الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من شيوعية لاارضوية ثانيه؟/ ملحق ب2

عبدالامير الركابي

2023 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


هل الشيوعيه اللاارضوية قابلة للانبعاث والعودة للحياة والفعل من جديد؟ نحن هنا، او في مثل هذه الحالة نضع انفسنا امام تحد استثنائي، فاذا كنا اصلا فارقنا بين فعل الاليات التشكلية للموضع الرافديني راهنا، بمقابل الافتراضيىة الاقحامية الغربية بصيغتها الويرلندية، فاننا نكون الزمنا انفسنا والحالة هذه، باعتماد والدلالة على وجاهة وقوة المسوغ التاريخي للتشكلية العراقية الحديثة، بمقابل الافتراضية الغربية، وماصار الغرب يعتمده من تصور للتاريخ وحركته، ومآله المبهم، فيما عدا القول بالديمقراطية برجوازيا، وبالانقلاب الطبقي الشيوعي ماركسيا، وهما المنظوران الباقيان غالبين منذ الانقلاب الالي، بينما ظل الطرف المقابل التصارعي المجتمعي التحولي بلا نطقية، مما سهل سطوة وغلبة المنظور الغربي عليه كيانيا، ومن ثم ايديلوجيا طبقيا استبداليا.
هنا وفي الحصيله نصل الى اللحظة الكبرى، والى التحدي الاعظم على المستوى الاعقالي الذاتي المؤجل والمطموس، وكما حدث مع الغرب في القرن التاسع عشر واخيرا،حين "اكتشف" الصراع الطبقي، باعتباره المحرك وراء عمل الاليات المجتمعية في الحالة الاوربية، فقد حلت ساعة اكتشاف الاصطراع المجتعي اللاارضوي/ الارضوي، المحرك الواقف وراء الاليات التاريخيه المجتمعية في ارض مابين النهرين، بما هي الاساس والنموذج الكوني الناظم لاجمالي العملية الاصطراعية التحولية المجتمعية على مستوى المعمورة، وفقا للاليات الاصطراعية المجتمعية، لا الطبقية كما تصور الاوربيون.
ويحدث هذا بالتداخل والتزامن من ضمن عملية التفاعل التصيري المتتابع اوربيا، مع الانقلاب الالي المنبجس هناك، ثم رافدينيا عراقيا بنتيجة الاصطراع الناشب بين الارضوية الغربية، واعلى اشكال تجليها الالي البرجوازي، وما تولده من حالة مستجدة من الاصطراعية المجتمعية، بمعنى ان العالم بالاحرى قد شهد، او هو خضع بعد النصف الثاني من الالفية الثانيه، لفعل ظاهرتين رئيسيتين، آلية اوربيه، ولاارضوية منبعثة في دورة ثالثة محكومة لاشتراطات الاصطراع مع البرانيه المستمرة من القرن الثالث عشر، مع دخول هولاكو الى بغداد، حتى الاحتلال البريطاني، وهي اصطراعية غالب عليها اليدوية ووسائلها من الطرفين، لاتلبث ان تتغير مع حضور الانكليز للعراق، لتتحول الى اصطراعية طرفها البراني آلي برجوازي، من اهم ميزاته واكثرها فعلا، قدرته على الهيمنه النموذجية والتفكرية، ومايواكبها من توهمية"تحشيشيه" مضادة للذاتية، تكرس الفبركة الكيانيه، واجمالي منظومة الاستعارة الجاهزة، بالنظر للذات بعين الاخر.
والامر الاهم الجوهر لهذه الجهه، عراقيا و/ عربيا، هو النكوص امام الذاتيه، فالعراق وعموم منطقة الشرق المتوسطي، ومايعرف بالمنطقة العربية، يعيش معضلة الانتكاس والعجز امام الذاتيه، ابرز واكثر تجلياتها فعالية واثرا، ذلك الذي يهيمن على العقل في ارض مابين النهرين حيث العقل ادنى قدرة من ان يتوفر على اسباب ادراك الذاتيه، انطلاقا من البنيه المجتمعية الاساس، مع البقاء تحت سطوة وطائلة الحدسية، بما هي الممكن الاعقالي المتاح ضمن اشتراطات العجز الادراكي، حيث يطالعنا لهذه الجهه جانب الايمانيه الحدسي، مع العجز عن تخيل، ناهيك عن الاعتقاد بالمراحلية التعبيرية، وبالذات القول بمؤقتيه المنظور الحدسي النبوي، الماخوذ كمطلق نهائي لابعد له من نوعه وفصيلته.
حال كهذا من البديهي ان تتولد فيه ظاهرة من نوع تلك التي تحاول تلبس الاخر لتعيشه توهما، بالاخص حين يمتلك الاسباب والمؤهل الضروري الذي يزكي الخضوع له، مقابل انعدام حضور الذات كما حدث مع مايسمى الحداثوية الويرلندية، وماتبعها من منظور ايديلوجي كيانوي / طبقي، ليبرالي، قومي/ منفصل عن اليات الواقع والبنية التاريخيه منطلقات وتصور وطريقة نظر، لولا قوة حضور الذاتيه الموضوعية غير الموعاة، وعملها/ الاستبدالي/ الموقوف على العبور شبه المستحيل الى النطقية، وهو ماقد حال دون محاولات انبعاث الشيوعية اللاارضوية من عام 1964 ، عام سطو عزيز محمد على قيادة الحزب، والميل الاول للالتحاق ب "الاتحاد الاشتراكي العربي"/ خط اب/ حين برز انشقاق "اللجنه الثورية"، لتحل من يومها حالة توتر داخلي وانشقاق بلا اعلان، لم يكن وقتها قد تبلور عمليا وعلى مستوى الافكار الى عام 1967 ، حين اعلن في ايلول انشقاق "القيادة المركزية"، بينما كان تيار "فريق من كوادر الحزب" موجودا، ويعمل داخل الحزب من عام 1965 ، في محاولة ومناسبة غير عادية، احتداميتها لم تكن بعيده عن الترتيبات التي اودت وقتها الى انقلاب 17 تموز 1968 من قبيل التدارك، ضمن وضع، بدات فيه نذر الانتقال للكفاح المسلح من قبل الشيوعين قيد التنفيذ، بظل حكم مهلهل وضعيف من نوع حكم عبدالرحمن عارف، وهنا وبالمناسبة يجب الانتباه الى دخول عامل النفط والريع كعنصر حاسم، بجانب "الحزب العقائدي" والنواة القرابية(1) كضرورة لامعدى عنها، من قبيل البديل للبرانيه المعتادة، استدراكا لوضع كان ينذر بتطور استثنائي، لو استمر وتكرس، لاستحال تداركه(2).
وجدير بالتنيويه انه لم يسبق ان لوحظت مسالة اساسيه، وظاهرة جديرة بالانتباه غير العادي، هي من مفاعيل عدم اكتمال التشكل التاريخي الحديث، تلك هي حالة عدم وجود "دولة" / وطنيه/ عراقية/ بلا برانيه، فلادولة عراقية بعد زوال حكم العثمانيين، الا ماركبة الانكليز ودعموه، ولا دولة بعد ثورة تموز 1958 الا العسكر ومحاولات الجيش لعب دور الحاكم، مع استمرار الفراغ على مستوى الهيئة الحاكمه الدالة على النصاب المجتمعي، مالم يغدو ممكنا بصيغة مفتعله، الا مع "الريع النفطي"، انقلابيا من وراء ظهر المجتمع، ومن اعلى، بالتضاد مع الاليات التشكلية التاريخيه، ارتكازا الى العنصر المستجد والطاريء من خارج التوازن المجتمعي.
والفرق واضح هنا لهذه الجهه بين مساري التشكل / الوطني التاريخي الانبعاثي الثالث المستمر من القرن السادس عشر، والذي لم تكتمل عناصره ومقوماته بعد، وبين الافتراضية التوهمية الويرلندية وفبركتها الكيانيه، وعلى مستوى مايعرف ب "الدولة" الحديثة البرانيه بصيغتها الحديثة التغلبيه الاوربيه الالية، مطبقة على مجتمعية مغايرة لها كينونه واليات، مع مابترتب على كل من المسارين، ويتولد عن حضورهما، من انعكاسات واشكال تمظهر، غير ناطقة عراقيا، وناطقة متغلبة استعماريا وعلى مستوى الغلبة النموذجية التفكرية، مايجعل من الظواهر المستعارة والايديلوجية، غير ماتتصوره عن نفسها، ومادرجت على اعتقاده توهما عما تكون، وماذا تمارس من دور، واستنادا لاية محركات، كما الحال مع الشيوعيه وتحوراتها الاولى الاستبدالية اللاارضوية، والثانيه البرانيه "الافندوية"، وقد وصلا الى الحال الراهن، المحكوم من هنا فصاعدا الى النطقية، والى افصاح اللاارضوية عن ذاتها، وهو المنتظر اليوم ومن هنا فصاعدا.
وهنا يجد نكوص وعدم قدرة المحاولات الانشقاقية الستينيه على ضخامتها على تحقيق المطلوب بالضد من "الافندوية" وسعيها للتغلب على الكيانيه الشيوعيه، فالصراع بين التيارين لم يكن في يوم مجرد مسالة "نظرية"، وفهد في حينه لم يحقق الغلبه لانه الاكثر صوابية نظريا، بقدر ماكان بالاحرى متوافقا، تهيات له الاسباب لكي يصبح الاقرب الى فعل الاليات الاستبدالية اللاارضوية في لحظة بذاتها من الاحتدامية الاصطراعيةة مع البرانيه المستحدثة الغربية، ومقتضياتها المختلفه عما سبقها، وهو ماكان الغالب بين العشرينات وثورة 14 تموز 1958، لندخل من يومها اشتراطات النطقية المؤجله، فتغدو اللاارضوية بذاتها بلا استبدال، ولا حاجه للاستعانه بممثل ظاهر بظل اشتراطات "الغيبة" اللانطقية، الامر الذي حال بين محاولة الوقوف بوجه الافندوية في وقته، وافضى بمن حاولوا ذلك الى التصفية والانمحاء.
وما ننوه به اجمالا، يبدل كليا مامر به العراق من احداث وتطورات ومحطات، مع دلالاتها وماتنطوي عليه وصولا الى "فك الازدواج" الذي يصير آنيا مع الحكم الريعي، وماقد افضى اليه ونتج عنه، وصولا مع التدمير الكلي البراني الامريكي للكيانيه بصيغتهيا المفبركة والريعيه، بعدما فشلت هذه وبايقاع مختلف يشبهها، في ان توقف المسار التشكلي الذاهب الى مابعد ازدواج اصطراعي مجتمعي، الامر الذي يستدعي بحثا في تفاصيل ضخمه، مع اجمالي حركتها، ويتطلب بحثا اخر متخصصا، الشيوعيه فيه تذهب كما حصل تتابعا، من شيوعية اللاارضوية، ثم الى شيوعيه الافندية، واخيرا ومن هنا فصاعدا، الى لاارضوية مافوق ماركسية، تخضع الماركسية لاشتراطاتها، لتحل محلها كحركة كونيه بديلة، مجتمعية بدل محاولة ماركس ولنين التحولية الطبقية، التوهميه، التي انتهى مفعولها، وسيزداد تراجعا اهم واضخم دالاته سقوط الاتحاد السوفياتي، بينما يصير من قبيل ضرورة الوجود واللحظة، الانتقال البشري الكوني الى اللاارضوية، والى مابعد مجتمعية جسدية حاجاتيه، وهو ما بدات اصلا الظاهرة المجتمعية منطوية عليه، وذاهبة نحوه تأسيسا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حين عرضت شركات النفط وقتها الانقلاب عبر رجلها "عبدالرزاق النايف" كانت تشترط ان يكون هنالك "حزب عقائدي ايديلوجي"، وقد قام اولا بعرض الانقلاب بصفته مدير الاستحبارات العسكرية، ومعه رجله ابراهيم الداود قائد الحرس الجمهوري، على "الحركة الاشتراكية العربية" عبر زعيمها فؤاد الركابي، الذي قام بعرض الامر على قيادة حركته، التي رفضت العرض بدعوى تحاشي التعامل مع العسكر.
(2) هنا يقف حزب الافندية ضمن جبهة ومعسكر الاجهاز الاستباقي على الاحتمالية الانقلابية المسلحة، فلم يلبث ان صار حليفا لنظام التصفوية الثانيه وبعد الهجوم الدعاوي والسياسي، جاءت اجراءات اطلاق سراح السجناء في 5/9 / 1968 وصدور مجلة "الثقافة الجديدة" الشهرية، التابعة للحزب المذكور ابتداء من 1969 تمهيدا قبل الاجهاز على "القيادة المركزية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران