الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجاليات المسلمة المغتربة ...وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2023 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يشكل الإسلام ثاني أكبر دين في العالم. وفقا لدراسة أجريت في عام 2023،حيث يبلغ عدد المسلمين نحو ملياري شخص ,وهم بذلك يشكلون قرابة (25% ) من إجمالي سكان العالم . شهدت الكثير من الدول الإسلامية في العقود الأخيرة هجرة واسعة من سكانها إلى دول العالم المختلفة بسبب النزاعات المريرة والفتن والصراعات الدامية التي شهدتها هذه الدول , والتي كان للدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية دورا كبيرا بإشعالها . كانت الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ودول أوربا الغربية وأستراليا ونيوزلندا وجهة المهاجرين المفضلة , حيث أصبح الدين الإسلامي حاليا ثاني أكبر ديانة بعد المسيحية في أوربا ، إذ يبلغ عدد المسلمين حاليا نحو (24) مليون نسمة أي ما نسبته (6%) من السكان .
ورب سائل يسأل لماذا توجه هؤلاء المهاجرين إلى الدول الغربية دون سواها , مع علمهم المسبق أنها دول غير إسلامية ,طالما كانت وسائل إعلام بلدانهم تردد أنها دول معادية للإسلام ولا تريد خيرا للمسلمين أبدا , فضلا من أن شعوبها تتمتع بحريات واسعة وتمارس طقوسا لا تنسجم مع الطقوس التي إعتادت عليها في بلدانها وفقا للشريعة الإسلامية ؟ . وهنا نقول أن ذلك ربما يعود للهالة الإعلامية الواسعة التي رسمتها تلك الدول لنفسها, بأنها جنة الله في الأرض وملاذ كل المعوزين والمشردين والمضطهدين أينما كانوا , فهنا حقوقهم مصانة وكرامتهم محفوظة , لا خوف عليهم ولا وجل من أحد, ولا سلطة عليهم لغير القانون , وكل يمارس طقوسه ومعتقداته بكل حرية بشرط عدم تعكير صفو الأمن والسلم الإجتماعي بحدود القانون , فلكم دينكم ولنا دين وأن لا إكراه في الدين .
وقد فتحت تلك الدول أبوابها لإستقبال آلاف اللاجئين الذين وفدوا إليها , معظمهم بشق الأنفس عبر زوارق التهريب التي تنظمها عصابات مختلفة , ومنهم من لاقى حتفه في عباب البحاروالمحيطات . حضي هؤلاء اللاجئين برعاية إنسانية من لدن حكومات الدول التي وفدوا إليها , حيث أصبحوا جزءا من نسيجها المجتمعي شأنهم شأن الآخرين من مواطنيها , لكن الجاليات الإسلامية كانت تتعرض بين الحين والآخر, لبعض المضايقات من ظاهرة ما بات يعرف بالإسلام فوبيا من بعض فئات مجتمعاتها المتعايشة معها , وربما ضغوط ومضايقات بعض الجماعات العنصرية اليمينية المتطرفة , نتيجة قيام بعض الأفراد المسلمين المتطرفين ببعض الأعمال الأرهابية هنا وهناك بين الحين والآخرى , والتي لا علاقة للجالية بها ومخالفة جملة وتفصيلا للشريعة الإسلامية, كما أجمعت على ذلك جميع طوائف المسلمين , وربما تكون الجالية هي أكثر الفئات تضررا منها .
تُعرف الإسلاموفوبيا بأنها “ظاهرة التحامل والكراهية والخوف المرَضي من الإسلام أو من المسلمين. وبالأخص عندما يُنظَر للإسلام كقوة جيوسياسية أو كمصدر للإرهاب .بينت دراسة سويدية نشرت في العام 2021 إلى أن العديد من الأشخاص الذين يعيشون في السويد لديهم تصورات نمطية وسلبية عن المسلمين ، وأن هذه التصورات والأفكار تساعد على توفير تربة خصبة لجرائم الكراهية والتمييز. وتتخذ جرائم الكراهية المعادية للإسلام أشكالًا عديدة ولا تقتصر على نوع معين من المكان أو الزمان أو الشخص. من بين تقارير الشرطة التي تم فحصها في الدراسة ، تمثل التهديدات والتحرش أكبر فئة من الجرائم ، يليها التحريض على مجموعة من السكان، والتشهير، والجرائم العنيفة، والكتابة على الجدران. والتحريض ضد الأقلية المسلمة على وسائل التواصل الاجتماعي ، وجرائم بدرجات متفاوتة من الخطورة تستهدف المساجد . وما جريمة حرق المصحف الكريم قبل أيام في السويد إلاّ خير دليل على بعض هذه التصرفات المشينة , بدعوى حرية التعبير عن الرأي , غير آبهين عما ينجم عنها من تداعيات خطيرة على السلم المجتمعي , وما يمثله من إزدراء وإستهانة بمعتقدات الآخرين التي ضمنها لهم الدستور السويدي , وما يلحقه من أضرار بمصالح السويد . ألاّ يمثل هذا الفعل الشنيع نوعا من أنواع الإرهاب الفكري تجاه المسلمين .
وللأسف ما زالت بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي تروج وكأن الإرهاب صناعة إسلامية , بينما بات يعرف القاصي والداني , أن الإدارة الأمريكية في عهد رئيسها الديمقراطي جيمي كارتر ومستشاره للأمن القومي زبيجنيو بريجنسكي هي من أوجدت المجاميع الإرهابية وأمدتها بالسلاح بتمويل سعودي ودربتها في الباكستان , لمحاربة الإتحاد السوفيتي المتواجدة بعض قواته العسكرية في إفغانستان لمساندة حكومته اليسارية النزعة . وبعد أن تحقق لها ما أرادت بخروج القوات السوفيتية من إفغانستان وسقوط حكومته وسيطرة أحزاب المقاومة الأسلامية بزعامة القاعدة وقائدها السعودي بن لادن التي سرعان ما وجهت عملياتها الأرهابية صوب المصالح الأمريكية . غزت الولايات المتحدة والقوات المتحالفة معها أفغانستان واحتلتها عام 2001 عقب هجمات 11 أيلول ,والتي أنتهت بخروج القوات الأمريكية المذل من أففغانستان في31 آب 2021, لتصبح بذلك الحرب على أفغانستان أطول اشتباك عسكري خاضته الولايات المتحدة الأمريكية دون جدوى سوى حصد المزيد من العمليات الإرهابية وزعزعة أمن وإستقرار العالم أجمع .
ومن هنا بدأت قوافل اللاجئين الأفغان بالتدفق صوب الولايات المتحدة الأمريكية المتسبب الرئيس في مأساة بلدهم , تبعتها قوافل عراقية أكبر من اللاجئين صوب أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية عام 2003 يعد غزو العراق وإحتلاله من قبل الولايات المتحدة ومن تحالفها معها , حيث وجد العراقيون أنفسهم هائمين في بلاد الله الواسعة بحثا عن ملاذات آمنة , خلافا لما وعدهم به المحتلون من حريات واسعة وديمقراطية وعيش كريم . وتتكرر المأساة مرة أخرى في سورية البلد الإسلامي الآمن المستقر, بسبب تدفق الأرهابيين القتلة نحو سورية , برعاية ودعم الولايات المتحدة وبعض دول أوربا الغربية عبر تركيا وبتمويل سعودي وبعض دول مجلس التعاون الخليجي , مما نجم عنه هجرة آلاف السوريين من بلدهم إلى البلدان الأخرى بحثا عن ملاذات آمنة . وبذلك تفاقمت أعداد اللاجئين في الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية , وعليها تحمل تبعات ما قامت به حكوماتها وما تسببت به من مآسي تجاه هذه الشعوب , وكان الأجدر بها مساءلة حكوماتهاعن أسباب تدفق هذه الأمواج البشرية الهائلة من الأفغانيين والعراقيين والسوريين ,وكأن زلزال سونامي حل ببلدانهم فجأة , وكيف حل هذه الزلزال ومن المتسبب به ؟ بدلا من مضايقة هؤلاء اللاجئين المساكين الذين تقطعت بهم السبل .
ونحن هنا لا نبرأ بعض مواطني تلك الدول الذين تعاونوا مع الغزاة ومهدوا لهم إحتلال بلدانهم مهما كانت ذرائعهم وحججهم , كما لا ننفي مسؤولية اللاجئين عن عدم قيامهم بما يكفي لإندماجهم بمجتمعاتهم الجديدة , دون الإضرار بمعتقداتهم وخصوصياتهم في إطار القانون والنظام . ولا يصح أبدا إلصاق تهمة الأرهاب أو غيرها بأمة أو جالية لمجرد قيام بعض أفرادها بعمل مشين, إرهاب أو سواه فهل يصح أن نحمل الشعب الألماني باسره عن مآسي الحروب التي تسببت بها حكومته النازية مع العلم أن هذه الحكومة كانت حكومة منتخبة وتحضى بدعم غالبية الشعب الألماني , وكذا الحال بالنسبة للإدارات الأمريكية المختفة الديمقراطية والجمهورية وما تسببت به من ضحايا في دول كثيرة لا تعد ولا تحصى , يكفي أن نشير إلى إلقاء أول قنبلة نووية في التاريخ وما خلفته من ضحايا في اليابان , وكذلك حروبها في فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها , ناهيك عن التاريخ الآستعماري الأسود لبريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال في أسيا وأفريقيا وأمريكيا الجنوبية , وجميعها حكومات ديمقراطية منتخبة . وتطول جردة الحساب إذا ما تحدثنا عن الإستطيان الأوربي في أماكن كثيرة في العالم حيث إستأصلت شعوب لتحل محلها شعوب أخرى من أجل المال والثروة .
لا ندعو هنا لنبش الماضي , إنما إستحضاره لتكون أحكامنا أكثر عدلا وموضوعية تجاه بعضنا البعض , تجسيدا لمقولة السيد المسيح (ع) من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر . فليعم السلام والأمن والآمان بين شعوب الأرض قاطبة , ولترتفع الأصوات الحرة الشريفة كفى للحقد والكراهية وإزدراء معتقدات الآخرين , ولينعم الجميع بخيرات بلاده يعدالة . حما الله الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة