الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشرون عاماً مضت من الآلام والمآسي على الشعب العراقي

فلاح أمين الرهيمي

2023 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


إن التدخل الأمريكي الامبريالي عندما جيش الجيوش وطائراته وصواريخه وبوارجه الحربية لإسقاط نظام صدام لم يكن من أجل سواد عيون الشعب العراقي وتخليصه من حكم صدام الدكتاتوري الدموي وإنما جاء لبسط وتنفيذ سياسته وأغراضه الاستعمارية ومن أجل أن يجسد تعقيدات وتناقضات الوضع الجديد واحتمالاته المفتوحة فقد كان من ناحية تخليص الشعب العراقي من حكم دكتاتوري دموي ومن الناحية الأخرى الإيذان بواقع حكم جديد يقوم على الفوضى والاضطراب وانعدام الاستقرار والمحاصصة الطائفية والفساد الإداري والفقر والجوع والبطالة وكان المؤمل أن يرافق سقوط النظام وتفكك الدولة ظهور البديل المدني الديمقراطي الذي كان الشعب يتطلع له ولكن نشأ على أنقاضه فراغ سياسي وأمني خطير حيث أصبحت العاصمة بغداد مسبية ثلاثة أيام بدون أمن أو جيش يحمي الشعب وتألفت في أحياء بغداد مجموعات من الشباب تحمل السلاح لحماية أهاليها من الانفلات الأمني وعصابات السطو والنهب وكان المارينز الأمريكي يجلسون على دباباتهم وهم يتفرجون على نهب التحفيات من متحف بغداد وكذلك العصابات تحمل المراوح والمكيفات والكراسي التي نهبت من الدوائر الحكومية ولا يحركون ساكن بينما القوانين الدولية تفرض على قوات الاحتلال حفظ الأمن والاستقرار وعدم التجاوز على أموال الدولة والمواطنين وإن عذابات السنين الطويلة يجب أن تبقى شاخصة أمام كل من راهن وسيراهن على التدخل الأجنبي في تحرير وطنه وإجراء عملية التغيير وترك الخيارات للقوى المحتلة من رسم سياسة البلد للأجنبي كما فعلت قوى المعارضة العراقية عندما سلمت أمور البلد ومصير شعب العراق إلى الحاكم العام الأمريكي على العراق (بول بريمر) ووضع نظام حكم مدني على العراق يكون حسب القاعدة الطائفية والقومية للشعب العراقي وعلى ضوئه تأسس وتألف نظام الحكم المحاصصي الطائفي والقومي في العراق إلى الآن عانى منه الشعب العراقي حياة قاسية لقد بينت فترة الحكم الماضية التي استمرت عشرون عاماً بوضوح أن العملية السياسية لا تواجه صعوبات جدية واختلالات كبيرة فحسب وإنما تعاني من خلل كبير لأنها انطلقت من أسس مشوهة وفاشلة ... إن الشعب العراقي يتطلع بعد عشرين عاماً من الفشل المزمن الذي أصبح مرض عضال لا يرجى شفائه إلا من خلال إجراء وإقامة عملية تبديله بدولة مدنية ديمقراطية تكفل للشعب العراقي الأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية والمستقبل المشرق السعيد وإن العشرين سنة الماضية أدخلت العراق وطن وشعب في عنق الزجاجة وأوصلته إلى الحضيض ويتذكر شعبنا العراقي حصيلة وويلات العشرون سنة الماضية وما صنعه الحكم المحاصصة الطائفية وضعف الدولة وتراجع مؤسساتها وغرقها بالفساد الإداري كما أن عجزها في أداء وظائفها يتجلى بوضوح في مجال تقديم الخدمات الأساسية والقطاع الصحي في تراجعه على مستوى الخدمات الصحية والطبية والعلاجية والوقائية وتهالك أبنيته التحتية وكذلك الحال في قطاع التعليم بجميع مستوياته والمرافق التعليمية المتهالكة وغير الملائمة مما جعل العراق بأسوأ سياساته في التربية والتعليم في الدول العربية وأصبحت الأمية والجهل آفة تهدد المجتمع العراقي بعد أن أصبح أولياء الطلبة يسحبون أبنائهم من كراسي الدراسة ويرمونهم في سوق العمل أما عتالين أو بائعي أكياس النايلون أو متسولين يساعدون أوليائهم في توفير لقمة العيش لهم ولعوائلهم كما كان من مخرجات العملية التعليمية (الأمية المقنعة) التي غزت دوائر الدولة بشهاداتهم المزورة وأصبحت تمثل التهديد الأكبر للدولة العراقية وعندما أصبحت الجامعات العراقية تخرج الوجبات تلو الوجبات من الطلبة بمختلف الشهادات (البكالوريوس والماجستير والدكتوراه) وترميهم في مستنقع البطالة مما جعل هذه الشريحة العلمية التي من المفروض أن تقدم خدمتها وعلمها في تقدم وتطور مشاريع الدولة أصبحوا من الداخلين في سوق العمل أو من البطالة بسبب الغياب شبه التام للقطاعات الإنتاجية والتدهور غير المسبوق للزراعة في تاريخ العراق ... أما على الصعيد الاجتماعي فالفشل أكبر وأعمق نتيجة السياسات الاقتصادية الريعية التي لاقت ترحيباً ودعماً من حكومات المحاصصة منذ عام/ 2003 أصبح العراق يشهد تفاوتاً طبقياً متنامياً بعد أن تفاقمت حدة التفاوت لدى المحسوبين والمنسوبين على الأحزاب والكتل السياسية الحاكمة التي تضخمت وتعاظمت مداخيلهم وكان للفساد الإداري دور كبير في ذلك مما أدى إلى تدهور المستوى المعيشي ومظاهر البؤس والفقر والجوع والحرمان لدى شريحة واسعة وكبيرة من الشعب العراقي ... وفي ظل هذه الأزمات والانتكاسات البنيوية العميقة أصبح ضرورياً قيام عملية التغيير من خلال دولة مدنية ديمقراطية تبني عراق جديد خال من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضاء على الفساد الإداري وملاحقة الحيتان الكبار ومعاقبتهم وتبديل الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد الصناعة والزراعة والسياحة والتنمية المستدامة والقضاء على الفقر والجوع والحرمان والبطالة بالاعتماد على الكوادر العراقية من العلماء وأصحاب الاختصاص والكفاءة والمخلصين أصحاب الأيادي البيضاء من المهاجرين خارج العراق في بناء عراق جديد متقدم ومتطور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت