الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لغدير: أقدس أعياد النصيرية -العلوية-
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
2023 / 7 / 5
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
يصادف يوم السابع عشر من ذي الحجة، من كل عام، ووفق التقويم الهجري "العربي" أو القمري يوم عيد الغدير خم، حيث يعتقد فيه، وعلى نطاق واسع بين أبناء الطائفة، قيام مؤسس الإسلام، يومها، بإلقاء خطبة وإعلان رسمي وعلني لتوريث السلطة السياسية وإعطاء الولاية بقيادة وإدارة أول إمارة إسلامية أسسها في مكة لابن عمه علي بن أبي طالب ومبايعته، فهو الأحق بخلافته وفق اعتقاد الشيعة والنصيرية من "الشيخين" (أبي بكر وعمر)، وهذا -أي الصراع والخلاف- أفضى لاحقاً لنشوب أطول حروب التاريخ المعروفة والمستمرة من 1444 عام بين أهل السنة والجماعة الموالية لأبي بكر وعمر، والفرق الشيعية الموالية لعلي، حيث يزعم ويعتقد كل فريق بأحقيته بالولاية والخلافة (وراثة السلطة السياسية عن مؤسس الإسلام)، وما أسهم ذلك من حدوث عشرات المجازر التاريخ المروعة بين الفريقين في واحدة من أشرس وأعقد وأطول الخلافات والصراعات السياسية عبر التاريخ، وتسببت بتكفير عموم الشيعة (الروافض) بشكل عام والنصيرية "العلويين" بشكل خاص، وإخراجهم من الملة وتحليل دمائهم وممتلكاتهم وأعراضهم كما أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيميه الذي دعا لقتلهم علناً واعتبرهم أشد كفراً من اليهود والنصارى جراء اعتقادهم وإيمانهم بأحقية علي بالخلافة وخروجهم، بالتالي، عن "التيار الرئيسي" للإسلام الذي يقر بأكمله بالولاية للشيخين وفيما ينكر كثيرون منهم وجود هذه الخطبة من أصله.
وبغض النظر عن جملة ورزمة أخرى كاملة وكامنة من الأسباب والدوافع للخلاف الشيعي السيني، فقد كانت تتجدد تلك "الفتنة" والخلافات العقائدية، بين فينة وأخرى، وتظهر للسطح عبر التاريخ، كان يتعرض فيها العلويون لغزوات ومجازر وعمليات إبادة وقتل طائفي وسبي نساء وانتهاء أعراض ونهب وحرق ممتلكات على يد دول الخلافة الإسلامية المتتالية، وصلت ذروتها، وبلغت أوجها، على يد العثمانيين، أجداد أردوغان، ممثل أهل السنة والجماعة وخليفتهم الحالي، الذين- أي العثمانيين- ارتكبوا عشرات المجازر الشهيرة بحق العلويين في سوريا وتركيا، تنفيذاً لفتاوى أثمة الفتنة والتكفير، وكان ما يسمى بـ"الربيع العربي" (ثورة أهل السنة والجماعة في سوريا)، آخر وإحدى حلقات وتجليات تلك الحرب والدينية الصارخة وأشكال الانتقام الطائفي المتجدد والمتجذر والمنتظم والتاريخي منذ نشوب الصراع قبل 1400 عام حيث ارتكب فيها "ثوار أردوغان" مجازر ورفعوا شعارات طائفية تدعو علناً لقتل العلويين وإبادتهم والقضاء على تلك الطائفة واستعانوا لذلك بجيوش من المرتزقة التكفيريين استجلبوهم من شتى أصقاع الأرض وصلت حتى إقليم "تشينغيانغ" 新疆 Xīnjiāng وما يعرف أيضاً باسم تركستان الشرقية ذي الأقلية "الإيغورية" (التركمانية) الصينية المسلمة التي ترى أردوغان خليفتها.
ورغم الزعم بأن نظام البعث الحالي الحاكم بسوريا هو نظام "علوي" طائفي أقلوي، حسب خطاب واتهامات المعارضة الطائفية، فإنه لم يلاحظ أنه قام بالاحتفال يوماً بهذه المناسبة أو إيلائها أي اعتبار وإعطائها أية أهمية أو مجرد الإشارة لليوم في إعلام البعث الذي يقبض عليه ويديره بقبضة حديدية عاتية الأمنيون والجنرالات البعثيون من الباب للمحراب، ولا حتى إرسال وزير القصر الجمهوري لتهنئة "النصيرية" بعيدهم العظيم، كما يفعل مع بقية الطوائف في الكيان الفسيفسائي الممزق، فإنه وبهذه المناسبة، وبعيداً عن الدولة الرسمية، تحتفل الشعوب والأقوام والجماهير والأعراق والقوميات والإثنيات والعشائر والأمم النصيرية (العلوية)، وبمختلف تلاوينها الإثنية والعقائدية والعشائرية الكثيرة المتباية والمتنافرة أحياناً واتجاهاتها وفرقها وتفسيراتها ورؤاها الفلسفية والعقائدية عبر تقديم الأضاحي والنذور والذبائح وطهيها مع الأرز أو "البرغل" (حنطة أو قمح خشن مطحون)، أو "الهريسة" وهي اللحم المسلوق المطبوخ مع الحنطة، وتوزّع بعد ذلك حصص من المطهيات على سكان القرية وخاصة الفقراء في نمط من أنماط التكافل والتضامن الاجتماعي مع دفع زكاة للشيوخ ورجال الدين القائمين على تلك الطقوس والصلوات والفروض، وبعد القيام ببعض الطقوس والصلوات الباطنية التي يحضرها ويقوم بها فقط العارفون بـ"الدين" حصرياً ودون الإناث اللواتي يحظر قيامهن بالصلوات وممارسة أي شكل من الطقوس الدينية في موروث بدوي قادم من ثقافة الصحراء التي تنظر بدونية للمرأة ويؤمن بها العلويون.
ورغم وجود عشرات الأيام والمناسبات المقدّسة عند الشعوب والفرق والجماعات والشعوب النصيرية الموزعة في دول وكيانات الإقليم وخارجه، لكن يتركز معظمهم في تركيا والشريط الساحلي في الكيان السوري الممزق، اليوم،، فإن مناسبة و"عيد الغدير" يعتبر الأقدس والأهم من بين كل تلك الأعياد والأيام، لدرجة أن يتوقف البعض عن القيام بأيام عمل ونشاط ويعتبر يوم عطلة يحظر فيه القيام بأي شيء، باعتباره تذكيراً واستحضاراً لذلك اليوم التاريخي المشهود وخطبة المؤسس الشهيرة، وكإعلان لاستمرار الإقرار بالولاية والخلافة وتوريث عرش السلطة الناشئة لمن يعتقدون أنه الأحق بها وهو علي بن أبي طالب ابن عم المؤسس وذراعه وقائد جناحه العسكري الذي أرسى دعائم، وكان له الفضل في ترسيخ أساس الدولة بالقوة والسطوة العسكرية والحروب والقتال، وكونها- اي الخطبة- وباعتراف المؤسس نفسه، كما يعتقدون، اعتراف وتطويب واقرار من مؤسس الإسلام بعظمة الإمام ومكانته واهميته اللستثنائية القصوى فيما يسمى بالإسلام وحظوته وقيمته الدينية والنيوية، ويعتبر العيد والاحتفال به نوعاً من إعلان الولاء والوفاء والالتزام بـ"نهج الإمام" التقي الزاهد الورع الذي غمطه الآخرون حقه بالولاية والخلافة وسلبوه إياها ما يعتبر في عرفهم تنكراً لرغبة ومشيئة المؤسس ووصيته وما أدى لانتقال الدعوة الدينية المحمدية من إطارها وشقها العقائدي إلى جانبها السياسي الذي أفضى عملياً لتأسيس وقيام جماعات ووباء الإسلام السياسي التي باتت جميعها تطالب وتسعى لتأسيس الأنظمة ودول الخلافة الاستبدادية والدينية ووراثة البشر والحجر التي تزعم جميعها - عبر الخلفاء- تمثيل الله والإنابة عنه في حكم الشعوب وسوسها وقيادتها والتحكم بها وحل مشاكلها والانتقال بها عبر منظومة طقوسية سلوكية وإجرائية من السعير والجحيم الدنيوي إلى الفردوس والنعيم الآخروي الأزلي حيث أنهار العسل والألبان والخمر والنساء الجميلات والمرد المخلدون من الغلمان .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما الكلفة الإنسانية التي تكبدتها غزة ولبنان بعد عام من الحرب
.. الانتخابات الرئاسية التونسية : مشاركة ضعيفة لنتيجة قياسية؟
.. إسرائيل: ما الذي تغير بعد السابع من أكتوبر؟ • فرانس 24
.. تونس: ما ردود الفعل الأولية على نتائج الانتخابات الرئاسية ؟
.. عام من الألم للأمهات في غزة وإسرائيل.. ونداء لإنهاء الحرب -ل