الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثر التغير المناخي على أبعاد الأمن الإنساني

شامل زامل

2023 / 7 / 3
حقوق الانسان


باتت قضية التغير المناخي واحدةً من أكبر التحديات التي تواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، إذ يؤثر على جميع جوانب الحياة، بدءاً من الاقتصاد والبيئة وانتهاءً بالأمن الإنساني، ويشير الأمن الإنساني إلى حماية حقوق الإنسان وضمان رفاهيتهم وسلامتهم، ومع تغير المناخ يتعرض الأمن الإنساني لتحديات جديدة تهدد استقرار البشرية، في هذا المقال، سنناقش أثر التغير المناخي على أبعاد الأمن الإنساني.
يعد العراق واحدًا من الدول الأكثر هشاشة في منطقة الشرق الأوسط تجاه التغير المناخي، ومن المتوقع أن تكون التأثيرات المستقبلية للتغير المناخي كبيرة على المجتمع العراقي، اذ يواجه العراق تحديات فريدة وحقيقية نتيجة للزيادة الملحوظة في درجات الحرارة السنوية وتناقص هطول الأمطار السنوي المستمر وظواهر متطرفة ناجمة عن التغير المناخي، مثل الفيضانات والجفاف والعواصف القوية. يؤدي ذلك إلى تأثيرات كارثية على الأمن الغذائي والمياه والصحة العامة. فعندما يحدث فيضان مدمر، يتعرض الناس للتشرد وفقدان مصادر الدخل والمحاصيل الزراعية، مما يزيد من معدلات الجوع والفقر. ومن الجانب الآخر، الجفاف يؤدي إلى نقص المياه العذبة وتدهور جودة المياه المتبقية، مما يزيد من انتشار الأمراض المائية ويؤثر على الصحة العامة للناس، وبحسب تحليل خاص ببرنامج الغذاء الأممي، يبلغ عدد من يعانون من مستويات استهلاك غير كافية للغذاء في العراق نحو مليونين ومائة ألف شخص، بينما يبلغ عدد من يتأقلمون معيشياً ويركزون على الغذاء وحده ويستغنون عن باقي الأمور الحياتية بسبب فقرهم مليونين وسبعمائة وخمسين ألفاً، وهذا ما ينذر بخطورة التغير المناخي على الامن الغذائي الذي يعد من ابرز ابعاد الامن الإنساني واهمها.
زد على ذلك، يؤدي التغير المناخي إلى ارتفاع درجات الحرارة وانبعاث غازات الاحتباس الحراري، مما يزيد من تهديدات الأمن الصحي. ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض المتعلقة بالحرارة مثل الإنتان الحراري والتعرض لأشعة الشمس الضارة. كما يزيد انتشار الأمراض المعدية مثل الملاريا والحمى الصفراء بسبب انتشار البعوض المحمول للأمراض بسبب تغير نطاق انتشارها.
بالإضافة إلى الأثر الصحي، يؤدي التغير المناخي أيضًا إلى زيادة التوترات الاجتماعية والسياسية، عندما تتدهور ظروف المعيشة بسبب التغير المناخي، يزيد الصراع على الموارد المحدودة مثل المياه والأراضي الزراعية. قد يؤدي ذلك إلى تصاعد التوترات العرقية والعرقية والقبلية، وزيادة احتمالات حدوث النزاعات المسلحة والهجرة غير النظامية، ومما يزيد الامر تعقيداً هو ان الأزمات في العراق مترابطة بصورة وثيقة، حيث تؤثر على الأمن الوطني والاقتصاد والزراعة والموارد المائية، و تتداخل هذه الأزمات مع الوضع السياسي المضطرب في البلاد، مما يؤدي إلى غياب التخطيط الشامل على كافة المستويات.
يُظهر التغير المناخي أيضًا تأثيرًا كبيرًا على الأمن الاقتصادي والتنمية. مثل تأثير الفيضانات والجفاف على البنية التحتية والمشاريع الاقتصادية. وهذا يؤدي إلى تكاليف اقتصادية هائلة لإعادة بناء البنية التحتية وإعادة التأهيل. كما يؤثر التغير المناخي على القطاعات الرئيسية مثل الزراعة والصناعة والسياحة، مما يؤدي إلى فقدان فرص العمل وتدهور الاقتصاد المحلي، وهذا ما أكده رئيس الوزراء العراقي السوداني حول اعداد المتضررين من التغير المناخي والذي قدرهم بأكثر من 7 ملايين مواطن، عانت مناطقهم الجفاف، ونزحوا بمئات الألوف لفقدانهم سبل عيشهم المعتمدة على الزراعةِ والصيد، وأكثر ما يُؤسف له الجفافُ الشديد الذي أصاب اهوار العراق.
بالنظر إلى هذه التحديات، فإن مواجهة التغير المناخي يتطلب استراتيجيات شاملة وتعاون دولي. يجب على الدول تبني سياسات وإجراءات للتكيف مع التغير المناخي وتخفيض انبعاثات الكربون، يجب أن يتضمن الاستجابة للتغير المناخي حماية الفقراء والمجتمعات الضعيفة، وتوفير الحماية والدعم للمتضررين من تأثيراته السلبية.
وعند مراجعة الاستراتيجيات التي قام بها العراق من اجل مواجهة التغيرات المناخية، نجد ان الحكومة العراقية اطلقت مبادرة لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة، كما أعلنت الحكومة عن "رؤية العراق 2030" لمواجهة تغير المناخ، ولكن يتوجب على الحكومة العراقية الحالية والقادمة أن تضع التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه في أعلى أولوياتها، اذ ينبغي تخصيص الدعم لتصميم مشاريع مستدامة تهدف إلى خلق فرص للكسب المعيشي والتنمية على المدى المتوسط والطويل. تلك المشاريع يجب أن تركز على تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية لتحقيق كفاءة أعلى في استخدام المياه والصرف الصحي ونظام الري، بالإضافة إلى إدارة استهلاك المياه، كما وينبغي تعزيز استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والمشاريع البيئية الأخرى التي تقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة. يجب أن يتم توجيه الدعم أيضًا لتدريب وتطوير المهارات المتعلقة بالتغير المناخي، وتعزيز القدرات للتصدي لتحدياته، ويجب أن يتم التركيز على زيادة الوعي العام بأهمية استدامة استهلاك المياه وإدارتها بطرق مستدامة، يتطلب تنفيذ هذه الإجراءات تعاونًا وتنسيقًا فعالًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية. ينبغي أن تكون هناك استراتيجيات متكاملة لتحقيق التنمية المستدامة في ظل تغير المناخ، ويجب أن تشمل تلك الاستراتيجيات التشريعات والسياسات والإجراءات العملية التي تعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتكييف البنية التحتية بما يتوافق مع متطلبات الحفاظ على البيئة.
باختصار، يؤثر التغير المناخي بشكل كبير على أبعاد الأمن الإنساني، بدءاً من الصحة والغذاء والمياه وصولًا إلى الأمن الاجتماعي والاقتصادي. لذلك، يتطلب مواجهة هذا التحدي جهودًا دولية وتعاونًا شاملاً للحد من الانبعاثات الضارة وتعزيز التكيف والتحسين في استدامة المجتمعات المتأثرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وآليات إصدار مذكرا


.. الأونروا: النفايات تتراكم في أنحاء قطاع غزة وينتشر البعوض وا




.. القوات الإسرائيلية تشن حملة اعتقالات في طولكرم


.. اعتقال العشرات في جامعات أمريكية على خلفية الاحتجاجات المؤيد




.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06