الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة مرة في العراق.. لاتروق لأحد الاعتراف بها...

سيلفان سايدو
حقوقي وكاتب صحافي

(Silvan Saydo)

2006 / 11 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يعرض التحوّل في مواقف ووجهات نظر الأمريكيين والبريطانيين من جهة، ومن الأخرى القيادات العراقية بشأن الأزمة الأمنية – اليومية الدامية- المتفاقمة في العراق، حيث كان يعتبر منذ فترة ليست ببعيدة أنّ القتلى الذين يسقطون في العراق هم ثمن ضروري تستحقه الديمقراطية، أما الآن فإن أغلب الاعتبارات تذهب إلى القول بأنها خسارة غير مجدية. سيما بعيد احتدام الرؤى والمواقف عبر التصريحات بين الإدارة الأمريكية والحكومة العراقية ‏عن سبل الخروج من الأزمة، بخطط التي كثرت عددها وانعدمت جدواها، تجاه لجم الهجمات الإرهابية العاتية المنظمة والمنسقة، والتي جلها تحصد أرواح أبرياء مدنيين عزل.
فالجانب الأمريكي يحاول شراء الوقت، للخروج من مأزقه سيما غداة تصاعد وتيرة الانتقادات ليس من الديمقراطيين فحسب، لا بل حتى من الجمهوريين أنفسهم، خاصة والانتخابات النصفية الامريكية على الأبواب. وهو الأمر الذي دفع بإدارة الرئيس بوش إلى مصارعة الوقت، بوضعه أربعة سيناريوهات قد تشكّل مخرجاً لوضع حد للمشكلة الأمنية في العراق برأيه على الأقل:
1- فيقوم السيناريو الأول على تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق كردية في الشمال، وسنيّة في الوسط، وشيعية في الجنوب. وهو السيناريو الذي يتخوف من العراقيون من أن تكون فرصة للدول المجاورة لتبتلع أجزاء من العراق بحجج أمنية واهية...
2- أما السيناريو ‏الثاني ففحواه، هو طلب مساعدة إقليمية ودعوة إيران وسوريا والسعودية إلى دخول العراق.‏
3- والثالث هو في الانسحاب الفوري للقوات الأمريكية. وهو ماتعارضه الحكومة العراقية، وكذلك أغلب الأطراف العراقية الأخرى.
4- بينما السيناريو الرابع هو اللجوء إلى جدولة هذا الانسحاب.‏ وهو ما رفضه رئيس الوزراء العراقي بقوله: لا أحد يملك حق فرض جدول زمني. حينما وجه انتقادات الى الهجوم الذي شنته القوات الأمريكية على مدينة الصدر دون احاطته علما به كما قال بنفسه.
وعلى أية الحال، فإن الصعوبة تكمن في قرب الانتخابات النصفية ‏الأمريكية، وما سيمكن أن تتمخض عنها من نتائج التي ستُحدّد بها السياسة الأمريكية في العراق: فإذا لم يحقق الرئيس بوش نتيجة جيّدة، يكون الانسحاب المبكّر هو ‏الاحتمال الأبرز، أما إذا تمكن من تحقيق نتيجة جيّدة فقد يكون من الممكن إرسال المزيد من القوات إلى ‏العراق لمحاولة التصدي للإرهابيين. وفي كلا الاحتمالين ثمة متاعب أكثر للعراقيين وحكومتها الغارقتين في لجة الحرب الطائفية.‏
لقاءات سرية في عمان:
فكما ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، وأكدتها مؤخراً صحيفة "العرب اليوم" الأردنية أنّه تم لقاءات سريّة بين المسؤولين الأمريكيين وبعض زعماء ‏الجماعات المسلّحة العراقية "السنية" في العاصمة الأردنية على مدار يومين.‏ وأنّ الطلب الرئيس لتلك الجماعات المسلحة كان إطلاق سراح المساجين المعتقلين.‏ وهذا إن دل على شئ إنما يدل مجدداّ أن المحادثات مع المسلّحين السنّة هي أمثلة حية على أن الوضع في العراق، سيعيد التفكير بالولايات المتحدة والحكومة العراقية في حساباتها و‏تكتيكاتها.‏ وفي موازاة تلك اللقاءات، كذلك التقى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي يقود جيش المهدي، الذي يقف في الطرف المقابل من بعض أعمال العنف الطائفي في البلاد.‏
مزيد من تحولات في سياسة الولايات المتحدة في العراق:
وفي ظل تصاعد عدد القتلى في صفوف الجنود الأمريكيين، سيما خلال الأسابيع القليلة الماضية، ومع ظهور وابل من الانتقادات الداخلية في الولايات المتحدة التي تنهال على الرئيس بوش، واقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الكونغرس في الولايات المتحدة. فيبدو أنّ الولايات المتحدة بصدد التفاوض لإصدار عفو شامل عن المسلحين السنة لتهدئة المواجهات اليومية الدامية في العراق، وتمهيد السبيل نحو نزع سلاح الميليشيات الشيعية.
وتشكل هذه الخطوة إذا ما تمت، تحولاً جوهرياً في سياسة الولايات المتحدة التي كانت ترفض جملة وتفصيلاً خطوات كهذه من قبل، كالعفو عن المسلحين الملطخة أياديهم بدماء الجنود الأمريكيين، غداة قيامها بتسليم السيادة للحكومة الانتقالية العراقية في يونيو 2004. لذا فأن الإدارة الأمريكية باتت في وضع يحتم عليها تغيير سياسة الحفاظ على المسار الحالي والتفكير في خيارات بديلة.
نزيف من النزوح وبمئات آلالاف:
وعن الجانب الإنساني للوضع في العراق، فحسب إحصائيات المفوضية العليا للاجئين فقد ذكرت من خلال رصدها لظاهرة النزوح الجماعي للعراقيين الفارين من الأعمال العنف التي لا تميز بين الأخضر واليابس إنّ الكثير من العراقيين الذين كانوا يعيشون في بيوتهم آمنين مطمئنين أصبحوا يتكدسون بالعشرات في أكواخ ضيقة تأويهم من جحيم العنف الطائفي. وإن الكثير من هؤلاء تركوا بيوتهم بعد أن تعرضوا للتهديد عن طريق غلاف رسالة بداخله رصاصة ونص يطالبهم بالرحيل فوراً، أو بعد أن يقتل أحد أفراد عائلتهم... وباتوا يعتقدون أن الدور سيأتي عليهم. وأنّ ما يزيد عن 1.5 مليون عراقي تركوا بيوتهم. ففي الأردن وحدها، حيث يوجد حوالي نصف مليون لاجئ عراقي مقابل نفس الرقم في سورية أيضاً.
وبينما يجد العراقيون السنة سهولة في دخول الأردن يتوجه أقرانهم الشيعة إلى سورية حيث تنقلهم حافلات مكتظة يوميا من بغداد إلى دمشق. وكانت صحيفة الانديبندت البريطانية قد نقلت عن تقرير أعدته المفوضية الدولية العليا للاجئين حول ظروف الحياة التي تواجه اللاجئين العراقيين في سورية، حيث وجدت أن المشكلة التي تواجه الفتيات العراقيات في سورية (في دمشق على وجه الخصوص) هي انتشار الدعارة في أوساطهن، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية المتردية التي تواجهها عائلاتهن.
التصريحات المضادة بسبب فشل خطة المالكي..:
ويبدو أنّ السبب المباشر للأزمة الحالية التي استدعت موجة من التصريحات المضادة بين الرئيس الامريكي جورج بوش من جهة ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعدد من القيادات العسكرية الأمريكية من الأخرى إنما تعود إلى الاحباط من جراء فشل الخطة الامنية للحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي، والى مدى من تأثير سلبي في الانتخابات التشريعية النصفية المقبلة على مجريات الامور في العراق. وهو ما بدى جلياً في المكالمة عبر الأقمار الصناعية، التي عكست مدى تباعد المواقف والرؤى.. على نحو الذي يرتأي عليه الوضع كل يوم أعمال العنف على وتيرة متزايدة..
هل ستتحول قضية كركوك إلى تسويات سياسية ؟
فقبل أيام قليلة منصرمة ألتئم اكثر من 500 شخص من رجال القبائل العربية من الموصل وتكريت وسامراء والحوجة على مقربة من مدينة كركوك، تحت شعارات موالية لصدام، والمطالبة باطلاق سراحه كشرط لقيام مصالحة وطنية في العراق، بالاضافة الى تأكيدهم على ضرورة عدم ضم كركوك الى كردستان كتعبير عن رفضهم للمشاريع التقسيمية بالعراق على حد زعمهم.
الحقيقة المرة.. وفكرة الانسحاب تبقى أسوأ الخيارات:
وفي خضم تعقد الوضع في العراق وتشابك المصالح وتضاربها، فإنّ إثارة مسألة كمسألة تمكن القوات العراقية من تولي الأمن في البلاد خلال ثمانية عشر شهرا ما هو إلا إعلان عن الانسحاب بطريقة تحفظ ماء الوجه، لأن آخر التطورات الميدانية في مدينة العمارة حيث سيطرة مليشيات المسلحة الشيعية عليها تقريباً، وكذلك استعراض مئات المسلحين السنة في مدينة الرمادي بأحدث السيارات مدنية توحي بمديى تردي الأوضاع في العراق، وهو ما دفع بالرئيس بوش باعترافه بمدى تردي الأوضاع في العراق.
وأخيراً ومع تحامل البعض المسؤولية الأمنية المتدهورة في العراق لبعضهم الآخر من جهة، ومن الأخرى محاولة البعض نأي أنفسهم عن مجريات الأحداث الدموية في البلاد بانتشار العنف، غير أنّه لا مجال الآن لتداول فكرة الانسحاب من العراق، مادام لم تقم فعلاً الدولة العراقية، البديلة للدولة التعسفية المنهارة، وبخاصة لأن انسحاباً في الوقت الراهن قد يضعضع من ثقة العالم بالولايات المتحدة كدولة عظمى. لذا ينبغي الآن على الأقل، أن لا يكون التخلي عن العراقيين خياراً مطروحاً على الإطلاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال