الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للديموقراطية مخالب، للديموقراطية انياب؟

علي مسلم

2023 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


إن للديمقراطية أنيابا أشرس من انياب الدكتاتورية، هي جملة أطلقها الرئيس المصري الراحل أنور السادات في السبعينيات من القرن الماضي ضد معارضيه في أخر فترات حكمه، كانت هذه الجملة عنوانا تحذيريا من السادات على ما يمكن أن يتخذه من إجراءات باسم نفس القوانين التي تحمى الديمقراطية، وبقيت فيما بعد كماركة مسجلة باسمه، ومن الواضح انه استخدمها في سياق يتعدى مسألة التخويف، أو التحذير، وقد أصبحت هذه المقولة مهيأة الآن لتكون ضمن أدبيات العلوم السياسية في إطارها الحديث لما تحمله من دلالات ومعان تتفق مع الوضع السائد في العالم حالياً، ففي أغلب البيئات المتسلطة وبغية الاستحواذ على مفاصل القرار والسلطة يتم العمل بها وفق قوانين وضعية تقود الى تشريع الاستبداد باسم الديموقراطية، فالمؤسسات الديكتاتورية لها خط واضح في نهج التعامل يعتمد على القمع والأحكام القسرية، وقد تنجح في خلق جو من التعايش معها، أو فرض نمط التعايش الذي تسعى اليه، بينما الديمقراطية في ابهى صورها تعني المشاركة والحرية وبناء مؤسسات تحمي تطلعات المجتمع المدني وتصون حقوق الإنسان، ولذا فإن أي تراجع في ممارساتها سوف يترك أثراً شديد القسوة في سلوكيات المجتمعات المعنية من شأنها تشويه الحضور الاجتماعي، ليس في سياقها الطبيعي فحسب، بل ربما يتعدى ذلك لتتحول بحكم التشريعات والقوانين الى سلوك دائم.
وما يعزز صدقية هذه المقولة، هو مسألة العقاب، فالعقاب في الديمقراطية أشد شراسة وضراوة من عقاب الديكتاتورية، والسبب في ذلك يعود الى أن العقاب الديكتاتوري غالبا ما يسوده التهور والتسرع والفردية، وهذا يساهم على الغالب في خلق جو مفعم بالعداء، مما يحد من قسوته في سياق محاولة ردعه، أما العقاب الديمقراطي فهو عقاب يستفيد من النظام المؤسسي وذلك في تهيئة الرأي العام لتأييد توجهه، بما في ذلك بناء تحالفات بينية بغية تمكين حضوره القسري، ويأخذ وقته عادة في غير عجلة، لتكون نتائج عقابه مدمرة وكاسحة من خلال أنيابه التي إذا ظهرت نهشت نهشاً مميتاً.
في سياق اخر يمكن القول جدلياً أن النظم الديكتاتورية قد تتحول الى نظم ديموقراطية بحكم تطور القوانين المجتمعية في سياقها الزمني، ولكن التساؤل ماذا عن تحول الديمقراطية أو تطورها، هنا أيضاَ تظهر شراسة أنياب الديموقراطية، لأنها تتجاوز حدودها المحلية من خلال نهج تسلطي مدعوم بالقوة يسعى إلى صهر المجتمعات، والقفز فوق موروثاتها الحضرية من تقاليد وثقافات وأديان، وبالتالي السعي نحو تعميم نمط حضاري احادي القطب، وبالتالي إرباك المجتمع، وتهيئة الأجواء للفوضى العارمة، مما يجعلها في صراع بين المحافظة على مكتسباتها، أو التفرغ لمقاومة حالات التوتر التي تفرضها أنياب الديمقراطية تحت شعار الديمقراطية.
وفي نفس السياق يقول الكاتب اشرف صالح " جرت العادة وبحسب اعتقاد عامة الناس أن الفاشية والدكتاتورية والكهنوتية والثيوقراطية هي فقط التي لها أنياب لتنهش حرية وإرادة الشعوب، ولكن الديمقراطية أيضاً لها أنياب وتستخدمها عند الحاجة، وخاصة عند بعض الساسة اللذين يستنفذون كل قدراتهم الناعمة وطاقاتهم الديماغوجية، ومع أن الأنياب وتحت مسمياتها الغلافية تشترك في هدف واحد، وهو تمزيق جسد الإرادة والحرية لكل فرد في المجتمع، إلا أن أنياب الديمقراطية هي الأكثر فتكاً بأفراد المجتمع، وذلك لأنها تخلع عباءة الوحش الكاسر "الفاشي والدكتاتور والكهنوت" وتلبس عباءة السياسي التي سيتحول الى "حاوي وبهلوان" ليتقمص أدوار متعددة كي يبقى في رأس القرار دون حسيب ولا رقيب" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة