الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد البطل محمد صلاح يردُّ على موشي دايان

أسامة عرابي
(Osama Shehata Orabi Mahmoud)

2023 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


من أهم الدروس المستلهمة من احتفالنا اليوم بعيد ميلادك المجيد في 30 يونية، هو التشديد على أن صراعنا الرئيس كان وسيظلّ مع عدونا التاريخي إسرائيل؛ لهذا لم تجدْ حيال تخاذل قادتك العسكريين عن الأخذ بثأر زميلك الذي اغتاله العدو الصهيوني سوى أن تأخذ المبادرة وتتولَّى الردَّ.
ومن ثَمَّ، بدَّدتَ الرِّهان على نظام تابع، وعلى مفاوضات عبثية وتسويات سياسية تصبُّ في التحليل الأخير في مصلحة إسرائيل، وتقوِّض المشروع الوطني الفلسطيني.
لقد استطعت أن تثبت أن اتفاقية العار المسمَّاة بكامب ديفيد التي أبرمها فقيد الإمبريالية الأميركية والصهيونية العالمية محمد أنور الساداتي - لأنه حذف الياء من اسمه عمدًا ليوهم الناس بصلة نسب مزعومة مع نقيب الأشراف عبد الخالق السادات، وهو منه براء - لا قيمة لها، وأن تحييد مصر عن دائرة الصراع العربي - الإسرائيلي خداع كبير لا ينطلي إلَّا على السُّذَّج والبُلْه.وأن مصر ستظلّ القوة القادرة على ضخّ الحيوية في شرايين هذا الصراع، بزخْمٍ وطني يؤرِّق إسرائيل حاضرًا ومستقبلًا.
إن القيمة العظيمة لاضطلاع الجندي المصري الأصيل محمد صلاح بعمليته الفدائية التي أفضت إلى قتل ثلاثة من جنود الصهاينة الغزاة وجرح آخرين، هو الردُّ على ما توهَّمه مناحيم بيجن وموشي دايان مهندسا كامب ديفيد، بأن المفاوضات السياسية وليس العمل العسكري هو الطريق الوحيد للتسوية بيننا وبين الاستعمار الكولونيالي الاستئصالي العنصري الذي يُدعى إسرائيل.
وهو ما عبَّر عنه بجلاء موشي دايان أحد قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في كتابه الذي عنونه باسم "أنا وكامب ديفيد" بقوله:"إن مَنْ يرفض الطريق العسكري كوسيلة لتحقيق التسوية، يجب أن يختار طريق المفاوضات.فاليوم لا توجد للسكان العرب في المناطق المحتلَّة زعامة مستقلَّة، ولا القوَّة والقدرة على الانفصال عن منظمة التحرير. ولهذا فإن واجب العمل ملقى على عاتق إسرائيل".
وهو عين ما رمى إليه دايان ورفاقه من اتفاقية كامب ديفيد، أي "التوقيع على اتفاقية سلام مع إسرائيل دون التوصُّل إلى اتفاق على القضية الفلسطينية، وأن القوات العسكرية الإسرائيلية وليست القوات المصرية والأردنية هي التي ستظلّ في المناطق المحتلَّة".
لهذا رأى دايان أن مِفتاح التسوية يكمن في المسافة بين ما يريدونه هم، وبين ما سيُسلِّم به العرب.وبذلك بنوْا تحليلهم لطبيعة الصراع على أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب بينهم وبين الأمة العربية، بعد أن عجزت سوريا عن استعادة هضبة الجولان، ولم تستطع مصر دحر إسرائيل من سيناء، وباتت القوات الإسرائيلية أقرب إلى القاهرة ودمشق ممَّا كانت عليه من قبل.
ولا شكَّ أن تطبيع أنظمة الخيانة الوطنية علاقاتها مع العدو الصهيوني، وانسداد الآفاق النهائية، وتهرؤ ما يُسمَّى بالسلطة الفلسطينية التي فاقمت من معاناة الفلسطينيين بالقمع والعسف وتنسيقها الأمني مع إسرائيل، وتعميق المأزِق الداخلي الفلسطيني اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وضعف المجتمعات والأحزاب العربية، وعدم صياغة برنامج وطني نهضوي..تقدمي متكامل للتحرير والتغيير.. أسهم في تردي الوضع العام، وتكريس مفاعيله السلبية على المواطن العربي؛ ما خوَّل لإسرائيل ان تقول على لسان موشي دايان : (إن اتفاق السلام المصري - الإسرائيلي ليس اتفاق سلام رعويًّا، ولا تجسيدًا لنبوءة يوم الآخرة القائلة:"ولا يرفع الغريب على الغريب حربة"، إنه اتفاق سلام له ملاحقه العسكرية، إنه اتفاق سلام مصحوب ببناء مطارات، ومعه وعود بزيادة قوَّة الجيش الإسرائيلي، إنه اتفاق سلام سياسي. ولكنه أيضًا اتفاق سلام واقعي ومثالي".
ثم أضاف :"إن المصريين - يقصد بالطبع الوفد الرسمي المصري بقيادة السادات- لم يحاولوا مرَّة واحدة خلال المفاوضات التي أجريناها، أن يتهربوا من أي بند أو فصل هدفه الوصول إلى وعدٍ بتطبيق علاقات طبيعية كاملة بين إسرائيل ومصر. لم نرَ من جانبهم أيَّ محاولة للتوصل إلى تسوية مرحلية أو جزئية، بل حرصوا على التوصل إلى اتفاق كامل وإلى ثورة كاملة في العلاقات".

وهنا يكمن مغزى العملية الفدائية التي نهض بها الجندي المصري محمد صلاح نيابة عن الشعب المصري في موقفه الأصيل ضد مشاريع التسوية السياسية المطروحة عَنوة واقتدارًا على المِنطقة العربية، وضد عقم المفاوضات التي تتحدث عمَّا يزعمونه عن "حقَّيْن متساوييْن يستوجبان تنازلاتٍ متبادلةً"؛ ما جعل الإرهابي مناحيم بيجن يطرح في قمَّة كامب ديفيد الثانية مسألة السيادة الإسرائيلية على الحرم القدسي، ودفع السفَّاح أرئيل شارون إلى اقتحام الحرم القدسي تأكيدًا على مطلب السيادة الإسرائيلية. ومن ثَمَّ؛ سنستمرّ بمناسبة وبغير مناسبة في التأكيد على أن إسرائيل كانت وستظلّ مخفرًا أماميًّا لحراسة المصالح الأميركية والغربية في الشرق الأوسط، ولإجهاض حركة التحرُّر العربية.

وبذلك جاء ردُّ الشهيد البطل محمد صلاح مزلزلًا لما ابتغاه وسعى إليه موشي دايان ونخبته العسكرية والسياسية من أن تكون ما يدَّعون أنها "معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل": اتفاق سلام واتفاق تسليم. اتفاق سلام يضع حدًّا لحالة الحرب، ولواقع الحرب، ولصراعنا التناحري مع المشروع الاستعماري الصهيوني، ولإقامة علاقات طبيعية معه. واتفاق تسليم بوجود إسرائيل، ولطريق إسرائيل. حتى إن دايان يتبجح فيقول :"إن ما آلت إليه المعارك الأربع الضارية التي خاضها الجيش الإسرائيلي مع مصر، كانت هزيمة مصر، والدليل على ذلك، أنه في نهاية كل حرب أو كل معركة يرابط الجيش الإسرائيلي بالقرب من القاهرة أكثر من الماضي.إننا لم نفرض السلام عليهم، وإنما فرضنا عليهم محاسبة النفس"!

طبتَ حيًّا وشهيدًا يا بطل مع رفيقيْ نضالك وطريقك الشهيديْن البارَّيْن: سليمان خاطر وأيمن حسن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا