الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة اسعار النفط و الضغوط الأمريكية ( 2 )

آدم الحسن

2023 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


اخذت الهيمنة الأمريكية على دول الخليج العربية المصدرة للنفط و خصوصا على السعودية و الأمارات تضعف شيئا فشيا مع نمو اركان عالم متعدد الأقصاب , حتى اصبحت هذه الدول تعتمد سياسات وطنية بعيدا عن الإملاءات و الأوامر الأمريكية .
لقد كانت امريكا توجه سياسة دول الخليج النفطية من خلال إصدار الأوامر عبر الهاتف أما الان فقد تغير الوضع كثيرا , و من الأمثلة الواضحة على هذا التغيير هو الرد السعودي على الطلب الأمريكي لزيادة إنتاجها من النفط لمنع ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية نتيجة فرض العقوبات الغربية على النفط الروسي , فلقد حضر الرئيس الأمريكي بايدن بنفسه الى السعودية للقاء ولي عهد السعودية محمد بن سلمان ليطلب منه هذا الطلب لكنه فشل في تحقيق اهم اهداف تلك الزيارة , و كأن ولي العهد السعودي يقول للرئيس الأمريكي : انتهى ذلك الزمن الذي كنا فيه مضطرين للخضوع لأوامركم .
إن نشوء عالم متعدد الأقطاب انهى امكانية تحديد سعر لبرميل النفط في السوق العالمية يناسب السياسة الأمريكية و حاجات اقتصادها يمكن فرضه على الدول المصدرة للنفط حيث اصبح السعر المثالي الجديد هو ما يناسب النمو الاقتصادي للبلدان المصدرة للنفط ضمن مجموعة اوبك بلس و ليس المصالح الأمريكية .
من ارتدادات الحرب في أوكرانيا و ما تبعها من عقوبات اقتصادية شديدة على روسيا حصل متغير مهم في سوق النفط العالمية هو توجه مبيعات النفط الروسي الى الشرق , الى الصين و الهند و بالأخص الى الصين .
لا شك أن الصين تستطيع شراء كل النفط الروسي و الدفع باليوان الصيني و هذا يتوافق و سياسة روسيا المالية و الاقتصادية الجديدة التي تتضمن عدم التعامل بالدولار الأمريكي أو اليورو في تبادلاتها التجارية و حصر هذه التعاملات بالروبل الروسي أو بعُمَلْ الدول الصديقة لها كالوان الصيني .
سيخدم استيراد الصين للنفط الروسي أمنها الطاقوي لأن تزود الصين بالنفط من بلد صديق و شريك استراتيجي هي روسيا سيبعدها عن تأثيرات الضغوط الأمريكية و يعزز مكانتها الاقتصادية لأنها ستشتري النفط بعملتها الوطنية " اليوان الصيني " و هذا الأمر مهم استراتيجيا لكون اجمالي مشتريات الصين من النفط في المرحلة الحالية هي بحدود عشرة ملايين برميل يوميا و بكلفة تصل احيانا الى 350 مليار دولار سنويا .
كي يصل النفط الروسي لدول الشرق بكلف نقل قليلة سيتطلب ذلك إنشاء شبكة انابيب لنقله و هذا ما تنفذه الآن روسيا بالتعاون مع الصين , و في المستقبل القريب سوف لن يكون هنالك نفط روسي معروض للبيع للدول الغربية , انه أمر ليس وقتي و انما سيكون امرا دائمي و على مدى العقود القادمة و لحين انتهاء الحقبة النفطية بعد أن تتوفر البدائل عن النفط كمصدر للطاقة , أي حتى بعد انتهاء الحرب في اوكرانيا و تراجع الدول الغربية عن عقوباتها التي فرضتها على روسيا سوف لن يكون هنالك نفط روسي معروض في سوق النفط للدول الغربية .
من المتغيرات المهمة الأخرى التي ستشهدها الساحة الاقتصادية و السياسية الدولية ذات العلاقة بسوق النفط العالمية في الفترة القادمة هو مزيد من اعتماد الدول الحليفة لأمريكا , الدول الأوربية و اليابان و كوريا الجنوبية و دول اخرى , على نفط دول الخليج العربي بضمنها النفط العراقي و النفط الإيراني , و هذا يتطلب خلق حالة استقرار دائمة في منطقة الخليج العربي مما سينعكس ايجابيا على ايران حيث ستضطر امريكا لرفع العقوبات و القيود على صادرات ايران النفطية و كذلك البحث عن حلول سلمية للعودة للاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني بعيدا عن لغة التهديدات الأمريكية و ستكون لهذا المتغير تأثيرات جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط يكون الخاسر الأكبر فيها هو النفوذ الأمريكي و كل الأطراف المدعومة من قبل هذا النفوذ كإسرائيل و اصحاب مشروع إنشاء دولة كوردية .
هنالك أمر اخر مهم يخص النفط الغير تقليدي , فبسبب حاجة الدول الغربية لتغطية حاجة السوق من النفط الخام سترتفع اهمية هذا النوع من النفط , و ستتوفر فرصة كبيرة لنمو مشاريع استخراج النفط في فنزويلا التي تمتلك اكبر احتياطي للنفط في العالم و النفط فيها هو نفط غير تقليدي .
إن كلفة انتاج النفط الغير تقليدي المستخرج من الصخور الزيتية و الرمال الزيتية عالية بقدر ليس بالقليل عن كلفة انتاج النفط التقليدي للأسباب التالية :
اولا : تتطلب مشاريع استخراجه استثمارات كبيرة تصل الى اربعة اضعاف مبالغ الاستثمارات المطلوبة لاستخراج النفط التقليدي .
ثانيا : إن انتاج برميل واحد من النفط الغير تقليدي يستهلك حوالي ربع برميل نفط . و هذا سبب رئيسي في ارتفاع كلفة انتاجه .
ثالثا : الكلفة التشغيلية لمشاريع استخراج النفط الغير تقليدي عالية .
يتطلب استمرار عمليات استخراج النفط الغير تقليدي في امريكا أو في فنزويلا أو في أي دولة اخرى بقاء أسعار النفط مرتفعة نسبيا كي تغطي المبالغ التالية :
اولا : استعادة الكلفة الاستثمارية .
ثانيا : كلفة الإنتاج بضمنها الكلفة التشغيلية .
ثالثا : نسبة ارباح مشجعة لاستمرار تدفق الاستثمارات في هذا القطاع .
لذا اصبح من المؤكد بقاء دول الخليج العربية بضمنها العراق و ايران هي المصدر الأساسي للنفط الى الدول الغربية و خصوصا الدول الأوربية و ستزداد ايضا اهمية مجموعة اوبك بلس .
إن اكبر خطر يهدد الاقتصاد الأمريكي هو الاستغناء عن الدولار الأمريكي كعُمْلة أساسية في سوق النفط العالمية , وهذا الخطر لا يمكن لأمريكا تجاوزه , عندها سيأخذ الاقتصاد الأمريكي حجمه الطبيعي و يفقد قيمته الحالية التي تشكلت كنتيجة للنظام النقدي الغير عادل السائد حاليا .
إن عدد الدول التي تسعى لإنشاء نظام نقدي عالمي جديد يمتاز بالعدالة و ينصف الدول الفقيرة في ازدياد مستمر , و ستقود مجموعة بريكس التي تقودها الدول الخمسة الصين و روسيا و الهند و البرازيل و جنوب افريقيا عملية بناء هذا النظام النقدي العادل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه