الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعي الأخير يقرأ أشعاراً في كندا

سعدي يوسف

2006 / 11 / 2
الادب والفن


ضاقت به الدنيا ،

ولكنْ لم يَضِقْ ، هذا الشيوعيُّ الأخيرُ ، بها ...

وكان يقول : للأشجارِ موعدُها ، وإنْ طالَ الخريفُ سنينَ أو دهراً !

وكان يقول أيضاً : خمسَ مرّاتٍ تَـلـَوتُ الشِّعرَ في وطني ، لأبتدِئ الرحيلَ ...

وكانَ...

لكني سمعتُ بأنه قد كان في كندا

لأسبوعَينِ ؛

ماذا كان يفعلُ ؟

ليس في كندا ، شيوعيون بالمعنى القديمِ ،

وليس في فانكوفرَ امرأةٌ معيّــنةٌ ليسبقَ ظِـلَّها أنّـى مضتْ ...

بل ليس في " الروكي " نخيلٌ ، كي يقولَ اشتقتُ للشجرِ المقدّسِ ؛

قلتُ : خيرٌ أن أُسائلَ أصدقاءَ لهُ ...

أجابوني : لقد كان الشيوعيُّ الأخيرُ ، هنا ، نقولُ الحقَّ ... بل قد سهرنا ليلةً في مطعمٍ معهُ. وقد


كنا نغَـنِّــي ، والنبيذُ القبرصيّ يشعشعُ الأقداحَ والوجَناتِ . ماذا ؟ نحن في فانكوفـــــرَ الخضــراءِ

لا بغداد ...

لكنّ الشيوعيّ الأخيرَ مضى !

إلى أينَ ؟

اشترى ، صبحاً ، بطاقــتَـه ، إلى عَبّــارةٍ تمضي به ، هُــوناً ، إلى جُزُرِ المحيطِ الهاديءِ ...

*

الأيامُ ، في أيّــامنا ، عجَبٌ !

وأقرأُ في رسالته الأخيرةِ :
أيها المسجونُ في أوهامكَ السوداءِ ، والكتــــبِ التي ليست بلون قمـــيصِكَ !

اسمعْــني ... ولا تقطعْ عليَّ سرابَ أسفاري . لقد هبطتْ بيَ العَـبـــّارةُ البيضاءُ

عند جزيرةٍ بالباسِفيكِ ... أقولُ : فِكتوريا ! فيندفعُ الشميمُ ، وتخرجُ الخـلجانُ

سابحةً . ستأتي عندنا الحيتانُ فجراً ، أو أسُــودُ البحرِ . لا تتعجّـل الأنــباءَ ....

فِكتوريا هي الأمُّ العجيبةُ ، جَـدّةُ الهنديّ والملهوفِ ، والأنثى المقدّسةُ . الطواطمُ

عندها حرسٌ ، وروحُ الدبِّ . والأسماكُ هائلةً تَقافَـزُ بينَ كفَّــيها .

..............................

..............................

..............................

وماذا كنتُ أفعلُ في الجزيرةِ ؟

أنت تعرفني . تماماً .

كنتُ ، مثلَ نضالِ أمسِ ، أُحَرِّضُ الطلاّبَ ...

كيفَ ؟

قرأتُ من أشعارِ سعدي يوسف ...

البَـحّــار ، صاروخ توماهوك ، إعصار كاترينا ، وقتلى في بلاد الرافدَينِ .

ولحيةُ القدّيس والْت وِيتمان . أشجار البحيرات العميقةِ . والبارات عــنــدَ

إجازةِ الجنديّ . تبدو بغتــةً عَـوّامةٌ في النيلِ . يبدو النخلُ أزرقَ في البعيدِ .

النسوةُ الغرثى يَـلُـبْنَ . عُواؤنا ؟ أمْ أنها تلك القطاراتُ التي تمضي إلـــــى

ليلِ الـمَـدافنِ في الصحارى ... أيها الجنديّ دَعْ بلدي ، ودعْني في الجحيمِِ .

قرأتُ من أشعارِ سعدي يوسف ...

الأمرُ الغريبُ : كأنّ هذا الشاعرَ الضِـلِّيلَ يعرفُني ، ويعرفُ ما أريدُ ....

كأنه أنا !

لستُ أفهمُ ما أقول ...
لندن 31.10.2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف