الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاهينية الهوى

نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)

2023 / 7 / 4
الادب والفن


(شاهينية الهوى)

هل انتى شاهينية الهوى؟!
سؤال وجهته (هالة سرحان) للفنانة الجميلة (يسرا )فى برنامج (هالة شو)
ردت عليها وقالتلها بمنتهى الحماس والشغف:
"شاهينية الهوى والهوية وكل حاجة!".
من كتر إعجابها وعشقها لفنه وسياسته وعالمه الاستثنائى!
بصراحة ملقتش انسب من التوصيف ده لحالتى تجاه شاهين وأفلامه، والهالة اللى بتحيطه دايما، يمكن إعجابى بيه كشخص ملهم، اكتر من اعجابى بمستوى إخراجه وفنه،
اعجابى بجرأته فى التناول والحكى، تقديسه للحرية والحب،
"الشغف المستمر "تجاه مهنته واخلاصه ليها، دون الالتفات لاى اهتمامات أو مهن تانية من ساعة ما اشتغل!!
"قدرته الاستثنائية" على تحويل عقده،  لطفرة فى حياته وحياة اللى حواليه؛ لأسطورة لا يمكن ابدا تتنسى!!
حول كل عقده  لمصدر الهام وتأثير طاغى واللى كان من ضمنها وأكبرها:
مظهره،
شكله؛  اللى ماكانش لى يد فى اختياره، ولا كان  لى فرصة يغيره، واللى اعتبره بردو من ضمن العوائق اللى حالت بينه وبين مهنة التمثيل فى المقام الأول..
عبر عن الكلام ده فى فيلم (اسكندرية نيويورك) وقال:
"لما كنت فى (فيكتوريا كوليدج) البنات كانوا بيجروا، يا ورا الشباب الأغنياء؛ يا ورا الشباب اللى شكلهم حلو،
وانا لا كنت من دول، ولا كنت من دول، فكان لازم يبقى لى حاجة متميز فيها عشان تشد البنات ليا"
* عقدة (الرفض):
تخيل لما اقرب الناس ليك يتمنى موتك، وانت طفل عمره ٦ سنين بس،  ويقولها قدامك بلا وعى ولا انسانية!!
لما اخوه الكبير مات، تمنت جدته انه يكون هو بداله!
الموضوع ده فضل مأثر فيه طول حياته،
اكيد كطفل صغير، فضل جواه احساس بالنقص والدونية وانه مش كفاية، ومايستاهلش الحياة او حتى الحب!!
بس هو حول الإحساس ده لطاقة خلته أهم شخص فى عيلته، واللى كل واحد فيهم فخور بصلة القرابة اللى بتربطه بيه،  بعد ما كانت جدته دى "بتتمنى موته وشايفاه مالوش لازمة!
أما عن خلطة شاهين السحرية،
فالراجل ده، كان عنده طاقة حب وشغف غير عادية تجاه اللى بيقدمه، بيعشق تفاصيل مهنته، بيعبد أدوات فنه
واللى أولها وأهمها ( الممثل)
كان بيتعامل مع الفنان ( محسن محيي الدين) كإنه بيتعامل مع نسخة تانية من نفسه،
بيخلقه وبيحقق حلم التمثيل من خلاله،
كإنه بيصنع يوسف شاهين (الممثل) بس بجسم (محسن محيى الدين).بيبروزه فى الإطار اللى اتمنى يكون هو  فيه:
"انت وانا صغير بالمللى، نظرة العين واحدة، هتبقى أحسن ممثل فى العالم، ممثل الجيل"
الكلام ده قاله فى فيلم (اسكندرية كمان وكمان)
الراجل ده صنع من عقدته؛ أسطورة، قصائد غزل، ملاحم، أفلام (سينيه) محدش هيعرف يحاكيها، لإنها ببساطة كانت زى بصمة ايده بالضبط، أصلية، مزيج من احساس عالى يخصه هو بس، صادق لأبعد الحدود، وانصهار فى الحكاية والحدث والأشخاص، إخلاص للفن..للحب..للحياة، وقبلهم "نفسه".
الراجل ده تحمل "الرفض" فترة طويلة أوى من حياته ومسيرته الفنية!
أفلامه ماكانتش بتجيب إيرادات كبيرة فى الأول..بل كانت بتخسر، وأحيانا السينما بتتكسر على اللى فيها زى ما حصل فى فيلم باب الحديد؛ الفيلم اللى  يعتبر دلوقتى واحد من أهم ١٠٠ فيلم فى السينما المصرية!!
لدرجة إن فى واحد تف فى وشه بعدها!!
فيلم (الناصر صلاح الدين)؛ اتكتب كتير فى الصحف وقتها انه بيحاول يشوه صورة الدين ورجاله، وجاتله تهديدات كتير بالاغتيال بعدها،
اتمنع فيلم العصفور، والناس والنيل، واتهدد بالحبس!!
بس فى الآخر؛ لا رضخ لسلطة ولا لجمهور!!
كمل وميأسش..هو عارف عايز ايه، وهيوصل لايه، وتركيزه كله على هدفه، بالرغم من الإحباطات المستمرة والمتكررة من خسارات مادية وحتى معنوية!!
من فنانين تعب على صناعتهم، وقت وفلوس وتقدير، وفى الأخر خذلوه!!
مهتم برأى الناس، ومتوتر من ردود أفعالهم ومدى تقبلهم أو رفضهم للفيلم، وفى نفس الوقت؛ واثق فى فنه ومؤمن بنفسه وبللى اجتهد عشان يقدمه،  متأكد إنه حتى لو كان رأيهم سلبى، أو مش فى صالحه، هيكمل وهيستمر ومش هيهمه،
هو  فى احتياج (معنوى) لاعتراف الناس بقيمة فنه، عايز يسمع صوت تصقيفهم على اجتهاده وتعبه، على تقديرهم لفكره! ودى صفة أصيلة متجذرة،  فى أى فنان اتخلق على وجه الأرض!!
انت مبتكتبش لنفسك، ولا بتخرج أو تمثل لنفسك، انت محتاج تقدم حاجة للى حواليك، تأثر فيهم، تحس بأهميتك وسطهم، وإن ليك قيمة مش مجرد عدد!!

صلابة الشخص وقوة تحمله، ضد الإحباطات والسخرية والانتقادات، واحيانا الشتائم والاهانات، هى اللى بتفرق فنان عن التانى، واحد كمل والتانى وقف، واحد وصل والتانى عطل، كلمة سلبية رفعت، وأحيانا موتت!!

من ضمن خلطة شاهين السحرية واللى بعتبرها  مصدر إلهام كبير أوى ليا؛  مدى قدرته على "التجرد التام "من كل مظاهر الزيف. "خلع" كل الأقنعة اللى بتجمل الواحد قدام الناس.
شجاعة اختيار الحقيقة،(قرار )إنك تظهر  بحقيقتك حتى لو هتضطر تشوه نفسك بايدك، تعرض سمعتك للقيل والقال، للاتهامات اللى مالهاش حدود ولا حصر!!
عشان بس تقدم فن بجد، فن حقيقى مصنوع من الدم، من أقصى درجات الألم والخجل والعار، (يوسف شاهين) شرح اسرته، بمشاكلهم النفسية وفكارهم ومصايبهم!
وقبلهم عرى نفسه حرفيا قدامنا،  بلا خداع أو حتى مواربة!!
دخل فى كل المناطق المحظورة والمقدسة والشائكة..كسر كل التابوهات الدينية  والسياسية وحتى الجنسية!!
قدم نفسه لينا بعيوبها ومشاكلها وعقدها وسقطاتها، قبل حتى نجاحاتها وانتصاراتها..
أفلامه كانت عبارة عن طبق فنى استثنائى مبهر للقلب، قبل العين، بيدخلك فى عالم تانى، عالم بالرغم من خصوصيته الشديدة إلا انك تقدر بسهولة تربط بينه وبين حياتك، أو حتى بينه وبين المجتمع بشكل عام،
(يوسف شاهين) تمرد على عادات مجتمعه، على الوعى الجمعى، على سلبياته وحدوده المفروضة علينا من يوم ما اتولدنا!!
اتمرد حتى على نفسه..حاكمها..اتفرج وفرجنا عليها من برة، وكإنه بيشاركنا المشاهدة!
لما بحس ببعض الإحباطات أو اليأس، يا بتفرج على فيلم (حدوتة مصرية) يا بشغل فيلم
(شاهين ليه)؛
فيلم وثائقى بيتناول كل تفصيلة فى حياة شاهين الفنية والخاصة!!، حوارات مع كتير من المخرجين والفنانين اللى اشتغلوا معاه، هو نفسه بيجاوب على أسئلة كتيرة وتفاصيل اعتقد أول مرة هتسمعوها،  ٣٢ حلقة، كل حلقة فيهم تحت عنوان مختلف، بيغطى جزء من فكره وفنه، خلاصة آراءه وأفكاره وتجاربه،
١٣ ساعة من المتعة الخالصة، من الخلود..من الحلم!
١٣ ساعة من السحر؛
تشبه صاحبها تماما!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكايتي على العربية | ألمانية تعزف العود وتغني لأم كلثوم وفير


.. نشرة الرابعة | ترقب لتشكيل الحكومة في الكويت.. وفنان العرب ي




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيب: أول قصيدة غنتها أم كل


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أول من أطلق إسم سوما




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أغنية ياليلة العيد ال