافة الفرنسية خلال حقبة نابليون، فعندما هرب نابليون من منفاه في جزيرة البا الايطالية، كتبت الصحف الفرنسية في وقتها (الوحش يهرب من البا)، وعندما اقترب من فرنسا كتبت(نابليون يهرب الى فرنسا) وعندما دخل فرنسا كتب (الامبراطور يدخل البلاد) لذلك فالصحافة هي صناعة بالنهاية، يحركها هاجس المصلحة والتسويق، فصحافة "التابلويد" تتناول حياة المشاهير الخاصة وقصصهم، والتساؤل ماهي حدود حرية التعبير وهي تنشر مواد تافهة للقراء، وهكذا فان اكثر الناس ليس لديهم اطلاع على غوامض الامور فيرونها عنوان للحقيقة، وفي الواقع فان نظام التفاهة لا يثبت فعاليته القصوى الا مثل هؤلاء الناس.
5ـ الكتب: يصنف الادب عادة الى ادب رفيع وادب شائع، والرفيع يتوجه الى اناس محددون، والادب الشائع الذي ظهر وتوسع من خلال الترجمات والمسلسلات والروايات وهو يقصد بالنهاية الى اشباع مشاعر القراء ومخاطبة وجدانهم، فهو يتسم بالبساطة والمباشرة والنمطية والتكرار والتي لا تتطلب عظيم الجهد للفهم والمتابعة، عادة النقد يشيح بوجه عنها، وينعكس ذلك على الكتب الاكثر مبيعاً وهي في الغالب الاقلها قيمة فكرية،
6ـ التلفزيون: يهتم التلفزيون اليوم بالمذيع والمذيعة وبالضيوف، ففي السابق كان يهتم بموصفات خاصة للمذيع والمذيعة في امتلاكهم مواهب في(الغناء والتمثيل والشعر والرياضة والسياسة) اما الان فيتم الاكتفاء بمعيار الجمال وحدة( طبيعياً كان او صناعياً) فاصبح لأي جميلة او وسيم فارغين ان يفرضوا انفسهم على المشاهدين، من خلال منصات هلامية غير منتجة، فهي لا تخرج لنا باي منتج قيمي صالح تحدى الزمن، لذلك صرنا نرى المذيعات يتقافزن من فقرات الربط الى المسلسلات الى الفوازير، شجعهم على ذلك افتقارنا الى ثقافة الجمال الحقيقي، والطلب المتزايد من قبل القنوات الفضائية الذي يتطلب مادة تلفزيونية يومية كوقود لازم لاستمرار هذا الموقد الجهنمي.
واما عن الضيوف، فقد كان في الماضي من يصنع الملوك هم رجال الدين، ورجال السياسة وحاشية البلاط، اما الان فان الاستديو( التلفزيون ) هو الصانع الجديد للملوك، حتى لو كان هذا الاستديو لا يعدو ان يكون غرفة صغيرة لا تضم سوى مقعدين والة تصوير واحدة ومذيعة بثياب مزركشة، ومصور فاشل لا يستطيع اخفاء ظله في التصوير، وهؤلاء الضيوف حتى وان كانوا لا يحملون صفات الملوك من كفاءة والقدرة على الانجاز، بل العكس كلما كانوا فارغين وبعيدين عن الذوق والادب والحس السليم يتم تسويقهم بشكل افضل، فيتم اجلاس الملك الجديد على كرسي المقابلة(العرش)، ويوضع في يده المايكرفون(الصولجان) ويثبت على صدره السماعة(الوسام)، ثم يكرر بمطالبات شعبوية، والمشكلة كثرت الملوك والصولجانات والدستور والجيوش بكثرة الاستديو هات ولا نعرف ولاؤنا لمن؟!
7ـ شبكات التواصل الاجتماعية: وهي مواقع للقاء الافتراضي، ويتم فيها تبادل الآراء ويتكون من خلالها عقل جمعي ومن خلال منشورات متابعة، وهي بذلك اختصرت مسيرة طويلة كان فيها تبادل الافكار يتطلب اجيالاً من التفاعل والمناظرات والخطابات والمراسلات والكتب والنشر والتوزيع والقراءة والنقد ونقد النقد، وبالتالي نجحت تلك المواقع في (ترميز التافهين) اي تحويلهم الى رموز، مما جعل الكثيرين من تافهي السويشال ميديا والفاشينستات يظهرون لنا بمظهر النجاح وبدون كلل او تعب وعمل جاد، وتم اختزال النجاح بالمال فقط، فهو المعيار الوحيد الذي وضعه مجتمعنا نصب اعين شبابنا.
8ـ الفن: يعتبر بعض عروض الموسيقى الرخيصة فناً، ورغم ان الناس تنظر الى الفن القبيح والساقط بانه يمثل الانحدار، ولكنهم يسمونه فناً، وان الخطأ هو في التصنيف، فهناك معايير جمالية للفن في العلم والفلسفة" وهو علم يدرس ضمن فلسفة الجمال، من موسيقى ومسرح ورسم ولقرون طويلة" ، ولكن اليوم تتحول اشكال من الجنون والفهلوة الى فن، فعروض الازياء هي عبارة عن ملابس استعراضية غير قابلة للارتداء عملياً، هو جنون فني او عرض مظهري ورغم ذلك تتكالب الناس على الموضة وهي تفاهة اخرى في التقليد الاعمى،
9ـ السياسة: تعتبر السياسة المساحة الخصبة لازدهار نظام التفاهة، وفي ظل الديمقراطية يتم تطبيق نظام التفاهة بحجة الحرية وتطبيق الديمقراطية، وان اغلب الدساتير وضعت لحفظ حقوق الاقلية قبل الاغلبية، ورغم ان الاغلبية تكتل كبير لا يخشى عليه، ولكن من حيث المبدأ، فان الديمقراطية هي اداة ذات دور وظيفي مجرد وانها لا علاقة لها بالأغلبية وبالأقلية فهي قيم يجب ان تحترم وان تقدس أيا كانت النتائج او مخرجات الانتخابات، هذا هو السبب الذي يجعل تداول السلطة في اوربا سلسا، لديهم حدود لا يتجاوزونها وهناك ضمانات دستورية، وقيم مواطنة وحقوق وحريات، ولكن الديمقراطية هي من جلبت النازية هتلر وحزبه الذي فاز في الانتخابات الديمقراطية في المانيا، وقد لاحظ المؤرخ الهولندي(يوهان هويزنجا) ان للثقافة الجماهيرية سمة صبيانية مثل سمات عقلية المراهقة، كالعاطفة القوية والتسلية المبتذلة والميل للأحداث المثيرة والشعارات المؤثرة والاستعراضات الشعبية والانفعالات العاطفية وغيرها من مبالغات، فقبل ان يتوجه المرء لأي توجه شعبي لابد ان يعرف معيار هذا التوجه( منطق، علم ، مصلحة، حدس، غيبيات) ثم يقرر بعد ذلك اذا كان تصرفه رشيداً ام لا؟!، دائماً لا تكون للمفكرين الحقيقين انتماءات حزبية، فالأحزاب عادةً تسلك توحيد الراي الداخلي تحقيقاً لترضيات شعبية وضماناً لعمليات انتخابية، وهذا ما يصعب على المفكر الحر قبوله، لكن هناك تجمع احزاب تستأثر بعملية صنع القرار، وينحصر بيد مجموعة صغيرة من الافراد البعض منها اتى عن طريق صناديق الاقتراع(زعماء احزاب رؤوس، قادة علمانيون اسلاميون نواب برلمان) وفي ذلك اورد هيكل القانون الاتي( لا يمكن لأي مجتمع الوجود من دون طبقة مسيطرة او سياسية، فالحكومة او الدولة لا يمكن ان تكون الا هيئة مكونة من اقلية، وتهدف هذه الاقلية الى ان تفرض نظاماً قانونياً) على بقية المجتمع، وهي حقيقة ومحصلة السيطرة على الجماهير واستغلالها، حتى وان يكون ذلك بعدم رضا الجماهير، وفي مجتمعاتنا العربية تنشغل بشيئين وهما الشؤون المعيشية والترفيه، ما يذكرنا بثنائية( الخبز والالعاب) والتي تعتبر من نمط الحياة الرومانية في فترة الانحطاط قبل انهيار روما، عندما كان الرومان مأخوذين تماماً بالمتع الحسية من لذائذ وترف وطعام، فيشغلون شعوبهم بالمطالبات الشعبوية عوضاً عن وضع السياسات الناجحة، والهدف النهائي هو اتباع التفاهة على كل شيء، وتكمن الخطورة الحقيقية للأمر في كون هذه المهمة سهلة وممكنة التحقيق بسهولة.
