الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العتيق ... هو الذي رأى كل شيء _ رواية ح5

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2023 / 6 / 29
الادب والفن


الذهاب نحو خطوة أخرى
وأخيرا قررت الهروب من نفسي واللحاق بقلبي وتركت عقلي في مخدعي ينتظر أخباري مع العتيق، أوصيته بالهدوء والسكينة وأن لا يكرر أخطاءه الماضية، لم يقاوم قلبي فهو يعرف عنادي حين أقرر أن لا شيء يمكنه إيقافي... قلبي يرقص معي رقصة زوربا فاليوم سنكون معا ولوحدنا نتبادل الهمس والبوح على المكشوف.
كانت خطواتي تسبقني وأفكاري تتزاحم لا أعرف ماذا سيقول لي؟ وماذا سأرد عليه؟ كانت أمنيتي أن يكون اللقاء بعيدا عن أعين الناس ... بعيدا عن مسامعهم...
تمنيت لو أني سأصرخ بوجهه أيها العتيق أين كنت؟... فقد مزقني الصمت ومزقني السكون... أين صهيل خيلك ووقع خبط سيوفك التي تقتل حراسي الأغبياء أولئك الذين يحسبون خطواتي وكأنها مسبحة منتظمة... أه يا حبيبي العتيق ماذا لو كنت فارسي الذي خطفني من أحضان أمي.... بالأمس البعيد.... يالك من بخيل.
جلسنا على حافة المقهى قريبا جدا من الشارع قريبا من الضوضاء... المكان مزدحم كالعادة... ليس مكانا مناسبا لبث لواعج الحب أو تفريغ شحنات الشوق... لكنه كان البداية الضرورية... الخطوة الأولى التي جرتني لسلسلة من الخطوات اللاحقة... شربنا القهوة كما يشتهب العتيق... ليست بطعم تلك التي أحتسيناها أول مرة...
سحبت نفسا عميقا من سيجارة طلبتها من أحد رواد المقهى.. كان من الضروري جدا أن أنفس عن مكنون غاضب داخل نفسي.. لا أعرف بالتحديد هل هو غضبي على عتيق لأنه لم يختر مكانا مناسبا لأقول له ولأول مرة يا حبيبي، أو أنه غضب ساكن في داخلي على تلك الأيام الزائفة التي أضافوها لعمري دون أن أعي وجعلوها من سنيني وأنا لم أعش معها إلا بالأرقام فقط.
تحدثنا .. تكلمنا خضنا في كل شيء إلا كلام الحب الممنوع علينا لحكم المكان... الأجمل أن ما كنا نخاف أن يظهر كان هو الكلام الحقيقي الذي دار بين العيون .. مع اللمسات البسيطة بين أصابعنا... مع حرارة أنفاسنا وهي تغلي مرة وتهدأ مرات لكنها تعبر عن حالة حميمية جدا...
تخيلت منظر تشكل في رأسي منذ أن جلسنا معا .. أننا على مقعد واحد نجلس مع بعض، رأسي على كتفه الأيسر ويقبل يداي في كل مرة ... أسمع دقات قلبه كرنين طبول في عرس شعبي ... أه وأنا أرى النهر يجري من أمامي يلقي التحية مع كل موجة صغيرة تتجه للشاطئ تقول لنا ما أسعدكم.
الحب وحده الذي يليق بكم .... حبوا بعضكم أكثر فلا قيمة للحياة إن لم تجعلوا من الحب روح تمشي في أبدانكم.
عندما تعشق أنسى معادلات حكمت حياتك من قبل، العشق حرية والحب طاقة كبرى تخلص العقل من أنانية النفس وسطوتها، لذا كل العشاق متسامحون أنقياء، قلوبهم مثل حرير الشام ناعم ومتين يزهو بالألوان البراقة... المسألة هنا ...هل نستطيع الحب أو لا نستطيع... الوجود متوقف على إجابتك... فمع الحب سيفشأ السلام ومع غيره سنغوص في وحل اللا معنى...
هذه العبارة قرأتها اليوم على أحدى صفحاته العلنية... أردت أن أعاكسه، وأظهر له أن الحب ليس كل شيء في الوجود... هناك الإيمان وهناك العمل وهناك المصالح وهناك القوانين والأعراف... وهناك حاكم مستبد علينا أسمه الضمير...
عتيق لا يمكن أن تقترب منه ما لم تفهم كيف يفكر... رد علي قائلا... الحب يعني أن نذوب في الوجود وأن لا نعاكس سيره... لذا فكل ما هو أصيل وضروري هو من الحب، وكل ما هو زائق ومغشوش لا ينتمي إلا لغيره... طغيان الحب لا يعني أن نترك الشهوات تقودنا ، بل نترك الأرواح تسير على قانون ربها حين خلقها...
أليس كذلك؟ لم أجب.. بل كنت أقول في نفسي.. نعم يا حبيبي نعم... هذا ديني... هذا قانون ضميري... الروح النقية هي التي تصنع قواعد الحب وتلتزم بها .... إنها الحياة بطعم الحب.
لم تمضي الساعتان كالمعتاد بل هربتا سريعا... لا أعرف لماذا الزمن لا يعمل وفق نظام الحاجة... عندما لا نريده يثقل بخطواته، وعندما نحتاج المزيد منه يسارع بالهروب بألف عذر وعذر.
علينا أن نرحل الأن... حزنت.
ندمت أني لا أستطيع أن أضمه لصدري... فقط كنت أحتاج ذلك الآن.
يقول التبريزي " حِب نفسَكَ، لأنّكَ إن أحببتها، ستعرفُ كيف تُحبُّ الآخرين"، أنا أقول "حب نفسك وأجعلها تبحث عن يحبها بصدق عندها ستكون حتى الشمس عاشقة لمن يقترب منها".... أحببت نفسي الأن... لأنني أحببت عتيق... وعتيق يذوب من نيران قربي.... كأنه قطعة ثلج في ظهيرة تموز تداعبها حرارة ويهزها ريح.
ركبنا معا في الباص الكبير... وحده قلبي يقول لي لو اختبأت فيه.. تحت طيات ملابسه ضميه بقوة ... ليس الآن وقت الخوف..
أه من قلبي المشعوذ... يريدني أن أنزع أخر شعرة من شعيرات معاوية...
ويحك أيها الشقي وددت لو أضمه طويلا وبصمت ليس هنا فقط .. حتى في المقهى تمنيت أن أجعله ينام على صدري ويسمع ما يقول له قلبي.
إني أعشق أنفاسه كما أعشق كلماته ...
نظراته..
حنينه البادي على وجهه الحزين دوما.
عدت ألملم بقايا شتاتي بعد أول خطوة.... فقد تشظيت اليوم كثيرا لم أعد تلك السيدة التي أدارت أشياء كثيرة.. بحكمة العلماء وبقوة القادة... أنا اليوم مجرد طفلة صغيرة تشتهي أن تلعب مع رفيقاتها في باب بيتنا القديم.. لم يعد هناك زمن في ذاكرتي سوى رغبتي بالبكاء في حضن أمي أو تحت يد أبي الكريمة... أنا هنا وحيدة دون مسافة أمان... الصحراء من حولي... حتى السماء من فوقي خالية لا شمس لا قمر لا نجوم... فقط بحاجة إلى عناق ينتشلني من أزمتي ...
لماذا أحب في هذا الزمن؟... سؤال حاولت أن أخترق فيه حالي.. حتى في هذا فشلت في إقناع حالي بإجابة... لماذا أيها القلب؟ ... تجن في الوقت الذي عليك أن تكون وقورا عقلانيا، تعديني للوراء... ما كان هذا الرجاء منك أيها المغفل... هلا تعقلت قليلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي