الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشباه المثقفين من يقبضون العصا من الوسط

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


أولا يجب ان نفرق بين المثقف الذي يستهلك القراءة رويدا رويدا ، أم بغزارة كجيل الستينات ، والسبعينات ، وبين المفكر الذي يقرأ كل ما ينشر ، مع تميزه عن المثقفين السياسويين بإنتاج الأفكار . فالمثقفون او الأنتلجانسيا ، يكوّنون قاعدة واسعة ، بينما المفكرون يحسبون على رؤوس الأصابع . لذا فالمفكر يناقش القضايا الكبرى ، ويطرح البديل ، والطرح هو اختراع . اما ( المثقفون ) فحدودهم تقف عند القراءة او التعليق . فما يميزهم عن العامة الشاردة ، انهم يقرأون ويناقشون ، وبخلفيات مختلفة ، وقد تكون متناقضة في نفس الآن .
وبينما تجد المفكرين يهتمون بالمبادئ العامة وبالأصول ، وبكل تجرد أناني مصلحي ، فان المثقف ينحو نحو المصلحة الخاصة ، والمنفعة الذاتية . وكم تكاثر عدد أشباه المثقفين زمن محمد السادس ، يشرعون في الكبيرة والصغيرة ، لكن خفت نجم المفكرين ، الى درجة الانقراض .. فأشباه المثقفين ، ونظرا لخطورة الدور التهريجي الذي يقومون به ، لتزيين وتزليج واجهة الحاكم الجديد ، المستبد ، والطاغي ، والناهب للثروة التي هي ثروة الفقراء المفقرين ، للتغطية على نواقصه ، وهي ب " العرّام " ، وتقديمه كملاك طاهر ، وهم يدركون ان ما يقومون به ، مجرد كذب في كذب ، فان المفكرين وعلى قلتهم ، مما يحرمهم من اطار يتوحدون فيه ، ليس لرفع المطالب الخبزية التي برع فيها اشباه المثقفين ، فهم ، أي المفكرون ، لا يتوخون جزية او مقابلا ، ولا دخلا او مكافئة ، بقدر ما يرتبطون بالمبادئ العامة ، وبالحاجة الى التنوير ، سيما عندما يكون التنوير يستهدف مجرد ( رعاع ) ، يكوّنون القاعدة الأساسية داخل الدولة ، التي لن تكون غير دولة رعوية بطريركية ، بعيدة كل البعد عن الدولة الديمقراطية . ففرق بين المفكر الذي ينتج الأفكار للشرح وللتنوير ، وبين الانتلجانسي المزيف ، الذي يربط كل تحرك بشيء يسمى ب ( فائض القيمة ) . لكن رغم هذه الحقيقة التي تُجاهر بانقراض المفكرين ، ليصبحوا اقل من رؤوس اصبع اليد الواحدة ، وتوسع أرضية اشباه المثقفين التي لن تطول ، عندما يتجاهلهم الحاكم الجديد الذي وظفهم للتزيين ، ولإخفاء الحقيقة الناطقة ، فان جزءا من المثقفين الحقيقيين ، الذين يتمايزون عن اشباه المثقفين كُثُر العدد ، يعطي شيئا من الامل الذي ضاع بانقراض المفكرين ، وحصر المثقفين الحقيقيين ، وليس اشباههم في دائرة ضيقة ، لان الحاكم الجديد يكره الثقافة ، ويكره المثقفين الحقيقيين ، ويكره اكثر المفكرين الذين هم شعلة الانفراج والوضوح . لذا فان مجرد تلاقي المثقفين الحقيقيين ، لان الثقافة قضية ، بالمفكرين القلائل ، ولو انه تلاقي غير رسمي ، في اطار او إطارات ، يحسبها الحاكم الخاوي الوفاض ، نوايا للتشويش لا خير يرجى منها لمشروع الحاكم ، سواء في غرس نظام يكره الديمقراطية ، او اطلاق يد الحاكم ولوحده ، يبعثر ثروة الشعب ، وتنتهي البعثرة بتهريب العملة بطرق احتيالية ، وتكديسها في الابناك الاوربية .. فحتى القرآن حذر من هذا النوع من الحكام ، الذين تكون آخرتهم نكبة ، قبل رمي التراب عليهم في المقابر المسماة بمقابر ( الشهداء ) .
اذن لا يمكن تصور وجود مثقف حقيقي ، بجوار مفكر حقيقي ، دون ارتباطهم بقضية ما ، وهذه القضية لن تكون شيئا آخرا غير الشعب والدولة الديمقراطية . فالقضية ، هي التي تلهم الوجدان وملكة التفكير ، للتفاعل مع كل جديد يفرض نفسه في ساحة الصراع الفكري والسياسي والثقافي .
وبينما كان المفكرون على قلتهم ينتجون الأفكار والنظريات ، كان المثقفون الحقيقيون ، وليس الاشباه ، يستهلكونها ، ويعملون على ضوئها ، ولو بدرجات مختلفة . فمن منّا يتنكر ، او يجهل Jean Paul Sartre ، و يجهل Simone de Beauvoir ، Maxime Rodinson ، عبد الله العروي ، محمد عابد الجابري ، عزيز لحبابي ، محمد سبيلا ، محمد جسوس ، وآخرون جميعهم رحلوا عنا ... وتركوا آثارهم وتأثيرهم في الحقل الثقافي الإنساني .
كذلك من منّا ينكر ، ان المثقفين طيلة الستينات والسبعينات ، هم من كان وراء تجديد أفكار المفكرين منتجو الأفكار ، حين ظهر لهم انها عائق وعاقر عن انتاج البديل الإنساني . وهنا . من منّا نسي او تناسى دور الشبيبة الفرنسية الثائرة في مايو 1968 ، التي خرجت من اصوار جامعة La Sorbonne / Panthéon ، وجامعة Nanterre Paris 8 ، وجابت في خشوع ، الحي اللاتيني مركز الثقافة الإنسانية بكل اشكالها Le quartier Latin St Michel ... الخ .ودور هذه الهزات الشبابية ، في خلق اليسار الجديد ، الذي ثار على النمطية ، والحِفْظ ، والطقوسية ، وثار ضد الوصاية المفروضة باسم مبادئ مجردة ، على ضبط والتحكم في حركية المجتمع ، الذي يتحرك ويتماوج ضد فكر التحنيط والتغليف . وهذا ليس له من فهم ، غير ان الانتاجات الفكرية التي ساهم فيها مثقفو المرحلة ، كانت في حقيقتها امتدادا لعصر الانوار، الذي بزغ فيه مثقفون طرحوا أفكارا فلسفية ، اناروا بها وجه الطريق المظلم ، وارشدوا المجتمع نحو البوصلة الصحيحة . وللأسف فان حركة الشباب الثائر ، تم اجهاضها مثل ما تم اجهاض ما سمي في حينه ب " الربيع العربي " ، الذي كانت نتائجه وبالاً على حركية التاريخ الذي لم ينضج بعد ، فعادت الحملة المضادة لتجهض حلما ، حلم بالدولة الديمقراطية ، ليجد نفسه مرة أخرى ضحية مخططات الجيش المرتبط بالإمبريالية ، والكابح الأكبر للمشاريع الثورية ، التي ظلت من حيث الخطاب ثورية ، دون ان ترتقي الثورية العملية كما تحدد ذلك طرق وشعارات انجاز الثورة ، كما هي متعارف عليها عالميا .
وبمقارنة الامس باليوم ، نكاد نصاب بالهول ، مما كان ينشر بالمجلات ، والجرائد ، والمنشورات ، والكراسات المختلفة ، والاصدارات القيمة المتنوعة ، وبين ما يجري به العمل اليوم ، في المجال المفروض تسميته مجازا بمجال الثقافة ، التي كانت مرتبطة بقضية ،هي قضية المغرب ، وقضية شعبه المستلب ، والمقموع ، والمفقر، والجاهل ..
لقد كانت بحق إصدارات العديد من المجلات والنشرات القيمة ، التي كانت تهز اركان النظام المخزني ، وكانت تحظى بالاهتمام الواسع ، لأوسع النخبة المثقفة المرتبطة بالهمّ الوطني ، ثورة حقيقية في مجال صناعة التاريخ ، وصناعة القرار الوطني المستقل ، الذي هو رمز حركة الشبيبة المغربية الديمقراطية ، التي كانت جزءا من الحركة الشبيبية العالمية ، التي كانت لها مواقف من النظام الرأسمالي ، ومن الامبريالية ، ومن الحرب الفيتنامية ، وحروب الهند الصينية ، وحرب الكوريتين ، والقضية الفلسطينية .. والصراع الصيني السوفياتي .... الخ .
وبالرجوع الى تلك الإصدارات التي كانت تُلْهم لهماً ، وكان الجميع يتسابق للحصول عليها ، لقراءتها قراءة عميقة معمقة ، وكان كل اخراج يستتبع بنقاش سياسي أيديولوجي وثقافي ، كنقاشات جامعة La Sorbonne / panthéon ، ونقاشات الحي اللاتيني Le cartier Latin / Saint Michel / Paris 5 ..
ان من اهم الإصدارات التي صدرت ، وكانت تسبب للبوليس السياسي بشقيه ، الاستعلامات العامة بالإدارة العامة للأمن الوطني ، ومديرية مراقبة التراب الوطني ، ومديرية الشؤون العامة بوزارة الداخلية ، صداع الرأس ، بسبب الامية المتفشية في عملاءها ، خاصة حفيظ بنهاشم الرجل الامي ، الذي كان احد الأطر المكلف بالمصلحة الاقتصادية والاجتماعية ، هو من يجتاز مكانه امتحانات الكفاءة بكلية الحقوق ، وقد تمت هذه المسرحية ، مسرحية اجتياز امتحانات الكلية حتى السنة الثانية حقوق . حيث ان تعيين عميد جديد بنجلون ، وضع حدا لهذا الغش . طبعا كان هذا الغش أيام العميد بلقزيز الذي سيصبح لاحقا وزيرا للعدل ..
من بين الإصدارات التي صدرت ، وكانت تسبب صداعا للبوليس السياسي ، وصداعا لرجال السلطة في مديرية الشؤون الداخلية ، نذكر على سبيل المثال لا الحصر :
( لماليف ) ، ( الأساس ) ، ( انفاس ) ، ( الجسور ) ، ( المقدمة ) ، ( الثقافة الجديدة ) ، ( الزمان ) ، ( الى الامام ) ، ( الطريق الجديد ) ، ( 23 مارس ) ، ( الشرارة ) ، ( 24 مايو ) ، ( مغرب النضال ) ، ( طريق الثورة ) ، ( آفاق ) ، ( أمفي ) ، ( المواطن ) ، ( الاختيار الثوري ) ، ( الأفق ) .... الخ .
كما ان بعض الجرائد مثل ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) ، ( التحرير ) ، ( المحرر ) ، ( انوال ) ... الخ ، كانت بحق مدارس في التوعية الثقافية ، والسياسية ، والأيديولوجية ، وبفضلها تم تكوين شباب لا يزال يحمل مشعل زفرات التغيير نحو المغرب الأفضل ، مغرب الحرية ، والديمقراطية ، والعدالة الاجتماعية ، وحقوق الانسان ..
في ذاك الوقت لم نكن نلحظ فكرا انتهازيا ، او وصوليا . بل ان الصراع كان حول المشروع العام ، وحول المبادئ والنظريات ، وحول طريق الوصول الى هذا المشروع العام .
اليوم انقلبت الصورة رأسا على عقب ، واختفى المثقف الحقيقي ، وانقرض بالكامل المفكر منتج الأفكار . بل وعندما تمكن نظام محمد السادس من الدولة ، ومن الثروة ، تم التخلي حتى على اشباه المثقفين ، الذين استعملوا بكثرة في الخمس سنوات الأولى من نظام محمد السادس ، وسيختفي هؤلاء من الساحة بعد انفجار الدار البيضاء في 16 مايو 2003 ، حين انقلبت على العهد الجديد ، الجماعة الواقفة وراء قانون الإرهاب الذي ترك الإرهابيين جانبا ، وراح يبحث عنهم في القمامات ( الدروب الشعبية ).. هكذا سيتضبب المشهد من جديد ، فانتصرت البوليسية على الديمقراطية ، ورجعنا الى عهد اقبح من عهد الحسن الثاني .. فاخطر ما يهدد استقرار الدولة ، هو حين تنتصر المصلحة الشخصية ، على المبادئ والقيم الإنسانية الكونية ، وسرى هذا النمط حتى على من كان يروج للبضاعة بشكل انتهازي حربائي .
وبالرجوع الى الساحة ( الثقافية ) اليوم ، نكاد نجزم بانتفاء المناضل المثقف الملتزم .. لان القضية التي كانت وحدها تنعت الشخص بالمثقف ، هو ارتباطه بقضية . وعندما إنجرّ يطبل للنظام ، وتخلى عن قضيته ، تحول الى مجرد طبال وزمار من النوع الرخيص .
ان من اقبح واسوء ( المثقفين ) ، وهم اشباه المثقفين المتجردين من اية قضية غير قضية الثروة والمال ، هناك نوع من الحربائيين ، وهو الأغلبية ، يتمتع بدرجة عالية من المكر و ( الذكاء / الخداع ) ، وانه بالغ الطموح ، ولو باستعمال اقذر الوسائل ، واخبث الممارسات . ان هذا النوع الحربائي ، اللاّمبدئي ، والوصولي ، يدرك سوء أحوال ومعيشة الرعية ( العبيد ) ، وشيوع السخط غير المنظم والمنتظم اوساطهم . كما يعترف في قرارة نفسه ، بإخلاص المعارضين المزيفين ، ورغبتهم الحقيقية في الإصلاح ، كما يُعْرفون بذكائهم الحرامي الماكر ، أنّ معظم المعارضين الحقيقيين ، لن ينجح المال او المنصب في رشوتهم ، وانهم لا يبيعون اخلاق ضميرهم باي ثمن . ولكنهم أيضا متشائمون بطبعهم ، وقليلو الثقة في الناس ، وشديدو الاحتقار للجمهور ، وشديدو العجلة من امرهم . فهم قليلو الامل في ان تصلح الأحوال بسرعة ، بحيث ينالون ما يؤهله لهم ذكاؤهم من مناصب ومسؤوليات . وربما مر عليهم في الماضي زمن لم يجلب لهم فيه ذكاؤهم من مناصب ونشاطهم الاّ الحسرة ، أي عانوا من سنوات الجوع ، والحرمان ، او السنوات العجاف ، فآلوا على انفسهم الاّ يعيدوا الكرّة من جديد ، والاّ يلدغوا من الحجر مرتين ، فعزموا على استخدام ذكائهم بما يعود عليهم بالنفع ، والنفع السريع .
انهم يحتقرون العوام ، والرعايا ، وبسطاء الناس لسبب بسيط ، هو ان جمهور الرعايا ( العبيد ) كأنه لا يمنح ولا يمنع ، على الأقل في المدى القصير والمتوسط ، وهم بسبب افراط طموحهم وتعجّلهم غير قادرين على الانتظار . ومنهم من نشأ هو نفسه ، من بين هؤلاء البسطاء ، والرعاع ، والرعايا ، ولكن ذكائه ونشاطه إعطاء من الفرص ما تميز به عنهم . فإذا هو الآن قادر على مجالسة ( الكبراء الكبار ) ، و ( العظماء العظام ) . خاصة وقد تعلم ان البسطاء ، قليلو الحيلة ضعاف القدرة . فالأجدر به اذن ، ان يتمسك بما بلغه من حظوة لدا اسياده الكبار باي ثمن ، خشية ان ينحدر مرة أخرى الى ما قاسى منه في طفولته المحرومة ، وشبابه المعتوه الفقير .
انه قد يعرف في قرارة نفسه ، قيمة هؤلاء الرعايا الرعاع ، الذين سماهم الحسن الثاني ب ( الاوباش ) ، وسماهم ادريس البصري ب ( شهداء كوميرة ) ، البسطاء ، الحقيقة المرة . فهم قد يكونون حقا اطيب قلب والطف معاشر ، وقد يكمن في عداتهم وتقاليدهم ، أثمن ما يريد المخزن الحفاظ عليه ، وهو على كل حال الأغلبية الصامتة ( المفتوخة ) ، فمصلحتهم هي مصلحة المخزن البوليسي ، وارادتهم هي ارادته . ولكنهم في نظر هذا النوع من اشباه المثقفين ، همْ كمٌّ مهمل ، إذ ان الميزان الوحيد الذي يستخدمونه في التقييم ، هو ميزان منفعتهم الخاصة ، وقد علمتهم تجاربهم ، ان الرعايا ( العبيد ) الرعاع ، مهما كانت ميزاتهم ، وبلغ عددهم ، لن يحققوا لهم نفعا . وما دامت هذه القناعة راسخة ، فمن الاحسن والاجدر ، استغلالهم واستعمالهم كالقطيع . لهذا السبب تجدهم في فترات الانتفاضات الشعبية التي تبشر بالاستمرار ، ينضمون سريعا الى صفوف الجماهير ، وليس الرعايا ( الرعاع ) ، لان هؤلاء لا ينتفضون ، دائما خانعون وخاضعون ، ومن ثم تراهم يُنظّرون للأفكار الاستراتيجية الهامة ، من اشتراكية ودكتاتورية البروليتارية ، الى الملكية البرلمانية ، الى الجمهورية بمختلف عناوينها وعطورها .
وتجدهم يتقمصون دور التمجيد ، والتشبث بالزعماء السابقين ، لإضفاء هالة قدسية وتاريخية ، وربما البحث عن مشروعية مفقودة ، للركوب عليها بإقناع الخرفان بوجهة نظر الثوار . بل ويتعهدون بالسير في ركاب الزعيم ، ويكتبون عنه المقالات ، والروايات الصحيحة ، والمغلوطة غير الصحيحة . كما لا يترددون في ذرف الدموع تأثرا بمناصرتهم للفقراء . لكن اذا انحسرت الهبّة او الانتفاضة ، وتراجعت ، بل وفشلت واصابها الهرم ، لا يجدون من الحياء ولا الخجل ، ما يدفعهم الى الاكتفاء بما حققوه من وراءها من منافع ، والى التزام الصمت على الأقل ، بل يندفعون للبحث عن السيد الجديد ، ليقدموا له فروض الطاعة والولاء ، والتشبث بأهداب العرش المجيد ، متشبثين حتى النخاع بالخصوصية ، وبأصل الدولة الراعية المرعية ، وبالمقدسات التي لا يخجلون من تركيزها في امارة المستبدين الطغاة الرجعيين .
وإذا كانت المهمة هنا ليست سهلة ، لأنه افتضح امرهم ، وتعرت عورتهم ، وذبلت وسقطت اوراقهم ، لأنه سبق ان قالوا العكس ، فانه لذكائهم لا يعدمون مخرجا . والمخرج هنا النفاق بأشكاله الظاهرة والمبطنة . لهم اكثر من وجه ووجه ، طالما ان الضحية وكالمعتاد ، هم الرعايا ( العبيد ) الرعاع . أي ( هاجوج وماجوج ) الذي حياته من مماته ، لا تعنيهم في شيء . فهم متشبثون بالسدة العالية بالله ، وبالطقوس والتقاليد المرعية . اما الحداثة والعصرنة ، فهي فقط للتسلية والبيع والشراء في ( العبيد ) الرعية ( العيّاشة ) التي لا علاقة تجمعها بالحداثة ، لان القول العصرنة ، وبالدولة المدنية الديمقراطية ، يلزم توفر مستوى جد عال من الثقافة السياسية ، والحال امام الجهل المستشري وسط العوام ، فعن اية حداثة او عصرنة يمكن الحديث ، وضمان إنتصار المدنية على سيطرة الخرافة والتقاليد المرعية . ان هذا النفاق هو من نسميه ، بالطريق الوسط القابض بالعصى من الوسط ، وهو السهل غير الممتنع . أي عصر سيادة النفاق ، وكثرة المنافقين الرافعين لشعار " الله ينصر من اصبح " .
لكن يخطئ من يفهم من ذلك ، ان سلوك الطريق الوسط ( أولاد لحرام ) Les centristes ، لا يتطلب احترام أي قواعد وضوابط ، وانه يكفي للنجاح فيه ، ان تردد ما يَرِدُ اليك من اسيادك ، ومن المشرفين والموجهين لك من تعليمات . فهذا يصلح فقط لجمهور المصفقين لا المثقفين . ان مثقف الطريق الوسط ، يعرف جيدا ان نجاحه في الوصول الى ما يريد ، يتطلب اتباع مجموعة من القواعد التي تثبت مع الزمن فعاليتها ، طالما ان المخزن البوليسي يريد ذلك .
--- القاعدة الأولى : كل موقف سياسي يتخذه النظام البوليسي ، له شكله ومضمونه . وهنا فالمثقف الوسطي ، او مثقف الطريق الوسط ، كثيرا ما يجد ان موقف النظام المخزني البوليسي ، يصعب او يستحيل عليه تبريره ، لتعارضه الفاضح مع المصلحة العامة ، او مع ابسط مبادئ العدالة والحكمة ، ولتعارضه مع ما سبق له اتخاذه من مواقف ، قبل الارتماء في أحضان النظام البتريركي الرعوي . ففي مثل هذه الأحوال ، يحسن تجاهل جوهر الموضوع كلية ، والتركيز على الشكل . فمثلا فجرت مواقع مختلفة في السابق ، بيانات واخبار بحسابات بملايير الدولارات في الابناك السويسرية ، وابناك Luxembourg ، والابناك الفرنسية ... الخ ، او ممارسة طرق غير أخلاقية لتهريب العملة الصعبة الى الملاذات الآمنة ، والامتناع كسائر الناس عن أداء الضرائب المستحقة للصندوق . وهنا فعوض الانكباب على جوهر ، المشكل الفضيحة ، الذي هو فساد النظام أصلا ، ورفضه لأي اصلاح او تغيير ، الامر الذي يفرض ابتكار طرق وأساليب للمواجهة ، سيتم تعويم النقاش ، حول ممارسات يعتبرونها جد عادية وشائعة ، ولا ترقى الى تحفيز النضال والمقاومة ، ضد كل اشكال الاجتثاث على الثروة الوطنية ، وتهريبها بطرق ملتوية الى خارج المغرب . اما من كان وزيرا أولا ، عبدالاله بنكيران ، فقد طوى الملف عندما صرح ، ومن دون خجل ولا حشمة قائلا " عفا الله عما سلف " . اما من كان وزيرا للعدل مصطفى الرميد ، فبرر تهريب الثروة عندما قال " لا علم لي بوثائق باناما " .. لكن سعيدة العلمي المعتقلة السياسية بسبب افكارها التي دونتها في حسابها ، فالجميع لزم الصمت ، وكأن ما تعرضت له الأستاذة سعيدة العلمي ، مجرد جزاء ينطق به القانون ، وهو القانون الذي عجز عن فك طلاسم " زين رينو المستقدم من Malaga " ، الواضحة للعيان . وهذا الموقف الخبيث ل " زين رينو " التي فتح فمه بما لا يليق في حق محمد السادس ، وما نطق به يعد جناية من كبريات الجنايات التي تم طمسها ، ولم يتم طمس الحق في التعبير المنصوص عليه في دستور الملك الممنوح . وهذا الحال يدفع الى التساؤل عن حقيقة " البنية السرية " التي عرى عليها الصحافي علي لمرابط .. مؤخرا ..
ان نفس الشيء نسجله عند اطلاق امير المؤمنين ، او رئيس " البنية السرية " ، الذي يكون هو من ورط الملك على التوقيع على قرار العفو ، عن " البيدوفيل " Le pédophile ، مغتصب الصبيان ، الاسباني " دنيال گلفان " المحكوم بثلاثين سنة سجنا .. وللاشارة ولتبرير اطلاق سراح البيدوفيلي " گلفان " ، اعتبر وزير العدل آنذاك اطلاق " Le pédophile ، يخدم نزاع الصحراء الغربية ، وان الدولة وليس المغرب ، مهدد من طرف خصوم الوحدة الترابية ، وهي الوحدة التي دخلت عدها العكسي ، منذ تأزيم العلاقات ، وتجميدها بين الملك محمد السادس ، وبين الرئيس الفرنسي Emanuel Macron ، وتأزيم العلاقات بين الدولة المخزنية البوليسية ، وبين منظومة الاتحاد الأوربي ..فجريمة Morocco Gate ، و جريمة Pegasus Gate لن تمرا مرور الكرام ، وسيكون لهما الدور الفعال في ضرب أطروحة مغربية الصحراء الغربية ، التي نهاية نزاعها لن يتعدى العامين الجاريين .. كل هذا تسبب فيه البوليس السياسي بفرعيه ، البوليس الداخلي DGST ، والبوليس الخارجي DGED ، الخاضعين معا لرئيس " البنية السرية " ( صديق ) الملك ، الذي ينتقم من المغرب ، ومن المغاربة شر انتقام .
لذا فعوض تسمية الأشياء بمسمياتها ، لتحديد المسؤوليات بشكل واضح ، يعمم النقاش حول اختزال المسؤولية في المندوب العام لإدارة السجون ، الذي رئيسه المباشر هو رئيس " البنية السرية " الانقلابية دون غيره .
كذلك تظهر مثل هذه الفجوات الخطيرة التي يمر منها الريح ، عندما يلجأ النظام المخزني البوليسي الذي يعْبُد الدولار واليورو ، والعاشق المتيم بثروة الفقراء المفقرين ، الى الغاء الدعم الممنوح لبعض السلع الاساسية ، عيش فقراء هذا البلد المفقر ، فيقوم الحربائي مثقف الوسط مثلا ، بالتركيز على ضرورة عرض الامر على البرلمان ، قبل اتخاذ الإجراءات ، مع تجاهل الموضوع الذي هو تفقير وتجويع الرعايا التي تموت في صمت .. وكأن اللجوء الى البرلمان ، سفيد الإفادة ، والحال ان البرلمان في الدولة المخزنية البوليسية ، هو برلمان الملك ، الذي من خلال الحكومة التي هي حكومة الملك ، ترسم وتقرر الزيادات المتنوعة في الأسعار ، ويقرر تحميل المواطن الفقير البسيط بتحمل كل كلفتها ، فالواقف الحقيقي وراء ارتفاع الأسعار ، والغلاء الفاحش ، يبقى وحده الملك الذي يوظف مختلف آليات اشتغاله ، من برلمان وحكومة ، في تنزل وتنفيد تعليمات واوامر الملك . فهل يعقل ان الملك بتعليماته ، تقوم حكومته بالزيادة في الاثمنة ، وفي ارتفاع الاسعار ، فيقوم برلمان الملك بالتعقيب على قرار حكومة الملك برفض ما اقره الملك .. رغم ان الملك الذي يعتبر البرلمان برلمانه ، وتعتبر الحكومة حكومته ، يتولى ولوحده بتنزيل برنامج ، برنامج الملك ، الذي لم يشارك في الانتخابات ، ولم يصوت عليه احد ، وتتظافر الأحزاب والنقابات في اطار برلمان الملك ، وضمن حكومة الملك ، وتهرول لتنزيل برنامج حكومي ، ليس ببرنامجها الحزبي الذي خاضت تحت سقفه ، الانتخابات التي هي انتخابات الملك ..
قد يبرر بعض هؤلاء الحربائيين الغوغائيين من مثقفي الوسط ، ان عملية الزيادة في الأسعار ، هي عملية عادية ، وكأنه صراع مفروض منذ الاقتصادي آدم سميت ، والاقتصادي ريكاردو .. لكن الذي يتغافله هؤلاء ، ونعيد التذكير بها ثانيا ، ان البرلمان في النظام المخزني البوليسي ، هو برلمان الملك ، يوجهه من خلال الامر اليومي عند افتتاحه دورة الخريف التشريعية ، والقاء خطابه الالزامي والجبري الذي يحدد فيه مجالات اشتغال البرلمان ، ومجالات اشتغال الحكومة حكومته .. فكيف حين ترفع حكومة الملك الأسعار ، وبأوامره ، انتظار ان يقوم البرلمان ( متلقي الشكاية ) الذي هو برلمان الملك ( بإلغاء ) الزيادات التي قررها الملك من خلال أدوات اشتغاله التي هي الحكومة والبرلمان . لان ما يسمى بالوزراء ، وما يسمى بالبرلمانيين ، هم مجرد موظفين سامين بإدارة الملك ، الجميع سهر على تنزيل برنامج الملك الذي سقط من فوق ، ولم يترشح ، ولم يصوت عليه احد ، ليصبح برنامج دولة الملك ؟ .
كذلك ودائما في اشتغال حكومة الملك مع برلمان الملك . كيف تم لعب السيناريوهات المفضوحة ، التي اغمض العين عليها مثقف الوسط ، بالنسبة للدعوة لإلغاء برلماني الملك ، ووزراء الملك ، لبرنامج الملك . وهل يستطيع موظفو الملك البرلمانيين ، الغاء الزيادة في الأسعار التي تقرها حكومة الملك باسم تعليمات واوامر الملك ؟ .
--- القاعدة الثانية : من الخطأ ان نتصور ان هناك شيء في هذا الكون ، مهما بلغت مساوئه ، ليست له بعض المزايا أيضا . واذا كان من سمات ( اليمين على سبيل الافتراض ، بوجود يمين ويسار في الدولة البوليسية ) ، التغاضي عن مساوئ الوضع الجاري ، ما دامت مصالحه الأساسية متحققة فيه .. واذا كان من سمات اليسار افتراضا ، بحكم بحثه المستمر ( عن الأفضل ) ، التأكيد على النقائص وطرق تلافيها .. ، فان افضل مسلك لصاحب الطريق الوسط ، الذي لا يريد اغضاب ولي اولي الامر ، وفي نفس الوقت يريد التظاهر بالحرص على ( الإصلاح ) ، ان يعدد لكل امر من الأمور ، ماله وما عليه ، حتى تتميّعُ الأمور ، ويبقى كل شيء على حاله . فالاشتراكية لها ما لها ، وعليها ما عليها ، وكذلك الرأسمالية ، والانفتاح والانغلاق ، ودعم السلع وعدمه ... الخ ، بل حتى التفاوض مع النظام واولي الامر ، او وكلائهم ، له ماله ، وعليه ما عليه .
عند عرض الموقف او الموضوع على هذا النحو ، ما له وما عليه ، سيتبين لكل عاقل نبيه ، ان المسألة ليست بالبساطة التي يتصورها المعارضون لمبدأ التفاوض ، وانما هي مسألة متعددة الجوانب ، وبالغة التعقيد ، بحيث يمكن تأييد موقف النظام دون خشية الخطأ.
فمثقف الوسط دائما يبحث عن التضبيب ، والخلط ، والتعتيم ، ولا يتردد لحظة في إيجاد التبرير الشافي ، لموقف متناقض مع موقف سابق . انّ ما يطمح له مثقف الطريق الوسط ، هو تكييف مصالحه الشخصية ، مع الدفاع المغشوش والمخدوم عن الرعايا ، في حين ان الخاسر هم هؤلاء ( الرعاع ) التي تسوق الحلول والاتفاقات بين مثقف الطريق الوسط ، وبين النظام ، في غيابهم Les Cobayes . فالمصالح متبادلة ، ولا تحتاج الا شيئا من الجرأة للاندماج في المفهوم الجديد للسلطة .
--- القاعدة الثالثة :عدم التسرع في الحكم . ان من الأخطاء شيوعا في التحليل السياسي ، وفي التعليق على الاحداث الجارية ، محاولة الحكم على موقف معين ، وتقييمه قبل ان تظهر نتائجه كاملة .
فمثقف الطريق الوسط ، دائما يتجنب التسرع في اصدار الاحكام ، بل يغيب عن الأنظار ، او يهرب حتى تمر الزوبعة او الفضيحة ، لأنه لا يريد إضاعة علاقته بالمخزن ( الشريف ) ، القادر وحده على جعل النهار ليلا ، ويجعل الليل نهارا . فما دام ان المخزن يغني ويفقر ، وحفاظا على مصالحه ، يتقمص مثقف الطريق الوسط ، دور النصوح والحكيم الناضج ، الذي يستخدم العقل للثريت ، باعتبار ان العجلة من الشيطان . والحال انه يحافظ بكل ما أوتي من نفاق ، على وضع يذمه نهارا ، ويمدحه ويصفق له ليلا . ان الحفاظ على مصالحه ، تدفع به للتحالف حتى مع الشيطان ، وليس فقط عبدا عند النظام .
--- القاعدة الرابعة : المدح بما يشبه الذم . كثيرا ما نقابل أشخاصا وما اكثرهم ، مُولعين بالفخر بأنفسهم ، مع تغليف هذا الفخر بغلاف من النقد الذاتي . فنقابل مثلا من يقول عن نفسه ، ان فيه عيبا خطيرا ، هو الصراحة المفرطة ، او ثقته التي لا حد لها بالناس ، او الإخلاص في العمل لدرجة اهمال صحته ( سبق لوزيرة ان قالت انها تشتغل 22 ساعة في اليوم / الوزيرة الحيطي / ) ... الخ . ان هذا المدح بما يشبه الذم ، هو احد صور النفاق الناجحة ، التي يمكن ان يستخدمها مثقفو الوسط . فحينما يكون الموضوع محل النقاش ، هو مثلا نظام التعليم ، فالأفضل عدم مناقشة ارتفاع معدل الامية . وفي معرض الشكوى من عدم العدالة في قوانين الضريبة ، فالأفضل الاقتصار في نقد نظام الضرائب ، على الإشارة الى انخفاض أجور موظفي الضرائب ، او عدم كفاءتهم ، او قلة عددهم وهكذا ...
--- القاعدة الخامسة : إخفاء أوجه الاختلاف بين الماضي والحاضر ، من خلال التركيز على بعض الأشخاص ، او الشخصيات ، او الاحداث المجهولة في ذهنية الرعية و(الرعاع) . مثلا لتبرير المشاركة في الاستحقاقات ، يلجأ مثقف الطريق الوسط الى إعطاء الأمثلة والعبر ، بتصريحات زعماء تاريخيين ، كانوا دوما مع المشاركة ، كعلي يعته ، وعبدالرحيم بوعبيد ، او إعطاء امثلة تبريرية ، لمحطات شارك فيها الحزب في الانتخابات . ومن اهم مزايا استعمال الأمثلة التاريخية ، ان العامة تجهلها ، ولا تعرف تفاصيلها .
ان امساك العصى من الوسط ، فنّ ليس من السهل الالمام بكل قواعده ، فهو يكاد يحتاج لإتقانه ، الى موهبة طبيعية ، لا يمكن اكتسابها بالمران . فانت امّا من مواليد حزب الوسط ، او من التعساء . ولكن يمكن الإشارة في عجالة ، الى بعض القواعد الأخرى التي لا تخلو من معنى . من ذلك قاعدة القاء المسؤولية على المجهول . والمقصود بذلك ان يُصور مثقف الطريق الوسط المشكلة ، على نحو يصعب معها القاء المسؤولية على اولي الامر . فمثلا. يفسر عجز ميزانية المدفوعات ، وعجز ميزانية النفقات الباهظة للنظام ، مثل كثرة عدد السيارات المخصصة للبلاط ، وللوزراء ، بالانفجار السكاني ، وارتفاع معدل المواليد . في حين ان اصل المشكل استشراء الفساد بمفهومه العام والواضح .
منها أيضا الإشارة الى عدم وجود بديل ، اذ مهما ساءت الأحوال ، فمن السهل ان تبين ، ان كل البدائل المطروقة ، اسوء بكثير من الوضع الراهن ، ومن ثم ، فمن المصلحة الرضا ء به وتأييده .
منها أيضا اختيار التعريف الملائم للمصطلحات . مثلا اصطلاح الانفتاح الاقتصادي ، او الانفتاح السياسي ، بما يوهم الرعية المفقرة والجاهلة ، بان الانفتاح الواقع بالفعل ، لا يختلف عمّا يجب ان يكون .
هكذا يجري تغليف بيع المؤسسات الوطنية للأجنبي ، بالانفتاح الاقتصادي رغم ما يصاحب ذلك من اغلاق للمصانع الوطنية ، وتسريح وتشريد الشغيلة . اما مقالب تعديل الدستور بما يكتفي بتشتيت الفصول ، مع بقاء نفس الوضع الما قبل تعديل الدستور الاضحوكة ، الى الما بعد المقلب والمُركّز لنظام الاستبداد والحكم المطلق ، فيجري تغليفه بالانفتاح السياسي .
ويتصل بموضوع المصطلحات ، قاعدة أخرى مؤداها ، ان كثيرا ما يكون من الأهم والأفيد ، استخدام مصطلحات جديدة ، تكون ذات وقع محمود على الاسماع . مثلا لو تم وصف اسوء ما يتخذه النظام من إجراءات مفقرة ، فيتم وصف الغاء الدعم للمواد الأساسية للرعايا المفقرة ، بترشيد الدعم ، حيث ان مصطلح الترشيد ، هو اخف وطأة ، والطف موقعا ، من مصطلح الغاء المساعدة الممنوحة للفقراء وهكذا ...
ان اعتماد وسط الطريق والوسط ، انْ كان قد حقق للمثقف النصف مثقف ، او للمثقف الشبح ، او لأشباه المثقفين ، الأمان والثروة ، فانه محدود الأثر في تحقيق المنصب الكبير ، خاصة اذا استمرت الكتابة في هذه الموضوعات مدة طويلة .
فاذا كان المنصب الكبير هو الهدف ، فلا مناص من اتباع القواعد المتقدمة . أي التنصل من كل المبادئ ، مع تحمل الانتظار في قاعة الانتظار ، لعل النظام يستدعيك يوما ما كموظف سامي للمساهمة في تنزيل برنامجه ، وفي خدمة سياسته واغراضه .. وقد تبقى تنتظر في قاعة الانتظار ، تنتظر الإشارة الميمونة طيلة حياة عمرك ، دون ان يلتفت النظام جهتك ، او حتى يتفكرك وانت في قاعة الانتظار تنتظر .. ماذا تنتظر .. لا شيء ..
انه الزمن الرديء زمن الانتظار .. لذا فإمّا يمين بكل طقوسه ، وأمّا يسار بكل قوانينه ، ولا منزلة وسط بينهما ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قالت وزيرة الخارجية الألمانية عن صحفيي غزة؟


.. لبنان وإسرائيل .. مبعوث بايدن يحمل رسالة إنذار أخيرة من تل أ




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر في قانون منح صلاحيات واسعة ف


.. مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع من داخل مدرسة لتوزيع المساعدات بش




.. استشهاد سيدة إثر استهداف قوات الاحتلال منزلا لعائلة المقادمة