الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (4-6)

غياث المرزوق
(Ghiath El Marzouk)

2023 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْسَّاعَةِ ٱلْهَرْجَ.
قِيلَ: وَمَا ٱلْهَرْجُ؟ قَالَ: ٱلْكَذِبُ وَٱلْقَتْلُ [أَيْضًا].
قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ ٱلْآنَ؟
قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ [أَعْدَاءً]، وَلٰكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا!
ٱلْرَّسُولُ مُحَمَّدٌ

(4)

كَمَا قلتُ آنفًا بالمِرَارِ والتَّكْرَارِ، في القسمِ الثالثِ من هٰذا المقالِ على الأخَصِّ، وأيَّةً كانتْ تداعياتُ تلك الجريمةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ التي ارتكبتْهَا عِصَابَةُ آلِ السَّعَادِينِ بِحَقِّ الكاتبِ الصِّحَافيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي، في ذاكَ اليومِ الثانِي من شهرِ تشرين الأول سنةَ 2018 في مدينةِ إسطنبولَ، وفي العُقْرِ من مبنَى قنصليةِ بلادِهِمْ بالذاتِ (على افتراضِ أَنَّهُ مبنًى «آمِنٌ» بِحَقٍّ مُخَصَّصٌ لـ«حمايةِ» المواطناتِ السُّعُوديَّاتِ والمواطنينَ السُّعُوديِّينَ بالذواتِ)، أيَّةً كانتْ تداعياتُ تلك الجريمةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ في المشهدَيْنِ العربيِّ والغربيِّ الرَّاهِنَيْنِ، فإنَّهُ لَمِنَ العَسِيرِ جدًّا، إنْ لمْ يَكُنْ مِنَ المُسْتَحِيلِ بَتًّا، أنْ يُصَارَ إلى ذلك الفَصْلِ المُتَعَمَّدِ، أو حتى غيرِ المُتَعَمَّدِ، بينَ ذينكَ الصَّعيدَيْنِ السياسيِّ والاقتصاديِّ المترتِّبَيْنِ على تلك التداعياتِ في حَدِّ ذاتِهَا. حتى أنَّ طاغيةَ عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ الفاشيَّ، محمد بن سلمان، حينمَا لمَّحَ إلى قوَّةِ الاقتصَادِ القَطَريِّ في مَعْرِضِ إجابتِهِ «البَهْلَوَانِيَّةِ» عن السُّؤَالِ عن هُوِيَّةِ الآمِرِ الفعليِّ بتنفيذِ تلك الجريمةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ (وعلى الرَّغمِ من أنَّ العَالَمَ كلَّهُ صَارَ يعلمُ أنَّهُ هو الآمرُ الفعليُّ، ولا شكَّ يرقى إلى ذلك)، كَانَ يُلَمِّحُ تلميحًا تمويهيًّا بإيعَازٍ أمريكيٍّ خفيٍّ إلى مَدَى إمْكَانِ اسْتِرْدَادِ هٰذِهِ الـ«قطر» من أحضَانِ تركيا في العَلَنِ، ويُلَمِّحُ من ثمَّ تلميحًا أكثرَ تمويهيَّةً بذاتِ الإيعَازِ الأمريكيِّ الخفيِّ إلى مِيدَاءِ إمْكَانِ استردادِهَا المُحَاذي بالحِذَاءِ من أحضَانِ إيرانَ في السِرِّ، هٰذِهِ المرَّةَ. كلُّ ذلك التلميحِ التمويهيِّ وحتى الأكثرِ تمويهيَّةً، في ذلك السِّيَاقِ المعنيِّ، إنَّمَا مَرَامُهُ الخَدَمِيُّ الأوَّلُ والأخيرُ هو عَيْنُ التمهيدِ الجَهِيدِ لتأسيسِ مَا بَاتَ يُدْعى كَلِمًا إبَّانَئِذٍ بـ«التحالف الإستيراتيجي الشرق-أوسطي» Middle East Strategic Alliance، ذلك التحالفِ الحَفِيِّ الذي كانَ عربانُ النفطِ والعَفْطِ المُؤَمْرَكُونَ والمُتَأَمْرِكُونَ، على حَدٍّ سَوَاءٍ، يدعُونَهُ عَمْدًا باختصارِهِ المُنَقْحَرِ بحِلْفِ الـ«ميسا» MESA (وذاكَ تشبُّهًا، بطبيعةِ الحَالِ، بِنَقْحَرَةِ اختصَارِ حِلْفِ الـ«ناتو» NATO الشهيرِ)، والذي أعلنَ عنهُ السِّمْسَارُ معتوهُ أمريكا، دونالد ترامب، إعلانًا «غَيْرِيًّا»، «تَفَانَوِيًّا» و«مُوَحِّدًا خَيِّرِيًّا وإنْسَانَوِيًّا» بينَ دولِ الخليجِ والسُّعُوديةِ بالذاتِ (وبالإضَافةِ إلى دولتَيْ مصرَ والأردنِّ يومَهَا)، وذلك بذَرِيعةِ، أو بالأحرى بخَدِيعةِ، «إجراءٍ دفاعيٍّ وقائيٍّ يحمي أبناءَ السُّنَّةِ (دونَ ذِكْرٍ للبناتِ، بالطبعِ، في مجتمعٍ ذُكُورِيٍّ قلبًا وقالِبًا) من ازديادِ المَدِّ الشِّيعيِّ الفارسيِّ» في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ خاصَّةً. غيرَ أنَّ الغايةَ الأولى والأخيرةَ من هٰذِهِ الذَّرِيعةِ، أو من هٰذهِ الخَدِيعةِ، بدورِهَا هي الأُخرى، إنَّمَا هي ازديادُ المَدِّ العسكريِّ الأمريكيِّ إبَّانَئِذٍ (ومن ورائِهِ كذاكَ المَدُّ العسكريُّ البريطانيُّ وَ/أوِ الفرنسيُّ، وهَلُمَّ جَرًّا) في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ هٰذِهِ، دونَ سِوَاهَا من مناطقِ ذلك الشرقِ الفسيحِ منظورًا إليهِ بمنظارِ تِيكَ «الهَيْمَنَةِ الاستشراقيَّةِ» Orientalist Hegemony بالمَفْهُومِ السَّعِيديِّ من طرفِ هٰذا الغربِ المدجَّجِ بالسِّلاحِ والمُحَصَّنِ بالعِلْمِ، بصورةٍ عامَّةٍ. حتى أنَّ ثَمَّةَ، في الآونةِ الأخيرةِ، بضعةً من التقاريرِ الأمنيَّةِ المُعَمَّقَةِ التي يتراوحُ نَعْتُ فَحْوَائِهَا مَا بَيْنَ «السِّرِّيِّ» و«السِّرِّيِّ جدًّا» وحتى «السِّرِّيِّ للغايةِ»، والتي تشيرُ إلى أنَّ لكلٍّ من عِصَابَتَيْ آلِ السَّعَادِينِ وآلِ النَّهَايِينِ الإجراميَّتَيْنِ تَيْنِكَ «مِخْلَبًا عسكريًّا»، حَسْبَمَا يردُ في المُسْتَوْرَدِ وَرْدًا من أشكالِ التعبيرِ السياسيِّ الرَّسْمِيِّ الحديثِ، «مِخْلَبًا عسكريًّا» مُسْتَتِبًّا، إذنْ، في الجانبِ الشرقيِّ الشماليِّ من شَطِّ، أو من شُطُوطِ، الفراتِ مَوْضِعًا (في سوريا ذاتِهَا)، «مِخْلَبًا عسكريًّا» مُزَوَّدًا، بَدْئِيًّا، بأجناسٍ شتَّى من مقاتلينَ أشدَّاءَ «أوفياءَ» مأجورينَ أجانبَ تأتيهِمْ متوالياتُ الأوامِرِ العسكريَّةِ وحتى الأوامِرِ اللاعسكريَّةِ، بينَ الفَيْنَةِ والفَيْنَةِ الأخرى، إتْيَانًا مباشرًا من «وكالةِ الاستخباراتِ المركزيةِ (الأمريكية)» CIA بالعَيْنِ: ومن ورائِهَا كذلك، والمَآلُ هُنَا، تقبعُ «هيئةُ الاستخباراتِ العسكريةِ (البريطانية)» MI6 وَ/أوِ «الإدارةُ العامةُ للأمنِ الخارجيِّ (الفرنسية)» DGSE. فلا غَرْوَ، مَرَّةً أخرى، أن تكونَ الأُحْبُولةُ الوَضِيعَةُ والدَّنِيئَةُ هي ذاتُهَا، منذُ الاِبتداءِ حِذْفَارًا بالتَّعْيِينِ المُعْجَمِيِّ وحتى الحَرْفيِّ: «التَّعَاضُدُ الأمْنِيُّ مِنْ أجْلِ مُحَارَبَةِ الإرْهَابِ المُتَمَثِّلِ الآنَ في التنظيمِ المُسَمَّى بـ«الدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشام» (أو «داعش» ISIS، اختصارًا)، وأمثالِهِ»، كذاكَ مثلمَا هي الحَالُ قبلاً في تنظيمِ «الإخوان المسلمينَ» – تلك الأحْبُولةُ الوَضِيعَةُ والدَّنِيئَةُ التي لَمْ يَكُفَّ أَيٌّ من فَلِّ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ، في «الجمهوريَّاتِ» أو في «الاشتراكيَّاتِ»، عن التذرُّعِ بِهَا بغيةَ الاسْتِوَاءِ الأبديِّ والأزليِّ على عُروشِ الحُكْمِ، من أمثالِ بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي وخليفة بلقاسم حفتر، وكذلكَ من أمثالِهِمْ، في «الإماراتِ» أو في «المملكاتِ»، من آلِ النَّهَايِينِ ومن آلِ السَّعَادِينِ ومَا آلوا إليهِ كذاك بالغِرَارِ المُمَاثِلِ حتى هٰذِهِ اللحظةِ بالذاتِ – وتلك الأحْبُولةُ الوَضِيعَةُ والدَّنِيئَةُ التي أدَّتْ شَيْئًا فَشَيْئًا، والأزْرَى من ذلك، إلى الاعتقالِ التَّعسُّفيِّ لِكُلِّ سياسيِّ معارضٍ أو شبهِ معارضٍ لَهُ مِسَاسٌ ناجِزٌ بِأَيِّمَا «تَوَجُّهٍ سَلَفِيٍّ» أو «تَوَجُّهٍ إِخْوَانِيٍّ»، إلى أنْ آلَ المآلُ مُؤَخَّرًا إلى اعتقالِ زعيمِ حركةِ «النهضةِ» التونسيِّ ذاتِهِ، راشد الغنوشي، بِتُهْمَةِ «تمجيدِ الإرهَابِ» وتوصيفِ رجَالِ الأمنِ بـ«الطواغيتِ»، مِمَّا حَدَا حتى بعشراتِ المفكِّرينَ في العَالَمِ، من بينِهِمْ نعوم تشومسكي وفرانسيس فوكوياما وبرهان غليون، إلى المُطَالبةِ المِلْحَاحِ بالإفراجِ عنهُ شخصيًّا، خاصَّةً وأنَّهُ المُنْتَخَبُ انتخَابًا ديمقراطيًّا رئيسًا حَرِيًّا لذاتِ البرلمانِ الذي قَدْ حَلَّهُ رئيسُ «الجمهوريَّةِ» التونسيُّ، قيس سعيِّد، وهو المُبْتَدِئُ الآنَ، ولا شَكَّ، في مَسَارِ تلك العِصَابَاتِ من فَلِّ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ بالذوَاتِ.

وكانتْ لعصابةِ آلِ الأَرَادِيغِ (أو حتى آلِ «الأَرَادِغِ»، بالقياسِ) مآربُها اللاأخلاقيةُ واللاإنسانيةُ، بدورِهَا هي الأخرى، وذاك على لَاحِقِ الاعتبارِ والافتراضِ بأنَّ أيًّا من نشاطاتِ ذينك «المِخْلَبَيْنِ العسكريَّيْنِ» المُسْتَتِبَّيْنِ المعنيَّيْنِ إنَّمَا يُمَثِّلُ تدخُّلاً واضحًا وفاضحًا في السيادةِ والأمنِ القوميَّيْنِ التركيَّيْنِ، من ناحيةٍ أولى، وذاك على سَابِقِ الاعتبارِ والافتراضِ بأنَّ القنصليةَ السُّعُودِيَّةَ الكائنةَ في مدينتِهِمْ إسطنبولَ بالذاتِ إنْ هي إلاَّ مسرحُ ارتكابِ جريمةِ الاغتيالِ المعنيَّةِ بحقِّ الكاتبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي بالعَيْنِ، تلك الجريمةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ التي تجسَّدتْ حُوشِيَّتُهَا ووحشيَّتُهَا، لَا بَلْ «قَنْبَلِيَّتُهَا» Cannibalism، في مَدَى تعذيبِهِ الجسديِّ وتزهيقِهِ الرُّوحيِّ وتقطيعِهِ «الطبِّيِّ الشرعيِّ» وتذويبِهِ «الكيميائيِّ الأسيديِّ»، وعلى أيدي فريقٍ مخابراتيٍّ إجراميٍّ مؤلَّفٍ من خمسةَ عشرَ كائنًا مَا دُونَ-حَيَوانِيًّا سُعُودِيًّا بلَحْمِهِ وشَحْمِهِ، من ناحيةٍ أخرى. وفي وُسْعِ حتى القارئةِ الكريمةِ والقارئِ الكريمِ غيرِ المُتَمَرِّسَيْنِ سياسيًّا لتفاصيلِ، أو حتى لمَجَاميلِ، تلك الأحداثِ «الهَيْمَنِيَّةِ الاستشراقيَّةِ» و«الهَمَجِيَّةِ الاستغرابيَّةِ» مجتمعةً، في وُسْعِهما أن يتحقَّقَا بِيُسْرٍ وسَهْلٍ من هٰذِهِ المآربِ اللاأخلاقيةِ واللاإنسانيةِ التي تَأْرُبُ إليهَا عِصَابَةُ آلِ الأَرَادِيغِ أيَّمَا أَرَبٍ بالدُّنُوِّ، فيمَا يتبدَّى، على مستويَيْنِ «براغماتيَّيْنِ» (أو، بالأَحْرَى، ذرائعيَّيْنِ نَفْعِيَّيْنِ) مُكَمِّلَيْنِ لبعضِهِمَا البعضِ، أوَّلُهُمَا سياسيٌّ-دينيٌّ وثانيهما اقتصاديٌّ-ماليٌّ، وأيَّةً كانَتْ كميَّةُ أو كيفيَّةُ المَسَاعِي الدبلوماسيةِ الأردنيةِ، أو حتى غيرِ الأردنيةِ، التي سُعِيَتْ بـِ«ضَمِيرِ شَأْنٍ» حينذاك نحوَ تنسيقٍ ثنائيٍّ سُعُوديٍّ-تركيٍّ مَرَامُهُ الأساسيُّ إنَّمَا هو «لاتَسْيِيسُ» ملفِّ جريمةِ الاغتيالِ المَعْنِيَّةِ ومَا تقتضيهِ اقتضاءً، وإنَّمَا هو «تَدْجِينُهُ» من ثمَّ بوصفِهِ ملفًّا قضائيًّا أو حتى جنائيًّا محضًا، ليسَ غيرَ. فأمَّا المستوى السياسيُّ-الدينيُّ، من زاويةٍ أولى، فيتجلَّى تَجَلِّيًا في لُهَاثِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ، بمقتضَى عاداتِ سَلِيفَاتِها «التاريخيَّةِ» (أو حتى «اللاتاريخيَّةِ»، بالخَليقِ) وراءَ استِئْثَارِيَّةِ واحتكاريَّةِ التمثيلِ العِصَابَاتِيِّ «المَافْيَوِيِّ» للمذهبِ السُّنيِّ (الأرثوذكسي) في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ، على وجهِ التحديدِ: ففي حينِ أنَّ تركيا من كَنَفِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ (اللاأبديةِ) نفسِهَا تزعُمُ هٰذا التمثيلَ بكونِهَا «كانفةَ» الخلافةِ العثمانيةِ الكبرى، نرى أنَّ السُّعُوديةَ من طرفِ عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ (الأبديةِ، بدورِهَا) تدَّعي هٰذا التمثيلَ عينَهُ بوصفِهَا «ماهدةَ» الرسالةِ الإسلاميةِ الأولى، ونرى أنَّ مصرَ من جانبِ عِصَابَةِ آلِ السَّيَاسِيسِ (الأبديةِ-اللاأبديةِ، بدورِها هي الأخرى) تعتزي هٰذا التمثيلَ عينَ عينِهِ باعتبارِهَا «ضَامَّةَ» الكثافةِ السُّكَّانيةِ (السُّنِّيَّةِ) الأكبرِ، في هٰذا السِّياقِ بالذاتِ، وهكذا دوالَيْكُمَا. بيدَ أنَّ مَا يجمعُ هٰذِهِ العِصَابَاتِ كُلَّهَا وبِلا استثناءٍ، وإنْ تنازعتْ على حِيَازَةِ هٰذا التمثيلِ السياسيِّ-الدينيِّ «المَافْيَوِيِّ» ذاتِهِ في الجَلَاءِ وفي الخَفَاءِ، إنَّمَا هو أوَّلاً وآخِرًا التذرُّعُ بتلك الأحْبُولةِ الوَضِيعةِ والدنيئةِ في نوعيَّةِ «التَّعَاضُدِ الأمْنِيِّ مِنْ أجْلِ مُحَارَبَةِ الإرْهَابِ»، حتى لو كانَ المقابلُ الإرهابيُّ لتنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ» ISIS وأمثالِهِ، بالنسبةِ إلى عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ دونَ غيرِهَا، مُتَمَثِّلاً، والحَالُ هٰذِهِ، في «حزبِ العمالِ الكردستانيِّ» PKK وأمثالِهِ كذلك، ذلك الحزبِ الذي أعلنَ بالمِرَارِ عن تمرُّدِهِ وعن عِصْيَانِهِ المسلَّحِ منذُ أكثرَ من ثلاثةِ عقودٍ ضدَّ مَا يَرَاهُ جَلِيًّا في فاشيَّةِ عِصَابَاتِ طبقاتِ الحُكْمِ تيكَ التي بلغتْ ترتيبَها الثاني عشرَ في تركيا كمثلِ هٰذِهِ العِصَابَةِ (أي عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ نفسِهَا). وأمَّا المستوى الاقتصاديُّ-الماليُّ الآخَرُ، من زاويةٍ أُخْرَى، فيتبدَّى تَبَدِّيًا في سَيَلانِ اللُّعَابِ مَجَازًا قَمِيئًا من عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ عينِهَا أمَامَ الملياراتِ السُّعُودِيَّةِ «النَّدِيَّةِ والجَدِيَّةِ»، رغمَ ذلك كلِّهِ حتَّى، وذلك تيمُّنًا بسَيَلانِ اللُّعَابِ مَجَازًا قَمِيئًا آخَرَ من عِصَابَةِ آلِ الطَّرَابِينِ ذاتِهَا أمَامَ هٰذِهِ الملياراتِ بالذوَاتِ – وعلى الأخصِّ، هٰهُنَا، عندمَا صَرَّحَتْ هٰذِهِ العِصَابَةُ الأخيرةُ على لسَانِ معتوهِهَا المُقَاوِلِ، دونالد ترامب، بأنَّ عِصَابَةَ آلِ السَّعَادِينِ هٰذِهِ لَنْ تستمرَّ في تَسَلُّمِ مقاليدِ الحُكْمِ أكثرَ من أسبوعَيْنِ اثنَيْنِ دونَ أيَّةِ «حمايةٍ أمريكيةٍ» مُثْلَى، أو حتى على لسَانِ «مُعَارِضِ» (أو، بالحَرِيِّ، «مُنَافِسِ») ترامب الجمهوريِّ الآخَرِ، ليندْزي غْراهام، بأنَّ السُّعُودِيَّةَ النفطيَّةَ برمَّتِهَا سوفَ تتكلَّمُ اللغةَ الفارسيةَ (لغةَ إيرانَ المُتَنَفِّذَةِ حَوْلاً)، كلغةٍ أُمٍّ أولى، في غُضُونِ أسبوعٍ واحدٍ ليسَ أكثرَ من غِيَابِ هٰذِهِ «الحمايةِ الأمريكيةِ» المُثْلَى في حدِّ ذاتِهَا – وعلى الأَشَدِّ خُصُوصًا، هٰهُنَا كذاكَ في التحليلِ الأخيرِ، عندمَا كانَ اقتصادِيُّو (أو، بالأحرَى، «مَالِيُّو») عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ، ومَا زالوا إذَّاكَ، تيمُّنًا بِنُظَرَائِهِمْ الاقتصاديِّينَ أو «الماليِّينَ» من عِصَابَةِ آلِ الطرابينِ كذلك، في حالةِ ارتقابٍ عُصَابيٍّ شِبْهِ دائِمٍ، جليٍّ أو خَفيٍّ كذاكَ، إزاءَ حَدَثٍ اقتصاديٍّ-مَاليٍّ جِدِّ دَارٍّ «لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ في تاريخِ البشريَّةِ جَمْعَاءَ»، ألا وهو: الغُدُوُّ العاجلُ، أو حتى الآجلُ، لطاغيةِ عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ الفاشيِّ، محمد بن سلمان، كأوَّلِ «تْرِلْيُونير» في العَالَمِ، ودونَ أيِّمَا فردٍ آخَرَ من أفرادِ هٰذِهِ العِصَابةِ، أو حتَّى غيرِهَا – وعلى الأَشَدِّ الأَشَدِّ خُصُوصًا، هٰهُنَا كذاكَ في التحليلِ مَا بعدَ الأخيرِ في هٰذا الآنِ وفي هٰذا الأوَانِ، عندمَا دَعَا طاغيةُ عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ الفاشيُّ ذاتُهُ كُلاًّ من طاغيةِ الشامِ الإجْرَامِيِّ، بشار الأسد، والرئيسِ الدُّمْيَةِ الأوكرانيِّ، ڤولوديمير زيلينسكي، إلى حُضُورِ اجتمَاعِ القِمَّةِ العربيَّةِ الذي جَرَى عَقْدُهُ بالدَّوْرِ الثانِي والثلاثينَ في مدينةِ جدَّةَ في هٰذا اليَوْمِ بالذاتِ (يَوْمِ التاسِعَ عَشَرَ من شهرِ أيَّارَ عامَ 2023)، وذاكَ بِالخِلَافِ والبِغَاتِ الصَّاعِقَيْنِ، لَا بَلِ الزَّاعِقَيْنِ، من كلِّ عُرْفٍ أو تَقْلِيدٍ مُنْطَوِيًا، فِيمَا يَبْدُو للعِيَانِ والآذَانِ، انْطِوَاءً على تَخْمِينٍ قَمِينٍ ذي أبْعَادٍ آخَرِيَّةٍ وذاتيَّةٍ عِدَّةٍ، منهَا: في مَقَامٍ «آخَرِيٍّ» أَوَّليٍّ هَامٍّ، عَيْنُ التَّمْوِيلِ المُوَصَّى أمريكيَّا بِمَا يُسَاهِمُ في «إحْيَاءِ» بَلَدَيْنِ مُدَمَّرَيْنِ كُلِّيًّا (أو بالكَادِ) ثَمَنًا مُثَمَّنًا بَدْئِيًّا لِأَيِّمَا تَدَخُّلٍ عَسْكَرِيٍّ، أو حتى لاعَسْكَرِيٍّ، في العَاجِلِ حَاضِرًا وَ/أَوْ في الآجِلِ مُسْتَقْبَلاً؛ وفي مَقَامٍ «ذاتِيٍّ» ثَانَوِيٍّ لٰكِنْ أَهَمُّ حتى، عَيْنُ التَّحْوِيلِ المُسَوَّى سُعُودِيًّا بِمَا يُوَائِمُ في «إرْضَاءِ» ألْبَابِ الغربِ عَامَّةً سَعْيًا سَارِبًا وَرَاءَ تَغَاضِيهِ بِنَحْوٍ أَوْ بِآخَرَ (وإلى حَدِّ «الصَّفْحِ الجَمِيلِ») عن اجْتِرَامِ جَرِيمَةِ الاِغْتِيَالِ بِحَقِّ الكَاتِبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي، تلكَ الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ في حَدِّ ذَاتِهَا.

ذٰلك نَزْرٌ نَزِيرٌ مَنْزُورٌ، إذنْ، مِنْ مَآرِبَ لاأخلاقيةٍ ولاإنسانيةٍ كانتْ، في منظورِ الكثيرِ من الأقلامِ الصِّحَافِيَّةِ العربيَّةِ حتى هٰذا الحِينِ ذاتًا، دَلَائِلَ دبلوماسيَّةً سُلُوكِيَّةً أكيدةً على مِيدَاءِ مَا يتمتَّعُ بِهِ هٰذا المُزَّمِّلُ الحُوشِيُّ الوَحْشِيُّ «القَنْبَلِيُّ» طَاغِيَةُ عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ الفاشيُّ، محمد بن سلمان ذاتُهُ، من «رُوحٍ مَلَكِيَّةٍ قِيَادِيَّةٍ عَبْقَرِيَّةٍ ازْدِوَاجِيَّةٍ»: هٰذا المَشِيجُ المُتَوَخَّى تَوَخِّيًا عن آنِفِ قَصْدٍ وعَمْدٍ من كلٍّ من ذاتِ الخِلَافِ المُثِيرِ للمِرَاءِ والجَدَلِ (لَدَى وُجُودِ طاغيةِ الشامِ الإجْرَامِيِّ، بشار الأسد، تَارَةً) وذاتِ البِغَاتِ المُثِيرِ للرِّئَاءِ والوَجَلِ (لَدَى وُجُودِ الرئيسِ الدُّمْيَةِ الأوكرانيِّ، ڤولوديمير زيلينسكي، تَارَةً أُخْرَى)، بحيثُ أنَّ تأثيرَ هٰذا البِغَاتِ الأَخِيرِ يطغَى طُغْيَانًا مَرْئِيًّا وسَمْعِيًّا لافِتًا على تأثيرِ ذاكَ الخِلَافِ الأَوَّلِ لا لشيءٍ، لا لشيءٍ هٰهُنَا قَطُّ، سِوَى للتخفيفِ الرَّفِيفِ من وَطْأَتِهِ، وَطْأَةِ تأثيرِ الخِلَافِ عَيْنًا، على أَذْهَانِ الرَّائِينَ والرَّائِيَاتِ والسَّامِعِينَ والسَّامِعَاتِ كَافَّةً، وبالأخَصِّ على أَذْهَانِ مَنْ مَا فَتِئُوا يَرْفُضُونَ ومَا فَتِئْنَ يَرْفُضْنَ اسْتِقْطَابَ الطاغيةِ الفاشيِّ الإجْرَامِيِّ المَعْنِيِّ في اجتمَاعِ القِمَّةِ العربيَّةِ ذَاتِهَا، سَوَاءً كَانُوا وكُنَّ في دَاخِلِ سوريا أَمْ صَارُوا وصِرْنَ في خَارِجِهَا كذلك. كُلُّ تِيكَ الدَّلَائِلِ الدبلوماسيَّةِ السُّلُوكِيَّةِ الأكيدةِ أَوْ بالأَدْنَى جُلُّهَا، إذنْ، كَانَتْ قَدْ جَاءَتْ من منظورِ الكثيرِ من الأقلامِ الصِّحَافِيَّةِ العربيَّةِ حتى هٰذا الحِينِ، كَمَا ذُكِرَ للتَّوِّ، إلى أنْ وَصَلَتْ أَشْكَالُ إِخْبَارِهَا أَو حتى إِنْشَائِهَا بِشَكْلٍ أَوْ بِآخَرَ إلى المُقَابِلِ المَاثِلِ من الأقلامِ الصِّحَافِيَّةِ الغربيَّةِ أيضًا، كمثلِ أقلامِ الصَّحِيفَةِ الفرنسيَّةِ، Libération، هٰذِهِ الصَّحِيفَةِ التي وَرَدَ فيهَا تقريرٌ في ذاتِ اليَوْمِ من الاجتمَاعِ المَذْكُورِ يُوَصِّفُ الخُطْوَةَ المَعْنِيَّةَ التي أَقْدَمَ عليهَا طَاغِيَةُ عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ الفاشيُّ، محمد بن سلمان ذاتُهُ، بالتَّوْصِيفِ الفرنسيِّ Coup De Maître، أَوْ بالمَثِيلِ العربيِّ الفَصِيحِ «عَمَلٌ مُنْقَطِعُ النَّظِيرِ»، أَوْ حتى بالمَثِيلِ العربيِّ الدَّارِجِ «ضَرْبَةُ مُعَلِّمٍ»، ومَا على فَلِّ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ المَعْنِيِّينَ أولئك إذَّاكَ إلاَّ التَّحْدِيجُ والإِصْغَاءُ مَصْعُوقِينَ وَلْسًا أَيَّمَا صَعِيقٍ ومَزْعُوقِينَ دَلْسًا أَيَّمَا زَعِيقٍ. وهٰكذا، وفي غَلْوَاءِ سَائِرِ تلك المَآربِ اللاأخلاقيةِ واللاإنسانيةِ التي تَأْرُبُ إليهَا عِصَابَةُ آلِ الأَرَادِيغِ أيَّمَا أَرَبٍ براغماتيٍّ، على ذاتِ المستوى الاقتصاديِّ-المَاليِّ تحديدًا، مَا يُفَسِّرُ بِجَلاءٍ كيفَ أنَّ رأسَ هٰذِهِ العِصَابَةِ (اللاأبديَّةِ)، رجب طيب أردوغان، إنَّمَا هو فردٌ دبلوماسيٌّ فاشيٌّ يحترفُ الابتزازَ والنفاقَ في أقصَى مَعَانِيهِمَا، ولا شَكَّ في هٰذا بَتًّا: أردوغانُ الدبلوماسيُّ الفاشيُّ يحترفُ الابتزازَ، أوَّلاً، من خلالِ اتِّبَاعِهِ ذلك الأسلُوبَ التَّدَرُّجِيَّ الرُّوَيْدِيَّ-الرُّوَيْدِيَّ، أو مَا يُسَمَّى في الحديثِ السياسيِّ اليوميِّ بـ«سياسةِ القطرة-قطرة»، في تسريبِ كلٍّ من المعلومَاتِ الصَّوْتِيَّةِ والبَصَرِيَّةِ، وحتى «الرَّسْمِيَّةِ»، المُرِيعَةِ والمُرَوِّعَةِ التي تتعلَّقُ بجَرِيمَةِ اغتيالِ الكَاتِبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي عَيْنِهِ، وفي إطلاعِ كلٍّ من الدولِ الغربيَّةِ «الديمقراطيَّةِ» التي يُحَالفُهَا من «حِلْفِ شِمَالِ الأطلسِيِّ» NATO الآنفِ الذكْرِ، ومن ثمَّ في الوَعْدِ «المبدئيِّ» المُسْتَمِرِّ لهٰذِهِ الدُّوَلِ بتسريبِ المزيدِ من هٰذِهِ المعلوماتِ – مِمَّا يَدُلُّ دَلَالَةً يَقِينيَّةً أو شِبْهَهَا على اعترَافٍ مُعْلَنٍ، أو حتى غيرِ مُعْلَنٍ، مِنْهُ (أي من نفسِ أردوغانَ الدبلوماسيِّ الفاشيِّ المُبْتَزِّ هٰذا) بوُجُودِ أجهزةٍ تَنَصُّتِيَّةٍ مخفيَّةٍ ومتعذِّرةِ الاكتشافِ حتى على «الأذكياءِ» و«الحاذقينَ» من عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ أنفسِهِمْ، أجهزةٍ تَنَصُّتِيَّةٍ مزرُوعَةٍ في أمَاكِنَ «مَيِّتَةٍ» كُلِّيًّا (أو بالكادِ) من مبنى القنصليَّةِ السُّعُودِيَّةِ في مدينةِ إسطنبولَ يُديرُهَا عناصِرُ معيَّنُونَ من «جهازِ الاستخباراتِ الوطنيةِ (التركيِّ)» MİT، من وَرَاءِ الكواليسِ، يديرُونَهَا إدارةً «عِصَامِيَّةً» أوْ «عَصْمَاءَ»، إنْ لَمْ تَكُنْ إدارةً بإشرافٍ غيرِ قصيٍّ من لَدُنْ عناصِرَ محدَّدينَ آخرينَ من «وكالةِ الاستخباراتِ المركزيةِ (الأمريكية)» CIA، من وَرَاءِ وَرَاءِ هٰذِهِ الكواليسِ. وأردوغانُ الدبلوماسيُّ الفاشيُّ نفسُهُ يحترفُ النفاقَ، ثانيًا، من خلالِ سَعْيِهِ الافتعاليِّ والافترَائيِّ الحَثِيثِ إلى الظُّهُورِ، قدَّامَ العَالَمِ المخدُوعِ وحتى غيرِ المخدُوعِ طُرًّا، بمَظْهَرِ ذلك السياسيِّ «النظيفِ» و«النزيهِ» و«المُشْبَعِ إشباعًا بمَكَارِمِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النَّقِيَّةِ»، وذلك في غَمْرَةِ اهتمَامِهِ وانهمَاكِهِ السَّلِيلَيْنِ بذَيْنِكَ التحرِّي والتقصِّي «الإنسانِيَّيْنِ» و«الإنسانَوِيَّيْنِ» حولَ ذلك الآمِرِ الفعليِّ بتنفيذِ تلك الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ، جَرِيمَةِ اغتيالِ الكاتبِ الصِّحَافي السُّعُودِيِّ جمال خاشقجي ذاتِهِ (وهو الصَّدِيقُ المقرَّبُ لأردوغانَ الدبلوماسيِّ الفاشيِّ المنافقِ بالذاتِ)، بينمَا كانَ هٰذا السياسيُّ «النظيفُ» و«النزيهُ» و«المُشْبَعُ إشباعًا»، إلى آخِرِهِ إلى آخِرِهِ، ولَمْ يزَلْ كذلك، قَدْ قامَ بِرُمِّ مُقْتَضَى مشيئتِهِ العقليَّةِ والنفسيَّةِ بالحَظْرِ العَسْفِيِّ والتعسُّفِيِّ والاعتسَافِيِّ على شتَّى حُرِّيَّاتِ التعبيرِ وشتَّى حُرِّيَّاتِ إبداءِ الرأيِ، وعن طريقِ اتِّخَاذِ أحكامٍ وإجرَاءَاتٍ قمعيَّةٍ وقسريَّةٍ وقهريَّةٍ أَدَّتْ إلى اكتظاظِ سُجُونِهِ، سُجُونِ آلِ الأَرَادِيغِ أنفسِهِم، بالكثيرِ من الكاتباتِ والكُتَّابِ الصِّحَافيِّينَ (المُعَارضِينِ)، وبالكثيرِ من الكاتباتِ والكُتَّابِ المثقَّفينَ (المُعَارضِينِ) الآخَرِينَ، منذُ أنْ تَسَلَّمَ هٰذا الـ«أردوغانُ الدبلوماسيُّ الفاشيُّ المُبْتَزُّ المنافقُ بامتيازٍ» مقاليدَ الحُكْمِ في دولةِ تركيا في اليومِ الثامنِ والعشرينَ من شهرِ آبَ سنةَ 2014، وذاك بمثابةِ المُمَثِّلِ السياسيِّ «النظيفِ» و«النزيهِ» وحتى «المُشْبَعِ إشباعًا بمَكَارِمِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النَّقِيَّةِ»، إلى آخِرِهِ إلى آخِرِهِ، للرئيسِ الثاني عشرَ للبلادِ.

صَحِيحٌ أَنَّ البَادِيَ للأنظارِ من نتائجِ الاِنْتِخَابَاتِ الرِّئَاسِيَّةِ الحَالِيَّةِ في دولةِ تركيا لهٰذا العَامِ يعكسُ حتى هٰذِهِ اللحظةِ بالذاتِ صُورَةً جِدَّ إيجَابِيَّةٍ بالقُرْبَانِ وجِدَّ إيحَائِيَّةٍ بالحُسْبَانِ عن سُلُوكِيَّةِ هٰكذا الـ«أردوغانِ» بوَصْفِهِ مُمَثِّلاً سياسيًّا «نظيفًا» و«نزيهًا» و«مُشْبَعًا إشباعًا بمَكَارِمِ أخلاقٍ إسلاميةٍ نَقِيَّةٍ»، إلى آخِرِهِ إلى آخِرِهِ، وصَحِيحٌ كذاك أَنَّ تَوْجِيهَ الاِنْتِقَادِ بِبَالِغِ الأَشُدِّ إلى المَعْنِيِّ من وسَائِلِ الإعلامِ الغربيِّ فِيمَا لَهُ مِسَاسٌ بأَيِّ مَوْقِفٍ تَخَرُّصِيٍّ مَهِينٍ أو حتى عُنْصُرِيٍّ مَقِيتٍ أو حتى اِسْتِشْرَاقِيٍّ بَغِيضٍ (مِنْ لَدُنْ أَبِي الاِسْتِشْرَاقِ، برنارد لويس عَيْنِهِ) بِإِزَاءِ أَيِّمَا دولةٍ إسلاميَّةٍ كمثلِ تركيا هٰكذا الـ«أردوغانِ» دُونَ غَيْرِهِ – صَحِيحٌ كُلَّ الصَّحَاحِ أَنَّ تَوْجِيهَ الاِنْتِقَادِ بهٰكذا أَشُدٍّ إِنَّمَا هو وَاجِبٌ إنسَانيٌّ مِلْحَاحٌ، قبلَ أَنْ يكونَ وَاجِبًا أَخلاقيًّا كذاكَ حتى، على كُلِّ مُثَقَّفَةٍ نَظِيفَةٍ نَزِيهَةٍ أو كُلِّ مُثَقَّفٍ نَظِيفٍ نَزِيهٍ كَمَا يُحَاوِلُ الكَاتِبُ الصِّحَافِيُّ المُخَضْرَمُ، صبحي حديدي، أَنْ يفعلَ جَاهِدًا في تقريرِهِ الحَدِيثِ العَهْدِ، مَثَلاً لَا حَصْرًا، «انتخاباتُ تركيا: مَنْ يتذكَّرُ برنارد لويس؟» (القدس العربي، 13 أيار 2023)، إِلاَّ أَنَّ هٰذِهِ «النَّظَافَةَ» وهٰذِهِ «النَّزَاهَةَ» لَنْ تَتَجَلِّيَا مُكْتَمِلَتَيْنِ شَكْلاً وَ/أَوْ فَحْوًى على الإطلاقِ مَا لَمْ يلتزمْ هٰذا الكَاتِبُ الصِّحَافِيُّ العربيُّ المَعْنِيُّ، في هٰذِهِ القرينَةِ الجَمُوحِ إحْسَاسًا وحَسَاسِيَةً بالنِّسْبَةِ للمَعْنِيَّاتِ من العَرَبِيَّاتِ والمَعْنِيِّينَ من العَرَبِ تَحْدِيدًا، مَا لَمْ يلتزمْ بِتِبْيَانِ شَيْءٍ بِحَدٍّ نِسْبِيٍّ، على أَقَلِّ تَقْدِيرٍ، من ذلك «الوَجْهِ الزَّرِيِّ» (أو Seamy Side، كَمَا يَنْطِقُ اللِّسَانُ الحَالُ للتَّحْلِيلِ النَّفْسِيِّ السِّيَاسِيِّ الناطقُ باللغةِ الإنكليزيَّةِ) من شَخْصِيَّةِ هٰكذا الـ«أردوغانِ» بالذاتِ، وعلى الأَخَصِّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بذاتِ الكَمِّ الهَائِلِ من تيك الجَرَائِمِ الحُوشِيَّةِ والوَحْشِيَّةِ التي كَانَتْ قُوَّاتُهُ الخَاصَّةُ، وَلَمَّا تَزَلْ، تَرْتَكِبُهَا ارْتِكَابًا هَمَجِيًّا في كُلٍّ من شِمَالِ سوريا وشِمَالِ العراقِ دَعْمًا وتَدْعِيمًا لرَصِيدِهِ الاِنْتِخَابِيِّ الحَالِيِّ قُدَّامَ بَنَاتِ وأَبْنَاءِ ذاكَ الشَّعْبِ التركيِّ وحَسْبُ، ولٰكِنْ على حِسَابِ الدِّمَاءِ، سَفْكِ الدِّمَاءِ، مِنْ بَنَاتِ وأَبْنَاءِ هٰذِهِ الشُّعُوبِ العربيَّةِ – ولِهٰذَا الكَلَامِ، فِيمَا بَعْدُ، بَقِيَّةٌ!

(5)

كَمَا قِيلَ آنفًا في مَتْنِ القسمِ الرابعِ من هٰذا المقالِ (المُطَوَّلِ)، إنَّ المَرَامَ السياسيَّ الأوَّلَ والأخيرَ من مجرَّدِ التفكيرِ في ذلك التأسيسِ الاِفتراضِيِّ – أو هٰكذا تَبَدَّى، لِمَا كانَ يُدْعى دُعَاءً تلفيقيًّا إبَّانَئِذٍ بـ«التحالف الإستيراتيجي الشرق-أوسطي» Middle East Strategic Alliance، أو حتى بحِلْفِ الـ«ميسا» MESA، بالاِختصَارِ المُنَقْحَرِ (والتشبُّهِ المُؤَاتِي، بطبيعةِ الحَالِ، بِنَقْحَرَةِ اختصَارِ حِلْفِ الـ«ناتو» NATO الشهيرِ)، إنَّ المَرَامَ السياسيَّ هٰذا لا يكمُنُ بتًّا في ذَرِيعةِ ذاك «الإجراءِ الدفاعيِّ الوقائيِّ الذي ليسَ لَهُ إلاَّ أن يحميَ أبناءَ (لَا بَنَاتِ) السُّنَّةِ حَصْرًا من ازديادِ المَدِّ الشِّيعيِّ الفارسيِّ» في الحَيِّزِ الجغرافيِّ الأَهَمِّ من منطقةِ الشرقِ الأوسطِ بالذاتِ، بلْ يكمُنُ أيَّمَا كُمُونٍ، والمَآلُ هُنَا، في خَدِيعةِ ذلك الإجراءِ الهجوميِّ العدوانيِّ الذي رِيمَ لَهُ بالعُنُوِّ أنْ يزعزعَ هٰؤلاءِ الأبناءَ طُرًّا بازديادِ المَدِّ العسكريِّ الأمريكيِّ (ومن ورائِهِ كذاكَ المَدُّ العسكريُّ البريطانيُّ وَ/أوِ الفرنسيُّ، وهلمَّ جرًّا) في عَيْنِ منطقةِ الشرقِ الأوسطِ هٰذِهِ، دونَ سِوَاهَا من مناطقِ هٰذا الشرقِ الغرائبيِّ الفسيحِ منظورًا إليهِ، والحَالُ الدَّخُولُ هٰتِيكَ، بمنظارِ مَا يُسَمَّى بـ«الهَيْمَنَةِ الاستشراقيَّةِ» Orientalist Hegemony، حسبمَا يعنيهِ المفهُومُ السَّعيديُّ على وجهِ التحديدِ – منظورًا إليهِ من لَدُنْ عَيْنِ ذلك الغربِ المُدَجَّجِ كُلاًّ بأشكالِ السِّلاحِ الحديثِ (ومَا بعدَ الحديثِ) تَوْصِيَةً بالقوَّةِ المَادِّيَّةِ، من جَانِبٍ أوَّلَ، وكذاكَ المُحَصَّنِ جُلاًّ بأثقالِ العِلْمِ النظريِّ والعمليِّ (ومَا يترتَّبُ عليهَا) تَزْكِيَةً بالقوَّةِ المَعْنَوِيَّةِ، من جَانِبٍ آخَرَ، سَوَاءً بسَوَاءٍ. وقد أثبتَ هٰذا المَرَامَ السياسيَّ الأوَّلَ والأخيرَ كَمٌّ جِدُّ لَافتٍ مِمَّا جَاءَ في بياناتٍ صَرِيحَةٍ، أو حتى في نظائٍرَ ضِمنيَّةٍ، فيمَا سُمِّيَ بـ«مؤتمرِ السلامِ والأمنِ في الشرقِ الأوسطِ» الذي جَرَى عَقْدُهُ إذَّاكَ في مدينةِ وارسو في اليومِ الخامسَ عشرَ من شهرِ شباطَ من العامِ «مَا قبلَ الكورونيِّ»، عامِ 2019 ذاتًا – بوصفِهِ بالبَدَاهَةِ «منعطفًا تاريخيًّا» في حُسْبَانِ عِصَابَةِ آلِ الصَّهَايِينِ وأعْوَانِهِمْ بِالمَعِيِّ المَاثِلِ من العُرْبَانِ والعَرَبِ (السُّنَّةِ الأرثوذكس)، من طَرَفٍ أوَّلَ، وبوصفهِ بالمَتَاهَةِ «سِيرْكًا تهريجيًّا» في حُسْبَانِ عِصَابَةِ آلِ الخَمَائِينِ، أو آلِ الرَّوَاحِينِ، وأعْوَانِهِمْ بِالمَعِيِّ المُمَاثِلِ من العُرْبَانِ والعَرَبِ (الشِّيعةِ اللاأرثوذكس)، من طَرَفٍ آخَرَ، سَوَاءً بسَوَاءٍ بذاتِ الغِرَارِ. حتى أنَّ ثَمَّةَ بضعةً من التقاريرِ الأمنيَّةِ «السِّرِّيَّةِ جِدًّا» و«السِّرِّيَّةِ للغَايَةِ» التي تمَّ تسريبُهَا نَكَالاً، في الآونةِ الأخيرةِ بالرَّغْمِ من «سِرِّيَّتِهَا» هٰذِهِ، والتي تشيرُ، مِنْ جملةِ مَا تشيرُ، إلى أنَّ لكلٍّ من عِصَابَتَيْ آلِ السَّعَادِينِ وآلِ النَّهَايِينِ الإجراميَّتَيْنِ «مِخْلَبًا عسكريًّا» مُسْتَتِبًّا في الجانبِ الشرقيِّ الشماليِّ من منطقةِ الفراتِ (في سوريا)، ومزوَّدًا حتى بأجناسٍ شتَّى من مقاتلينَ أجانبَ مأجورينَ «جِدِّ أوفياءَ» تأتيهِمْ متوالياتُ الأوامِرِ والنواهِي العسكريَّةِ وحتى اللاعسكريَّةِ كافَّةً، بينَ الحينِ والحينِ الآخَرِ، إتْيَانًا مباشرًا بالإجمَاعِ أو حتى بالإفرَادِ من «وكالةِ الاستخباراتِ المركزيةِ (الأمريكية)» CIA: ومن ورائِها كذلك تقبعُ «هيئةُ الاستخباراتِ العسكريةِ (البريطانية)» MI6، مِنْ جَانِبِهَا، وَ/أوِ «الإدارةُ العامةُ للأمنِ الخارجيِّ (الفرنسية)» DGSE، مِنْ طَرَفِهَا كذلك. فلا غَرْوَ، مرةً أخرى، أن تكونَ الأحْبُولةُ الوَضِيعَةُ هي ذاتُهَا، منذُ البدايةِ: «التَّعَاضُدُ الأمْنِيُّ مِنْ أجْلِ مُحَارَبَةِ الإرْهَابِ المُتَمَثِّلِ في تنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشامِ»، أو «داعش» ISIS اختصَارًا، ومَا شَابَهَ»، تلك الأحْبُولةُ الوَضِيعَةُ التي لَمْ يتوقَّفْ أَيٌّ من فَلِّ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ، سَوَاءً في «الجمهورياتِ» أو في «الاشتراكيَّاتِ»، عن التذرُّعِ بِهَا بغيةَ الاسْتِوَاءِ الأبديِّ المُفَاءِ على عُروشِ الحُكْمِ من أمثالِ بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي وخليفة بلقاسم حفتر، وغيرِهِمْ. ففي حينِ أنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ العتيَّ المُصْطَنَعَ الأوَّلَ (رأْسَ عِصَابَةِ آلِ الأسَادِينِ) يظهرُ مُنْهَمِكًا كلَّ الانهمَاكِ في تحطيمِ الأرقامِ القياسيَّةِ كُلاًّ في ارتكابِ شتَّى أنواعِ الجَرائِمِ النكراءِ ضدَّ الإنسانيَّةِ، وقَدْ قتلَتْ وشرَّدَتْ عِصَابتُهُ «الأسَادِينِيَّةُ» هٰذِهِ من الشَّعبِ السُّوريِّ اليتيمِ في غُضُونِ أقلَّ مِنْ سَبْعٍ من السَّنواتِ العِجَافِ أضعافًا مضاعفةً مِمَّا قدْ قتلتْهُ وشرَّدَتْهُ عِصَابَةُ آلِ الصّهَايِينِ ذَوَاتِهِمْ من الشَّعبِ الفلسطينيِّ اللَّطِيمِ على مَدى أكثرَ مِنْ سبعينَ سَنَةً أشدَّ عُجُوفًا حتَّى، فإنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ العتيَّ المُصْطَنَعَ الثانِي (رأْسَ عصابةِ آلِ السَّيَاسِيسِ) يبدُو مُسْتَغْرِقًا أيَّمَا استغراقٍ، بدورِهِ هو الآخَرُ، في ارْتِسَامِ تلك الذكرياتِ القَمِينَةِ والشَّجِينَةِ جُلاًّ إبَّانَ لقائِهِ الحَمِيمِ على هامشِ الانعقادِ «العتيدِ» لمَا يُسمَّى بـ«مؤتمر ميونيخ للأمن» MSC، في اليومِ السَّادِسَ عشرَ من شهرِ شباطَ من ذاتِ العامِ «مَا قبلَ الكورونيِّ»، عامِ 2019 ذاتًا كذلك – وذلك إبَّانَ لقائِهِ بزميلِهِ «الحَمِيمِ» عاموس يَدْلين، الرئيسِ الرَّسْمِيِّ السَّابِقِ لـ«إدارةِ الاستخباراتِ العسكريةِ الإسرائيلية» אמ"ן (2006-2010)، وإبَّانَ كونِهِ (كونِ رأْسِ عِصَابَةِ آلِ السَّيَاسِيسِ ذاتِهِ) رئيسًا رَسْمِيًّا سَابقًا أيضًا لـ«إدارةِ المخابراتِ الحربيةِ المصريةِ» (2010-2012)، أي قَبْلَ القِيَامِ بِحَوْلٍ بانقلابِهِ العسكريِّ المَحْمُومِ والمَدْعُومِ أَيَّمَا دَعْمٍ من لَدُنْ أزلامِ عِصَابَتَيْ آلِ السَّعَادِينِ وآلِ النَّهَايِينِ الإجراميَّتَيْنِ بالذاتِ، وبإيعازٍ أمريكيِّ وَ/أوْ بريطانيٍّ خفيٍّ أو حتى شبهِ «جَليٍّ»، على الرئيسِ المصريِّ المحُبوسِ أيَّامَئِذٍ حتى إشعارٍ آخَرَ، محمد مرسي (قبلَ رحيلِهِ عنْ هٰذِهِ الدنيَا): وقدْ كَانَ أَوَّلَ رئيسٍ عربيٍّ مصريٍّ مُنْتَخَبٍ، بالرَّغْمِ من «إِخْوَانِيَّتِهِ»، انتخابًا ديمقراطيًّا حقيقًا أو شِبْهَ ديمقراطيٍّ على الأقلِّ، في تاريخِ مصرَ السياسيِّ الحديثِ والقديمِ كلِّهِ – نَاهِيكُمَا عن ذلكَ الاعتقالِ التَّعَسُّفِيِّ الهَمَجِيِّ لِزَعِيمِ حَرَكَةِ «النهضةِ» التونسيِّ، راشد الغنوشي، بِتُهْمَةِ «تمجيدِ الإرهَابِ» وتوصيفِ رجَالِ الأمنِ بـ«الطواغيتِ»، مِمَّا حَدَا بالعديدِ من المفكِّرينَ في العَالَمِ، من بينِهِمْ نعوم تشومسكي وفرانسيس فوكوياما وبرهان غليون، إلى المُطَالبةِ المِلْحَاحِ بالإفراجِ عنهُ شخصيًّا، وبالأخَصِّ بوَصْفِهِ مُنْتَخَبًا كذاكَ انتخَابًا ديمقراطيًّا كرئيسٍ حَرِيٍّ لذاتِ البرلمانِ الذي قَدْ حَلَّهُ رئيسُ «الجمهوريَّةِ» التونسيُّ، قيس سعيِّد بالذاتِ، وهو الشَّارِعُ الآنَ، لا ريبَ، في مَسَارِ تلك العِصَابَاتِ من فَلِّ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ بالذوَاتِ – ونَاهِيكُمَا عن هٰذا الانتشالِ التَّأَسُّفِيِّ الهَرَجِيِّ لِلطَّاغِيَةِ الإجْرَامِيِّ، بشار الأسد (مَغْمُورًا بِحُضُورِ الدُّمْيَةِ الأوكرانيِّ، ڤولوديمير زيلينسكي) في زَرِيبَةِ الجامعةِ العربيَّةِ إِبَّانَ اجتمَاعِ قِمَّتِهَا في مدينةِ جَدَّةَ (يَوْمَ التاسِعَ عَشَرَ من شهرِ أيَّارَ هٰذا)، وبِالخِلَافِ والبِغَاتِ الصَّاعِقَيْنِ من كلِّ تَقْلِيدٍ مُنْطَوِيًا انطوَاءً «آخَرِيًّا» على التَّمْوِيلِ المُوَصَّى أمريكيَّا بـ«إحْيَاءِ» بَلَدَيْنِ مُدَمَّرَيْنِ ثَمَنًا لِأَيِّمَا تَدَخُّلٍ عَسْكَرِيٍّ أو لاعَسْكَرِيٍّ، ومُنْطَوِيًا انطوَاءً «ذاتِيًّا» على التَّحْوِيلِ المُسَوَّى سُعُودِيًّا بـ«إرْضَاءِ» الغربِ سَعْيًا سَارِبًا وَرَاءَ تَغَاضِيهِ عن اجْتِرَامِ جَرِيمَةِ اغْتِيَالِ الكَاتِبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي بالذاتِ.

ولِكُلٍّ من الأَهَمِّيَّةِ والخُطُورَةِ اللتَيْنِ تَسْتَلْزِمَانِ بإلْحَاحٍ إِعَادَةَ العَرْضِ، لٰكِنْ بتعبِيرٍ مُغَايِرٍ هُنَا في ضَوءِ مَا اسْتَجَدَّ من مُجْرًى أو من مُجَرَيَاتٍ مَرَّةً أُخْرَى، وقَدْ كانتْ لِعِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ مَآرِبُهَا اللاأخلاقيةُ واللاإنسانيةُ التي تَأْرُبُ إلَيْهَا كذاكَ، بِدَوْرِهَا هي الأخرى – وذاك ابْتِنَاءً حَاسِمًا على سَابِقِ الاعتبَارِ المَحَلِّيِّ بأنَّ القُنْصُلِيَّةَ السُّعُودِيَّةَ في مدينتِهِمْ إسطنبولَ ذاتِهَا إنَّمَا هي مَسْرَحُ ارتكابِ جَرِيمَةِ اغْتِيَالِ الكَاتِبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي ذاتِهِ، على يُدِيِّ أَخَسِّ فريقٍ مخابراتيٍّ إجراميٍّ مؤلَّفٍ من خَمْسَةَ عَشَرَ كائنًا لاآدَمِيًّا، لا بَلْ كائنًا مَا دُونَ-حَيَوَانِيًّا، يَحْمِلُ بينَ طَيَّاتِهِ قاتِلاً فاعلاً سُعُودِيًّا بلحمِهِ وشحمِهِ، من جهةٍ أولى؛ وذلك اسْتِنَادًا حَازِمًا إلى لاحِقِ الاعتبارِ الإقليميِّ، أو حتى نَظِيرِهِ الدُّوَلِيِّ أيضًا، بأنَّ أيًّا من نشاطاتِ، أو من تحرُّكاتِ، ذينك «المِخْلَبَيْنِ العسكريَّيْنِ» المُسْتَتِبَّيْنِ اسْتِتْبَابًا يُقلِقُ البَالاتِ والأَلْبَابَ كُلَّهَا في الجَانِبِ الشرقيِّ الشماليِّ من منطقةِ الفراتِ (في سوريا، على وَجْهِ التَّحْدِيدِ) إنَّمَا يُمَثِّلُ تدخُّلاً طَافِرًا وسَافِرًا في السِّيَادةِ والأمْنِ القوميَّيْنِ التركيَّيْنِ، من جهةٍ أُخرى. ولإنْعَاشِ الذاكرَةِ هٰهُنَا بعضَ الشيءِ كذلك، فإنَّ في الوُسْعِ الآلَمِ الآنَ عَيْنَ التَّبَيُّنِ من حَشْدِ هٰذِهِ المَآرِبِ اللاأخلاقيةِ واللاإنسانيةِ بالمَآلِ على مستويَيْنِ «براغماتيَّيْنِ» (أو، بالحَرِيِّ، ذَرَائِعِيَّيْنِ نَفْعِيَّيْنِ) مُكَمِّلَيْنِ لبعضِهِمَا البعضِ، أحَدُهُمَا اقتصَادِيٌّ-مَالِيٌّ وآخَرُهُمَا سيَاسِيٌّ-دينِيٌّ، كَمَا تَمَّ ذِكْرُهُ قَبْلاً: فأمَّا المستوى «البراغماتيُّ» الاقتصَادِيُّ-المَالِيُّ، قبلَ كُلِّ شَيْءٍ، فيتجلَّى تجلِّيًا في سَيَلانِ اللُّعَابِ المَاثِلِ مِنَ «أَحْبَابِ» عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ )هٰؤلاءِ «العثمانيِّينَ» Ottomans) أنفسِهِمْ قُدَّامَ تيكَ الملياراتِ السُّعُودِيَّةِ «النَّدِيَّةِ» و«الجَدِيَّةِ»، بالرَّغْمِ من ذلك كلِّهِ، وذاك تيمُّنًا سَارِيًا سَرَّا بسَيَلانِ اللُّعَابِ المُمَاثِلِ مِنَ «أَرْبَابِ» عِصَابَةِ آلِ الطرابينِ (أولٰئك «اليانكيِّينَ» Yankees) ذواتِهِمْ من أمَامِ هٰذِهِ الملياراتِ السُّعُودِيَّةِ ذاتِهَا. وفي غَلْوَاءِ كَافَّةِ هٰذِهِ المَآرِبِ اللاأخلاقيةِ واللاإنسانيةِ التي تَأْرُبُ إليهَا «أَحْبَابُ» عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ وحدَهَا أَيَّمَا أَرَبٍ، على هٰذا المستوى «البراغماتيِّ» الاقتصَادِيِّ-المَالِيِّ تَحْدِيدًا، مَا يُفَسِّرُ الآنَ بِجَلاءٍ كيفَ أنَّ رأسَ هٰذِهِ العِصَابَةِ الإجراميَّةِ (اللاأبديَّةِ)، رجب طيب أردوغان عَيْنَهُ، يتكشَّفُ للعِيَانِ (وللآذَانِ) بصفتِهِ فردًا دبلوماسيًّا يحترفُ الابتزازَ والنفاقَ احترافًا، وقدْ بَلَغَا مُنْتَهَاهُمَا في شَخْصِهِ «الرَّزِينِ» أَوِ «الرَّصِينِ» هٰذا، أَوْ هٰكذا بَادِيًا: أردوغانُ هٰذا الدبلوماسيُّ يحترفُ الابتزازَ، من طَرَفٍ تَسَوُّفِيٍّ، من جَرَّاءِ اتِّبَاعِهِ ذلك الأُسْلُوبَ التَّدَرُّجِيَّ الرُّوَيْديَّ-الرُّوَيْديَّ، أو مَا يُسَمَّى في الحديثِ السِّيَاسِيِّ دَارِجًا بـ«سِيَاسَةِ القطرةِ-قطرةٍ»، في تَسْرِيبِ كلٍّ من تلك المعلومَاتِ الصَّوْتِيَّةِ والمَرْئِيَّةِ المُرَوِّعَةِ والمُرِيعَةِ التي تتعلَّقُ «رَسْميًّا» أو حتى «لارَسْمِيًّا» بِجَرِيمَةِ اغْتِيَالِ الكَاتِبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي ذاتِهِ، وفي إطلاعِ كلٍّ من تيك الدولِ الغربيةِ والشرقيةِ «الديمقراطيةِ» و«اللاأوتوقراطيةِ» التي يُحَالِفُهَا من دَاخِلِ وخارِجِ «حِلْفِ شِمَالِ الأطلسيِّ» NATO الآنفِ الذِّكْرِ، ومن ثمَّ في الوَعْدِ «المبدئيِّ» المُسْتَمِرِّ لهَا (لكلٍّ من تيك الدولِ الغربيةِ والشرقيةِ) بِبَذْلِ مَا في المَقْدُورِ من جُهُودٍ جَهيدةٍ في تَسْرِيبِ المزيدِ من تلك المعلومَاتِ الصَّوْتِيَّةِ والمَرْئِيَّةِ بالذوَاتِ – وذاك، على فكرةٍ، مَحْضُ تَسْرِيبٍ بِإِنْفَاذٍ دَنِيٍّ يتولاَّهُ عناصِرُ «أتْقِيَاءُ» معيَّنُونَ من «جهازِ الاستخباراتِ الوطنيةِ (التركيِّ)» MİT، من وَرَاءِ الكواليسِ؛ وذاك، على فكرةٍ كذاك، مَحْضُ تسريبٍ بإشرافٍ قَصِيٍّ أو حتى لاقَصِيٍّ يُؤَدِّيهِ عناصِرُ «أوْقِيَاءُ» محدَّدُونَ آخَرُونَ من «وكالةِ الاستخباراتِ المركزيةِ (الأمريكية)» CIA، من وَرَاءِ وَرَاءِ هٰذِهِ الكواليسِ هٰذِهِ المَرَّةَ. حتى أنَّ أزلامَ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ أنفسَهُمْ كانوا يَسْعَوْنَ إبَّانَئِذٍ سَعْيًا حثيثًا وَرَاءَ تدويلِ مِلَفِّ الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ هٰذِهِ أبعدَ فأبعدَ، فكانوا يَسْعَوْنَ ذاتَ السَّعْيِ إذَّاكَ وَرَاءَ تحويلِهِ إلى مِلَفِّ قضيَّةٍ قضائيَّةِ دُوَلِيَّةٍ ينبغي على هيئةٍ أُمميَّةٍ، من مثلِ هيئةِ «الأممِ المتَّحدة» UN، أنْ تتعهَّدَ بالشُّرُوعِ في إعادةِ التحقيقِ الرَّسْميِّ الدقيقِ في تفاصيلِهَا حتى قبلَ مجاميلِهَا، في هٰذِهِ المَرْحَلَةِ العَصِيبَةِ من مَرَاحِلِ التَّوَتُّرِ الدُّوَلِيِّ بالذاتِ. وبالتالي، فِيمَا يَتَبَدَّى، كانَ أزلامُ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ هٰؤلاءِ يَرُومُونَ تجديدَ كَرَّةِ سَعْيِهِمِ الحثيثِ ذاك بدعوةٍ جِدِّ جَدِّيَّةٍ إلى تشكيلِ لجنةٍ أو لِجانٍ أمميةٍ تتولّى مَهَامَّ هٰذا التحقيقِ الرَّسْميِّ الدقيقِ كُلاًّ من أجلِ ذاكَ الكشفِ الوَفِيقِ عن ملابساتِ الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ هٰتِيكَ على كُلٍّ من الملأِ الأدنى والملأِ الأعلى كذلك: وعَيْنُ أردوغانَ الدبلوماسيِّ (ذاكَ الاِبْتِزَازِيِّ) لمْ يبرَحْ يجاهرُ ويشاهرُ حتى أوَانٍ حديثٍ نسبيًّا (وسَابِقٍ لهٰذا الزَّمَانِ الاِنْتِخَابِيِّ بالذاتِ) بأنَّ أزلامَ عِصَابَتِهِ أولٰئكَ «لمْ يكشفوا بعدُ عنْ كافَّةِ العَنَاصِرِ التي بحَوْزتِهِمْ فيمَا لهُ مِسَاسٌ بعَيْنِ التحقيقِ الرَّسْميِّ الدقيقِ في قضيةِ هٰذِهِ الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ عَيْنِهَا في مدينةِ إسطنبولَ»، وأنَّهُمْ بذاك «سيُرسِلُونَ وثائقَ سِرِّيَّةً ومعلوماتٍ حَرِيَّةً تِبَاعًا بِشأْنِ هٰذِهِ القضيةِ إلى مَعْنيِّ السُّلُطاتِ التي سوفَ تقومُ بالمُحَاكَمَةِ الفعليَّةِ عندَئِذٍ» – كُلُّ ذلك السَّعْيِ الحثيثِ والتَّحْدِيثِ المُحْدَثِ إِحْدَاثًا من لَدُنْ أزلامِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ أولٰئكَ إنَّمَا مُبْتَغَاهُ الأَوَّلُ والأَخِيرُ مُوَاصَلَةُ إثقالِهِمْ كَوَاهِلَ أزلامِ عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ الإجْرَاميِّينَ ذواتِهِمْ، من جَانِبٍ أوَّلَ، ومُضَاعَفَةُ أردوغانَ الدبلوماسيِّ (الاِبْتِزَازِيِّ) هَمًّا لِجَعَمِهِ وتَجَعُّمِهِ في تلك الملياراتِ السُّعُودِيَّةِ «النَّدِيَّةِ» و«الجَدِيَّةِ» ذاتِهَا، من جانبٍ آخَرَ. وأردوغانُ هٰذا الدبلوماسيُّ يحترفُ النفاقَ أيضًا، من طَرَفٍ تَشَوُّفِيٍّ (فَضْلاً عَنِ احترافِهِ الابتزازَ، من ذاكَ الطَّرَفِ التَّسَوُّفِيِّ)، من جَرَّاءِ تَوْقِهِ وشَوْقِهِ الاِفْتِعَالِيَّيْنِ والاِفْتِرَائِيَّيْنِ الجَمُوحَيْنِ إلى الظُّهُورِ قُدَّامَ العَالَمِ المَغْبُونِ وغيرِ المَغْبُونِ قاطِبَةً بمظهرِ ذلك السياسيِّ «النظيفِ» و«النَّزِيهِ» و«المُشْبَعِ إشْبَاعًا بمَكَارِمِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النقيَّةِ»، في غَمْرَةِ انْشِغَالِهِ العُصَابِيِّ أو حتَّى الذُّهَانِيِّ بِذَيْنِك التحرِّي والتقصِّي «الإنْسَانِيَّيْنِ» و«الإنْسَانَوِيَّيْنِ» عَنِ الآمِرِ الفعليِّ بتنفيذِ تلك الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ، جَرِيمَةِ اغتيالِ الكاتبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ جمال خاشقجي ذاتِهِ – وَهْوَ، مِمَّا هُوَ حَرِيٌّ بالذِّكْرِ، ٱلْصَّدِيقُ الحَمِيمُ لأردوغانَ الدبلوماسيِّ (هٰذا النِّفَاقِيِّ) بالعَيْنِ، بينمَا كَانَ عَيْنُ هٰذا السياسيِّ «النظيفِ» و«النَّزِيهِ» و«المُشْبَعِ إشْبَاعًا بمَكَارِمِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النقيَّةِ» عينِهَا، ولمَّا يَزَلْ، قَدْ قَامَ بِرُمِّ مُقْتَضَى مشيئتِهِ العقليَّةِ والنفسيَّةِ بالحَظْرِ العَسْفيِّ والتعسُّفيِّ والاعتسَافيِّ على شتَّى حُرِّيَّاتِ التعبيرِ وأشْتَاتِ حُرِّيَّاتِ الاِرْتِئَاءِ، من سَبِيلِ اتِّخَاذِ أَحْكَامٍ وإجْرَاءَاتٍ قَمْعِيَّةٍ وقَسْرِيَّةٍ وقَهْرِيَّةٍ أدَّتْ إلى اكتظاظِ سُجُونِهِ، سُجُونِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ ذَوَاتِهِمْ، بالعديدِ من الصِّحَافيَّاتِ والصِّحَافيِّينَ، وبالعديدِ من النَّاشِطَاتِ والنَّاشِطِينَ الآخَرِينَ، منذ أنْ تسلَّمَ هٰكذا الـ«أردوغانُ» الدبلوماسيُّ الاِبْتِزَازِيُّ النِّفَاقِيُّ مقاليدَ الحُكْمِ في دولةِ تركيا في اليومِ الثامنِ والعشرينَ من شهرِ آبَ عامَ 2014، بوَصْفِهِ ذاكَ المُمَثِّلَ السياسيَّ «النظيفَ» و«النَّزِيهَ» و«المُشْبَعَ إشْبَاعًا»، إلى آخرِهِ، للرئيسِ الثانِي عَشَرَ للبلادِ مُنْتَخَبًا مُؤَخَّرًا مِنْ جَدِيدٍ لِدَوْرَةِ حُكْمٍ أُخْرَى.

وأمَّا المستوى «البراغماتيُّ» السياسيُّ-الدينيُّ الأَشَدُّ خُطُورَةً من نَظِيرِهِ الاقتصَادِيِّ-المَالِيِّ الآنِفِ الذِّكْرِ، بعدَ كُلِّ شَيْءٍ، فَيَتَبَدَّى تَبَدِّيًا في لُهَاثِ أزلامِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ أَنْفُسِهِمْ وَرَاءَ احتكاريَّةِ عَيْنِ التمثيلِ «المَافْيَوِيِّ» للمذهبِ السُّنيِّ (الأرثوذكسي) في فَسِيحِ هٰذا العَالَمِ العربيِّ والإسلاميِّ بِرُمَّتِهِ، وذاكَ بِمُقْتَضَى مَا يُضْمِرُونَهُ إضْمَارًا تمويهيًّا وتسفيهيًّا من تطلُّعَاتٍ هَيْمَنِيَّةٍ «استشراقيَّةٍ»، أو حتى هَيْمَنِيَّةٍ «استغرابيَّةٍ»، إلى بَعْثٍ وإحْيَاءٍ جِدِّ عُجْبِيَّيْنِ، لا بَلْ جِدِّ عُنْجُهِيَّيْنِ، لِبُنْيَانِ جُزْءٍ أو حتى الكُلِّ من «خلافةٍ عثمانيةٍ جَدِيدَةٍ» في مَطَالِعِ هٰذا القَرْنِ الحَادِي والعِشْرِينَ الجَدِيدِ ذاتًا، خلافةٍ بهٰكذا تَوْصِيفٍ مُجَدِّدٍ تُحَاوِلُ أنْ تستعيدَ تاريخَهَا الاستعمَارِيَّ والتوسُّعِيَّ «التَّليدَ» بأَيَّتِمَا أُحْبُولَةٍ سِيَاسِيَّةٍ وَ/أَوْ دينيَّةٍ وَضِيعَةٍ بَخِيسَةٍ كانتْ، على حِسَابِ مَا يَعْتَرِي أغلبيَّةَ الشُّعُوبِ اللَّهِيفَةِ من أحزانٍ وآلامٍ في بلادِ الشامِ وفي بلادِ العراقِ خَاصَّةً، وكذاك على حِسَابِ مَا يَعْتَوِرُ هٰذِهِ الشُّعُوبَ اللَّهِيفَةَ في آخِرِ المَطَافِ اللَّهِيفِ من قتلٍ بَهِيمِيٍّ ومن دَمَارٍ جَحِيمِيٍّ مُحِيقٍ بِهِ من كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ. ولا يختلفُ التذرُّعُ السَّمِيُّ، في حقيقةِ الأمرِ، بتلك الأُحْبُولَةِ الوَضِيعَةِ البَخِيسَةِ في فَحْوى «التَّعَاضُدِ الأَمْنِيِّ مِنْ أَجْلِ مُحَارَبَةِ الإِرْهَابِ تِيكَ»، والحَالُ هٰذِهِ، سِوَى في المُرَادِفِ الاِسْمِيِّ الإِرْهَابيِّ لتنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشامِ» ISIS وأمثالِهِ، ألا وهو: «حزبُ العمَّالِ الكردستانيِّ» PKK وأمثالِهِ كذلك، وعلى الأخصِّ في هٰكذا قرينةٍ مُثْلَى كمثلِ فرعِهِ ذاكَ المَحْسُوبِ سُورِيًّا والمُسَمَّى بـ«حزبِ الاتحَادِ الديمقراطيِّ» PYD – ذٰلك الفرعِ الذي غَلَّ إِذَّاك «مُعَارضًا» و«مُمَانِعًا» و«صَامِدًا» و«مُتَصَدِّيًا» مَعَ ذٰلك، والذي استغلَّتْ وَحَدَاتِهِ المقاتلةَ ومَا إليهَا سَائِرًا قُطْعَانُ عِصَابَةِ آلِ الأسَادِينِ الإجرَامِيِّينَ أَنْفُسِهِمْ أَيَّمَا استغلالٍ، واسْتَغْبَتْهَا كذاكَ أَيَّمَا اسْتِغْبَاءٍ، في أثناءِ سَنَوَاتِ مَا سَمَّاهُ الكاتبُ الإعلاميُّ (الحُقُوقِيُّ) السُّورِيُّ، حسين جلبي، حَقِيقًا بـ«التِّيهِ الكُرْدِيِّ» في مَتْنِ كتابِهِ الأخيرِ إبَّانَئِذٍ، «روجآفا: خديعة الأسد الكبرى» (إسطنبول: دار ميسلون، 2018). والأَنْكَى من ذٰلك كُلِّهِ، فيمَا يَخُصُّ هٰكذا حِزْبًا مَحْسُوبًا سُورِيًّا بالذاتِ، فإنَّ عِصَابَاتِ طبقاتِ الحُكْمِ الفاشيَّةَ (لَا بَلِ الشُّوفينيَّةَ) المَحْسُوبَةَ تركيًّا بِدَوْرِهَا، وقَدْ أَدْرَكَتْ إذَّاكَ ترتيبَهَا الثانِي عَشَرَ في عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ ذَوَاتِهِمْ، لَمْ تَفْتَأْ تَتَوَعَّدُ لَيْلَ نَهَارٍ بإبَادَتِهِ وبمَحْقِ جُذورِهِ، بعدَ إبَاِدةِ الحزبِ الذي خَلَّفَهُ وبعدَ مَحْقِ جُذورِهِ، بدَوْرِهِ هو الآخَرُ، من على وَجْهِ الأرضِ – إِذِ اسْتَمَرَّ هٰذا التَّوَعُّدُ رَامِئًا حتى بعدَ فَوْزِ ذاك الـ«أردوغانِ» الدبلوماسيِّ الاِبْتِزَازِيِّ النِّفَاقِيِّ مُؤَخَّرًا في خِضَمِّ انْتِخَابَاتٍ رِئَاسِيَّةٍ قَدْ بَلَغَتْ من الإِشَاكَةِ والشَّرَاسَةِ مَبْلَغًا، وفي خِضَمِّ تَكَالُبَاتٍ سِيَاسِيَّةٍ قَدْ وَلَغَتْ كذاكَ من عَيْنِ الاتِّزَانِ الخَارِجِيِّ العَسِيرِ مَوْلِغًا بينَ «جَائِحٍ» بوتينِيٍّ باشتدَادِ الحَرْبِ الرُّوسِيَّةِ الأوكرَانِيَّةِ، في كِفَّةٍ قَابِلٍ، وبينَ «حَائِجٍ» بَايْدِنِيٍّ بارْتِدَادِ الأَرَبِ الأطلسِيِّ الأورُوبيِّ (حولَ اقتناءِ السِّلاحِ الأمريكيِّ F16 واقتضَاءِ اللُّجُوءِ السُّورِيِّ)، في كِفَّةٍ مُقَابِلٍ. ومَا على ذاك الـ«أردوغانِ» الدبلوماسيِّ الاِبْتِزَازِيِّ النِّفَاقِيِّ، في كُلٍّ من هٰتَيْنِ الكِفَّتَيْنِ عندَئِذٍ، إِلاَّ الاِتِّجَارُ الاِنتهَازيُّ بأَمْدَاءِ «التقارُبِ» مَعَ قُطْعَانِ عِصَابَةِ آلِ الأسَادِينِ الإجرَامِيِّينَ أَنْفُسِهِمْ، وإِلاَّ إِشْرَاطُ هٰكذا «تقارُبٍ» مِنْ ثَمَّ بمِيدَاءِ الهُجُومِ المَأْجُومِ على كُلٍّ من الحزبَيْنِ المَعْنِيَّيْنِ، الأَصْلِ «حزبِ العمالِ الكردستانيِّ» PKK، والفَرْعِ «حزبِ الاتحادِ الديمقراطيِّ» PYD. وحُجَّةُ هٰذا الـ«أردوغانِ» الدبلوماسيِّ الاِبْتِزَازِيِّ النِّفَاقِيِّ في هٰذا كُلِّهِ هي أَنَّ هٰذينِ الحزبَيْنِ المَعْنِيَّيْنِ إنَّمَا يَطْمَحَانِ في أحلامِهِمَا طُمُوحًا رُومَانْسِيًّا و«ثوريًّا» إلى تهدِيدِ أَمْنِ البُقْعَةِ «السِّلْمِيَّةِ» هٰذِهِ بأسْرِهَا وإلى تقسيمِ أَرْضِهَا على المَدَى البعيدِ جِدًّا في القَحْطِ والجَفَافِ، وأَنَّ هٰذينِ التهديدَ الأَمْنِيَّ والتقسيمَ الأَرْضِيَّ (سَوَاءً كَانَا مُنْفَرِدَيْنِ أو مُجْتَمِعَيْنِ) لا يَخْدُمَانِ حقيقةً إلاَّ في مَصْلَحَةِ الكِيَانِ الصُّهْيُونِيِّ، رَبيبِ ذاك الغربِ الاستعمَاريِّ والإمبريَاليِّ، في نِهَايَةِ المَطَافِ. وهٰكذا، وفي هٰكذا تَوَعُّدٍ ليليٍّ وَ/أَوْ نَهَاريٍّ ليسَ لَهُ إلاَّ أن يكونَ دليلاً حِجَاجِيًّا مَلْمُوسًا، أو بأَدْنَاهُ هٰهُنَا إِرْهَاصًا رَهِيفًا لدليلٍ حِجَاجِيٍّ مَلْمُوسٍ، على ذٰلك التَّعَاوُنِ الخَفِيِّ، لا بَلْ على ذٰلك التَّوَاطُؤِ الدَّنِيِّ، بينَ عِصَابَتَيْ آلِ الأَرَادِيغِ وآلِ الأَسَادِينِ الفاشيَّتَيْنِ، بَادِئَ ذِي بَدْءٍ، على حَرْفِ تلكَ الثورةِ الشَّعبيةِ السُّوريةِ عن مَسَارِهَا النضَاليِّ الطبيعيِّ وعلى القضَاءِ عليهَا قضَاءً تامًّا من أُصُولِهَا ومن فُرُوعِهَا، من طَرَفِهَا هي الأُخرى، فإنَّ مَا يَجْرِي الحديثُ عَنْهُ الآنَ مُسْتَبيئًا صَدَارةَ الحديثِ، في غُضُونِ أيَّامِ تيكَ المؤتمرَاتِ الدُّوَلِيَّةِ وفي أعقابِهَا كذٰلك حتى هٰذِهِ الانتخَابَاتِ المَحَلِّيَّةِ عَيْنِهَا، إِنَّمَا هو جَارٍ جَرْيًا عَمَّا اصْطَلَحَتْ عليهِ أَلْسُنُ العِصَابَةِ الأولى باصْطِلَاحِ «المنطقةِ الآمنةِ أو الأمنيَّةِ» هٰذي الكائنِ في أجزاءٍ من ذلك الشَّريط الشمَاليِّ السُّوريِّ (على حدودِ تركيا تحدِيدًا)، حيثُ أَنَّ ثَمَّ بارِقَةً من الأمَلِ الديمقراطيِّ قَدْ تَبَدَّتْ فِعْلاً وحيثُ أَنَّ ثَمَّةَ بريقًا من التعايشِ السِّلْمِيِّ والوُدِّيِّ قَدْ تَبَدَّى بالفعْلِ إِذَّاكَ مَا بينَ الأكرَادِ والعَرَبِ السُّوريِّينَ والسُّوريَّاتِ رَغْمًا عن أُنُوفِ أزلامِ كُلٍّ من العِصَابَتَيْنِ الفاشِيَّتَيْنِ المَعْنِيَّتَيْنِ، في واقعِ الأمرِ – ولٰكِنَّ، لٰكِنَّ في أَنْفُسِ أزلامِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ الفاشيِّينَ الإجرَامِيِّينَ أَنْفُسِهِمْ، في المقابلِ النقيضِ لهٰذا الوَاقِعِ الرَّاقِعِ المَهِيضِ، مَآرِبَ لاأخلاقيةً ومَرَامَاتٍ لاإنسانيةً أُخْرَى.

مَرَّةً أُخْرَى، صَحِيحٌ أَنَّ البَادِيَ للأنظارِ من فَوْزِ هٰذا الـ«أردوغانِ» الدبلوماسيِّ الاِبْتِزَازِيِّ النِّفَاقِيِّ في الاِنْتِخَابَاتِ الرِّئَاسِيَّةِ الأَخيرةِ في تركيا لهٰذا العَامِ إِنَّمَا يعكسُ الآنَ صُورَةً جِدَّ إيجَابِيَّةٍ بالقُرْبَانِ وجِدَّ إيحَائِيَّةٍ بالحُسْبَانِ عن سُلُوكِيَّةِ هٰكذا الـ«أردوغانِ» بوَصْفِهِ مُمَثِّلاً سياسيًّا «نظيفًا» و«نزيهًا» و«مُشْبَعًا إشباعًا بمَكَارِمِ أخلاقٍ إسلاميةٍ نَقِيَّةٍ»، إلى آخِرِهِ إلى آخِرِهِ، وصَحِيحٌ كذاك أَنَّ تَوْجِيهَ الاِنْتِقَادِ بِبَالِغِ الأَشُدِّ إلى المَعْنِيِّ من وسَائِلِ الإعلامِ الغربيِّ فِيمَا لَهُ مِسَاسٌ بأَيِّ مَوْقِفٍ تَخَرُّصِيٍّ مَهِينٍ أو حتى عُنْصُرِيٍّ مَقِيتٍ أو حتى اِسْتِشْرَاقِيٍّ بَغِيضٍ (مِنْ لَدُنْ أَبِي الاِسْتِشْرَاقِ، برنارد لويس عَيْنِهِ) بِإِزَاءِ أَيِّمَا دولةٍ إسلاميَّةٍ كمثلِ تركيا هٰكذا الـ«أردوغانِ» بالعَيْنِ – صَحِيحٌ كُلَّ الصَّحَاحِ أَنَّ تَوْجِيهَ الاِنْتِقَادِ بهٰكذا أَشُدٍّ إِنَّمَا هو وَاجِبٌ إنسَانيٌّ مِلْحَاحٌ، قبلَ أَنْ يكونَ وَاجِبًا أَخلاقيًّا كذاكَ حتى، على كُلِّ مُثَقَّفَةٍ نَظِيفَةٍ نَزِيهَةٍ أو كُلِّ مُثَقَّفٍ نَظِيفٍ نَزِيهٍ كَمَا يُحَاوِلُ الكَاتِبُ الصِّحَافِيُّ المُخَضْرَمُ، صبحي حديدي، أَنْ يفعلَ جَاهِدًا في تقريرِهِ الحَدِيثِ العَهْدِ، مَثَلاً لَا حَصْرًا، «انتخاباتُ تركيا: مَنْ يتذكَّرُ برنارد لويس؟» (القدس العربي، 13 أيار 2023)، إِلاَّ أَنَّ هٰذِهِ «النَّظَافَةَ» وهٰذِهِ «النَّزَاهَةَ» لَنْ تَتَجَلِّيَا مُكْتَمِلَتَيْنِ شَكْلاً وَ/أَوْ فَحْوًى على الإطلاقِ مَا لَمْ يلتزمْ هٰذا الكَاتِبُ الصِّحَافِيُّ العربيُّ المَعْنِيُّ، في هٰذِهِ القرينَةِ الجَمُوحِ إحْسَاسًا وحَسَاسِيَةً بالنِّسْبَةِ للمَعْنِيَّاتِ من العَرَبِيَّاتِ والمَعْنِيِّينَ من العَرَبِ تَحْدِيدًا، مَا لَمْ يلتزمْ كُلَّ الاِلْتِزَامِ هٰهُنَا بِتِبْيَانِ شَيْءٍ ولَوْ بِحَدٍّ نِسْبِيٍّ، على أَقَلِّ تَقْدِيرٍ، من ذٰلكَ «الوَجْهِ الزَّرِيِّ» (أو Seamy Side، كَمَا يَنْطِقُ اللِّسَانُ الحَالُ حَالاًّ للتَّحْلِيلِ النَّفْسِيِّ السِّيَاسِيِّ الناطقُ باللغةِ الإنكليزيَّةِ) من شَخْصِيَّةِ هٰكذا الـ«أردوغانِ» بالذاتِ، وعلى الأَخَصِّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بذاتِ الكَمِّ الهَائِلِ من تيكَ الجَرَائِمِ الحُوشِيَّةِ والوَحْشِيَّةِ التي كَانَتْ قُوَّاتُهُ الخَاصَّةُ، وَلَمَّا تَزَلْ، تَرْتَكِبُهَا ارْتِكَابًا هَمَجِيًّا في كُلٍّ من شِمَالِ سوريا وشِمَالِ العراقِ دَعْمًا وتَدْعِيمًا لرَصِيدِهِ الاِنْتِخَابِيِّ الحَالِيِّ (وقَدْ فَازَ بِهِ فَوْزًا لَمْ يَكُنْ بَتَّةً هَيِّنًا) قُدَّامَ بَنَاتِ وأَبْنَاءِ ذاكَ الشَّعْبِ التركيِّ وحَسْبُ، ولٰكِنْ على حِسَابِ الدِّمَاءِ، سَفْكِ الدِّمَاءِ، مِنْ بَنَاتِ وأَبْنَاءِ هٰذِهِ الشُّعُوبِ العربيَّةِ – ولِهٰذَا الكَلَامِ، فِيمَا بَعْدُ، بَقِيَّةٌ!

(6)

كَمَا تقدَّمَ لي أَنْ كتبتُ في القسمِ الخَامسِ ومَا قبلهُ من هٰذا المقالِ (المُطَوَّلِ)، إنَّ مَا يُزَعْزِعُ هٰؤلاءِ البَنَاتِ والأبناءَ طُرًّا في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ هٰذِهِ، دونَ سِوَاهَا من مناطقِ هٰذا الشرقِ الغَرَائِبِيِّ الفَسِيحِ منظورًا إليهِ بمنظارِ «الهَيْمَنَةِ الاستشراقيَّةِ» Orientalist Hegemony، بالمفهومِ السَّعِيدِيِّ التَّفْكِيكِيِّ، إنَّمَا يَكْمُنُ في مَدَى الزَّيْفِ والخِدَاعِ من عَيْنِ الإجْرَاءِ العُدْوَانِيِّ المُمَوَّهِ أيَّمَا تَمْوِيهٍ تحتَ قِنَاعِ مَا كَانَ يُسَمَّى إبَّانَئِذٍ تَسْمِيَةً سِلْمِيَّةً عَمْدًا بـ«التحالفِ الإستيراتيجيِّ الشرق-أوسطيِّ» MESA، ذٰلك التحالفِ السَّمِيِّ الذي يَبْتَنِي بظاهِرِهِ عَتِيدًا آفِكَ التشبُّهِ المُؤَاتِي بـ«حِلْفِ شَمَالِ الأطلسيِّ» NATO، والذي يَقْتَضِي بِجَوْهَرِهِ مَزِيدًا من المَدِّ العسكريِّ الأمريكيِّ (ومن وَرَائِهِ كذاكَ، بالطبعِ، مَزِيدٌ من المَدِّ العسكريِّ البريطانيِّ وَ/أَوِ الفرنسيِّ، وهَلُمَّ جَرًّا). وهٰكذا، وحتَّى بدونِ تنفيذِ ذٰلك الإجْرَاءِ العُدْوَانِيِّ، لا بَلِ الإجراميِّ، المُمَوَّهِ احترَافًا في حدِّ ذاتِهِ، فقد صَارَ هٰذا المَدُّ العسكريُّ الغربيُّ يزدادُ أكثرَ فأكثرَ، بالقوةِ وبالفِعْلِ كِلَيْهِمَا، وذاكَ بُغْيَةَ الاِزْدِيَادِ المَرْدُودِ والمَرْصُودِ في مِيدَاءِ النفوذِ الجيو-سياسيِّ في أجزاءٍ جِدِّ مرغوبةٍ من هٰذا الشرقِ العَجَائِبِيِّ المَدِيدِ، وذاكَ من سَبِيلِ الاتِّكَاءِ والاتِّكَالِ الكُلِّيَّيْنِ (أو بالكادِ) كذاكَ عَلى كافَّةِ أشكالِ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ من العُرْبَانِ والعَرَبِ الأَقْحَاحِ والمُسْتَعْرِبِينَ أرْهَاطًا وعَصَائِبَ شُؤْمَى، في أَعْقَارِ المملكاتِ والإماراتِ و«الجمهورياتِ»، أو حتى تيك «الاشتراكيَّاتِ»، المعنيَّةِ من قريبٍ أوْ من بعيدٍ. وهٰكذا أيضًا، وقد صَارَ هٰذانِ الاتِّكَاءُ والاتِّكَالُ الكُلِّيَّانِ يَسْتَبِيئَانِ بالإتبَاعِ حَيِّزًا من الأولويَّةِ والأهميَّةِ في مُحْتَوَيَاتِ، وفي جَدَاوِلِ أعْمَالِ، مَا سُمِّيَ حينَئِذٍ تسميةً جِدَّ مَدْرُوسَةٍ قَصْدًا كذاكَ بـ«القمَّةِ الأُورُوبِّيَّةِ-العَرَبِيَّةِ» EALS، تلك القِمَّةِ التي حَلَّ انعقادُهَا بفارقٍ فاقعٍ بينَ الجَانِبَيْنِ المَعْنِيَّيْنِ في شرم الشيخِ في اليومِ الثالثِ والعشرينَ من شهرِ شباطَ من العامِ ذاك «مَا قبلَ الكورونيِّ»، عامِ 2019 ذاتًا، إذِ اقتصرَ الحُضُورُ المنظورُ في هٰكذا قِمَّةٍ لافتٍ عَلى عَشْرَةٍ، أو يزيدُ وحَسْبُ، من أولٰئك الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ من العُرْبَانِ والعَرَبِ الأقْحَاحِ والمُسْتَعْرِبِينَ في مُقَابِلِ سَبْعَةٍ وعِشْرِينَ، أو يزيدُ أكثرَ حتى، من أسيادِهِمْ من الأورُوبِّيِّينَ ذَوَاتِهِمْ، وذاكَ بمثابةِ أدعياءَ داعمينَ «أوفياءَ» لَهُمْ عَلى كلٍّ من الصَّعِيدَيْنِ المَادِّيِّ والمعنويِّ بالأَدْنَى – وعَلى الأخَصِّ في ظلِّ تَصَاعُدِ شتَّى نَبَرَاتِ اليمينِ المتطرِّفِ (هٰذا العنصُريِّ الشَّعْبَوِيِّ) في ثَنَايَا شتَّى نُصُوصِ الخطابِ السياسيِّ الأورُوبِّيِّ في تلك الأحيانِ ومَا تلاهَا، وعَلى الأشَدِّ خُصُوصًا في ظلِّ صُعُودِ هٰذا اليمينِ المتطرِّفِ (هٰذا العنصُريِّ الشَّعْبَوِيِّ) إلى مَرَاتبِ السُّلْطةِ ذاتِهَا في عددٍ غيرِ قليلٍ من «الديمقراطياتِ» الأورُوبِّيَّةِ، مِنْ مثلِ: النمسا وإيطاليا وهنغاريا، وغيرِهَا، وغيرِهَا. وكلٌّ كذاكَ من عِصَابَةِ «القيصرِ» الرُّوسيِّ وعِصَابَةِ «الإمبراطورِ» الأمريكيِّ، في الجَانبِ العَتِيدِ المُعْلَنِ، أو حتى في الجَانبِ العَنِيدِ المُسَرِّ، من ذٰلك الإجْرَاءِ العُدْوَانِيِّ والإجراميِّ المُمَوَّهِ تحتَ ذٰلك القِنَاعِ يومَهَا، كلٌّ كذاكَ منهمَا كانتْ، ومَا بَرِحَتْ، تنتقدُ الأُخرى بذريعةِ الصَّدِّ والحَدِّ التحالفيَّيْنِ العَالَمِيَّينِ من أيِّمَا خطرٍ إرهابيٍّ «داعشيٍّ» أوْ إيرانيٍّ أوْ حتى تركيٍّ، من طرفٍ أوَّلَ، وكانتْ إذَّاكَ كلٌّ منهمَا بذاتِ الغِرَارِ، ومَا فَتِئَتْ، تسعى لاهثةً لُهَاثًا وَرَاءَ أطمَاعِهَا «الهَيْمَنِيَّةِ الاستشراقيَّةِ» الخاصَّةِ بِهَا من جَرَّاءِ حَشْدِهَا مَا تَتَشَاهَمُ بِهِ (أو، بالحَرِيِّ، مَا تَتَنَطَّعُ بالتَّشَاهُمِ بِهِ) من دعمٍ مَادِّيٍّ ومعنويٍّ ومَا بَيْنَهُمَا لِعَصَابَةِ أو عَصَائِبِ الكيانِ الصُّهيونيِّ الذي يَتَمَادَى في التطرُّفِ اليمينيِّ والعنصُريِّ والشَّعْبَوِيِّ، فَضْلاً عن الإرهَابِيِّ، أَيَّمَا تَمَادٍ يومًا عَنْ يومٍ وحتى هٰذا اليومِ بالذاتِ بعدَ مُضِيِّ خمسةٍ وسبعينَ عَامًا تمَامًا عَلى إنشاءِ «الدولةِ العبريَّةِ» في أرضِ فلسطينَ العربيةِ، من طرفٍ آخَرَ. ففي حينِ أنَّ عِصَابَةَ «القيصرِ» الرُّوسيِّ كانتْ تَسْخَرُ، من حَيْثِيَّتِهَا، ناطقةً سَخْرَهَا بلسانِ وزيرِ خارجيَّتِهَا القَمِينِ، سيرغي لاڤروڤ، مِمَّا سوفَ يترتَّبُ عليهِ ذٰلك المشروعُ الأمريكيُّ المُسَمَّى إبَّانَهَا بـ«التحالفِ الإستيراتيجيِّ الشرق-أوسطيِّ» MESA، الآنِفِ الذِّكْرِ تَوًّا، ذٰلك المشروعُ المُفْتَعَلُ الذي لا يخدمُ شيئًا إلاَّ في مصلحةِ أمريكا في احتواءِ دولِ الشرقِ الأوسطِ المقصُودةِ ذاتِهَا كُلاًّ في آخِرِ المطافِ (مَثَلُهُ كَمَثَلِ أيٍّ مِنْ تلك المشاريعِ المُفْتَعَلَةِ التي تبتغي أمريكا تفعيلَهَا وتنفيذَهَا كُلَّ الاِبْتِغَاءِ في نَحْوٍ قَصِيٍّ، أوْ حتى في نَحْوٍ دَنِيِّ، مِنْ أنْحَاءِ هٰذا العالَمِ الحَديثِ، كَمِثْلِ ذٰلك المشروعِ المَدْعُوِّ بالتوازِي مُفْتَعَلاً حِينَهَا بـ«التحالفِ الإستيراتيجيِّ الهنديِّ-الهاديِّ» IPSA، مُفْتَعَلاً حِينَئِذٍ، بدَوْرِهِ هو الآخَرُ، مِنْ أَجْلِ الاِحْتِوَاءِ الكُلِّيِّ أو حتى الجُزْئِيِّ لدولةِ الصينِ عَيْنِهَا بالمثابةِ عَيْنِ عَيْنِهَا، حتى قبلَ تَفَشِّي الوَبَاءِ الكورُونيِّ المُمِيتِ)، فإنَّ عِصَابَةَ «الإمبراطورِ» الأمريكيِّ كانت تَهْزَأُ، من حَيْثِيَّتِهَا هي الأُخرى، لافظةً هَزْءَهَا كذاكَ بلسانِ وزيرِ خارجيَّتِهَا المَتِينِ، مايك ݒومݒيو (غيرَ مُخْتَلِفٍ، من حيثُ المبدأُ، عن خَلَفِهِ الرَّزِينِ، أنتوني بلينكن)، مِمَّا أَسْفَرَ قَبْلَئِذٍ، ومِمَّا سوفَ يُسْفِرُ بَعْدَئِذٍ، عنهُ المشروعُ الرُّوسِيُّ المُتَقَرِّي فَحْواءَهُ، من طَرَفِهِ هو الثَّالِثُ، في انعقادِ مُتَتَالِيَةٍ زمَانِيَّةٍ من القِمَمِ الثُّلاثِيَّةِ بينَ رؤوسِ عِصَابَاتِ أرْهَاطِ الحُكْمِ في روسيا ڤلاديمير ݒوتين وتركيا رجب طيب أردوغان وإيرانَ حسن روحاني البانِي (غيرِ المُخْتَلِفِ إذَّاك جَوْهَرًا عن خَلَفِهِ المَبْنِيِّ، إبراهيم رئيسي)، هٰذهِ القِمَمِ الثُّلاثيةِ التي اخْتُلِقَتْ كذاك تِبَاعًا في كلٍّ من المدائنِ، سوتشي (في الثاني والعشرينَ من تشرين الثاني / نوڤمبر عامَ 2017) وأنقرةَ (في الرَّابعِ من نيسانَ / أبريل عامَ 2018) وطهرانَ (في السَّابعِ من أيلولَ / سبتمبر عامَ 2018) وسوتشي أيضًا (في الرابعَ عشرَ من شباطَ / فبراير عامَ 2019) – وذاكَ، بالطبعِ، بُغْيَةَ الحُصُولِ المَفْصُولِ من تركيا ذاتًا عَلى اعترافٍ رَسْمِيٍّ مَمْنُونٍ بـ«شَرْعِيَّةِ» النظامِ الطائفيِّ الطُّغْيَانيِّ الفاشيِّ المتوحِّشِ في سوريا، وذٰلك بعد الاعترافِ الرَّسْمِيٍّ المَمْجُوجِ بـ«شَرْعِيَّةِ» النظامِ النَّظِيرِ في مصرَ، بالإتْبَاعِ عاجلاً أو آجلاً (مثلمَا بَانَتْ جَلِيًّا إرْهَاصَاتُ ذينك الاِعترافَيْنِ أيَّامَئِذٍ، ومثلمَا تَبِينُ جَلِيًّا كذاك هٰكذا إرْهَاصَاتٌ عَوْدًا عَلى بَدءٍ في هٰذِهِ الأيَّامِ من منتصَفِ هٰذا العَامِ «مَا بعدَ الكورونيِّ» فيمَا يتبدَّى، عَامِ 2023) – ولا غَرْوَ، مرةً أخرى وأخرى، أن تكونَ تلك الأحْبُولةُ الوَضِيعَةُ الشُّؤْمَى هي ذاتُهَا الأحْبُولةُ المُثْلَى، منذُ البدايةِ: «التَّعَاضُدُ الأمْنِيُّ الحَمِيُّ مِنْ أجْلِ مُحَارَبَةِ الإرْهَابِ «المُهَابِ»، ذاكَ المُتَمَثِّلِ في تنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشامِ» ISIS، ومشتقَّاتِهَا، في حَالِ كلٍّ من الدولتَيْنِ المَعْنِيَّتَيْنِ هٰتَيْنِ عَدَا تركيا نفسِهَا، أو حتى في تنظيمِ «حزبِ العمالِ الكردستانيِّ» PKK، ومشتقَّاتِهِ كذٰلك، في حَالِ تركيا بالذاتِ دُونَ غيرِهَا».

وقَدْ ظَلَّتْ هٰذِهِ الأحْبُولةُ الوَضِيعَةُ مُسْتَبِيئَةً صَدْرَ الاِهْتِمَامِ حتى في تلك القِمَّةِ الثُّلاثِيَّةِ الأَسْتَانِيَّةِ التي أُبْرِمَتْ مُؤَخَّرًا بِرِعَايَةٍ أُمَمِيَّةٍ مُشْرِكَةً، هٰذِهِ المَرَّةَ، أمريكا إِشْرَاكًا مُعْلَنًا (بعدَمَا كَانَ إِشْرَاكًا مُسَرًّا فيمَا مضَى من أيٍّ من تيك القِمَمِ الثُّلاثِيَّةِ الآنِفَةِ الذِّكْرِ تَوًّا)، فَضْلاً عن إِدْنَاءِ كُلٍّ من روسيا وتركيا كَمَا جَرَى الاِعْتِيَادُ بِحُكْمِ «الإِسَارِ النَّفْعِيِّ القريبِ»، وفَضْلاً كذاكَ عن إِقْصَاءِ إيرانَ عَكْسًا لِجَرْيِ الاِعْتِيَادِ بِحُكْمِ «الإِسَارِ النَّفْعِيِّ البعيدِ». وتَحَجُّجًا مُتَبَاخِسًا بِرَسْمِ خارطةٍ لطريقِ تطبيقِ ذاك القرَارِ الأُمَمِيِّ المَعْنِيِّ (قرارِ مجلسِ الأمنِ 2254)، فإنَّ الهَدَفَ الرَّئِيسَ في المَآلِ البَئِيسِ مِنْ لَدُنْ كُلٍّ مِنَ الرَّاعِي الرُّوسيِّ المُدْنَى والرَّاعِي الإيرانيِّ المُقْصَى إنَّمَا هو إِلْزَامُ عَيْنِ الرَّاعِي التركيِّ «المُدْنَى» بالاِنْسِحَابِ الخِطْرِيفِ من أَرْضِ سوريا، وهٰذا الأخيرُ دَائِبٌ مِصْرَارٌ مِنْ لَدُنْهُ عَلى الاِتِّجَارِ الأَشَدِّ تَبَاخُسًا بِمَسْأَلَةِ اللاجِئَاتِ واللاجِئِينَ السُّورِيِّينَ سَعْيًا، أو حتى لُهَاثًا، وَرَاءَ المَزِيدِ مِنِ ابْتِزَازِهِ الدَّنِيِّ المَعْهُودِ – نَاهِيكُمَا، هٰهُنَا، عن دَنَاءَةِ حتى أقلامٍ صَحَفِيَّةٍ «عربيَّةٍ» لَدَى الكَلامِ المَلْغُومِ عن ذٰلك الاستهدافِ (المُسَيَّرَاتِيِّ) اللامُسَمَّى لِعَصَائِبِ «الدفاعِ الشعبيِّ» التي يُسَمِّيهَا الشعبُ السُّورِيُّ الثائِرُ غَمْصًا وإِكَارَةً بَدِيهِيَّيْنِ بـ«قطعانِ الشَّبِّيحَةِ» لارتكابِهَا الوَكِيدِ لأفظعِ الجَرَائِرِ والمَجَازِرِ منذُ البَدْءِ، لَدَى الكَلامِ المَلْغُومِ بأنَّ هٰذا الشعبَ إنَّمَا «يَتَّهِمُ» هٰذِهِ القطعانَ بهٰكذا «ارتكابٍ» مَدَى تيك السَّنَوَاتِ الخَوَالي لَيْسَ إِلاَّ، كَمَا يَسْتَبِينُ جَلِيًّا في مَتْنِ هٰذا التقريرِ الافْتِتَاحِيِّ البَخِيسِ غُفْلِيًّا، «سوريا: رسائلُ المُسَيَّرَاتِ في بلادِ الكبتاغون واللاجئينَ!» (القدس العربي، 23 حزيران 2023). غَيْرَ أنَّ المَشْهَدَ المُقَابِلَ بينَ عَصَائِبِ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ عَرَبًا أَقْحَاحًا ومُسْتَعْرِبِينَ «جُمْهُورِيًّا»، أو حتى «اشتراكيًّا»، ليسَ أَقَلَّ قَبَاحَةً بِمَعِيَّةِ ذاك النَّظِيرِ التركيِّ (أو الرَّاعِي الثالثِ «المُدْنَى» بعدَ النَّظِيرَيْنِ الأمريكيِّ والرُّوسيِّ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرًا). فَمَثَلاً لَا حَصْرًا، فإنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ المُصْطَنَعَ، عبد الفتاح السيسي، والطاغيةَ الفاشيَّ الأكثرَ اصْطِنَاعًا، بشار الأسد، كَانَا ومَا زَالا يقفانِ إلى جانبِ بعضِهِمَا البعضِ وُقُوفًا حَمِيمِيًّا «أسطوريًّا»، عَلى الصَّعِيدِ العسكريِّ بِجُلِّ أنواعِهِ الخفيفةِ والثقيلةِ، منذُ حَوَالَيْ خَمْسَةٍ من الأَحْوَالِ «الجَلِيلَةِ»، رغمَ اكتظاظِهَا المُسْتَمِرِّ إلى حَدِّ طُفُوحِ الكَيْلِ بكلِّ أشْتَاتِ المَخَاوفِ والأَهْوَالِ السَّلِيلَةِ. وكلاهُمَا يَتَفَنَّنَانِ بِلا رحمةٍ وبِلا هَوَادَةٍ بما يتيسَّرُ لِأَرِبَّائِهِمَا ولأذنابِهِمَا من فنونِ التعذيبِ والتزهيقِ عَلى حَافَّةِ «الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ»، وكلاهُمَا يُسَوِّمَانِ بناتِ وأبناءَ الشَّعْبَيْنِ المِصْريِّ والسُّوريِّ سُوءَ هٰذِهِ الفُنُونِ كَافَّتِهَا أَيَّمَا تَسْوِيمٍ. فذاك هو النِّيرُ الفَرِيُّ أبو الهَوْلِ القَاهِرِيُّ مُجَسَّدًا، من جَانِبٍ أوَّلَ، في جَسَدٍ «فِرْعَوْنِيٍّ» ذَمِيمٍ يتولَّهُ في الفُسْطَاطِ بتجميلِ أحكامِ الإعدامِ التعسُّفِيَّةِ كَوْنِهَا في الحُسْبَانِ المزيَّفِ «حَقًّا إلٰهِيًّا» مُنَزَّلاً من السَّمَاءِ بـ«الحَقِّ» عَلى «العِقَاقِ» منهنَّ شَابَّاتٍ وعَلى «العُقَّقِ» منهُمْ شُبَّانًا (وقد تَمَّ التَّنفيذُ المُرِيعُ لهٰكذا إعدامٍ تعسُّفيٍّ في آخِرِ تِسْعَةٍ من هؤلاءِ الشُّبَّانِ «العُقَّقِ» أَيَّامَئِذٍ، وتلك الجَرِيرَةُ النَّكْرَاءُ لا تعدو أنْ تكونَ، في ذٰلك الحُسْبَانِ المزيَّفِ بالذاتِ، بدايةَ البداياتِ المُدَمَّاةِ، وبالأخصِّ بعدَ استتبابِ ذاك الانقلابِ العسكريِّ المَقُومِ بِهِ بدعمٍ مملكاتيٍّ وإماراتيٍّ، وبإيعَازٍ أمريكيٍّ وبريطانيٍّ، عَلى الرئيسِ المِصْريِّ المَحْبُوسِ حتَّى إشعارٍ آخَرَ، محمد مرسي، قبلَ رَحِيلِهِ الاعتسَافيِّ عن هٰذِهِ الدُّنْيَا، بصِفَتِهِ الرئيسَ المِصْريَّ الوحيدَ مُنْتَخَبًا، رَغْمَ «إِخْوَانِيَّتِهِ»، انتخابًا ديمقراطيًّا حقيقيًّا في تاريخِ مِصْرَ السياسيِّ بِأَسْرِهِ). وهٰذا هو العِيرُ الرَّحِيُّ ابنُ الغُولِ القِرْدَاحِيُّ مُجَسَّمًا، من جَانِبٍ ثَانٍ، في جِسْمٍ «قِرْدَوْنِيٍّ» دَمِيمٍ يتولَّعُ في الفَيْحَاءِ بتحطيمِ الأرقامِ القياسيَّةِ المَدْمِيَّةِ كلِّهَا في اجْتِرَامِ أفظعِ وأشْنَعِ مَا توصَّلَ إليهِ «العقلُ» الإجرَامِيُّ البهيميُّ، لا بَلْ مَا دُونَ-البهيميُّ، من جَرَائِمَ فظيعَةٍ شَنْعَاءَ ضدَّ الإنسانيةِ في المطلقِ (وقد قتلَتْ وشرَّدَتْ عَصَائِبُهُ الذَّلُولُ مَأْمُورَةً والدَّخُولُ مَأْجُورَةً، قادمةً من كلِّ صُقْع من أَصْقَاعِ هٰذا العَالَمِ كُلاًّ، وقد قتلَتْ وشرَّدَتْ من الشَّعبِ السُّوريِّ اليتيمِ في غُضُونِ أقلَّ من سَبْعٍ من السَّنواتِ العِجَافِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً مِمَّا قد قتلتْهُ وشرَّدَتْهُ عَصَائِبُ الكيانِ الصُّهيونيِّ من الشَّعبِ الفلسطينيِّ اللَّطِيمِ عَلى مَدى أكثرَ من سبعينَ سَنَةً أشدَّ عُجُوفًا حتَّى). وهٰذا هو الزَّلَمُ السَّفَّاحُ الذَّبَّاحُ المَهِيضُ المَرِيضُ بنِصْفِ عَقْلٍ، أو بدونِهِ بالأحْرَى، مُبَدَّنًا، من جَانِبٍ ثالثٍ، في بَدَنٍ «عثمانيٍّ» رَمِيمٍ يترنَّمُ أيَّمَا ترنيمٍ بعَتَاهَةٍ وبَلاهَةٍ سَرِيرِيَّتَيْنِ هٰهُنَا، ويتألَّهُ في بلادِ الأنَاضولِ أو في أرجَاءِ آسيا الصُّغْرَى هٰهُنَاكَ، يتألَّهُ شامخًا شَامِسًا بتأليهِ ذٰلك الحزبِ المُسَمَّى بـ«حزبِ العدالةِ والتنميةِ» AKP، صَوْغًا تركيًّا (أو JDP، صَوْغًا إنكليزيًّا) لِكَيْمَا يظهرَ، من خلالِ تَشَوُّفِهِ الافتعاليِّ والافترائيِّ الجَمُوحِ قدَّامَ المَغْبُونِينَ وغيرِ المَغْبُونِينَ من الأكرادِ والعَرَبِ طُرًّا، بمظهرِ ذٰلك السياسيِّ «النظيفِ» و«النزيهِ» و«المُشْبَعِ إشباعًا بمَنَاقِبِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النقيَّةِ»، حِينَمَا يُجْلِيهَا ومنْ ثمَّ يُجَلِّيهَا قاصِدًا مُتَعَمِّدًا كلَّ الإجْلاءِ والتَّجْلِيَةِ «الجَلِيلَيْنِ» في «أسْمَى» مَعَانِيهَا. كلُّ هٰذَيْنِ الشُّمُوخِ والشُّمُوسِ الجَارِفَيْنِ الكَاشِفَيْنِ، في حَقِيقَةِ الأَمْرِ، إنَّمَا مَرَدُّهُمَا إلى عُقْدَتَيْنِ نفسيَّتَينِ مُزْمِنَتَيْنِ تُشَرِّشَانِ في عَقْلِ هٰذا الرَّجُلِ المَرِيضِ بنصفِ عَقْلٍ، أو بدونِهِ بالحَرِيِّ، ألا وهُمَا: العُقْدَةُ الكُرْدِيَّةُ، في المَقامِ الأوَّلِ، والعُقْدَةُ العَرَبِيَّةُ، في المَقَامِ الثَّانِي – هٰذا بالرَّغْمِ من أنَّ عددَ الأعضاءِ الكُرْدِيَّاتِ والأكرادِ المنتمينَ إلى حزبِهِ التركيِّ المُؤَلَّهِ، «حزبِ العدالةِ والتنميةِ» AKP المذكورِ ذاتًا، إنَّمَا يَفُوقُ فَوَاقًا لافِتًا عددَ الأعضاءِ الكُرْدِيَّاتِ والأكرادِ المنتمينَ إلى ذٰلك الحزبِ التركيِّ اللامُؤَلَّهِ الآخَرِ والمُؤَيِّدِ والمُسَانِدِ للشَّعْبِ الكُرْدِيِّ بالذاتِ مَدْعُوًّا بـ«حزبِ الشعوبِ الديمقراطيِّ» HDP، بالصَّوْغِ التركيِّ (أو PDP، بالصَّوْغِ الإنكليزيِّ)، من حَيْثِيَّةِ «العُقْدَةِ الكُرْدِيَّةِ» الأُولى – وهٰذا كذاك بالرَّغْمِ من أنَّ ثَمَّةَ قُرَابَةَ أربعةِ ملايينَ من اللاجئاتِ واللاجئينَ السُّوريِّينَ، بأغلبيَّةٍ عربيةٍ سَاحقةٍ، يعيشُونَ الآنَ عيشًا «كريمًا» في أنْحَاءٍ مختلفةٍ من تركيَّا، ويفضِّلونَ هٰذا العيشَ «الكريمَ»، بنسبةٍ مَلْحُوظَةٍ تقرُبُ من ثلاثةِ أربَاعٍ، تحتَ جَنَاحِ سُلْطَةِ ذٰلك الحزبِ التركيِّ المُؤَلَّهِ، لا تحتَ جَناحِ سُلْطَةِ «حزبِ البعثِ الأسديِّ الطائفيِّ الفاشيِّ المتوحِّشِ»، حَسْبَمَا جَاءَ مَوْثُوقًا ومُوَثَّقًا في آخِرِ استفتاءٍ ليسَ تركيًّا ولا كرديًّا ولا حتى عربيًّا، من حَيْثِيَّةِ «العُقْدَةِ العَرَبِيَّةِ» الثَّانِيَةِ. ولٰكِنْ، والسُّؤَالُ الأهمُّ يطرحُ نفسَهُ بإلحَاحٍ وتَرَقُّبٍ، في هٰذِهِ القرينةِ: كيفَ يجيءُ مَوْثُوقًا ومُوَثَّقًا أكثرَ فأكثرَ، في واقع الأمرِ، عَصْفٌ «مَلِيحٌ» من «التَّصَادُقِ» السِّرِّيِّ مَا بينَ الزَّلَمِ السَّفَّاحِ الذَّبَّاحِ «العثمانيِّ» والعِيرِ الرَّحِيِّ ابنِ الغُولِ «القِرْدَاحِيِّ»، من جِهَةٍ أولى، وكيفَ يجيءُ بالغِرَارِ ذاتِهِ عَصْفٌ «قَبِيحٌ» من «التَّعَادِي» الجَهْرِيِّ مَا بينَ الزَّلَمِ السَّفَّاحِ الذَّبَّاحِ «العثمانيِّ» والنِّيرِ الفَرِيِّ أبي الهَوْلِ «القَاهِرِيِّ» في كُلِّ هٰذا الحَيْصِ وكُلِّ هٰذا البَيْصِ، من جِهَةٍ أخرى؟

في كُلِّ هٰكذا حَيْصٍ وكُلِّ هٰكذا بَيْصٍ، فيمَا يتبدَّى في سُوقِ السِّيَاسَةِ، فَنِّ الكَذِبِ والخِدَاعِ والإِفْكِ بامتيازٍ في اسْتِبَاءَةِ بُوقِ الرِّيَاسَةِ، وكذاكَ بامتيازِ فَنِّ الكَذِبِ والخِدَاعِ والإِفْكِ ذاتِهِ، فيمَا يتجَلَّى في طُوقِ النِّخَاسَةِ، تيكَ العَاجَّةِ أّيَّمَا عَجٍّ بِأَعْفَاشٍ من نُقَطَاءَ عَتُوفِينَ أو من عُسَفَاءَ نَتُوفِينَ سَفُوفِينَ حتى عن فُوقِ الإنَاسَةِ، ليسَ ثَمَّةَ «أَصْدِقَاءُ» بَتًّا وليسَ ثَمَّةَ «أَعْدَاءٌ» بَتَّةً، لا بالفَحْوى الحَرْفِيِّ ولا حتى بالفَحْوَاءِ المَجَازِيِّ لأيٍّ من هٰتَيْنِ المُفْرَدَتَيْنِ النَّقِيضَتَيْنِ، بَتَّةً أخرى – بَلْ ثَمَّةَ، عَلى الخِلافِ من ذٰلكَ كُلِّهِ، فَلٌّ أو فُلُولٌ من «مَصْلَحِيِّينَ» أَوْ «مَنْفَعِيِّينَ» أَوْ «وُصُولِيِّينَ» أو حتى «اِنْتِهَازِيِّينَ» أو حتى «نِفَاقِيِّينَ» بالفَحْوَى والفَحْوَاءِ الحَرْفِيَّيْنِ الصَّرِيحَيْنِ لِكُلٍّ من هٰذِهِ المُفْرَدَاتِ الرَّدِيفَاتِ وغيرِهَا الكَثِيرَاتِ، عَلى وَجْهِ التَّحْدِيدِ. وثَمَّةَ ثَمَّةَ، في المُقَابِلِ، الكثيرُ الكثيرُ من مَعْشَرِ الكُتَبَاءِ الصِّحَافِيّيِنَ ومَعْشَرِ البُحَثَاءِ الجَامِعِيِّينَ، في هٰذا المَسَاقِ (النَّفْسِيِّ السِّيَاسِيِّ) الخَطِيرِ بالذاتِ، ثَمَّةَ الكثيرُ الكثيرُ مِنْهُمْ حِينَمَا يَتَبَدَّوْنَ مُغْرَمِينَ قُدَّامَ الآنَامِ الحَرَائِرِ والأحْرَارِ غَرَامًا شَدِيدًا باسْتِعْمَالِ تلك العِبَارَاتِ العُبُوديَّةِ والرِّقِّيَّةٍ التي أَكَلَتْ عَلَيْهَا أَشْتَاتُ الدُّهُورِ المِدَادِ وشَرِبَتْ إلى حَدِّ التُّخْمَةِ (أو حَدِّ «التُّخَامِ» Dyspepsia)، من مثلِ هٰذِهِ العِبَارَةِ «ٱلْقَهْرِيَّةِ ٱلْتَّكْرَارِيَّةِ» المُصَاغَةِ هٰكذا بِالاسْتِيمَانِ بِعِبَارَةِ العُنْوَانِ صَوْغًا مَاثِلاً أو تَمْثِيليًّا عَلى النَّحْوِ التَّالِي: «قَدَّمَتْ دَوْلَةٌ مَا دَوْلَةً مَا لَدَوْلَةٍ مَا عَلى طَبَقٍ مِنْ ذَهَبٍ، أو (حتى) مِنْ فِضَّةٍ». فليسَ لهٰؤلاءِ الكُتَبَاءِ الصِّحَافِيّيِنَ والبُحَثَاءِ الجَامِعِيِّينَ إِلاَّ أَنْ يَقَعُوا، شَائِينَ أمْ آبِينَ مِنْ ثَمَّ، وُقُوعًا في شَرَكِ (أو في أَشْرَاكِ) ضِرْبَيْنِ من التناقضِ التعبيريِّ، عَلى أَدْنَى تَخْمِينٍ، أَلَا وهُمَا، بِبَسَاطَةٍ: التناقضُ التعبيريُّ الوَاعِي، أَوَّلاً، والتناقضُ التعبيريُّ اللاوَاعِي، ثَانِيًا. مَا يَهُمُّ هٰهُنَا، في هٰذا المَسَاقِ (النَّفْسِيِّ السِّيَاسِيِّ) الخَطِيرِ بالذاتِ، إِنَّمَا هو الضِّرْبُ الأوَّلُ من هٰذا التناقضِ التعبيريِّ دُونَ غَيْرِهِ، لمَاذا؟ – لأنَّ الكاتبَ المَعْنِيَّ في هٰكذا مَسَاقٍ ذَاتًا ليسَ لَهُ سِوَى أَنْ يَتَكَشَّفَ بالاِعْتِيَادِ، وبِالبَسَاطَةِ ذاتِهَا كذٰلك، عن وَعْيٍ وإدْرَاكٍ تَامَّيْنِ بمَا كَانَ قَدْ وَقَعَ فيهِ من تناقضٍ تعبيريٍّ سَافِرٍ أو صَارِخٍ دُونَ أَنْ يَتَجشَّمَ، ولا حتَّى أَنْ يُحَاولَ أَنْ يَتَجشَّمَ، عَنَاءَ تقديمِ حَلٍّ نَجِيعٍ أو حتى رأيٍ بَدِيعٍ لِمَا يكتبُ في نصِّهِ من هٰكذا تناقضٍ تعبيريٍ سَافِرٍ أو صَارِخٍ، مِثْلَمَا يكتبُ البَاحثُ الجَامعيُّ «المَاركسيُّ» جلبير الأشقر، عَلى سَبِيلِ المِثَالِ لَا الحَصْرِ، كَتْبًا في نَصِّهِ «التحليليِّ السِّيَاسِيِّ» من تقريرٍ (من تقاريرِهِ الصَّحَفِيةِ المَكْتُوبَةِ بالمِنْهَاجِ «الأكاديميِّ» الغَنِيِّ عن التعريفِ) ظَاهِرٍ بالعُنْوَانِ المُلَفْلَفِ إعلاميًّا حتى في أحْسَنِ حَالِهِ «التَّحْرِيرِيَّةِ»، مِثْلَمَا يكتبُ بالعُنُوِّ هٰكذا: «وأرادتْ [إسرائيلُ] بالتالي أنْ تنتهزَ فرصةَ السنةِ الأخيرةِ من وجودِ إدارةٍ [أمريكيةٍ] منحازةٍ بقوةٍ [لها، أي] لإسرائيلَ ومعاديةٍ بشدّةٍ لإيرانَ (ولو أنها في الحقيقةِ قد أسدتْ إلى طهرانَ خدمةً جليلةً بتقديمِ حكمِ العراقِ لهَا عَلى طبقٍ من فضَّةٍ) كي تقومَ ضدَّ إيرانَ بتكرارِ ما قامتْ بهِ ضدَّ العراقِ» (اُنْظُرَا تقرِيرَهُ الصَّحَفِيَّ المَعْنِيَّ: «المعادلةُ الخطيرةُ بينَ إسرائيلَ وأمريكا وإيرانَ»، القدس العربي، 26 شباط 2019). بصَرِيحِ الكَلامِ، هٰهُنَا في وَاقِعِ المَآلِ وَاقِعًا، هٰذا قَطْعًا قَاطِعًا ليسَ تحليلاً سياسيًّا بالمُتَعَارَفِ من بَاحثٍ جَامعيٍّ «مَاركسيٍّ» مُتَخَصِّصٍ بِمَا يكتبُ كَتْبًا في هٰذا السِّيَاقِ «التحليليِّ السِّيَاسِيِّ» ذاتِهِ، خاصَّةً وأنَّ الدولةَ المعنيَّةَ التي «تُعَادِي بشدَّةٍ» دولةَ إيرانَ (أي دولةُ أمريكا، والحَالُ هٰذِهِ) لا يمكنُ لَهَا أَنْ تُسْدِيَ «إلى طهرانَ خدمةً جليلةً بتقديمِ حكمِ العراقِ لهَا عَلى طبقٍ من فضَّةٍ» سِوَى لِمَآرِبَ لاأخلاقيةٍ ولاإنسانيةٍ في نفسِ كُلٍّ من أولٰئكَ «المَصْلَحِيِّينَ» و«المَنْفَعِيِّينَ» و«الوُصُولِيِّينَ» و«الِانْتِهَازِيِّينَ» وحتى «النِّفَاقِيِّينَ» الأمريكيِّينَ والإيرانيِّينَ، عَلى حَدٍّ سَوَاءٍ: هٰذا بصَرِيحِ الكَلامِ، هٰهُنَا في هٰكذا وَاقِعٍ قَاطِعٍ، لَتَوْصِيفٌ سِيَاسِيٌّ تلفيقيٌّ (أو حتى «ترقيعيٌّ»، بِعِبَارَةٍ ليستْ ألطفَ تعبيرًا) لتلكَ الأَحْدَاثِ المَرِيرَةِ في تِيكَ السَّنَوَاتِ الخَوَالِي قدْ جَاءَ في نَصِّ البَاحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ عنوةً، وكيفما اتَّفَقَ – نَاهِيكُمَا، بالاِسْتِطْرَادِ المُرَادِ، عَمَّا جَاءَ في نَصِّ تقريرِهِ الصَّحَفِيِّ الأَخِيرِ من «تحليلٍ سِيَاسِيٍّ» مُنْفَصِلٍ اِنْفِصَالاً كُلِّيًّا عن أَيِّمَا وَاقِعٍ قَاطِعٍ، أو حتى غَيْرِ قَاطِعٍ، من جَرَّاءِ اِنْهِمَاكِهِ الإجْرَائيِّ العَقِيمِ في اِسْتِقْرَاءِ، أو حتى في «تَحَرِّي»، أَوْجُهِ ذٰلك التَّشَابُهِ المُتَخَيَّلِ بَيْنَ كُلٍّ من المشهدَيْنِ الليبيِّ والسُّودَانيِّ وبينَ المشهدِ الرُّوسِيِّ مُفْرَدًا (فيمَا يَخُصُّ ذاكَ «التَّمَرُّدَ» العَتِيدَ مِنْ لَدُنْ قائدِ وحداتِ «ڤاغنر»، يفغيني بريغوجين، عَلى قادةِ وزارةِ الدفاعِ بالذَّوَاتِ، ذاكَ «التَّمَرُّدَ» الذي كَانَ يعلمُ بالتخطيطِ لَهُ عِلْمَ اليَقِينِ مُسْبَقًا نائبُ القائدِ العسكريِّ الرُّوسيُّ في أوكرانيا آنِفًا، سيرغي سوروفيكين، مِمَّا أَدَّى إلى «اعْتَقَالِهِ» مُؤَخَّرًا مِنْ لَدُنِ الرئيسِ الرُّوسِيِّ ڤلاديمير پوتين بالذاتِ)، ومن جَرَّاءِ اهْتِمَامِهِ الفُجَائِيِّ الحَمِيمِ (اهْتِمَامِ البَاحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ عَيْنِهِ) باسْتِنْبَاطِ وَجْهِ الاخْتِلافِ الوَاقعيِّ العظيم، عَلى النَّقِيضِ، بينَ دَوْلَتَي السودانِ وروسيا، بِوَصْفِ هٰذِهِ الأخيرةِ «دولةً عظمى من حيثُ القوةُ العسكريَّةُ، بَلْ دولةً حائزةً على أكبرِ ترسانةٍ من الأسلحةِ النوويةِ في العَالَمِ» (اُنْظُرَا تقرِيرَهُ الصَّحَفِيَّ التَّحْذِيرِيَّ: «القلقُ الغربيُّ من انهيارِ الدولةِ الروسيةِ»، القدس العربي، 27 حزيران 2023) – وذاكَ، ويَا لَلْدَّهْشَةِ والدُّهَاشَةِ من تغييرِ الآرَاءِ والأَجْوَاءِ والأَضْوَاءِ رَأْسًا عَلى عَقِبٍ، بعدَ أَنْ كَانَ هٰكذا بَاحثٌ جَامعيٌّ «مَاركسيٌّ» يَتَبَجَّحُ أَيَّمَا تَبَجُّحٍ مِرَارًا وتَكْرَارًا بالتَّفَوُّقِ الأمريكيِّ المَلْحُوظِ من كُلِّ جَانِبٍ من هٰذا القبيلِ الترسَانيِّ تحديدًا، باعتبارِ أَنَّ قُوَّةَ هٰذِهِ الـ«أمريكا» في نَظَرِهِ «اليَسَارِيِّ» الحَمَاسيِّ المَحْمُومِ إنَّمَا هي «القُوَّةُ العسكريَّةُ الكُبْرَى» في هٰذا العَالَمِ ذاتِهِ بِلَا مُنَازِعٍ، بمَا فيهِ ذاتُ القُوةِ العسكريَّةِ لروسيا تحديدًا أكثرَ، مِمَّا استقطبَ تَنْوِيهًا نَقدِيًّا لاذِعًا كُلَّ اللَّذْعِ مِنْ يَرَاعِ النَّاقِدَةِ الصِّحَافِيَّةِ والإِعْلامِيَّةِ، آصال أبسال، قبلَ أرْبَعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ونَيِّفٍ (اُنْظُرَا مقالَهَا الألمعيَّ: «إِشْكَالِيَّةُ الإِعْلامِ السِّيَاسِيِّ: اليَسَارُ بِالاِنْتِكَاسِ أَوْ الإِسَارُ بالاِنْعِكَاسِ؟»، الإعلام الحقيقي، 20 نيسان 2022). وعَلى غِرارٍ مُشَابِهٍ، في كُلِّ ذٰلك الحَيْصِ وكُلِّ ذٰلك البَيْصِ، لا يَهُبُّ عَصْفٌ «مَلِيحٌ» من «التَّصَادُقِ» السِّرِّيِّ مَا بينَ الزَّلَمِ السَّفَّاحِ الذَّبَّاحِ «العثمانيِّ» والعِيرِ الرَّحِيِّ ابنِ الغُولِ «القِرْدَاحِيِّ»، من نَاحِيَةٍ أولى، ولا يهبُّ عَصْفٌ «قَبِيحٌ» من «التَّعَادِي» الجَهْرِيِّ مَا بينَ الزَّلَمِ السَّفَّاحِ الذَّبَّاحِ «العثمانيِّ» والنِّيرِ الفَرِيِّ أبي الهَوْلِ «القَاهِرِيِّ»، من نَاحِيَةٍ أخرى، إلاَّ لِمَآرِبَ لاأخلاقيةٍ ولاإنسانيةٍ في نفسِ كُلٍّ مِنْ هٰؤلاءِ الرِّجَالِ «الشَّرقِيِّنَ»، وفي نفسِ كُلٍّ مِنْ أَسْيَادِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ «الغربيِّينَ» كذٰلك، إِذْ بُعَيدَ فَوْزِ هٰذا الزَّلَمِ «العثمانيِّ» في الاِنْتِخَابَاتِ الرِّئَاسِيَّةِ فَوْزًا جِدَّ عَسِيرٍ لهٰذا العَامِ، آلتْ أَحْلَامُ الاِحتكَامِ القانونِيِّ مُغَذَّاةً من أَذْهَانِ مُعَارِضِيهِ إلى التَّلاشِي، فَضْلاً عنْ تَجَاهُلِهِ مَسْألَةَ الإِفَرَاجِ عن أولٰئكَ السَّجِينَاتِ والسُّجَنَاءِ السِّيَاسِيِّينَ عَنْ عَمْدٍ وعَنْ قَصْدٍ.

كَمَا تَرَيَانِ جَلِيًّا هٰهُنَا، أَيَّتُهَا القارئةُ الكريمَةُ وأَيُّهَا القارئُ الكريمُ، ثَمَّةَ في هٰكذا نَصٍّ نفسيٍّ سِيَاسِيٍّ مَفْتُوحٍ عَلى مِصْرَاعَيْهِ كَمٌّ مَاثِلٌ من «ٱلْتَّكْرَارِ ٱلْقَهْرِيِّ» بأُسْلُوبٍ مُمَاثِلٍ أو مُغَايِرٍ، حَسْبَمَا يقتضِيهِ ضَرُورَةً بِالرُّصُودِ مُقْتَضَى الحَالِ من حيثُ الشَّكْلُ أَوِ المَضْمُونُ أو حتى كِلَاهُمَا – وتَعْبِيرُ المَعْنَى من هٰذا «ٱلْتَّكْرَارِ ٱلْقَهْرِيِّ» المُسَمَّى هٰكذا اسْتِئْنَاسًا بِتَعْبِيرِ العُنْوَانِ بالعَيْنِ إِنَّمَا هو مَعْنِيٌّ عَنْ عَمْدٍ وعَنْ قَصْدٍ كذٰلك، مَا دَامَ ثَمَّةَ أَرْهَاطٌ وأَرَاهِيطُ من نُقَطَاءَ عَتُوفِينَ أو من عُسَفَاءَ نَتُوفِينَ (أو حتى من «عَبِيدٍ مَنْزِلِيِّينَ» House Slaves، باصْطِلاحِ الثَّائِرِ الأفرو-أمريكيِّ الفَذِّ، مالكولم X)، مَا دَامُوا منْتَشِرِينَ هُنَا وهُنَاكَ مِثْلَمَا تَنتَشِرُ العَذَوَاتُ من النَّبَاتِ الضَّارِّ التي ليسَ إلاَّ التَّطَفُّلُ «الدَّنِيءُ» والدَّنِيُّ» على أَيِّمَا طَيِّبٍ أَوْ صَالِحٍ من أَجْنَاسِ الأَزَاهِيرِ أَوِ العُشْبِ أوِ الشَّجَرِ مَدْلُولاً عَامًّا (وحتى بالمَدْلُولِ العِلْميِّ الأَحْيَائيِّ، أو «البيولوجيِّ»، لكلٍّ من هٰتَيْنِ المُفْرَدَتَيْنِ الرَّدِيفَتَيْنِ). ذٰلك لِأَنَّ هٰؤلاءِ النُّقَطَاءَ العَتُوفِينَ أو العُسَفَاءَ النَّتُوفِينَ إِنَّمَا يُعَانُونَ أَشَدَّ المُعَانَاةِ من إِشْكَالِ الفَهْمِ السَّرِيرِيِّ للنُّصُوصِ أَيَّةً كَانَتْ سُهُولَتُهَا في وَاقِعِ الشَّأْنِ، مِمَّا يُثِيرُ نَوْعًا إِنْسَانِيًّا، لا بل أَخْلاِقيًّا، من الرِّثَاءِ الخَاصِّ لحَالِهِمْ «بالتَّجَرُّدِ عَنِ أَيِّمَا نَاصِبٍ أو جَازِمٍ، إِنْ جَازَ المَجَازُ»، لولا انْتِفَاخُ أَوْدَاجِهِمْ بالجُلِّ، إِنْ لَمْ يَكُنْ بالكُلِّ، من سُمُومِ الحَسَدِ والغَدْرِ واللُّؤْمِ واللَّكَعِ واللَّكَاعَةِ، إلى آخِرِهِ، بإزاءِ كُلِّ مَنْ يَفُوقُهُمْ إدْرَاكًا واسْتِيعَابًا لتِيكَ النُّصُوصِ مَهْمَا كَانَتْ صُعُوبَتُهَا ومَهْمَا كَانَ عِيَاصُهَا في حقيقةِ الأمرِ (كَافِيكَ من احْتِيَاز الحِكْمَةِ والحَصَافَةِ، قبلَ كلِّ شيءٍ). فَتَرَيَانِ الوَاحِدَ من هٰؤلاءِ المُنْتَفِخِي الأَوْدَاجِ سُمًّا كهٰذا إِنْ قَرَأَ النَّصَّ فِعْلاً فإِنَّهُ لا يَفْهَمُ منهُ أَيَّ شَيْءٍ، وتَرَيَانِهِ إِنْ «فَهِمَ» منهُ شَيْئًا حَقًّا فإِنَّهُ لا يَفْهَمُ منهُ إِلاَّ العَكْسَ أو الضِّدَّ من مَعْنَاهُ الحَقِيقِيِّ، ورَغْمَ كُلِّ هٰذا العَجْزِ الذِّهْنِيِّ الكَارِثيِّ يَأْتِيكُمَا هٰذا النَّقِيطُ العَتُوفُ أو العَسِيفُ النَّتُوفُ كَاشِفًا عن كُلِّ جَهْلِهِ وغَبَائِهِ بالقَوْلِ المُثِيرِ لكلِّ أَشْكَالِ الهُزْءِ والتَّهَكُّمِ بِأَنَّ النَّصَّ المَعْنِيَّ الذي قَرَأَهُ ولَمْ يفْهَمْ منهُ شيئًا إنَّمَا «يَسِيحُ بدُونِ خَارِطَةٍ للطَّرِيقِ» دُونَ أْنْ يَعِي مَا يَقُولُ في الحَقِيقةِ. هناك فلاسفةٌ عَدِيدُونَ يرَوْنَ أنَّ نشأةَ مَا يُعَرَّبُ نَقْحَرَةً بـ«الهيرمينوطيقا» Hermeneutics، قدِ ارتبطتْ منذُ البدءِ بالخِطَابِ الدِّينِيِّ، مَعَ أَنَّ الاِصْطِلاحَ مُرْتَبِطٌ قبلَ كلِّ شيءٍ بالخطابِ الأُسْطُورِيِّ ومُشْتَقٌّ اِسْمِيًّا من أُسْطورةِ الإلٰهِ «هيرميز» Hermes، حَالاًّ بمُهَمَّتِهِ الأولى كـ«رَسُولٍ خَاصٍّ لِلآلِهَةِ» من السَّمَاءِ إلى الأَرْضِ، ودَالاًّ بذاكَ عَلى الاشتقاقِ المعنيِّ «المَآليَّاتُ»، كأقربِ اشْتِقَاقٍ مقابلٍ في اللغةِ العربيَّةِ، لكي يعنيَ، أوَّلَ مَا يعنيهِ، أنَّ لكلِّ شيءٍ جَامدٍ أو حَيٍّ في هٰذا الكونِ بلا استثناءٍ «رِسَالةً» مُعَيَّنَةً لَهَا تَجَلِّيَاتُهَا الرُّوحِيَّةُ ولَهَا كذلكَ أبعَادُهَا النَّفْسِيَّةُ – ولِهٰذَا الكَلَامِ، فِيمَا بَعْدُ، بَقِيَّةٌ!

*** *** ***

دبلن (إيرلندا)،
19-29 حزيران 2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة