الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين و روسيا تحالف ام شراكة ...؟ ( 1 )

آدم الحسن

2023 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تحدثت تقارير عديدة و كتب العديد من المحللين السياسيين أن هنالك محور جديد من التحالف الاستراتيجي يَتَشكلْ , اقطابه الرئيسية هي الصين و روسيا .
فهل حقا أن العلاقة بين الصين و روسيا هي علاقة تحالف استراتيجي أم انها مجرد علاقة شراكة استراتيجية شاملة ...؟
لكي نحدد طبيعة العلاقة بين الصين و روسيا علينا اجراء فحص للكلمات في القاموس السياسي الصيني , فالشراكة الشاملة في القاموس السياسي الصيني تختلف تماما عن التحالف و هي بديل و نقيض للتحالف .
ليس للصين علاقة تحالف لا مع روسيا و لا مع أي دولة أخرى في العالم , فالصين لا تسعى أطلاقا لإقامة علاقة تحالف مع أي دولة لأن التحالف بالنسبة للمفهوم الصيني معناه الوقوف ضد و مواجهة تحالف آخر و هذا ما لا تريده الصين و لا تسعى له .
ما يميز السياسة الصينية عن سياسة امريكا و حلفائها في حلف الناتو أو عن روسيا التي تبحث لها عن حلفاء استراتيجيين أو عن دول آخري كأسترالية أو اليابان و غيرهما من الدول التي لديها شكل من اشكال التحالفات العسكرية بصيغة اتفاقيات دفاع مشترك هي ان الصين تدعو للابتعاد عن عقلية الحرب الباردة و تفكيك جميع الأحلاف العسكرية و الاستعاضة عنها بالشراكة الاقتصادية و التجارية و التعاون في كافة المجالات و منها التعاون الأمني لمكافحة المخدرات و الإرهاب و الجريمة المنظمة .
بعد انتهاء الحرب الباردة الأولى و حل حلف وارشو الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي السابق , انفردت الولايات المتحدة الأمريكية في توسيع احلافها العسكرية و ذلك بضم دول جديدة في احلاف عسكرية قائمة كما فعلته بضم دول عديدة الى حلف الناتو أو من خلال تشكيل احلاف عسكرية جديدة على شكل اتفاقيات امنية كاتفاقية اوكوس التي ضمت امريكا و استراليا و بريطانيا .
لا شك أن قادة الصين يعتقدون أن مبررات وجود تحالفات عسكرية بين الدول في طريقها الى الزوال لتحل محلها الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية و انهم قد بدأوا يخططون لإنشاء علاقات بين الدول غايتها انجاز تنمية عالمية مشتركة , إن اهم سبب وراء هذا الاعتقاد لدى قادة الصين هو أن عدد المشاريع و حجمها الكلي المطلوب تنفيذها لإنجاز تنمية عالمية هي اكبر بكثير من امكانيات كل دول العالم , لذلك وجدوا أن ليس الصراع على مناطق نفوذ هو امر غير مجدي و غير مفيد فقط بل إن التنافس اصبح غير مجدي و غير مفيد ايضا , فالصراع أو التنافس يصبحان واقعيان حين تكون عدد الفرص المتاحة و حجمها محدود فتتصارع الدول أو تتنافس للاستحواذ عليها , أما في عصرنا هذا فلا وجود لمبررات التنافس أو الصراع .
سياسة الصين اصبحت واضحة , اهم اساس فيها هو تجميد العناصر السلبية في علاقتها مع الدول و تنمية و تطوير العناصر الإيجابية في هذه العلاقات و لا تدع العناصر السلبية تؤثر و تُضْعفْ العناصر الإيجابية في علاقاتها مع كافة الدول , لقد مَكَنَتْ هذه السياسة الصين من تطوير علاقاتها مع معظم دول العالم و أن تجعل هذه العلاقات متعددة الجوانب , تجارية اقتصادية تبادل معرفة في العلوم و التكنولوجية ثقافية و غيرها من جوانب التعاون و المنافع المشتركة مع معظم دول العالم .
الخط الأحمر الوحيد في علاقات الصين مع كافة الدول هي قضية تايوان , فالدولة التي لا تعترف بوجود صين واحدة و إن تايوان جزء لا يتجزأ منها لا تقيم الصين مع هذه الدولة علاقات دبلوماسية .
الفرق الأساسي بين علاقات الصين بالدول الغربية و منها امريكا بعد سياسة الانفتاح الصيني على الغرب و علاقات روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق بالدول الغربية هو أن الصين استخدمت هذه العلاقات للصعود و النمو الاقتصادي اما روسيا فقد خضعت لهيمنة الغرب الاقتصادية و تحول اقتصادها من اقتصاد منتج الى اقتصاد ريعي يعتمد على تصدير الثروات الطبيعية كالنفط و الغاز و الذهب و الماس و غيرها من الثروات الطبيعية .
قبل بضعة سنين , بدأت روسيا بتصحيح مسار نموها الاقتصادي و قد ساهمت العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بسبب الحرب في اوكرانيا في الإسراع بتصحيح مسار روسيا الاقتصادي , حيث كانت لهذه العقوبات الغربية فوائد كبيرة على الاقتصاد الروسي إذ جعلت روسيا تعيد النظر في الكثير من النواحي الاقتصادية و التجارية و المالية التي سارت عليها بعد انتهاء الحرب الباردة , لقد بدأ الاقتصاد الروسي نهضة صناعية جديدة و أخذ يتخلص بشكل تدريجي من الاقتصاد الريعي الذي رافق التحولات السياسية بعد انهيار النظام الاشتراكي الذي كان سائدا في زمن الاتحاد السوفيتي السابق .
لقد عقدت الصين اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة مع روسيا , شملت هذه الاتفاقية جميع المجالات الاقتصادية و التجارية و المالية و تبادل المعرفة في المجالات العلمية و التكنولوجية و الصناعات الاستخراجية للمواد الخام بكل انواعها النفط و الغاز و الفحم و الوقود النووي و غيرها من الثروات الطبيعية , و رغم أن هذه الاتفاقية قد شملت ايضا التعاون في جميع مجالات التصنيع العسكري إلا انه لا تشمل تزويد روسيا بشكل فوري لأسلحة فتاكة يمكن أن تستخدمها روسيا في حربها مع حلف الناتو على الأراضي الأوكرانية .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه