الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتلات تطييف البشر و الحجرّ!

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إذا وقع نظرنا على كتاب تأريخ لما يجري في لبنان منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي استوقفتنا حادثات تكررت مرارا ، يمكننا نعتها بالتصفية بدافع الانتقام العشوائي و الكيفي أو العدوانية على أساس طائفي أو عقائدي . تعلق في الأذهان مقتلات تعرض لها أبرياء تقشعر الأبدان لدى محاولة تخيّلها ، وقع خلالها القتل على " الهوية "  ،بعضها معروفة بأسمائها ، مقتلات عين الرمانة ، النبعة ، الكرنتينا، تل الزعتتر ، صبرا و شاتيلا ، اختطاف نشطاء الحركة الوطنية و تصفيتهم ، حرب الجبل ، إهدن ، الصفرا ، حرب المخيمات و غيرها ، فيتساءل المرء عن أوجه الشبه و الإختلاف و العلاقة ربما ، بين هذه المجازر من جهة و ما جرى في يوغوسلافيا أثناء سيرورة تفكيكها على سبيل المثال و مذابح التصفيات العرقية التي شهدتها بلاد راوندا في إفريقيا من جهة ثانية .

و لكننا لسنا هنا في معرض تناول هذه الظواهر الإجتماعية المتمثلة باضطرابات تعكس قابلية المجتمع البشري في بعض الظروف على الإرتداد لعادات و تصرفات قديمة ، فاللافت للنظر في في هذا الصدد أن المقتلات التي أشرنا إليها في يوغوسلافيا و راوندا أدت في كل من البلدين إلى نتيجة يمكننا نعتها بالحاسمة ، فلقد تحقق تفكيك يوغوسلافيا بواسطة التصفية العرقية إلى خمسة دزل و في راوند انقلب السحر على الساحر بسيادة شعب التوتسي على البلاد بعد فشل محوه على يد شعب الهوتو ، بالضد مما جرى في لبنان بعد محاولات إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ، حيث يمكننا القول أن المقتلات الطائفية لم تلغ أية طائفة و انما جمّعت كل منها في منطقة خاصة بها حصريا ، هكذا صارت مناطق البلاد مميزة بهوية سكانها الطائفية أو بتعبير أكثر دقة أنجزت المقتلات في مرحلة أولى صيرورة التطييف الجغرافي ، تبعها في مرحلة ثانية مقتلات لا تقل دموية و توحشا عن سابقاتها من أجل تطييف السكان ، تم ذلك تحت عناوين مختلفة ، مثل وحدة البندقية و حدة القيادة ، ضد الشيوعية ،و ضد الإلحاد .

مهما يكن لم ينتج في ظاهر الأمر عن مقتلات لبنان ، على عكس مذابح راوند و يوغوسلافيا ، تفكيك أو غلبة لطائفة على الطوائف الأخرى ، كما كان الحال حتى سنوات 1960 ، و إنما وفرت الظروف الملائمة لإصطفاء أحد قادة ميليشيات الطائفة ليتبوّء زعامتها بعد أن يتخلص من خصومه . لم تنفصل مناطق البلاد عن بعضها ، و لم تطغى طائفة على الطوائف الأخرى ، و لكن استنسخ زعماء الطوائف الدولة وسلطة الحكم ، كل في المنطقة التي جُمِّعت فيها طائفته ، إداريا و أمنيا و عسكريا و ماليا و تربويا ، بحيث يحق لنا أن القول أن في لبنان عددا من الدول اللبنانية يساوي عدد زعماء الطوائف .

لا مفر في ختام هذا البحث من التساؤل عما يمكننا أن نتوقعه على صعيد إحياء العمل في تحقيق مشروع الدولة الوطنية من زعماء طوائف اقاموا سلطتهم على حساب شبه الدولة التي أعلن جنرال فرنسي عن قيامها في سنة 1920 ، فاستوفوا الضرائب الجمركية في موانئها و إداراتها ، و أقاموا الحواجز على الطرقات لاستيفاء رسوم المرور من المواطنيين بالإضافة إلى التواصل مع دول أجنبية ، صديقة و عدوة .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف