الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة اسعار النفط و الضغوط الأمريكية ( 1 )

آدم الحسن

2023 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لكل فترة , كان هنالك سعر لبرميل النفط الخام يعتبر مثاليا بالنسبة للاقتصاد الأمريكي , فأقل من هذا السعر لم يكن مقبولا من قبل امريكا لأنه يؤثر على انتعاش الاقتصاد الأمريكي , إذ قد يضعف أو يوقف تدفق الاستثمارات الجديدة في قطاع الصناعات الاستخراجية للنفط في أمريكا أو في دول اخرى من العالم بسبب انخفاض أو انعدام الأرباح المتوقعة من هذه الاستثمارات و خصوصا في مجال استخراج النفط من البحار او استخراج النفط الغير تقليدي من الصخور الزيتية أو الرمال الزيتية , و إذا كان سعر برميل النفط اعلى من السعر المثالي فسوف يؤثر ايضا على نمو و انتعاش الاقتصاد الأمريكي لأنه قد يرفع من نسب التضخم و يقود الاقتصاد الغربي بشكل عام و الاقتصاد الأمريكي بشكل خاص نحو قدر ما من الركود الاقتصادي .
كانت امريكا بحكم هيمنتها على الدول الرئيسية المصدرة للنفط و خصوصا على السعودية تستطيع جعل سعر برميل النفط الخام في السوق العالمية قريب من السعر المثالي الذي تريده .
خلال العقود الماضية , هنالك امثلة عديدة لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام الضغط السياسي بكل اشكاله لجعل سعر برميل النفط قريب من السعر المثالي أو لا يبتعد عن هذا السعر هبوطا أو صعودا بأكثر من ما تسمح به امريكا و من الأمثلة البارزة لهذا التدخل :
في زمن حكم الرئيس الأمريكي ريغن كان جورج بوش الأب نائبا له , في تلك الفترة هبطت اسعار النفط دون العشرة دولارات للبرميل مما تسبب بشلل كامل في استثمارات الصناعات الاستخراجية للنفط الخام حيث توقف تدفق الاستثمارات في هذا القطاع مما شكل ضررا كبيرا على المصالح الأمريكية , فأرسل الرئيس الأمريكي نائبه جورج بوش الأب الى السعودية و ابلغها غضب امريكا بسبب ذلك الانخفاض و أعلم حكام السعودية إن اي سعر لبرميل النفط الخام دون ١٨ دولار في الأسواق العامية يشكل تهديدا للمصالح الأمريكية و إن أي ارتفاع عن هذا السعر يتجاوز الحد الذي نسمح به يتعارض ايضا و المصالح الاستراتيجية الأمريكية , حافظوا على سعر لبرميل النفط حول هذا السعر , و في اليوم التالي و على أثر تلك الأوامر قامت السعودية على الفور بتخفيض معروضها من النفط في السوق العالمي و تبعتها دول خليجية اخرى بتخفيض ما تعرضه من النفط في سوق النفط الخام , ادى هذا الانخفاض في كميات النفط المعروضة للبيع الى ارتفاع سعر برميل النفط الخام ليكون قريب جدا من السعر المثالي الذي حددته أمريكا و هو 18 دولار للبرميل .
حصل في الفترات السابقة خلاف و اختلاف في توجهات كل من السعودية التي تتعرض لضغط امريكي شديد و روسيا , حيث كان الرئيس الروسي بوتين يخطط لضرب الصناعة الاستخراجية للنفط الغير تقليدي " النفط الصخري و نفط الرمال الزيتية " في امريكا حيث تحرك الرئيس بوتين في خطوة جريئة و هي المطالبة بحصة اكبر في سوق النفط العالمية على حساب حصة السعودية و وضع السعودية امام خيارين صعبين , فإما التراجع عن موقفها و خفض حصتها لصالح روسيا و في هذه الخطوة ستحصل روسيا على مردود مالي كبير أو عدم الاستجابة للطلب الروسي بتخفيض انتاجها و في هذه الحالة ستزداد كمية النفط المعروضة في السوق بسبب الزيادة في كمية النفط الروسي المعروضة في السوق و ستنخفض اسعار النفط عالميا بشكل كبير مما سيشكل تهديدا حقيقيا لمستقبل انتاج النفط الغير تقليدي في امريكا و ستواجه السعودية مزيدا من الغضب الأمريكي .
الإدارات الأمريكية المتعاقبة استخدمت امكانياتها للضغط على الدول المصدرة للنفط كي تبقي سعر برميل النفط الخام يراوح حول السعر المثالي , و لكل فترة كان هنالك سعر مثالي تحدده المصالح الأمريكية و هذا السعر يتغير تحت تأثير عوامل اقتصادية و سياسية عديدة .
مع ضعف الهيمنة الأمريكية على الدول المصدرة للنفط و خصوصا على بعض دول الخليج العربية و ظهور مجموعة اوبك بلس و اتخاذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سياسة نفطية تراعي مصالح الدول المصدرة للنفط و ليس المصالح الأمريكية بدأت امريكا تفقد قدرتها على جعل سعر برميل النفط الخام يراوح حول السعر المثالي الذي تحدده , فأصدر الكونغرس الأمريكي قانون تحت اسم " نوبك " أي " لا لأوبك " , و حسب هذا القانون الأمريكي تستطيع الإدارة الأمريكية فرض عقوبات قاسية على الدول المصدرة للنفط في اوبك و من هذه العقوبات تجميد اصولها المالية و حرمانها من استخدام نظام سوفت للتحويلات المالية و غيرها من العقوبات إذ لم تخضع هذه الدول للإرادة الأمريكية و تحديد سعر النفط في السوق العالمية بما يناسب المصلحة الغربية عموما و الأمريكية بشكل خاص , إلا أن الوضع الدولي الذي بدأ يتشكل بصعود العملاق الاقتصادي الصيني و ظهور اقطاب اقتصادية جديدة في العالم لم يسمح لأمريكا بتنفيذ تهديدها باستخدام قانون " نوبك " , إذ إن تطبيق أمريكا لمثل هذا القانون القاسي على الدول المصدرة للنفط الأعضاء في اوبك سيحطم علاقات امريكا بهذه الدول و سيضعف امريكا في الساحة الدولية من الناحيتين الاقتصادية و السياسية و سيصب ذلك في مصلحة أعداء امريكا التقليديين روسيا و الصين .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات التهدئة في غزة.. النازحون يتطلعون إلى وقف قريب لإطلا


.. موجة «كوليرا» جديدة تتفشى في المحافظات اليمنية| #مراسلو_سكاي




.. ما تداعيات لقاء بلينكن وإسحاق هرتسوغ في إسرائيل؟


.. فك شيفرة لعنة الفراعنة.. زاهي حواس يناقش الأسباب في -صباح ال




.. صباح العربية | زاهي حواس يرد على شائعات لعنة الفراعنة وسر وف