قال الاديب العربي الجاحظ قبل ديكارات بثمانية قرون والذي عاش في بغداد في القرن التاسع الميلادي، كلام سمعه سابقاً" بان هناك نوع من الثعابين تلد، وان نوع من الوعول تلد مع كل ولد تضعه افعى، وهو ما كان يصدقه عامة الناس في ذلك الزمن، ولم يصدقه هو بسبب تفكيره الانتقادي الذي يعرض المعارف على مسطرة العقل اولاً" فالدرس البليغ هنا هو ان العقل هو قدس الاقداس فلا تسمح لأي فكر يدخله ما لم تطهره بنار الشك، ويجب التنبيه لأداتان خطرتين تخدمان هذا النظام وهما:
1ـ البهرجة والابتذال: يسعى البعض لتخليد اسمه باي شكل من الاشكال من فجاجة وسطحية وقبح احياناً، وفي سبيل الشهرة والانانية يصبح هؤلاء مثل (هيروستواتوس) الشخص الذي قام بحرق كل معبد ومنها معبد(ارتيموس) في اسيا الصغرى(تركيا اليوم)وهو عجيبة من عجائب الدنيا السبع، فقط رغبة منه في تخليد اسمه في التاريخ، وكتب مولير مسرحية( البرجوازي والنبيلة) وعرضها امام بلاط لويس الرابع عشر عام 1670ناقداً فيها ما ينشر في الطبقة الوسطى، من محاولات التسلق الاجتماعي مع السخرية ومن سوقية وبهرجة بعض افرادها من جهة، ومن غرور وتعالي الطبقة الارستقراطية من جهة اخرى، وهناك مقولة للأسطورة الدبلوماسية ووزير خارجية نابليون(تاليرات) " كل ما يبالغ فيه هو امر غير ذي اهمية" هذه هي فلسفة القيمة في السياسة، فان اجواء البهرجة والابتذال مؤشرات على غياب العقل، والحاجة للفت العين واذهالها واشغالها عن ادراك الفراغ الكبير الذي تركه غياب العقل.
2ـ المبالغة في التفاصيل: في كل ما تقدم لا يعني ان التافهين لا يعلمون بالحقيقة، هم يعلمون بجد وبمبالغات بروزوبغرافية وتعني" علم الوصف الدقيق" فالأمر يتطلب مجهود للخروج ببرنامج تلفزيوني ضخم، او لصياغة محتوى خاص باجتماع وزاري مع وفود نظيره، كما لاحظ المؤلف انهم يقومون بهذه الاشياء بجدية حتى يصدق الناس، وحتى يقنعون انفسهم قبل كل شيء بانها اعمال هامة" انهم يكدرون مياههم حتى تبدو عميقة" كل هذا الصعود والابتذال، في مقابل الاستبعاد والعزل المنهجيين لكل ما يمت بصلة للكفاءة والقدرة والجودة والذكاء وحرية الراي، قال (ثورستين فليبين) عالم الاقتصاد والاجتماع الامريكي في كتابه( نظرية الطبقة الغنية) " ان الاستهلاك الرئيس للطبقة الغنية هو الاستهلاك المظهري"، لذا ينخرط كثير من افراد هذه الطبقة في مساع عبثية لا هدف من وراءها سوى اظهار فائض الوقت لديهم كدليل على عدم حاجتهم للعمل، ان كل ما يتقدم يذكرنا بقلب التفاهة والرحم الاول للتافهين وهو الانشغال بالتفاصيل التافهة واظهارها بمظهر الاهمية، هنا يسعفنا ما خرج به المفكر الاغريقي من لفظ مفيد" اسباغ الاهمية على الصغائر" ، عرض المؤلف نظام التفاهة من خلال السياسة والتجارة والا كاديما والثقافة، ويمكن ان تكون مجرد مرحلة يشتركون في هذه السلطة يظهرون ذات الابتسامة المتواطئة معتقدين انهم اذكى من الجميع، هم يستمتعون بترديد عبارات حكيمة مثل" عليك ان تلعب اللعبة" واللعبة هو تعبير ذو غموض ملائم تماماً للفكر التافه، يتطلب منك في عدة اوقات ان تتمثل بتزلف للقواعد التي ما ارتئت الا لهدف وحيد هو شغل موقع هام على رقعة الشطرنج الاجتماعي.
ومن امثلة اللعبة الموقف المخادع في الادوية المصروفة للبروستات وهي عديمة الجدوى، وانها تتضخم بعد عمر معيين، ومأموري الضرائب يطاردون نادلات المطاعم التي اغفلن التصريح الذي حصلن عليه من عطايا صغيرة جراء خدمة الزبائن، ويهملون الجهات الكبيرة المهمة صاحبة المصانع والمؤسسات الكبيرة، وكذلك ضباط الشرطة الذين يتحفظون على بعض التحقيقات بمجرد ان يدركوا انهم انما يتبعون اناس تابعين لأصحاب السلطة، والصحفيون الذين يعيدون انتاج ذات اللغة المغرضة للتصريحات الصحفية الصادرة من ذوي السلطة.
ويتم اخضاع الشخص المؤهل لدرجة الاستاذ الجامعي لطقوس ترهيبية وترغيبيه، مثل ما تفعل الماسونية، او الجماعات العشائرية التي تفرضها على ابنائها عند الانتقال من مرحلة الطفولة الى مرحلة الرجولة، وان يفهموا ان دينامكيات السوق لها الاولية على المبادئ والقيم ينبغي التغاضي عنها، اذ ان اللعبة تشمل حتى مؤسسات الدولة فتتحول الاعمال المدعومة من الدولة لرعاية الناس، تتحول الى اعمال تجارية غير معنية بما يحدث للمجتمع، فهي تزود الموظفين بدورة يتعلمون فيها كيف يخدعون بعضهم بعضاً كجزء من علاقاتهم الشخصية، لقد صارت المهنية تقدم نفسها اليوم الى اتفاق ضمني بين منتجي المعرفة والخطاب العام من جهة وبين ملاك راس المال من جهة اخرى، فان سمات التفاهة ان الخبير يتصرف وفق" ما يعتبر سلوكاً مناسبا مهنيا فلا تربك الامور ولا تشرد بعيداً عن النماذج والحدود المقررة" ولكن من هم في مواقع السلطة فان الانسان التافه هو الشخص المعتاد الذي يستطيعون نقل تعليماتهم من خلاله، بما يسمح في ترسيخ نظامهم، وملاحظة كيف انه في اهم مؤسسات السلطة كالبرلمانات والمحاكم والمؤسسات المالية والوزارات الحكومية، وغرف الصحافة والمختبرات، سادت تعابير مثل التدابير المتوازنة والتسوية، حتى اصبحت كالتمائم، لقد وصلنا الى نقطة ما عدنا نستطيع معها مجرد تخيل مواقع تحيد عن الوسط، وهي المواقع التي كانت ستمكننا من المشاركة في العملية الرفيعة القاصرة لإيجاد التوازن، واجتماعياً فان الفكر لا يمكن ان يوجد الا في المرحلة التي تأتي قبل التوازن، وفيما يتكون هذا الفكر في الوصول الى المنطقة الوسط الفاصلة بين نقيضين خاطئين، وهي فكرة ذكرها العديد من الفلاسفة وعلى راسهم ارسطو، فالقاعدة الفلسفية في هذا الشأن هي " كل فضيلة انما تقع بين رذيلتين، هما الافراط والتفريط" فبمقدار ما يكون الفعل اقرب للوسط منه الى احد الطرفين يكون فعلا فاضلاً، اما قربه من احد الطرفين فيجعل منه مرذولاً، " فالأنفاق لا يستحيل كرماً اي فضيلة الا اذا وقع في المنتصف بين طرفين هما البخل والاسراف" كثير من الكتابات العربية تشير الى هذا المفهوم تحت عنوان " نظرية الاوساط"، وكما يقول ادوارد سعيد: الخبير المعاصر الذي يدفع له ليفكر بطريقة معينه، انه ليس مهتماً بما يتحدث عنه وانما يتصرف ضمن اطار ميكانيكي كما في بقية انحاء العالم، لا يكمن في الجامعة ولا الاحياء المحيطة بالمدينة ولا في التسليع للنشر وللصحافة ودور النشر وانما يكمن في موقف عام شامل سوف اسميه المهنية، لقد صارت هذه المهنية تقدم نفسها وكأنها اتفاق ضمني بين منتجي المعرفة والخطاب العام من جهة وبين ملاك راس المال من جهة اخرى، لذلك فان ادوارد سعيد يعرف بداخل الخبير على سمات التفاهة، وبعد فان التفاهة تشجعنا بكل طريقة ممكنة على الاغفاء بدلا من التفكير، النظر الى ما هو غير مقبول وكانه حتمي، والى ما هو مقيت وكانه ضروري انها تحيلنا الى اغبياء، فحقيقة اننا نفكر بهذا العالم باعتباره مجموعة من المتغيرات المتوسطة، هو امر مفهوم وان بعض الناس يشابهون هذه المتوسطات الى درجة كبيرة هو امر طبيعي، ومع ذلك فان البعض منا لن يقبل ابداً بالأمر الصامت الذي يطلب من الجميع ان يصبحوا مماثلين لهذه الشخصية المتوسطة، لقد فقد نظام التفاهة المعنى الذي كان له في الماضي، عندما كان يصف قوة الطبقة الوسطى، اذا صار الان يعني سيطرة الاشخاص التافهين، باعتبارها عملة للمعني واحياناً مفتاحاً للنجاح، الى درجة ان يأملون بالأفضل ويدعون التفوق وصاروا يمتثلون للكلمات الفارغة التي يخلقها نظام التفاهة.
التخادم المخطط له
الطريقة التي يتم فيها قلب الثقافة راساً على عقب الى ان تحولت الى مجرد صناعة للترفيه واستعمار العقول من قبل الاعلان التجاري، حتى الجامعات التي كانت قبل(100) سنة ترفض التفاهة، لكن اليوم تسلم نفسها لإغراء العلاقات التجارية ذات الطبيعة الاحترافية، كان الزبائن هم الطلبة ومحتوى المقرر هو السلعة التي يفترض ان تلاقي قبولاً لديهم، واصبح المدرسون على استعداد للتفاوض لجلب الطلبة المترددين بين المعاهد المتنافسة مما ادى ذلك الى افساد العلاقة بالبحث العلمي.
لقد لاحظ (فيبر ) وهو عالم اجتماع واقتصاد الماني برع في علم الاجتماع، كما وصفها عام 1919 بان المؤسسة تشجع على التفاهة: " سيكون امراً مجحفاً ان تجعل الدونية الشخصية لأعضاء هيئة التدريس او وزارات التربية مسؤولة عن حقيقة ان كثير من التفاهات يلعب دوراً هاماً بلا شك، ان سيطرة التفاهة هي امر يعزى الى قوانين التعاون البشري لاسيما تعاون الاجهزة المختلفة "
فاليوم ما عاد الطلبة مستهلكين للتدريس والشهادات المقدمة في الحرم الجامعي، لقد صاروا هم انفسهم سلعاَ، فالجامعة تبيع ما تصنعه منهم الى زبائن جدد وتحديداً الى الشركات وغيرها من المؤسسات الممولة لهذه الجامعات، كان رئيس جامعة مونتريال يؤمن انه يوضح عندما صرح في عام 2011 بان " العقول ينبغي ان تفضل وفق سوق العمل" كانت الجامعة تدار من قبل مدراء اوساط البنوك( البنك الوطني) وشركات الصيدلية(شركة جان كوتو) والصناعة والطاقة والاعلام(وباور كوربوريش وترانز كونيتنال)الذين كانت لهم مقاعد في مجالس صنع القرار فيها وفي لجانها ذات السطوة، ضمن اقتصاد كهذا، فان الجامعة ما عادت اليوم تبيع نتائج ابحاثها، انما تبيع علامتها التجارية فتصبح الجامعة شريكة للشركات العاملة في مجال النفط والاعلام والعلاقات العامة، فمثلاً شركة (ايدلمان) للعلاقات العامة والتي عملت لمصلحة(ترانزكندا) بصفتها الشركة التي تمتلك حقول النفط الرئيسية، والتي ارادت انشاء خط انبوب بترول كيبك، ولجعله مقبول عند الناس، اشارة شركة ايدلمان على شركة ترانزكندا بتمويل واشراك جامعات كيبك في المشروع ليقوم باحثوها بوصف المشروع بانه (امن بيئياً)فسوف تسهم في خلق صورة ايجابية عن الشركة، فتم تغطية عمل شركة ترازكندا من قبل شركة ايدلمان الاعلامية، بتغطية من قبل راديوا كندا وجهات اعلامية اخرى، وبعد مدة افرجت منظمة السلام الاخضر عن وثائق تثبت تورط الشركة في تلويث البيئة وان الجامعات متهمة بالفساد لانهم لم يعترضوا او ينتقدوا او يتكلموا من الاساتذة او الاداريين، ولم يتأثروا بالمساس بالسمعة اثر نشر الوثيقة، فربطت نفسها بالأعمال الكبرى لمؤسسات السلطة من دون ان تبقي شيء، فهي اي الجامعات لا تقوم بالبحوث وتقدم المعرفة للزبائن وانما شريكة في التلاعب ايضاً واداة اساسية لشركات الضغط السياسي، ان جماعات الضغط اكثر اتساعاً فهم يعملون على خلق سياقات تؤدي الى ارغام المسؤولين المنتخبين على اتخاذ قرارات بعينها، دون الحاجة الى عمل اي شيء، هم فقط صناع المناخ لمصالح عملائهم، وان الاتفاق بين الشركات المذكورة والجامعات والاعلاميين الذين لعبوا دوراً فيها وان يلعبوا اللعبة.
الكتابة وطريق الخراب
فالكتاب اصبحوا يتعكزون على الوسائل التكنلوجية في ايصال افكارهم التي اغلبها بعيدة عن الابداع، مثل ما تفعل powerpoint على الاكاديميين في المؤثرات في العروض التوضيحية انما تحرم الفكر من استقلاليته، وهو مجرد نموذج يجب ملؤه بقدر محدود من الكلمات، سوف يقومون بشيء اشبه بالتزلج اللغوي يتعرجون فيه بين الحار والبارد، والملائكة والشياطين، والفساد والاخلاق، والتوافق والثورة، واخيراً سوف يؤكدون ان الكتابة طريق للخراب.
مثقفون صغار
مثل شخصية سوبرمان كانت تمثل وضع شخصان في كيان واحد، شخص متردد اخرق ينظر الى نفسه الى انه نكرة، وانزلق الى اوهام العظمة(من خلال الامتياز والمرتبة الرفيعة)سواء كان مواطناً عادياً مثيراً للشفقة او بطلاً خارقاً ذا رداء مميز يرمي بنفسه الى المخاطر، وان افتتان القارة الامريكية بهذه الشخصية يشير ان نهاية الفكر المنظم، يقول ماكلوهان: (كلما كان الرجل اكثر صغراً ولؤماً، اشتهى ان تكون له شخصية سوبرمان، فعندما لا يرى المواطنون والمفكرون والعلماء في انفسهم سوى تروس في الة كبرى، فان هذه الالة تأخذ بعداً بطولياً، فيما تجمع في ذاتها جميع قوة العمل المتاحة لها) هذا لان السلطة الغير نزيهة والصناعة العظيمة تعرف كيف تخضع الأكاديميين لسلطانها فيصبحوا موظفين عندها فيعملون لزيادة ارباحها، انهم يكرسون افضل سنواتهم وقدراتهم كأدوات لاستعباد انفسهم ، لقد قامت شركات الانتاج الرأسمالية بتمويل شخصيات المغامرات المصورة فحولتهم ابطال اذاعيين، وان كل شيء وفقاً لهوبز يخضع للسلطان وحكمه المطلق، ان المعارف التكنلوجية جعلت من شخصية سوبرمان هذه شيئاً حقيقياً اكثر فاكثر، وكان الهدف يتمثل بالانتقال من التمثيل الى التقديم، تلك المآثر التقنية التي جعلت من سوبرمان يبدو حقيقياً تماماً، وفجأة صارت هذه المآثر في مرتبة سوبر مان ذاته، ويلعب فنيوآ الغرافيكس دورهم، فان هناك اخرين منخرطين في ذلك مثل اختصاصيو علم وظائف الاعضاء، وعلم الاعصاب، يدرسون اثر الحبكة الادرامية على المشاهدين، ، كما ان القصص يمكن تغيرها وفق المناخ السيكولوجي والسياسي، من اجل المحافظة على اوهام الجمهور، فهل ينبغي ان يكون حساساً ام قاسياً، خطاءً ام معصوماً، مرناً ام غضوباً، وبالاستعانة باستبيانات وتحليلات ونظريات من اجل تشكيل الشخصيات، وفق الطرف الاكثر ملائمة، فقد قامت ماري بينليد بتشريح قاس للدور الذي لعبه البحث الجامعي في مداهنة عقولنا والتلاعب بها، وذلك بواسطة علم النفس وعلم الاعصاب، والسيمائيات، بالإضافة الى علم الحساب الالي والهندسة والتسويق وادارة الاعمال، بل وصل بهم الامر الى فحص قشرة الفص الجبهي هذا الجزء من الدماغ، لذلك فان المدربين الجامعيين ساعدوا في تطوير صورة البطل الجبار رمزياً المقدر له ان ينقذ المؤسسات ولا يستفاد من ابحاثهم الا هوليود.
ان تلعب اللعبة
نقرا الكثير من الكتابات حول الدراسات العلمية عديمة الجدوى، والاساءات المتعددة التي تشهدها الجامعات، لقد صارت العلاقات بداخل الجامعة مؤذية الى درجة كبيرة، حتى ان عالم الاجتماع(اليكساندر افونسو) الذي يدرس علم الاقتصاد السياسي في ( كينجز كولج) في لندن وهو ايضاً مهتم بنسبة تهريب المخدرات ولديه بحث يشبه الانماط الجامعية بالجريمة المنظمة، وعنوان بحثه (كيف تشبه الاكاديميا عصابة المخدرات) والمنشور عام 2013 على موقع جامعة لندن للاقتصاد والسياسة على الانترنيت، ويقارن بين ما يكتبه والدخول المتفاوتة بين الارباح الكبيرة للزعماء الكبار، ونظام التعويض المالي السائد في الجامعة، ويتساءل عن السبب الذي يدفع الباعة الصغار للعمل باجر زهيد مقارنة بالأرباح التي يجنيها الزعماء وباقي افراد العصابة، ويكمن الجواب ان الدافع لبقاء مثل هؤلاء الناس في هذا العمل هو فرصة الثروة المستقبلية، فهم يتنازلون عن المدخول مقابل ثروة مستقبلية(غير محققة) ، وهم في هذه الحالة امام امرين اما ان يصبحوا اغنياء واما ان يموتوا وهم يحاولون تحقيق ذلك، هذا العمل يجذب الكثير من المرشحين للعمل به، مثل زعماء المخدرات، لان مدراء الجامعات وشاغلي الكراسي الجامعية والاعضاء والاستاذة لا يشعرون بالعدالة في توزيع ما يتقاضونه، ويقارن هذا النظام بالقلعة: فمن يتمكنون في الدخول الى داخلها يتمتعون بكافة المزايا تاركين الاخرين خلفهم فارغي الايدي على امل اللحاق بهم وخلال الانتظار لبائعي المخدرات وخريجي الجامعات الذي تم تركهم في المؤخرة من كسب مبلغ قليل، ووفقا (لماري ايف ماييه) التي تحمل درجة الدكتوراه في الاتصالات فان طلبة الدراسات العليا، يتم استخدامهم كأدوات من قبل اساتذتهم الذين يكونون بحاجة الى الاستعانة بمصادر خارجية لأعمالهم الخارجية نظراً لقلة الراتب، وهم في عمر تكوين العائلة والتقدم في ابحاثهم وايضاً لتدريس بعض المقررات، لانشغال الاساتذة الكبار بحضور اجتماعات القسم ولجان الكلية، واجتماعات كثيرة تزدحم فيها اجنداتهم، وهناك الكثيرين من حملة شهادات الدكتوراه في الدول الغربية والعربية وهناك عدد متزايد منهم عاطل عن العمل، ففي الولايات المتحدة الامريكية حوالي 40% من الذين حصلوا على الدكتوراه من اعضاء هيئة التدريس في الجامعات ممن يعملون بعمل جزئي من دون تثبيت وظيفي او من يعملون كمحاضرين باعتبارهم اساتذة مساعدين يدفع لهم على المقرر، وقيامه بعدد من المقارنات بين الجامعة والمافيا، وتوصل الى انها لعبة، فبين التراتبية الصارمة لدوائر مهربي المخدرات والمؤسسات الرسمية(الاحزاب السياسية، قوى الشرطة، الاعلام والعالم الاكاديمي) تبدو اللعبة انها مجموعة من القواعد والاجراءات غير المعتادة، وان كانت غير رسمية، ، والتي يجب اتباعها في بيئة معينة، حتى يمكنك تحقيق اهدافك وتشمل ( لعب اللعبة) والمشاركة في بعض الطقوس( كالظهور في في فعالية مسائية، او التبرع بشكل علني لجهة خيرية معينة، او مباركة كتابة مقال لم تقرأه اصلاً) وهو يعني ولاءك للمجموعة او الشبكة او المؤسسة، والجانب الخفي في هذه الطقوس الاجتماعية هو جانب عنيف، فعدم الولاء يعاقب بالموت، اما رمزياً او برصاصات خفيه، اذ ان هذه القواعد غير المكتوبة تطبق على يد سلطة عديمة الرحمة، ولان القواعد ليست واضحة دائماً، فان اللعبة ذاتها ليست واضحة، ، واخيراً، فان اللعبة هي اقرب ما تكون كمجموعة من القواعد وضعها لاعبون يحاولون فرض قواعدهم على الاخرين، وهي خليط من الرأسمالية والمافيا، وان اللعب باتباع القواعد للضعفاء فقط، اما الاقوياء فان الامر يعني (ان تبقى متقدماً في اللعبة من خلال ان تكون لك سلطة تفسيرية عليها)، فاللعبة هي كناية عن نظام سياسي اخر، نظام ذو بيئة قائمة بشكل سيء غير ديمقراطي الى حد كبير، فالديمقراطية تعني القدرة على مناقشة القواعد مع الاخرين، ان القوانين واللوائح والبرتوكولات يمكن ان تستمر في الوجود، الا انه من المقدر لها ان تخرق او توظف كأداة.
نظام التفاهة حول المشاركين فيه الى صوراً مشوهة من انفسهم فعندما يعينون كمستشارين للحكومة وايد لوجين لها، يبيعون انفسهم لمدراء وسادة الشركات الكبرى، فان شخصياتهم الاكاديمية تصبح فارغة بشكل متزايد على سبيل المثال فان المستندات التي حصلت عليها جماعة السلام الاخضر تظهر ان العالم (وي هوك سون) في مركز(هارفردــ سيمونيان) للفيزياء الفلكية كان يتلقى دفعات مالية من قبل القطاع النفطي للادعاء بان ارتفاع درجة الحرارة يعزى الى الاحتباس الحراري، وكان كثير الحضور في المؤتمرات وامام الكاميرات في البرامج الاخبارية، كما ان (جيمس كريسويل) الخبير في الزهور والنحل في جامعة اكستر البريطانية كان يدفع له من قبل شركة(سينحينتا) العملاقة في مجال المبيدات الحشرية، للعمل على اقناع الناس ان الموت الملحوظ في مستعمرات النحل حول العالم لا علاقة له بهذه المبيدات، اضافة الى شركة كوكا ــ كولا، كانت قد مولت دراسات علمية تدعي ان سبب السمنة لا يكمن في السعرات الحرارية بل يعود الى نقص الرياضة، فصار الاستاذ الجيد هو المعفي من التدريس لأنه حصل على الكثير من المنح، وهناك في قلب العملية التدريسية، يستغل الاساتذة سلطاتهم احياناً، وقد يتسببون فيها بكرب قد يصل الى حد الانتحار، لان امور مثل التحرش الاخلاقي والنفسي والاعتداء الجنسي والتفرقة توجد جميعها كجزء من العلاقات التي لا يتحكم الطلبة فيها، والطبقات الهشة (كالنساء والطلاب الاجانب والاقليات وغيرهم)كما ذكر ذلك في كتاب "ريفار" في الجانب الاخلاقي الخاص بالتعدي الجنسي بين استاذ ذكر وطالبة انثى، فوفق دورية امريكية( ADOLESCENT HEALTH ) ان هناك حوالي 18% من النساء المسجلات في الجامعات الامريكية هن اما ضحايا للاغتصاب او لمحاولات الاغتصاب خلال سنوات الدراسة الاولى، اما راي عالم الاجتماع (راسيير) ينتقد الديمقراطية واعتمادها على طبقة محددة من الساسة، وانه يجب ان يخضع الجميع للقانون، وان للناس حق ووعي والقدرة على الاعتراض على اي قانون او دعمه، وهو يخالف حصول الحكومات عند فوزها في الانتخابات على السلطة التي تعطيها شيكاً مفتوحاً.
الاقتصاد الغبي
نحن لم نستطيع ان نفكر بالاقتصاد بشكل جمعي، فان المال يمنع جميع طرائق التفكير، ويرتبط بوثن اخر هو(خلق الوظائف) ان الاقتصاد وافتراضاته الارتزاقية تجعلنا اغبياء، وفي عام 2012 كما فعلت العديد من وسائل الاعلام كتبت صحيفة مونتريال اليومية عن(امر شراء تاريخي) تلقته مجموعة بومبا ردية الواقع مقرها في كيبك من اجل انتاج(56) طائرة تجارية نفاثه من طراز جلوبال ذات المحرك المزدوج، وذلك بقيمة تقدر ب(3,1) بلايين دولار مع خيارات انتاج(86) طائرة اضافية من نفس العائلة بقيمة اجمالية تجاوز (7,8) بلايين دولار، وكانت بومبارديية قد وقعت عقدا مع شركة (فيتاجيت) وهي شركة تؤجر هذه الطائرات النفاثة(التي لا يتجاوز عدد مقاعد الركاب فيها العشرة مقاعد) الى اصحاب الاموال الباحثين عن الراحة القصوى اثناء سفرهم، هذا العرض المفرط في الانفاق من شركات متعددة الجنسيات وطبقة الاغنياء شديدي الثراء، وفي نفس الوقت تقوم الحكومات بالزام المواطنين بقبول برامجها بشان التقشف وضبط النفقات مع التوبيخ على الاسراف والعادات السيئة في الصرف والاستهلاك، وان هؤلاء الاغنياء بعيدين عن الازمات الاقتصادية، لانهم يشترون المدراء واعضاء مجالس الادارات بمكافئات من بليونات الدولارات في المؤسسات المالية، كما صرح خبير في (بنك كندا الملكي) لصحيفة( le devoir )اليومية(ان البليوتيرات وكبار المدراء التنفيذين)لم يتأثروا بالأزمة الاقتصادية، وهذا دليل ان النظام يعمل لمصلحتهم بشكل بنيوي وهذه الشركات موجودة في الشرق والغرب وافريقيا وفي جميع الاماكن التي تنشا فيها طبقة مالكة قادرة على الدفع لإشباع مثل هذه النزوات المتعلقة بالملاحة الجوية، وهي قطعاً مرتبطة بالفساد السياسي، ونهب الاموال العامة والاستغلال البشع للثروات، ان الثراء يجلب المال وان الاموال تجلب الاموال، وهي تتقاطر مثل الامطار، ان عقولنا مليئة بهذا الغباء حتى اننا لازلنا ننظر الى هؤلاء الاغنياء بانهم هم من يخلقون الثروة، التي نامل ان نحصل على جزء صغير منها لأنفسنا، ونحن نعلم انهم يعملون بشكل يضر بنا، فان الاشخاص الذين يحلمون في هذه الطائرات والذين يطلبونها فعلاً انهم مدفوعون بجنون الانفاق، ذوقهم المكلف وتعطشهم الاعمى للتميز الاجتماعي، اي انهم يتسلون فقط، تلك الطائرات التي تحوي غرف للعب واحواض للاستحمام وغرف للطعام، وهي مخصصة لمجموعة من الاشخاص صغيرة، الذين يأملون لحكم العالم من خلال مجالس ومؤسسات قوية، والصيانة لهذه الطائرات تكلف مبلغاً يتراوح من( 1,25 ــــ 1,5 ) مليون دولار سنوياً لكل طائرة، ويمكن ان يقال الشيء نفسه للذين يعملون في هذا المجال ويعتبرون انفسهم من ضمن القلة المستفيدة من العولمة.

صنع في الصين
اولاً: تناول العولمة: هي عملية التحول الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المستمر التي تتم على مستوى دولي، والتي تؤدي الى تداخل العلاقات بين الدول وتقارب الاسواق فيها، ومن ثم التبادل السلس للسلع والخدمات والتدفق الخصب للنقد والتكنلوجيا بينها، كالنظم الحدودية والجمارك والضرائب وانتقال العمالة.
المنطقة الحرة
هي منطقة خاصة في الدولة تعفى فيها الشركات من الامتثال لقوانين الضريبة، كالعمل والمعايير البيئية والنظم الجمركية، وسواها من قوانين ذات علاقة باطر العمل التجارية والمالية، ادت الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة للعمال في القرن التاسع عشر الى ظهور فكر سياسي واقتصادي جديد عرف بالاشتراكية، بشر به (كارل ماركس وفردريك انجلز) عام 1848 ويقوم هذا الفكر على ايدلوجيا تنادي بالملكية الشعبية الجماعية لوسائل الانتاج، لتبدا مرحلة الشيوعية التي تلغي رأسمالية الدولة، وجعل ملكية وسائل الانتاج للشعب، وهذه السياسة انتهجها الاتحاد السوفيتي السابق بعد الثورة البلشفية عام 1917 وتبعتها اوربا الشرقية التي كانت تدور في فلكها، واستمر هذا النظام حتى سقوط جدار برلين عام 1989، ويختلف الفكر الرأسمالي والاشتراكي من حيث الحرص على مصلحة العامل، فالفكر الرأسمالي تكمن اوليته في مراكمة راس المال بالدرجة الاولى، اما الاشتراكية تدعوا لعدم غمط حق العامل، التساؤل لماذا تسمح الولايات المتحدة الامريكية للصين من خلال الشركات الصينية ، فمثلا الشركة الصينية الرائدة في مجال البنوك والكهرباء والعقار والتي تساوي قيمتها بليون دولار، وهذه الشركة سوف تقوم بتطوير مركز تجارة دولية في امريكا الشمالية لدعم الاعداد الضخمة من رواد الاعمال الصينين وذلك لتقليل اعداد الوسطاء المحليين بين المصانع الاسيوية والاستقلالية والمستهلكين الغربيين والنزول بهذه الاعداد الى الحد الادنى، لان الشركات الصينية توفر للشركات الامريكية الكثير من الاموال فهي توفر عمالة رخيصة، وقلة الضرائب وانعدامها، وسهولة استصدار الرخص التجارية وضعف الحماية التي يوفرها قانون العمل الصيني، وعند مطالبة الحكومة الصينية حقوقاً اكبر للعمال الصينيين تهدد امريكا الحكومة الصينية بعد التعامل مع مصانعها في حال اصدار قانون جديد يعطي حقوقاً اكبر وحريات نقابية اوسع، في كيبك تعمل الشركة الصينية الرائدة ، المتمركزة في ميرا بيل وهي منطقة تجارة حرة، وهي قائمة على الاعفاء الضريبي للشركات التي تستقر هناك، ففي منطقة ميرابيل التجارية الدولية، كالإعفاء من ضريبة الدخل، والغاء ضريبة راس المال، فعلى سبيل المثال قد يضطرون لبيع (ادواة المطبخ)مصنعة من قبل اطفال في الصين بقيمة(50)سنت بدلاً من دولار في دول اخرى، كل هذه الاعمال ان من يقوم بها اعضاء سابقين في البرلمان ووزراء وحتى رؤساء وزراء او ممن كانوا على علاقة مع صانعي القرار والمعتادين على ديناميكيات المؤسسات الحكومية، والذين كل هدفهم تحويل جهاز الدولة من محض اله تراكم المال للاوليجارشية الصناعية والمالية، فمن الافضل ترك الناس يمزقون بعضهم بعضاً، على موضوع رموز الهوية الوطنية.
الخبراء المنقذون
كلما تراجعت الاوليغارشية الى عادتها البيئية(الفساد، التدليس، والتفاهة)سارع الخبراء الذين يتقاضون رواتبهم منها الى انقاذها، فالكثير من رجال الاعمال الانخراط في العمل السياسي، صرح(نادو) لراديو كندا عام 2014 ان بإمكان شخص واحد ان يجتاز الحواجز الافتراضية وان يتمكن من ادارة الصحافة وشبكات الهاتف النقال، وملاعب الرياضة، السؤال هو كيف لمجتمعنا ان يقبل مثل هذا التركيز للأصول والسلطة بيد شخصية سياسية واحدة، يستطيع خبراء تقنيات الحوكمة ان يتجاوزوا اسئلة وفضائح مثل هذه، جعلها طبيعية تماماً وان هذه هي الديمقراطية، فمثلاً كان عمدة نيويورك السابق(مايكل بلومبرج) والذي كان ايضاً مالكاً لأكبر وكالات الانباء العالمية، وحتى وان ترك السياسة يبقى مالكاً لتلك الوكالة، سبق وان كتب (البالتازار جراسيان) ان امسك بملامح هذه الشخصيات في كتابه الناقد(ELCRITICON) الذي يعود الى القرن السابع عشر، وهو كاتب ورجل بلاط اسباني، شخص يرى وكانه عالم رغم انه لم يدرس ورجل حكيم ولكنه لم يفعل اي شيء متعب له لحية مهيبة من دون ان يحرق زيت الليل، مليء بالعواصف ولكنه لم يمسح غبار الكتب قط، متنور جداً رغم انه لم يسبق له السهر، تغطى بالمجد من دون ان يعمل ابداً خلال الليل والنهار، باختصار انه كاهن الابتذال، شخص يتفق الجميع على ما لديه من معارف عظيمة، رغم انهم لا يعلمون عنها شيئاً.
مرض المال
كتب سيميل(GEORG SIMMEL ): لقد اصبحت النقود تحديداً غاية الغايات لغالبية الناس في حضارتنا، اذ ان حيازة النقود هي ما يمثل الهدف الاعلى لجميع الانشطة الهادفة التي تقوم بها هذه الغالبية....ففي عقل الرجل الحديث، ما عادت فكرة الاحتياج تعني احتياج السلع المادية ولكن فقط احتياج اللازمة لشراء هذه السلع، ان هذا الاشتهاء الاقصى للنقود لابد ان يزداد الى درجة ان تأخذ النقود صفة الوسيلة الخالصة، ان اهميتها المتزايدة تعتمد على كونها خاصة من كل شيء هو ليس محض وسيلة.. كلما كبرت قيمة النقود كوسيلة، صار يظن انها في حد ذاتها قيمة مطلقة، ادت النقود والتعامل بها الى(باثولوجيات) علم طبائع الامراض، جعلت بعض الناس طامعين ساخرين بشكل بنيوي، وجعلت اخرين متخمين باللذة وجشعين مثل الاب كراندي الذي كان في مكتبه يتأمل جبل الذهب الذي راكمه فيما اعضاء اسرته جياعاً ومرضى، ومثل هؤلاء تراهم في المجتمعات الفقيرة، فهم متخمون ومجتمعاتهم تعاني الفقر والتعاسة فقد(صارت) الطبقة الوسطى عالقة في هذه (اللعبة) وان النقود يمكن ان تختلس او تستخدم كرشوه، لان العالم الغربي فرض لعبته الخاصة بالنقود على العالم مفسداً اياه بذلك.

الاقتصاد البشع
ان هذه القطعة المعدنية او الورقة التي نضعها في المحفظة او نمسكها باليد اعتزازاً بها، هي ترتبط بقيم السلع والخدمات التي يتيح لك عند ربطها ببعضها البعض توفر لك رغيف خبز، تذكرة حافلة، كهرباء ماء، ايجار سكن، ملابس، وهذا الامر يتطلب وجود سلطة مستقرة لترسيخ قيمة العملة، ، وهذا المفهوم ما يطلق عليه( بالاقتصاد) فتدخل من جانب وتخرج من جانب اخر مباشرة، وهذا ما فعله الغرب في الافريقيين في وضع من يمثلهم، مثل المشاركين في برنامج تلفزيوني يضع الناس في صناديق زجاجية ويطلب منهم الانقضاض على اوراق تتطاير في الهواء بواسطة مروحة.
وفي مجال النهب المسير عن بعد، وكمثال عن كثير من الامثلة عن الجشع مشروع التعدين الهاييتي يقع قريباً من المنطقة الحرة في كراكول والتي جلبت تنميتها لسوء الحظ المنطقة بحرمانها من الفلاحين من افضل الاراضي الصالحة للزراعة، لقد دفعت مئات العائلات مصادرة اراضيها كثمن لهذه العملية، والعمال لا يتقاضون من الاجور غير دولار واحد، مقابل عمل يوم كامل وتلويث البيئة فيما يعيش المستثمرون الغربيون في فنادقهم الفخمة معزولين، وهذا يحدث في اغلب الدول الضعيفة حيث تتنعم طبقة واشخاص معدودين على حساب ملايين المواطنين، وقد طلب مجلس الشيوخ الهاييتي المؤرخ 2013، ونص القرار بالنظر الى المذبحة التي صاحبت نهب مواردنا المالية في القرن الخامس عشر وبالنظر لبيع ارثنا الوطني خلال فترة الاحتلال الامريكي، وبالنظر لعدم قدرة البلاد حالياً على التفاوض بهدوء بشان مصادرها المعدنية بسبب عدم الاستقرار السياسي، وبالنظر الى المخاطر البيئية الجادة المرتبطة بهذا النوع من النشاط، والى المستويات المقلقة لتدهور بيئتنا لذا فان مجلس الشيوخ يطالب السلطة التنفيذية بوضوح وجدية لوقف الفوري لتنفيذ تراخيص الاستغلال التي صدرت سلفاً للشركة، ولكن ليس لهذا القرار او النص قوة القانون بدوافع غير معلنة!!.
النظام العالمي الجديد من مقرراته
الحروب البيولوجية والابادات الجماعية، واستخدام الغذاء كسلاح، فيقول هنري كيسنجر: ( اذا اردت ان تسيطر على اقليم فلابد ان تسيطر على مصادر الطاقة، واذا اردت ان تسيطر على الشعوب لازم تسيطر على موارد الغذاء)
العمالة بين الضعف السياسي والحفاظ على النظام الاداري
سوف ينادي العمال دائماً بحقهم في الاضراب، فيما سوف تسمي الدولة هذه الدعوة بالتعسف في استعمال الحق، لان الحق في الاضراب متزامناً في جميع الصناعات في ان واحد امراً مخالفاً للقانون، لان الاسباب المحددة للإضراب المسموح بها قانونا لا يمكن ان تكون متحققة في كل صناعة، ولان نظام السلطة القائم لن يمنح حقا ابداً، قد يستعمل للإطاحة به ، فان الحركة العمالية سوف تجبره على التضحية ببعض المزايا التي منحها اياها هذا النظام لضمان ولائها، سوف تضطر الى ايجاد طرق جديدة وخلاقة لتعبئة اعضائها واذا تحقق ذلك فان بعض المواد سوف تنفذ، الا ان الاثر السياسي الذي سوف ينجم عنه سوف يكون اقوى بكثير، واليوم صار على الحركة العمالية ان تختار بين ممارسة النشاط السياسي الذي قد يضعفها مادياً، وبين البقاء في حالة ضعف سياسي مع الحفاظ على قواها الادارية.
الثقافة والحضارة
ان الثراء وخصائصه يمكن المرء من ان يطلق لعنان لسلوكيات دنيئة لا يشفع لها الا وضعه كرجل ثري، يستفيد الشخص ذو النفوذ في كل لحظه من مزاياه المالية في ممارسة كل ما تشتهيه النفس والغطرسة والعنف الجنسي مثل (برسكوني ) احد اقطاب الصحافة الايطالية الذي اصبح رئيساً للوزراء، ومدير سابق لصندوق النقد الدولي(ديورل وولفوتيز) كان رئيس للبنك وكان يدفع رواتب موظفه سابقة في البنك لأنه على علاقة شخصية بها، وكذلك بيل كلنتون رئيس امريكا، ينكر الاغنياء العنف وهم يباشرونه، اما الفقراء فيكتمونه، ويمكن تعرية الوجهاء والشخصيات المرموقة وغمسهم في فيلم"زمن المهرجين"
جميع الطيور الجارحة هنا
المدراء وزوجاتهم، بارونات المال، ملوك البيتزا المثلجة، اعضاء عصابات العقار، جميع عصابة المحسنين للبشرية، الجثث المنتنة التي يشيد لها الصروح، الانتهازيون الذين يظنهم الناس محسنين، الاغبياء من الفقراء اصدقاء السلطة، المتنكرون كأعضاء مجلس شيوخ، نساء بملابس ضيقة، عاهرات صغيرات يمارسن عملهن نحو القمة، صحفيون زاحفون يرتدون لباس كتاب الافتتاحيات المتملقون، محامون مشبهون يرتدون اردية القضاة ويكسبون مائة الف دولار في السنة، متزلفون يظنون انهم فنانون، جميع اعضاء العصابة هنا، جماعة من الاشخاص المطليين بالكروم، يرتدون الميداليات وربطات العنق، مقرفون، مبتذلون، تافهون، بملابسهم الفاخرة ومجوهراتهم الراقية، تفوح منهم رائحة العطر الى درجة الانتان، انهم اغنياء وحسنوا المظهر الى درجة فظيعة، بأسنانهم البيضاء وبشرتهم الوردية الفظيعة وهم يحتفلون.
راي الأثرياء والمشاهير
ان نمط الحياة المترف للأثرياء والمشاهير يعكس الثقافة الصناعية الجمعية، انهم يصدقون الاكاذيب التي كانوا هم من اطلقها عندما يقرؤونها في جرائدهم، وهناك بلا شك العديد من القصور المبهرجة في كل بلد عربي، ولنأخذ كمثال قصر عائلة ديسما رية الذي صمم ليكون اشبه بقصر ملكي زائف في منطقة ساجارد شمال شرق مدينة كيبك وهو مبنى متكلف ومزود بحوض سباحة، صالة رياضية دفيئة زراعية، ومحاط بحدائق على طراز حدائق قصر فرساي، اصطبلات، ملعب كولف، مهبط طائرات، اربعون مبنى اخر،( 75 )كم مربع من الارض، و (32) بحيرة، وقد قامت عائلة ديسما رية وهي واحدة من اغنى عائلات كندا، لها دور في تشكيل الحياة السياسية في كل من كيبك وكندا وفرنسا لعقود، ان علاقاتها المميزة مع النخبة السياسية بدأت من بول ديسمارية الاكبر، فهذه العائلة هي من تختار الاشخاص لرئاسة الدول المذكورة، وانهم ينظرون الى الديمقراطية باعتبارها ديالكتيكية، اي تعني الجدل بين اثنين والذي يحاول فيه كل منهما دحض راي خصمه، محاورات افلاطون مثالاً، وكما يقول : ثيودور ادورنو وماكس هور كهايمر في كتابهما(ديالكتيك التنوير) " لا حاجة لكل من السينما والاذاعة لان تتظاهر بعد الان بكونهما فناً حقيقة الامر هي انهما لا تعدوان ان تكونا اعمالاً تجارية تم تحويلها الى ايدلوجيا بهدف تبرير الهراء الذي تنتجانه عن عمد، انهما تسميان نفسيهما بالصناعات، ولكن عندما تعلن مدخولات المخرجين العاملين فيهما، فان اي شك حول الفائدة الاجتماعية للمنتج النهائي سوف يزول"
لا اعتبار للفن
هناك معرفة واحدة فقط، وهي المعرفة التي تسمع بها اصحاب المال وكيف يراكمونه، اما حب الفن والابداع في الفن فهي مجرد اوهام، وكل ما على الفنانين التأقلم، فان الممولين يرون انفسهم وكأنهم هم الخالقون الحقيقيون، باعتبارهم هم من جعل هذا الفن ممكناً.
الثيلوجيا
هي علم الدراسات الدينية المتعلقة بالإلهيات وطبيعة الاعتقاد.
حرب الايقونات (الصور)
هو جدل بيزنطي عرفته الدولة البيزنطية في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، بسبب معارضة فصيل ديني لوجود الصور(التماثيل) بداخل الكنائس المسيحية، لذلك نشا صراع بين محبي الصور ومبغضيها.
الدوغما
هي الموثوقية او التصلب الفكري، وهي تسمية تطلق على الجمود العقائدي، سواء تعلق بمذهب او ايدلوجيا او راي، عندما يقترن بالتمسك بالفكر المعتنق دونما اعتبار للحقائق المناقضة له.
الفن يلمع الجرائم في الحياة
ففي كيبك وبعد انفجار عربات قطار تحمل الوقود قد لوثت بحيرة ميجانتيك ، والناس بدل من التظاهر على تلك الشركات غير الحريصة على سلامة الناس وعدم توفر وسائل الامان بعد تسرب مئة الف لتر من النفط الى بحيرة ميجانتيك التي اصبحت مصدر تلوث لمناطق اخرى في كيبك، قامت السلطات باستدعاء فنانين لصرف الانظار عن هذه الجريمة، فاصبح الفن يلمع الجرائم في الحياة اليومية في الاقتصاد، وقلت حمولته من القيم الروحية، فهي تعمم البعد الجمالي من خلال زركشتها وجعلها اكثر حسية، ويصبح ذكرى الكارثة مجرد اداء فني، وهي تتلاعب بالجمهور والنتيجة قامت الحكومة في كيبك في اعادة تنظيم المنطقة بمغادرة عدد من بيوت المواطنين، فتم دعوة الاهالي لترك منطقتهم والذهاب الى مكان اخر بإرادتهم فتباع بيوتهم بأسعار متدنية الى مقاولي بناء سوف يستفيدون لاحقاً من عقود اعادة الاعمار ومن بعدها تحويل الاعمال التجارية ومصادرة املاك السكان، استخدمت شركة (بومولر) شخصيات وهمية لتحويل الاموال الى الاحزاب السياسية بطرق غير مشروعة، وقد طلب من موظفي عدد شركات المقاولة بالعمل بشكل ابطأ.
جونز انديرس
في مقال للفيلسوف الالماني الذي نشره عام 1956 الذي صنف التلفاز بانه ضار في علاقات المجتمع مع الواقع، ففيه قوة تنزع الصفة الجمعية، فهو يعزل الافراد عن بعضهم البعض ويقدم لهم في الوقت ذاته نفس الشيء(نفس المحتوى) فنتج عن ذلك كائن اجتماعي جديد اطلق عليه( السلطعون الناسك) وهو كائن قشري يعيش داخل قوقعة حلزونية يتحرك ويتغذى داخلها، لا يفوتهم اي صورة من صور التلفاز، وهكذا يكون الواقع متأنقا مقتطعاً من سياقه ومعداً كما ينبغي فيوصله التلفاز كسلعة لنا، وفي النهاية حضور حدث عن طريق وسائل الاعلام وبين المشاركة فيه جسدياً، وان معدي البرامج نجحوا في جعل الشخصيات التلفزيونية تنتج علاقات حميمة زائفة مع الجمهور، فاستطاع التلفاز بقاء الناس في المنازل وعدم حضور الفعاليات على الارض، فيسوق افكار واحداث مقنعة، وطبعاً الفن التخريبي حاضراً في تصوير اشكال فاضحة.
واخيراً نكتب ما سطر على غلاف الكتاب من سطور: (صارت السلطة في يد التافهين، وصارت امبراطوراياتهم تمتد الى جميع جوانب الحياة: الاقتصاد، العلوم، القانون والسياسة، في عملهم الجاد وسرعتهم في التكاثر، هم مغالون جداً، الى درجة انهم خلال زمن غير بعيد سوف يقضون على كل شغف، يقمعون كل احساس بالمخاطرة، يمزقون كل فكرة سياسية اصلية الى مزق صغيرة، يقدم دونو تحليلاً ثاقباً كاوياً في بعض الاحيان لعهد التفاهة هذا، الذي يؤدي الى اصابة العقل البشري بالعقم من خلال نشير الميل الحاد للفتور الثقافي والسياسي، التفاهة نظام اجتماعي يؤدي الى تهديد دائم بالسقوط في الوسط ).

هذا ما استطعت اختصاره من هذا الكتاب المهم واعتذر عن اي تقصير، تفضلكم بنشرة في خانة الدراسات او اي جهة تصلح لنشرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا