الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تركوا ثورة 30 يونيو فى حالها ؟!!

أحمد فاروق عباس

2023 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


زلزلت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ الأرض تحت أقدام دول كبرى ودول إقليمية مهمة وتنظيمات وجماعات وراءها سعى محموم وراء السلطة أستمر عشرات العقود ..
وكان طبيعيا أن يتجمع كل هؤلاء فى حلف مقدس لضرب ثورة الشعب ، ومساندة جيشه لها في ذلك الصيف الساخن من عام ٢٠١٣ ..
وبعد الصدمة جاء التفكير ثم التخطيط ثم التنفيذ ..
وجرت الأمور على النحو التالي :
لا يجب أن يترك ما حدث في مصر فى يونيو ويوليو ٢٠١٣ يلتقط أنفاسه ويثبت أوضاعه ، بل لابد من البدء فورا فى خلخلة أوضاعه وضرب أسس ارتكازه ..
١ - كانت ضربة البداية .. الإرهاب .
وهدفه إرسال رسالة عنيفة إلى الجيش المصرى أن ما حدث لن يمر ، وأن ثمنا مكلفا لابد من دفعه من دم أبناء مؤسسات القوة فى البلاد - القوات المسلحة والشرطة - نظير تحركهم لمساندة جموع المصريين ، الذين خرجوا مطالبين بإنهاء حكم المرشد ومندوبه في قصر الرئاسة ..
وشهدت مصر لمدة خمس سنوات كاملة ( من ٢٠١٣ الى ٢٠١٧ ) عمليات إرهاب وعنف في أغلب مناطق البلاد وخاصة فى سيناء ، تنوعت من ضرب أكمنة الجيش ومقاره ، إلى ضرب مديريات الأمن في القاهرة والدقهلية ، وصولا إلى اغتيال النائب العمومى للبلاد .. المستشار الشهيد هشام بركات ..
٢ - ضرب وتعطيل الخدمات المدنية ، لزيادة سخط الشعب على الوضع الجديد بعد ثورة ٣٠ يونيو ، وفى هذه الفترة شهدت البلاد تفجير أبراج ومحطات الكهرباء ، ومحطات الشرب وصولا إلى محاولات تفجير بعض المؤسسات الصحية !!
ولئلا يزيد سخط الشعب على الإخوان قدمت دعايتهم أن السلطة والسيسي هو من يفعل ذلك !!
السيسي هو من يقتل رجال الجيش والشرطة ، وهو من يفجر محطات الكهرباء ، وهو من يدمر مديريات الأمن ، بل وهو من قتل النائب العام !!!
وكان من أغرب الأمور فى هذه المأساة البلهاء أن الإخوان وانصارهم والمتعاطفين معهم صدقوا هذه الكوميديا السوداء ، بأن السيسي يقتل رجاله ويصفيهم ، بينما يترك اعداؤه من قيادات الإخوان فى السجون يأكلون ويشربون ويمارسون حياتهم !!!
٣ - الطائرة الروسية وضرب السياحة ..
والسياحة مصدر في منتهى الأهمية للاقتصاد المصرى والعملة الصعبة ، ومعنى ضرب السياحة وتوقفها ضياع من ١٢ - ١٤ مليار دولار على مصر سنويا ، وهو مبلغ هائل في ظروف الاقتصاد المصرى المعروفة ..
والاكثر صعوبة أن السياحة توقفت بصورة شبه كاملة لسنوات بعد هذا الحادث المشئوم ، وضاعت على مصر عشرات المليارات من الدولارات بسبب هذا البند فقط ..
وحتى اليوم من غير المعروف من الذى أسقط الطائرة الروسية في مصر ونسبها إلى داعش ، وقد راجت وقتها تسريبات وتقارير إعلامية أن يد المخابرات البريطانية لم تكن بعيدة عن هذه الفعلة الشنعاء ..
٤ - منع أى استثمارات دولية من المجئ إلى مصر ، والتلاعب في تحويلات المصريين فى الخارج ، وهو ما انتج أزمة فى الدولار زادت من الضغط عليه ، مما أنتج سوقا سوداء اضطرت الدولة معها إلى تحرير سعر الصرف فى بداية نوفمبر ٢٠١٦ ..
٥ - تزامن ذلك مع ثورة منتظرة أعد الإخوان المسلمين العدة لها وساعدتهم أطراف دولية وإقليمية فيها ، وحددوا لها يوم ١١ نوفمبر ٢٠١٦ ( ثورة ١١ / ١١ ) ..
وكانت قنوات الجزيرة القطرية ومعها قنوات الإخوان فى تركيا مكرسة على مدار الساعة لهذه الثورة المرتقبة ، التى عملت أطراف دولية ذات شأن أن تأتى بعد خلق أزمة الدولار فى مصر وتحريره ، وما يستتبع ذلك بصورة طبيعية من إرتفاع فورى في الأسعار ..
٦ - خلق أزمة مع السعودية ..
السعودية والإمارات كانتا أول وأهم دولتين ساندتا مصر بعد ٣٠ يونيو ، وفصل وإنهاء هذا التحالف ظل هدفا عزيزا لأطراف دولية كبرى ، وجاءت الفرصة عام ٢٠١٥ مع دخول السعودية فى حرب اليمن ضد الحوثيين ..
طُلب من مصر المشاركة الكاملة في الحرب فرفضت ، ثم طلب منها تقديم مساعدتها فقدمتها في صورة مراقبة مداخل البحر الأحمر لئلا يستغله الايرانيون لتقديم مساعدتهم إلى الحوثى وأنصاره ..
واعلنت السعودية امتعاضها ، وجاءت الضربة القاضية بالتقارب المصرى السورى فى ذلك الوقت وتصويت مصر لصالح سوريا ، وهنا ظهر الغضب السعودي سافرا ، واعطيت الأوامر لشركة أرامكو السعودية بوقف إرسال شحنات البترول إلى مصر ، ما اضطر مصر إلى اللجوء الى العراق والجزائر لتعويض البترول السعودي ..
٧ - لم تكتف الدول الكبرى التى تعمل من وراء حُجب بإفساد العلاقات المصرية السعودية ، بل كانت مصر فى انتظار ضربة كبرى في علاقاتها مع أهم شريك اقتصادي وسياسي في أوربا .. وهى إيطاليا !!
كانت إيطاليا ضمن دول قليلة فى أوربا متحمسة للعمل مع السلطة الجديدة فى مصر بعد ٣٠ يونيو ، وهو ما ظهر فى المؤتمر الاقتصادى في شرم الشيخ عام ٢٠١٥ ..
هنا تم ترتيب حادث الطالب الإيطالي جوليو ريجينى ، الذى وجد مقتولا بطريقة غريبة وملقى في الطريق العام !!
وفورا نسب الحادث لأجهزة الأمن المصرية ..
وعلى الفور ضربت العلاقات المصرية الإيطالية في مقتل ، وجمدت لسنوات طويلة بعد هذا الحادث ..
وهنا كان الإتهام موجها بصورة لا لبس فيها إلى المخابرات البريطانية ، الذى استقال نائب رئيسها بصورة مفاجئة بعد معلومات قيل أن مصر سلمتها إلى إيطاليا ، لكن أطراف سياسية ايطالية على علاقة قوية بالامريكان والانجليز كانت تثير القضية مرارا في البرلمان الإيطالي أو فى الإعلام..
٨ - صنع ولاية لداعش على أرض مصر :
فى الأول من يوليو - فى مثل هذا اليوم من ثمانى سنوات - جرب الغرب صنع داعش مصرية فى سيناء ، كما فعلها قبل سنة فى العراق وسوريا ..
واستيقظ المصريون يوم ١ يوليو ٢٠١٥ على أنباء تقول أن داعش سيطرت ورفعت أعلامها السوداء على بعض المدن في سيناء مثل الشيخ زويد ، وجاءت الأنباء أن بسالة جنود الجيش المصرى منعت محاولة تم الترتيب لها طويلا ..
.. ومع فشل الإرهاب والعنف ، ثم فشل ضرب السياحة ، ثم فشل خلق مشكلة فى الدولار ، ثم فشل محاولة فض تحالف مصر مع اشقاءها العرب او أصدقائها الأوربيين فى خلخلة الأوضاع في مصر ، ثم فشل توطين داعش فى مصر ، تم العودة مرة أخرى إلى أسلوب صنع الثورات ..
٩ - فعثروا على ممثل فاشل ومقاول عقارات ورجل ذو سيرة أخلاقية سيئة - محمد على - ليكون هو قائد الثورة المنتظرة ، وجربوه مرتين :
مرة فى سبتمبر ٢٠١٩ ، والمرة الثانية في سبتمبر ٢٠٢٠ ، وعلى الرغم من الدعاية الهائلة التي صاحبت ظهور المقاول الفنان الثائر إلا أنه فشل في فعل شئ ذو قيمة ..
وفى المحاولة الاولى - أواخر سبتمبر ٢٠١٩ - وصلت الدعاية والحرب النفسية ( وكان وراءها أجهزة مخابرات دولية بلا شك ) إلى محاولة صنع فتنة فى الجيش المصرى ، وتم تصوير وجود الرئيس السيسي فى الأمم المتحدة في نيويورك بأن السيسي هرب من مصر ولن يرجع ثانية !!
واستضافت مجلات دولية عريقة - أو كانت - مثل الايكونوميست البريطانية محمد على ليدلى بأراءه إلى العالم عبرها !!
وتكلم الرجل - وهو لا يفيق تقريبا من أثر الخمر والمخدرات - مع المجلة البريطانية العريقة فى قضايا السياسة والتغيير والثورة فى مصر !!
١٠ - الحرب النفسية ..
طوال هذه السنوات العشر لم تكف وسائل الإعلام التى تتبع دول الغرب أو وسائل إعلام جماعة الإخوان وقنواتها الفضائية من حرب الشائعات والأكاذيب ..
وفى حدود علمى لا توجد في العصر الحديث - أو القديم - دولة وجهت إليها مجموعة كبيرة من القنوات الفضائية تعمل على مدار ٢٤ ساعة لمدة عشر سنوات كاملة كما حدث مع مصر بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ..
هذا غير عشرات المواقع الإلكترونية ، ومئات الآلاف من الصفحات على فيس بوك وتويتر أغلبها - كما أتضح فيما بعد - مزيفة ..
ولم تترك هذه الوسائل الإعلامية مسئولا أو مؤسسة فى مصر ألا ونالها من دعايتها السوداء ..
وجاءت خلال السنوات الثلاث الأخيرة ثلاثة متغيرات فتحت للقوى المعادية لثورة الشعب فى ٣٠ يونيو ثغرة ، يحاولون بضراوة تحويلها إلى شرخ ثم إلى فلق يحقق لهم أحلام تمنوها طويلا ..
وكانت المتغيرات الثلاثة الجديدة كلها خارجية وهى :
١ - فيروس كورونا ، الذى فرض على العالم إغلاقا كاملا لمدة عامين ( ٢٠٢٠ - ٢٠٢١ ) توقفت فيهما الحياة تماما .. سياسة واقتصاد وتجارة وصناعة .... الخ .
واضطر الاقتصاد المصرى أن يأخذ من فائض ما تم تكوينه خلال السنوات السابقة الصعبة للانفاق على دولة لا يعمل فيها أحد تقريبا .. مرتبات وأجور ومساعدات لمن فقدوا عملهم في هذه الظروف القاسية ..
٢ - ومع انحسار كورونا أواخر ٢٠٢١ فوجئ العالم بقيام حرب بين روسيا وحلف الأطلنطي على أرض أوكرانيا ، كان من نتائجها الاقتصادية إرتفاع جامح في اسعار الطاقة وأسعار الغذاء عالميا وأسعار مستلزمات الإنتاج ، ومصر بالطبع مستورد لهذه السلع ..
وبدأت الصعوبات الاقتصادية فى مصر تزداد وضوحا ..
٣ - جاء المتغير الثالث ليجعل الصعوبات تتحول إلى أزمات ومشاكل لا يستهان بها ..
كان المتغير الثالث هو سياسة بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكى - وهو بمثابة البنك المركزي - برفع الفائدة دوريا وهو ما أدى إلى سحب كميات هائلة من الدولارات من الأسواق الناشئة ومنها مصر ..
ولأكثر من سنة - منذ مارس ٢٠٢٢ - كان يتم رفع الفائدة فى أمريكا كل ثلاثة أشهر ..
وبالنسبة لمصر قدرت الأموال التي خرجت منها خلال تلك السنة بحوالى ٥٠ - ٦٠ مليار دولار ..
لم يكن ذلك آخر الضغوط ، لكن هناك إشارات لا تخطأها العين أن ضغوطا شديدة على دول الخليج العربية بعدم مد يد المساعدة لمصر - بالاستثمارات وليس بالقروض - فى هذه الظروف غير الطبيعية ..
فتح ذلك ثغرة في جدار ثورة ٣٠ يونيو وقائدها ، وهناك محاولات مستميتة من أطراف دولية وأخرى محلية لتحويل الثغرة إلى شرخ ثم الى فلق ينهى قصة تلك الثورة ..
وتعطى لهم المتغيرات - للأسف - أملا وحلما ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