الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صديق وفي منذ زمن بهي..

حسن أحراث

2023 / 7 / 1
سيرة ذاتية


محمد بشّار، تعارفنا بإعدادية شاعر الحمراء (الداوديات) بمراكش سنة 1975. درسنا معا بالسنة الثالثة في الموسم الدراسي 1975/1976. كان يقطن بباب الخميس (درب السقاية)، بينما كنت أقطن ببين العراصي (تابْحيرْت). وتوطّدت علاقتنا أكثر بالسنة الرابعة بإعدادية شاعر الحمراء دائما..
تشاءمْت في بداية الموسم الدراسي عندما علمت من خلال لوائح الأقسام أن محمد بشار واحد من تلامذة قسمي (الثالثة 3). السبب هو كون صديقي بشار كان معروفا باجتهاده على صعيد المؤسسة، ولم أكن أرغب بأنانية زائدة أن يكون بقسمنا تلميذ نابغة مُحبّب لدى جميع الأساتذة، علما أن قسمنا عرف "لسوء حظي" تلامذة مجتهدين آخرين..
كنت أرتاح فقط بحصة الرياضيات، لأن حضوري بها كان قويا؛ أما صديقي بشار فكان حضوره قويا بجميع الحصص، بما في ذلك حصة الرياضيات..
لم يكن بيدي حيلة، وأخذت بخناق مادة الرياضيات سبيلي الوحيد لفرض نفسي. كانت الطريق إلى بيوتنا مشتركة نحن مجموعة من التلاميذ (مصطفى العلوي من حي قشيش وعمر أيت بنواكريم من حي عرصة البردعي...) حتى باب الخميس لأكمل المشوار نحو حي الموقف أو عبر حي قشيش. وكان لرفقة الطريق تأثيرها على علاقتنا، وذابت حينها الأنانية والذاتية وانبثقت شعلة الصداقة والاحترام..
والمفاجأة، عندما كنت أحد الصباحات بحينا ببين العراصي (درب العريفة)، فإذا بي أرى شابا جميلا على دراجته العادية وحاملا بيده نايا. كان يسهل اكتشاف الغرباء عن الحي، وخاصة شاب أنيق لا تربطه صلة بحينا الهش، حيث البُؤس البارز والرّواج المُفرط للمخدرات..
كانت مفاجأة سارة ومصدر فخر أمام أصدقائي بالحي..
تركنا الدراجة أمام أحد الدكاكين الصديقة، وذهبنا نزولا عند اقتراحي إلى ملعب قشيش (الملعب الذي لم تفُتنا به أي مباراة لفريق الميلودية) وصعدنا أعْلى السور، فأخذ صديقي بشار نايَه ليعزف ألحانا هادئة، بل ساحرة..
في الحقيقة، زجّ بي صديقي بشار في عوالم فنية كنت بعيدا عنها، بل كنت أجهلها. حينها اكتشفت أني كنت على شفا حفرة، فعالم المخدرات بأحياء المُوقف وتابحيرت كاد أن يعصف بي..
لقد أتى صديقي بشار فارسا مُنقذا من بعيد، وكانت ألحانه في تلك اللحظة الاستثنائية حبالا متينة ربطتنا إلى بعضنا حتى اليوم. ودعّم ذلك قربُنا من زملائنا، خاصة في الأنشطة الرياضية، وكان سبْقنا الى دعمهم في دراستهم عاملا أساسيا في اندماجنا وانصهارنا في بوتقة صداقة "مثالية".
فمنذ ذلك الحين "الخيالي" ونحن نُكنّ الاحترام لبعضنا البعض، ولا يزداد ذلك الاحترام والثقة إلا رسوخا بعد انفتاحنا على عائلتينا واكتسابنا ما يكفي من التجارب ومن مهارات الحياة. وبدون مبالغة، ساهمت عائلة صديقي بشار حينذاك في نجاحي ودعمي ماديا ومعنويا، خاصة الأم العظيمة لّا أمينة والأب الرائع سي أحمد. إنها العائلة التي لم تخذل أحدا بكرمها وجودها، وكانت قِبلة كل محتاج/ة. وقد سار كل البنات والأبناء على نهج لا أمينة وسي أحمد، وأستحضر الدعم الذي قدمه لي صديقي عبد المجيد بشار (أخ محمد بشار) في أحلك الظروف التي عشتها بعد مغادرة السجن.
افترقت بنا السبل، مرة عندما التحقنا بثانوية أبي العباس السبتي بقسمين مختلفين في الموسم الدراسي 1977/1978. والمرة الأخرى، عندما اعتٌقلت سنة 1984. رغم ذلك، لم ينقطع حبل التواصل فيما بيننا؛ فعلاقتنا لم تكن قائمة على الموقف أو الانتماء السياسيين. كان يجمعنا الاحترام والصدق والسلوك السّوي والممارسة الإيجابية نحو بعضنا البعض ونحو الآخر أيضا.
وسّع صديقي بشار دائرة علاقاته ومعارفه وأنا أيضا، وكان لذلك الأثر الطيب على علاقتنا والإسهام الكبير في إغنائها وتخصيبها. وأذكر علاقته العميقة مع الفنان الفقيد عباس صلادي، وهي العلاقة التي عم أريجها أجواء الرفاق، ومن بينهم الشهيدين مصطفى بلهواري وبوبكر الدريدي. أذكر كذلك علاقته بعائلة حسون وخاصة الصديق كريم وعائلات طيبة أخرى. والتحاق صديقي بشار بأوروبا لم يجعل منه جاحدا أو ناكرا لأصله وأصوله. فلم يزدْه ذلك إلا نُضجا وحُبا للجميع ورسوخا في قلب الجميع..
سافرنا معاً بعد الجديدة صيف 1979 الى مدينة اكادير صيف 1981. والجميل أن محطتنا باكادير كانت بمخيم المدينة (CAMPING) الذي كان يعج حينذاك بالأجانب. ولا يمكن أن تغيب عن ذهني الزيارة التي قمت بها مع رفيقتي الى مدريد في نونبر 2016، في زيارة لمدة أسبوع لصديقي وأسرته الكريمة. وبالمناسبة كل التحية لزوجته اللطيفة وابنتيه على حسن الاستقبال والضيافة..
وللذكرى والوفاء، أنشر رفقته صورتين؛ جمعتنا الصورة الأولى بالأبيض والأسود بمدينة الجديدة في يوليوز 1979. أما الصورة الثانية، فكانت عشية اجتياز صديقي بشار لامتحانات شهادة البكالوريا في 23 ماي 1982، بأحد محلات التصوير أمام سينما الريف بالداوديات. وأنشر كذلك كلمة بخط يد صديقي بشار على ظهر صورة 23 ماي 1982.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت