الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكلمات الرنّانة والعبارات الطنّانة لا تغيّر أنظمة ولا تُسقط حكومات

محمد حمد

2023 / 7 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يقول المتنبي: " لكلّ امريء من دهره ما تعوّدا...".

وانا تعوّدت من دهري ان لا أردّ او اعلّق على ما يكتبه او ينشره الآخرون. لقناعتي بان "كلّ قومٍ بما لديهم فرِحون". وهذه هي قاعدة شبه ثابتة في حياتي. لكن، كما يقال، لكل قاعدة استثناء. خصوصا عندما يبلغ السيل الزُبى ! وهذا ما دفعني الى الكتابة (وليس الى الرّد) حول ما ينشره احد الاخوة الكتاب في موقع "الحوار المتمدن" وربما في مواقع اخرى، ضد إيران أو "نظام الملالي" كما يصفه دائما. واحتراما للخصوصية سوف لا اشير الى اسم الكاتب. وبامكان القاريء الفطن "الّلي مفتش باللبن" ان يعثر عليه بسهولة. فالرجل على ما يبدو مصاب بعقدة أو وسواس خنّاس اسمه نظام (الملالي) في طهران. فلا شيء في هذا العالم المترامي الأحداث يثير اهتمامه ابدا. حتى حرب روسيا واوكرانيا التي شغلت وما زالت تشغل، وعلى مدار الساعة، العالم أجمع، بما فيه الناس البسطاء. ولا المآسي والمجازر والانتهاكات الصارخة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني يوميا على يد قوات الاحتلال الصهيوني. وكل ما يراه ويعرفه ويتابعه "صاحبنا" هذا هو فقط نظام (الملالي) في طهران.
وهنا اود الإشارة فورا إلى أن كل ما يرد في مقالي هذا ليس دفاعا عن ايران على الاطلاق، فانا أيضا من القوم الكارهين لها، وانما انصافا للحقيقة أو لشيء منها فقط. ومن وجهة نظر محايدة قدر الإمكان .
يعرف كل من يمارس "مهنة" الكتابة ويتابع مواقع الانترنت الثقافية والسياسية وتعنيه كثيرا اخبار العالم بشكل من الاشكال، يعرف ان "الدنيا" مليئة حتى "الحزام" بما لا يحصى من المواضيع وفي شتى صنوف المعرفة والعلوم الانسانية. وبامكان اي انسان ان يدلو بدلوه دون معوقات تذكر. امّا ان يحصر احدهم (لا اذكر اسمه احتراما للخصوصية كما ذكرت) كل طاقاته ووقته ومشاعره (الجياشة دائما) في موضوع واحد فقط. وهو نظام الملالي، كما يسميه، في إيران. فهذا برايي المتواضع قصر نظر سياسي وانانية وانغلاق ذاتي لا يقود صاحبه إلى غايته. ومن يطّلع على كتابات "صاحبنا" هذا سوف يكتشف بسهولة ان تلك المقالات نابعة عن حقد وكراهية واحكام مسبقة، ليس إلّا. قد يكون لبعصها ما يبرره، لكنها مع ذلك بعيدة جدا عن الحقيقة والواقع. ولا علاقة لها بالتحليل العلمي الرصين الذي يستند الى قدر معقول من "الموضوعية" والحياد في طرح الامور. فكلّما ابتعد الكاتب عن الواقع ابتعدت عنه المصداقية والنزاهة. وقد يُخفى على البعض ان الكتابات، مهما كانت قساوة اللغة المستخدمة والمفردات المتداولة فيها، لا تغيّر انظمة ولا تسقط حكومات. وان المبالغة في الاصرار على رأي معيّن، كما يفكر صاحبنا المعني بالامر هنا، يفقد الانسان هامشا كبيرا من الموضوعية وينحوّل، ربما دون علمه، الى بوق صدىء يشوّه الصوت الحقيقي للحقيقة !
ان "صاحبنا" في مقالاته اليومية يحاول عبثا ان يعطي القاريء انطباعا بان نظام "الملالي" في إيران يوشك على السقوط والانهيار مساء هذا اليوم او صباح الغد. لكنها بكل بساطة تمنيات لا تتحقق ابدا (وما نيلُ المطالب بالتمنّي...) لان صاحبها يكره او يعارص النظام الايراني.
أن الواقع يقول مايلي:
- أن إيران استطاعت أن تبني لها صناعة عسكرية متطورة جدا. سفن وزوارق حربية سريعة ومسيرات انتحارية حديثة وصواريخ بعيدة المدى واقمار اصطناعية واسلحة أخرى مختلفة. واستطاعت إيران أن تضاعف صادراتها العسكرية إلى الكثير من الدول. واصبحت من الدول الإقليمية التي تخشاها امريكا واسرائيل ويحسب لها الف حساب. ولا يمكن الاستهانة بها لمجرد أننا نكرهها أو نختلف مع نظامها.
- أن إيران فرضت نفسها كلاعب أساسي في الساحة الدولية والإقليمية. وكسبت، دون أن تخسر شيئا (لم تخسر حتى ماء الوجه !) إلى جانبها جميع دول المنطقة واعتمدت في سياستها الخارجية على اصدقاء موثوقين، كالصين وروسيا، لا يخذلون الصديق عند الشدائد، كما تفعل امريكا.
- أن معظم دول المنطقة سعت برجليها "راضية مرضية) إلى إيران طالبة ودّها والمصالحة معها. على سبيل المثال فقط، عودة العلاقات الطبيعية بين إيران والسعودية. وسوف تتبعها مصر عن قريب.
- أن إيران دولة فارسية. والفرس معروفون منذ القدم بالحيلة والدهاء والمكر. وعليه استطاعت أن تخفف، بأساليب وطرق مختلفة، من عبء العقوبات الأمريكية والغربية المفروضة عليها. وأستمرت عجلة اقتصادها بالدوران دون أضرار كبيرة. وتمكّت من تحويل العراق الى سوق مفتوحة لبصائعها ومنتوجاتها. ابتداء من الغاز وانتهاء بالبصل والثوم !
- قبل احتلال وغزو العراق من قبل امريكا وايران، كنا نكتب عشرات المقالات وباشدّ الكلمات والعبارات قوّة ضد النظام العراقي السابق. الذي ذقنا على يده الويلات والمآسي، ولكن مع هذا لم نتخلّ ابدا عن نظرتنا البعيدة واهتمامنا بما يدور في هذا العالم. ولم نسمح للنظام السابق بأن يسرق أو يصادر انتماءنا الأممي والإنساني او يلغي ارتباطنا العميق بثقافات ونضالات شعوب أخرى. فكنا، وما زلنا، نكتب عن الفن والأدب والفلسفة والتاريخ وثورات الآخرين...الخ. لم نحصر انفسنا في زاوية مغلقة كما يفعل البعض، ولم ننظر إلى ما يدور حولنا من أحداث جسام بمنظار ضيق جدا وعلى مقاسنا فقط.
وإذا جاز لي إسداء نصيحة فإنني انصح "صاحبنا" المعارض لنظام الملالي في طهران، أن يلقي نظرة خاطفة حوله وان يوسّع من اهتماماته في تناول شؤون الغير. فهناك بشر يموتون ظلما وعدوانا وهناك بشر يُضطهدون وهناك بشر تُنتهك حقوقهم كل يوم وبابشع الاساليب. هؤلاء أيضا يستحقون الاهتمام ممن يقصفنا يوميا بوابل من المقالات القصيرة المدى والعديمة التاثير.
وفي الختام أود أن أشير أيضا إلى أن المقالات، مهما كانت قساوة وشدّة او بذاءة اللغة المستخدمة فيها، لا تغيّرأنظمة ولا تُسقط حكومات. ولا تهز شعرة واحدة من لحية نظام "الملالي" في طهران...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح