الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبعة شتاءات في طهران . . . تحريف التُهم وتحويل الضحية إلى جانية

عدنان حسين أحمد

2023 / 6 / 30
الادب والفن


تلتجئ المخرجة الألمانية شتيفي نيدرزول في فيلمها الجديد "سبع شتاءات في طهران" إلى وسائل شتّى لشدّ انتباه المتلقّي وصعقه بتيّار كهربائي خفيف يأخذه مباشرة إلى قضايا حسّاسة جدًا مثل "الاغتصاب" أو "إقامة علاقة محرّمة من دون زنا" أو "القصاص" وما إلى ذلك من مفاهيم رجراجة ضمّنها رجل الدين في القوانين الإيرانية المعاصرة التي تخدم مصلحة الرجل وتغمط حق المرأة في المجتمع الإيراني.
ورغم انعطافة الفيلم باتجاه السياسة إلاّ أن خطورته الأكبر تتمثل في انتقاد القضاء الإيراني الذي يعتمد على بعض رجال الدين الذين درسوا في الحوزات الدينية وتخرجوا منها لكنهم لم يدرسوا القانون ولم يتخرجوا من كلياته الرسمية المعترف بها. ومع ذلك فقد وجدوا طريقهم إلى هذه المناصب الحسّاسة، وتبؤوا سُددها، وأمسكوا بمطارقها التي تُقرر أرواح الناس ومصائرهم. وصانعة الفيلم الألمانية تستهدف هذا العدد غير المحدود الذي تسلل إلى هذه المناصب الخطيرة وعاثَ فسادًا بأرواح الناس وممتلكاتهم.
وقبل الخوض في تفاصيل الثيمات الرئيسية والفرعية لابد من الإشارة إلى أنّ المخرجة شتيفي نيدرزول قد اعتمدت على صور، وتسجيلات صوتية، ورسائل هاتفية، ويوميات كتبتها الضحية على مدار السنوات السبع التي أمضتها في السجن، إضافة إلى المقابلات الشخصية التي أجرتها المخرجة مع أفراد العائلة التي هربت إلى ألمانيا واتخذت منها ملاذًا آمنًا باستثناء الأب فريدون جباري الذي حرمتهُ السلطات الأمنية من الحصول على جواز سفر يُتيح له الانتقال إلى ألمانيا أو إلى أي بلد آخر في العالم. لقد استغرق إنجاز هذا الفيلم 6 سنوات بالتمام والكمال حيث كُتب النص بحِرفية عالية، واشتمل على حبكة درامية قوية تأخذ بتلابيب المتلقّي وتضعه في دائرة الشدّ والتوتر والانفعال. وجدير ذكره بأنّ الرسائل النصيّة، والمكالمات الصوتية، والفيديوهات قد صُوّرت وسُجلت سرًا من دون رُخص رسمية، وهُرِّبت إلى خارج إيران وتُعدّ في نظر القانون الإيراني مخالفات أو جُنح يُعاقب عليها المتهم بعقوبة السجن التي لا تقل عن خمس سنوات.

غواية الشهرة أوقعتها في مصيدة المغفّلين

لا يحتاج المتلقّي إلى وقت طويل ليدخل في صلب الموضوع ويلامس الثيمة الرئيسية فريحانة جباري، هي طالبة هندسة معمارية ولديها وظيفة جانبية هي مصممة ديكور داخلي. وبينما كانت على وشك الانتهاء من الحديث مع أحد الزبائن تقدّم نحوها رجل في منتصف العمر وأخبرها بأنه سمع عن خبرتها في تصميم المكاتب، وطلب منها أن تحوّل مكتبه إلى عيادة لأنه طبيب تجميل فشعرت ببعض النشوة لأن شهرتها كمصممة ناجحة بدأت تشيع بين الناس شيئًا فشيئًا. لكنها ما إن ذهبت إلى هناك وصعدت إلى شقة في الطابق الخامس حتى صعقتها المفاجأة حينما اكتشفت أنّ المكان ليس تجاريًا، وأن ساربندي ليس طبيب تجميل لكنها داست على مصيدة المغفلين بقدميها، فباب الشقة قد أغلقه بالمفتاح، وحينما أرادت أن تصرخ قال لها بأنّ البناية غير مأهولة بالسكّان ولن يسمعها أحد حتى لو ملأت الدنيا صراخًا. وما إن نهض من سجادة الصلاة حتى تقدّم نحوها وأحاط خصرها بذراعيه فتوسلت إليه أن يتركها ويدعها تعود من حيث أتت لكنه سقط في غيّه وقرّر أن يمضي في مغامرته إلى أقصاها. وبينما كانت تراوغه لمحت سكينًا على الطاولة فالتقطتها بسرعة وحذّرته بأنها ستطعنهُ إن لم يكفّ عما يدور في ذهنه المريض من هواجس قذرة. لم يأخذ ساربندي تهديداتها على محمل الجد حتى أنه أدار لها ظهره وقال:"هيّا اطعنيني!" وكم كانت دهشته كبيرة حينما طعنتهُ بكل ما أوتيت من قوة؛ سحب السكيّن من ظهره فتناثرت الدماء على المرآة والمروحة فتضاعف غضبه وهو يمسك بالسكين الملطخة بالدماء ويتبعها صوب الباب الذي كانت تضربه بيديها فسمعت دورة المفتاح في قفل الباب الذي فتحه شيخي، صديق ساربندي المقرّب. وقبل أن تجيب على سؤاله"ما الذي يحدث هنا؟" أطلقت ساقيها للريح وفرّت هاربة لا تلوي على شيء.

الضحية التي تحوّلت إلى جانية تستحق القصاص

تعتمد المخرجة نيدرزول في هذا الفيلم الوثائقي على تعدد الرواة فتارة يتحدث الأب أو الأم، وتارة أخرى تتحدث الضحية أو إحدى الشقيقتين. وحينًا يتبنى المحقق أو الجلاد عملية السرد، وحينًا آخر تُسند عملية البوح أو الروي إلى ضحايا أخريات متهمات بجرائم وجُنح عديدة في سجنيّ شهررِي وإيفين على وجه الخصوص حيث تنقّلت الضحية بينهما إضافة إلى مراكز التحقيق وبعض الجهات الأمنية في طهران. وعلى وفق هذه البنية المعمارية نتعرّف على قصة ريحانة جبّاري التي أوصلتها هذه الحادثة إلى أنشوطة الإعدام بعد أن تحولت بشكل عجيب وغريب من ضحية إلى جانية "تستحق" القِصاص، أي أن تُعاقب الجانية بمثل ما جنت على وفق مبدأ العينُ بالعين، والسنُّ بالسن، والنفسُ بالنفس.
تصوِّر الأم الشرارة الأولى التي ستوقد النار في الهشيم فبينما كانت في طريقها إلى النوم شاهدت رجلاً يخرج من غرفة ريحانة وقبل أن تسأله بغضب وانفعال عن هُويته وماذا يفعل في بيتها في منتصف الليل فتح سترته بهدوء فرأت سلاحه الذي تحمله العناصر الأمنية في طهران، ورأت ريحانة ترتدي معطفًا ووشاحًا وهي تهمُّ بالخروج من المنزل عندها عرفت أنّ هذا الرجل المسلّح يُدعى شاملو وهو الذي سيتبنّى عملية الاستجواب في قضية ريحانة التي طعنت رجل المخابرات ساربندي وفارق الحياة متأثرًا بجُرحه العميق. يذهب الأبَوان فريدون وشُعلة إلى قسم التحقيق الجنائي وينتظران ابنتهما حتى الساعة السادسة صباحًا فتخبر أمها همسًا بجملة مهمة جدًا مفادها:"أنهم يريدون أن يحوّلوا التُهمة إلى قضية سياسية، ويلوّون عنق الحقيقة".
لا تبالغ المخرجة في تصوير التعذيب، وانتهاك حقوق الإنسان لكنها لا تنفيه، فالجلادون في السجون والمعتقلات ينتزعون الاعترافات من السجناء بالقوة، والإكراه، والضغط النفسي، وقد رأينا ثلاثة محققين مفتولي العضل وهم يحاصرون ريحانة بتُهم لم ترتكبها حتى أنّ أحدهم ضربها بمقدمة حذائه وجرح ظهرها قبل أن ينقلوها إلى زنزانة مليئة بالداعرات والمدمنات والمُهرِّبات اللواتي تعتبرهن ضحايا الفقر والأوضاع الاقتصادية السيئة.
تنشر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة صورًا لريحانة تُزيد أفراد الأسرة حيرة وغموضًا، فهم لم يعرفوا بعد ماذا حدث بالتفصيل أكثر من طعنها لشخص حاول اغتصابها فدافعت عن نفسها بكل شجاعة وبطولة. تبدأ عملية ليّ أعناق الحقائق عندما جاؤوا لتفتيش غرفتها للمرة الثانية فوجدوا، حسب زعمهم، سكينًا يدّعون أنها كانت أداة الجريمة واتهموا شقيقتها شهرزاد بأنها ساعدت في تنفيذ الجريمة، وطلبوا منها أن تعترف بأنها قد اشترت هذا السكين من قبل ثم حوّلوها إلى محقق آخر أخلى سبيلها بسرعة بعد أن وجّه إليها عددًا من الأسئلة، فالهدف من استدعائها هو تخويف ريحانة والضغط عليها لكي تعترف بأنها ارتكبت عملية القتل عن عمد ومع سبق الإصرار والترصد.

تربية أوروبية لا تتلاءم مع طبيعة المجتمع الإيراني

تتشظى الثيمة الرئيسية إلى موضوعات فرعية فالمُحقق شاملو يخبر الأم شُعلة بأنها ربّت بناتها تربية أوروبية جدًا لا تتلاءم مع طبيعة المجتمع الإيراني ومنظومة قيمه الأخلاقية؛ فهن يذهبن إلى دار الأزياء، وصالات السينما، ويقرأن الكتب، ويمارسن كل مظاهر التحضّر الحديثة حتى أنّ عبارات الفيلسوف الألماني نيتشه تتردّد على لسان الأم المتعلمة والأب المثقف الذي لا يفرّق بين البنات والبنين، ويسعى لتحقيق المساواة بين الجنسين لكنه لم يُرزق إلاّ بثلاث بنات كرّس حياته لتربيتهنّ تربية سليمة ومتحضرة زرعت في أنفسهنّ ثقة كبيرة لا يمكن أن تتزعزع أبدًا. وثمة لقطات مصورة تُظهر طبيعة العلاقة الحميمة بين الأب وبناته الثلاث.
تسعى المخرجة لأن تقدّم صورة واقعية لما يحدث في سجن إيڨين بعد أن حرّف المحققون طبيعة التهمة من محاولة الاغتصاب ودفاعها عن النفس والشرف إلى إقامة علاقة مُحرّمة بدون زنا حيث يُصبح ساربندي بريئًا وريحانة جانية فتُعاقب بثلاثين جلدة لإقامة هذه العلاقة المحرّمة. لم تسمح السلطة القضائية في إيران أن توكّل العائلة محاميًا لابنتها، كما أن المحامين أنفسهم يتفادون مثل هذه القضايا الحسّاسة التي تطعن بأفراد الأجهزة الأمنية والمخابراتية، وقد رفض أربعة محامين أن يأخذوا على عاتقهم قضية ريحانة، وحينما سألت الأم أحدهم عن سبب الرفض أجاب بصراحة ووضوح:"لأنني لا أبحث عن المشاكل!". وقبل أن تيأس الأم من الحصول على محامٍ شجاع قد يجازف بوظيفته وافق محمد مصطفائي على تبنّي هذه القضية المفخخة بالألغام بسبب علاقتها بوازرة الاستخبارات والأمن الوطني "إطلاعات". فحدثت جلسة الاستماع الأولى بعد سنة ونصف السنة من سجنها وكانت العائلة تعتقد بأن ريحانة ليست مذنبة لأنها دافعت عن نفسها وشرفها بعد أن تعرضت لمحاولة الشروع بالاغتصاب. لم يكن اللقاء بعائلة ساربندي سهلاً أو يسيرًا، وقد تبيّن من أحداث الجلسة الأولى أن عائلته دينية، وأنّ أمه وزوجته ترتديان الشادور، وأنّ ابنه جلال يبدو غاضبًا، متجهّم الأسارير. وما إن بدأت المحكمة عملها حتى طلب القاضي كوها كاماري من المدعي العام أن يدلو بدلوه حيث أشار إلى أنّ القضية هي "قتل عمد"، ومن يقتل شخصًا آخر عن عمد أو يسبب له عاهة أو أذىً جسديًا فإن عقوبته في القانون الإسلامي هي "القصاص" التي أشرنا إليها سلفًا، وأنّ عائلة الشخص المقتول تطالب بإنزال حُكم الإعدام بريحانة. تدخّل جلال أكثر مرة وقال بأنّ أباه كان يشغل منصبًا أمنيًا مهمًا في الدولة لكن القاضي منعه من الكلام وهدّده بالطرد من القاعة إن لم يسكت، وأنه يستطيع أن يتكلّم عندما يأتي دوره. ومما فاقم موقف ريحانة أنها شاهدت في نهاية القاعة اثنين من الجلادين اللذين عذّبوها وأن أحدهما كان يؤشر لها بأنه سوف يذبحها إن هي تكلّمت في هذه المرافعة عن موضوع التعذيب الذي تعرّضت له في أثناء التحقيق.

تحقيقات ناقصة وأدلّة لا تفي بالغرض المطلوب

لقد شكّك القاضي كوها كاماري بمصداقية التحقيق وتساءل أمام الجميع قائلاً:"دعونا نقول أنّ هذه الفتاة صغيرة وساذجة وأنها غير مؤمنة لماذ يتواجد رجل دين في منتصف العمر وحيدًا مع امرأة غريبة؟". لقد اكتشف هذا القاضي بأنّ هذه التحقيقات ناقصة، وأنها لا تفي بالغرض المطلوب لكنه سرعان ما نُقل من طهران إلى مكان آخر وحلّ محله القاضي تاردست، وسنعرف على وجه السرعة بأنّ تاردست هو عضو في الحرس الثوري، وباحث إسلامي لم يدرس القانون قط لكنه تسنّم هذا المنصب الحسّاس وبات يتلاعب بمصائر الناس وريحانة هي واحدة من ضحاياه البريئات.
يمتلك المحامي محمد مصطفائي جرأة نادرة حينما يقول بأنّ الأدلة التي تدين القتيل قد دُمرت بالكامل فقد ذكرت ريحانة اسم شيخي أكثر من مرة لكن المحكمة لم تستدعِه أو تحقق مع أنه الشاهد الوحيد لكن وزارة "إطلاعات" لم ترغب في أن يرد اسمه في المحكمة بينما كان القاضي يسألها بغباء: لماذا لم تصرخي وتنبّهي الجيران مع أنه يعرف مُسبقًا بأن العمارة غير مأهولة بالسكان، وكذلك يشجعها على الانتحار حينما يسألها: لماذا لم تقفزي من النافذة مع أنه يعرف أنها في الطابق الخامس؛ فهل تقفز إلى موتها؟! وأكثر من ذلك فهو ينتقد الأب بالقول:"إنه مدمن على الكحول، وأنه يضرب أطفاله"! ومن يلمح وجه الأب فريدون لمرة واحدة يُدرك حجم الحنان والعطف والإنسانية التي يملكها في داخله. كما تؤكد ريحانة بأنها لا تتذكر أبدًا بأنّ أباها قد صرخ بوجهها أو ضربها ذات يوم لأنه كان صديقًا لجميع أفراد العائلة.
يلتفّ تاردست على القضية برمتها حينما يفترض أن ساربندي، الذي نهض من سجادة الصلاة، كان ينوي أن يتزوج منها زواجًا مؤقتًا لكنها خططت وشرعت بالقتل العمد لذلك أدانها بـ "القصاص" وسوف تُعدم ما لم تعفُ عنها عائلة القتيل.

تدّعي ريحانة بأنها قوية ومتماسكة لكنها ضعيفة ومنهارة

وعلى الرغم من إدعاء ريحانة بأنها قوية ومتماسكة في أثناء اللقاءات القصيرة أو كتابة الرسائل النصية إلاّ أنها في حقيقة الأمر منهارة نفسيًا وقد اعترفت في واحدة من رسائلها بحقيقة ما تعانيه أو تشعر به يوميًا حيث تقول:"عزيزتي الوالدة شُعلة؛ سأكذِّب إذا قلتُ بأنني مليئة بالأمل وسأعيش؛ أنا سأموت كما هو مكتوب في لائحة الاتهام. أنا محكوم عليّ بالإعدام وحياتي كلها تدمّرت، وأنّ كل ما أخبرتكم به هو إدعاء، ضحكي، بكائي، سعادتي، حزني. أريد أن أصرخ بأنني خائفة من جامعة اليدين، ومن الغمامة، ومن حبل المشنقة الذي سيلتف حول عنقي. قلبي يوجعني عندما أراكم تتألمون، وأشعر بالعطف عليكم. لماذا تحبونني؟ أتمنى لو أنكم تكرهونني، أتمنى لو أنكما لم تنجباني أبدًا". وعلى الرغم من خيط الأمل الواهن الذي تتشبث به الضحية وهو عفو عائلة القتيل عن القاتلة لكن شرطهم صعب ومستحيل من وجهة نظر ريحانة فهي لا تستطيع أن تنفي تهمة الاغتصاب التي كانت في طريقها إلى الوقوع لو لم تلتقط السكين وتطعن به ساربندي وهي مستعدة لأن تموت ولا تبيّض صفحته السوداء.

الغرب يهاجم القصاص، ويؤلِّب الرأي العام في داخل إيران وخارجها

يتصاعد الموقف الدرامي حينما تكتشف الأم بأنهم قد أعلنوا الحكم في سجن شهررِي الجديد الذي نقلوها إليه وأن اسمها موجود في قائمة الإعدام لكنهم لم ينفذوا الحكم بعد؛ الأمر الذي يدفعها لأن تتصل بجلال وأمه لمرات عديدة وتتوسل إليهما ولكنه كان يحاججها بالقول:"أعيدي لي أبي وسأعفو عن ابنتكم"! لم تدخّر الأم جهدًا حتى أنها نشرت خبرًا على الفيسبوك فتعاطف معها كثيرون من داخل البلاد وخارجها وأرسلت القنوات الفضائية العالمية مراسليها ليتتبعوا القضية من مصادرها الأولى لكن التأثير كان عكسيًا لأن الغرب يهاجم القصاص، ويؤلب الرأي العام في داخل إيران وخارجها، كما يمنع عائلة القتيل من القبول بفكرة الصفح والعفو عن "الجانية" ما لم تسحب اتهامها وتنفي فكرة الاغتصاب. فجلال يريد أن يستعيد شرف العائلة التي أُهينت على الإنترنيت، ويسترد كرامة والده المهدورة.

أُحبُّ حياتي ولا أريد الانتحار

ترتفع الرسائل النصية والورقية إلى مستوى الوثيقة حيث تقول في واحدة منها:"أمي . . . أريد أن أخبرك بشيء ما، فأنا خلال هذه السنوات السبع لم أدخّن، ولم أتعاطَ المخدرات، وليس لديّ آثار جروح جرّاء إيذاء النفس، وليس لديّ أعداء في السجن فإن أخبروكِ بأنني انتحرت أو تناولت جرعة زائدة من المخدرات فإن هذا محض كذب وافتراء فأنا أحب حياتي ولا أريد الانتحار". كما تذكّر والدتها بقصة الفيلسوف الألماني نيتشه الذي علّم الأم أن تدافع عن قيمها حتى الموت فما بالها قد تراخت حينما دنت لحظة الإعدام وصارت ريحانة قاب قوسين أو أدنى من تلك اللحظة المُرعبة؟
تعتقد ريحانه أنهم سينفِّذون بها حُكم الإعدام لكنهم أعطوها مهلة عشرة أيام إضافية كي تطلب الصفح من عائلة ساربندي ولعلهم يغيرون رأي جلال الذي بدأ يتشدد أكثر من اللازم ويتهمها بالكذب وتضليل العدالة. تطلب ريحانة من أهلها وذويها اللقاء الأخير وتعانق أبويها وشقيقتيها ومع ذلك فإنّ العائلة برمتها ماتزال تنتظر جلالاً حتى اللحظة الأخيرة التي يمكن أن يعفو عنها وينقذها من حبل المشنقة لكنها أملها الوحيد قد انتهى حينما تناهى إلى سمعها خبر إعدام ابنتها ريحانة، وفي خضّم بكائها وعويلها قالت:"يا مرتضى ساربندي سأقابلك في الآخرة، لقد جلبت التعاسة لأطفالك وأطفالي". أمّا الأب فريدون فيقول في مشهد حزين يمزق نياط القلب بأنه يشتاق إلى اليوم الذي لا تُغتصب فيه أية فتاة، وألا يستغل أحدٌ القوة الممنوحة له، وأنه يتوق إلى اليوم الذي لا تُنتهَك فيه حقوق الإنسان لأنهم ضعفاء فقط وختم حديثه بأن تُصبح هذه التمنيات حقيقة ذات يوم.
ورغم التهديدات الكثيرة إلاّ أنّ الأم شُعلة پاكراڨان قد واصلت معركتها من أجل حقوق المرأة في إيران وإنقاذ النساء من عقوبة الإعدام. وفي عام 2017م تمكنت شُعلة من الهرب من إيران واللجوء إلى ألمانيا مع ابنتها الصغرى شهرزاد جباري. وفي عام 2021م تمكنت شرارة جباري من الالتحاق بهما بينما رفضت السلطات الأمنية منح فريدون جباري جواز سفر نافذ المفعول ومايزال قابعًا حتى هذه اللحظة في العاصمة الإيرانية طهران.
جدير ذكره أن شتيفي نيدرزول من مواليد نورمبرغ بألمانيا عام 1981م، درست الإعلام المرئي والمسموع في أكاديمية الفنون الإعلامية في كولونيا، كما واصلت تعليمها في مدرسة السينما والتلفزيون الدولية في كوبا. ويعتبر "سبع شتاءات في طهران" أول فيلم وثائقي طويل لها وقد عُرض في مهرجان برلين السينمائي الدولي لعام 2023م وفاز بجائزة السلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا