الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغنون والوقت

رياض قاسم حسن العلي

2023 / 7 / 3
الادب والفن


لا أعرف شعبا يستمع إلى فيروز في الصباح وأم كلثوم في الليل فقط إلا الشعب العراقي، حتى أن إذاعة بغداد حاولت كسر نصف هذه القاعدة ببث أغاني أم كلثوم في الظهيرة لكنها لم تنجح في ذلك في حين أن نفس الإذاعة نجحت في ربط فيروز بالصباح العراقي اللذيذ الذي كان، لكن ألم تجربوا صوت ناظم الغزالي في الصباح؟ فلربما يكون أجمل في الصباح من فيروز خاصة تلك الأغاني الهادئة مثل ريحه الورد وغيرها.
والحديث عن صباح بغداد يجرني إلى ذكرى قديمة حيث ذات يوم في بداية أو منتصف تسعينيات القرن الماضي كنت أسير في شارع السعدون ببغداد ووقفت أمام مكتبة ساحة النصر التي اكتسبت شهرة واسعة بسبب القنوات الإخبارية العربية والأجنبية وفجأة سمعت صوت رجل كبير في السن وهو يقول لا يوجد أجمل من صباح بغداد وهو محق بذلك، وبعدها أدمنت هذا الصباح كلما كنت في بغداد حيث الصبايا ونسيم الأشجار، لذا وبسبب حب البغداديين لهذا الصباح عشقوا فيروز وهي تصدح من أثير الإذاعة البلبلية في حين أن ظهيرة بغداد لا تحتمل وبحسب قول جان دمو أو غيره لا أتذكر فإن بغداد في الصيف عبارة عن تنور مشتعل لذا فإن وجود أغاني أم كلثوم في الظهيرة لم تعجب الأغلب والوقت الصحيح لسماعها هو في الليل حيث نسيم دجلة ومشروبات أبي نؤاس الساحرة وبعض المصريين كانوا لايسمعونها الا وهم في غرز الحشيشة المنتشرة في القاهرة ولازالت، ولأن ام كلثوم لم تكن تغني في حفلاتها الا في الليل وهي الحالة التي ارتبط بها الغناء العربي منذ ايام العباسيين حيث كانت تعقد جلسات الطرب الليلي في قصور الحكام او في الحانات المنتشرة في عموم بغداد المدورة في حين كان الغناء في العراق القديم مرتبطا بطقوس المعبد ويقام نهارا جهارا حتى ان مغنيات المعبد كان يطلق عليهن ب (كالو) ومنها ربما اتى مصطلح الكاولية.
ولكن الأمور تغيرت بعد ظهور الأسطوانات والإذاعة التي نقلت الحفلات إلى المقاهي وبيوت الناس لمن يمتلك جهاز راديو أو غرامافون ثم تطور الأمر وصار راديو الترانزستور في أيدي الجميع وخاصة الجنود والطلاب العاشقين واختراع الكاسيت الذي صار بمقدور الجميع سماع ما يشاء وقتما يشاء.
لكن ما بالكم بالذي لا يسمع سلمان المنكوب إلا في ظهيرة الصيف، وسلمان المنكوب لمن لا يعرفه من الجيل الجديد هو المغني الريفي المثقف الذي أدخل الشعر الفصيح في الغناء الريفي قبل غناء البوذية بطريقة أشبه بالشعر الملمع وكان يعرف أكثر من لغة وما سمي بالمنكوب إلا لنكبة فيضان تعرضت إليه وشاش الكرخ ذات يوم حيث كان يسكن، وسماع المنكوب في الظهيرة ربما ارتبطت في الذهن الشعبي بسبب برنامج ديوان الريف الذي كان يبث ظهيرة الجمعة، لا أتذكر بالضبط، هل كان يبث في الظهيرة؟ ترى قبل أم بعد برنامج استراحة الظهيرة؟ يبدو أن الذاكرة لم تعد كما كانت.
لكن الأغاني الحديثة صارت تسمع في كل مكان وفي كل وقت، فلم تعد أغنية "حاسبنك" مثلا لها وقت محدد كي تسمع به فهي تصلح لكل وقت ومكان إلا أن الملاحظ أن أغاني السبعينيات توقفت فجأة لأن النوادي الليلية أماكن غير صالحة لها فمن غير الممكن أن من يسهر في ناد ليلي يستمع إلى "يا طيور الطائرة" أو "البنفسج" لذلك كانت أغاني السبعينيات في السبعينيات ولم تتعدها، ولأن أغاني الحرب السريعة والحماسية غطت عليها فكنا نسمع أناشيد الحرب في كل وقت دون منازع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو