الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول -الإبداع النسائي- الشاعرة التونسية المتميزة فائزة بنمسعود..حضور شعري جليّ وفاخر يسعى لإثبات الذات..

محمد المحسن
كاتب

2023 / 7 / 6
الادب والفن


عندما نتحدث عن العالم العربي كثيرا ما نصفه بأنه مجتمع لا يزال يعيش في الماضي،مقطوع الصلة بالعصر.
وبالرغم من أن هذا التوصيف ليس بعيدا عن الصواب في العديد من النواحي،ومن ضمنها نواح ذات أهمية بالغة،إلا أن هناك مجالا لا يمكن القول بشأنه بأنه لم يشهد أيّ تغيير.و نقصد هنا مجال مشاركة المرأة في الإنتاج الثقافي داخل المجتمع بالقياس إلى ما كان عليه الأمر في الماضي،فإذا ما قارنا الحاضر بالسابق،نجد فرقا واضحا في هذا المجال.
وتبدو الكتابة بمعناها الأدبي،وربما الشعرية منها بالأساس،المجال الأبرز لتحول المرأة العربية إلى ناشطة ومنتجة للثقافة ومشاركة للرجل في هذا الحقل الذي ظل،ولقرون،حكرا على الرجل بالدرجة الأولى في الثقافة العربية.
وقد عكس هذا التحول بروز مفهوم “الأدب النسائي” أو “الكتابة النسائية”،ذلك أن ظهور هذا المصطلح ليس سوى تعبير عن هذه الظاهرة “الجديدة” المميزة للعصر الحديث المتمثلة في “انبثاق” المرأة كذات فاعلة في مجال الكتابة والثقافة عامة،ودلالة على تغير دورها وموقعها في المجتمع على مختلف الأصعدة في العصر الحديث.
وهنا أقول :
إن الشعر أعاد مد الجسور بين المرأة وذاتها،وفجر كوامن المحظور،فأستطاعت الشاعرة أن تعبر عن نفسها بقوة.
وهنا أشيد أيضا بابتعاد العنوان المختار عن التسمية الإشكالية عن الشعر النسائي،إلا أني أعتبر أن النظرة التحقيرية أو الدونية لأدب المرأة لا يحددها أو يحكمها مصطلح ما،بل خلفية التناول ومحتوى البحث والدراسة.
وعليه،أدعو إلى ضرورة تجاوز حديث جدل المصطلحات،الذي أخذ -في تقديري-أكثر من مساحته وأصبح للمزايدة والقفز على مواضيع أكثر أحقية بالنقاش،وأهمية تجاوز نظرية المؤامرة في الأدب،والانطلاق إلى المزيد من اكتشاف ذواتنا في تنوعاتها.
وإذن؟
إن تبني مصطلح "الكتابة النسائية" أو "الإبداع النسائي" لا يعبر عن نظرة تجزيئية للأدب،بل الطموح المنهجي للكشف عن الجرح الأنثوي الذي يسكن الكتابة النسائية وعن قواعد لعبة الانتماء من خلال فعل الكتابة عند أقلية فاعلة داخل مشهدنا الثقافي العربي.
واختار فائزة بنمسعود الشاعرة التونسية المتميزة،بإعتبارها نموذجا من التجربة الشعرية الجديدة التي تؤكّد عبر-قصائدها العذبة-على أن الشعر،الذي هو ليس معجزة تحتكرها فئة دون غيرها،بل هو فن وموهبة تسطع بالممارسة والثقافة والاطلاع دون أن تحتكر بإرث البيئة والمعرفة.
وقبل أن يستمتع القارئ الكريم بالقصيدة الشعرية العذبة للشاعرة التونسية المتألقة فائزة بنمسعود الموسومة ب"يأتي" أقول :
بشكلٍ عام لا يمكن تصنيف الأدب على ما اصطلح تسميته بأدب «ذكوري» وأدب «نسوي»، فمنذ قدم التاريخ كانت المرأة موجودة بوصفها شاعرة وأديبة،مثال ذلك إنخيدوانا(يعتبرها العلماء والأدباء أقدم امرأة كاتبة وشاعرة حب،إنخيدوانا وصلت إلى أعلى رتبة كهنوتية في الألف الثالث قبل الميلاد،وكان لها دور زمن حكم أبيها سرجون الأول وزمن أمها الملكة تاشلولتوم،وكان لها أعمال وأشعار أدبية عن الإلهة إنانا وعن الألهة السومرية الأخرى.كونها أول شاعرة في التاريخ..)
والخنساء كونها أشهر شاعرات العرب،ورابعة العدوية كونها أشهر من تغنى بالحب الإلهي،حتى الشاعرات المعاصرات اللواتي غيرن في القالب الشعري،مثل نازك الملائكة،التي مع بعض معاصريها من الشعراء ثبتت وجود شعر التفعيلة بوصفه نوعاً أساسياً مع الشعر العمودي،ولا ننكر أهمية الإعلام الحديث والتعليم في ترسيخ محبة الشعر وحب تعلمه وإتقانه عند الجيل الجديد..
وإذن؟
لا غرابة-إذا،أن تبدع المرأة في هذا المجال خاصة،وذلك لما به من شاعرية عالية تسهم طبيعة المرأة وحساسيتها وعاطفتها في إظهارها على الوجه الذي يتوقد بالإبداع،فالمرأة الشاعرة حاضرة وإن قلّ البروز الإعلامي،سابقاً،للكثير من الشاعرات نتيجة ظروف معينة أهمها الانشغال بالتحصيل الدراسي أو إنشاء عائلة أو حتى الحياء كونه عاملاً يمنعها من الظهور على الساحة الأدبية،لكن الواقع الآن يشهد لمعاناً شعرياً أنثوياً يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي والنبوغ الفكري والاهتمام الثقافي والتعاضد المجتمعي في إرساء معايير لشاعريتها عن طريق الشعر في أبهى تجلياته..
والشاعرة المتميزة فائزة بنمسعود دليل على ما أقول..فلنرقص جميعا على ايقاع -قصيدتها-التالية-رقصة زوربا اليوناني-دون أن ينال منا الإرهاق ولا التعب:

يـــــأتــــي

يأتي ومن عينيه خيانته
ناضحة
متلبسا ببراءة الأطفال
متلبسا بعطر كل اللواتي
مررن بين اصابع يديه
ولاعبهن الورق
وامتص سذاجتهن
وباعهن لندم وأرق
لماذا ينسى
ان احمر الشفاه على قميصه الابيض
فاضحه
لماذا ينسى أنني بنواياه وما اخفى عارفة
وحيله كاشفة
ولست أنا مَــنْ بين يديه
ترتمي تلتمس حبه راجية
يالسذاجة هذا العاشق المتيم
أو يظن انني ببقايا رجل قابلة؟
رجل مشتت بين لعوب وشامتة
ايها الساعي لحتفه
انا الأولى والآخرة
فلا تشتر حطام الدنيا وتبع الآخرة
انا خير وأبقى لو تدري
أنا الصالحات الباقية
لا تعتقد ان في حبك ارديتني
بالضربة القاضية
أنا امراة من زمن آخر
لا أرضى بقلب هو جسر عبور
لكل مارة وعابرة
ولست أنا من تضمّد كدماتك
ولا انا من ترتق جراحاتك
حتى ان كنت على ذلك قادرة
سيدي
عد من حيث جئت
على رصيف الرغبات
ابن لك مزارا وأقم به
أيامك الباقية
ولا تظنن أني لأجلك
ساكتب أحزان عمري قصيدة خجلى

فائزه بنمسعود

قبعتي يا فائزة..لقد فزت في مضمار الإبداع..عن جدارة واستحقاق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تششيع جنازة والدة الفنان كريم عبد العزيز


.. تشييع جثمان والدة الفنان كريم عبد العزيز.. وتعديل موعد العزا




.. ما اقدرش اتخيل البيت من غير أمى.. كلمات حزينة من الفنان كريم


.. الفنان كريم عبد العزيز يمنع التصوير منعاً باتاً في جنازة وال




.. سكرين شوت | الذكاء الاصطناعي يهدد التراث الموسيقي في مصر