الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العميل الصدامي الوحيد والمخابرات الامريكيه؟/3

عبدالامير الركابي

2023 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


7 ـ لايستقيم النظر في الفترة مدار البحث، اذا لم تعيّن من حيث البواعث والاتجاهات واساسا الدوافع والمحركات، حقيقة تلك المحكومة بالاجمال الى وطاة الرؤية والتصور البراني واشكال الاتباعية والنكوص العقلي السائد، ولاشك ان مانريد التنويه به انقلابي بحاجة الى توقف من غير نوع الحالي، مع ان عدم التعرض له كجوهر غير ممكن ويجعل المعروض هنا بلا معنى، فما كان يدور وقتها، وكما ملمح له في عنوان كتابه "من الابراهيمية الى ظهور المهدي" كشكل رد على التحدي الامريكي، لاينتمي الى المتداول والسائد في وقته من تصورات ومفاهيم خاصة بالاصطراعية الناشئة وبمقدمها الايديلوجية الرثة المنهاره، الامر الذي مايزال الى الساعة ساريا ومنتظرا، من تصادامية ذات طابع كوني لم تكن ملامحها وموضوعاتها الفعليه ظاهرة، او من الممكن التوفر على سماتها في حينه، بما يجعلنا والحالة هذه في غمرة انتقال وانقلاب غير مسيوق، تحديد عناصرة ووجهته بحد ذاتها، ستكون العامل الفاصل فيه.
واهم المنطويات الحرية بالاشارة لهذه الجهه، تلك التي تتصل بولادة "العراق" مقابل كل اشكال الفبركة والاسقاطية الواقعة عليه، والملتزم بها من قبل الجميع وكانها الحقيقة النهائية، مع كونها احادية عائدة لمجال ووجهه بعينها، من دون الاخرى، وبالتقابل بين عراق متشكل من القرن السادس عشر من ارض سومر التاريخيه، واخر براني مستمر على حالته تلك من انتهاء الدورة التاريخيه الثانيه، مع سقوط بغداد عام 1258يتوالى عليه الحاكمون من ايام هولاكو، معتبرين العاصمة المنهارة هي العراق، وصولا الى الانكليز ممثلي الغرب الالي، الذين حدثوا البرانيه باسباغ نموذجهم في الكيانيه والدولة، خلافا لكينونة المكان وطبيعته، وبالضد من تشكله الراهن الحديث، الذي مر اليوم بلحظتين من تاريخه، قبلية، وانتظارية نجفية غير ناطقتين، ولن تتوفرا بعد على اسباب الكشف عن الذاتيه.
من هنا يصبح المطلوب والغرض المستهدف على الجبهتين اليوم، اقرب الى شرط العبور على طور من البرانيه التلفيقية كما كرستها اوربيا مستغلة تاخر نطقية المكان الجاري اكراهه على مغادرة ذاته، الامر الذي من شانه قلب نوع الوسائل المستخدمه والمبتكرة، المتناسبة مع الحالة اذا مااردنا مقابة وسائل الانتصار على الجبهيتن، فاذا كانت الامبراطورية الامريكيه المفقسة خارج الرحم التاريخي، تملك كل ماتحتاجه من اسباب القوة والجبروت اللازم لتحقيق الانتصار العسكري، كخطوة لابد منها لاجل تدمير وسحق الكيانيه العراقية، فان مثل هذا السياق يمكن بحد ذاته ان يكون حافزا لانتصار من نوع اخر، لم يسبق ان عرف الا في حالات نادرة في التاريخ، قد تصبح بمقدمتها في الافق المنظور، الانقلابيه المفهومية النطقية للمكان، وتلك هي الافاق التي كانت نذرها تلوح وقتها، مع انها غير حاضرة عيانا في ساعتها.
8 ـ ثمة اذن افق سري كان يقف وراء الاصطراعية العراقية الامريكية، لم يصل نهايته ومبتغاه بعد، هو بالاحرى وبحسب الماش الراهن، نوع مراحلي طويل الامد متعدد الاوجه والحالات، بما انه انقلابي استثنائي على المستوى التاريخي، فالحرب الامريكيه على العراق هي تمهيد انقلابي نوعي، لايمكن الا ان يفترض المواكبه الانيه التي قد لاتكون موافقة لجوهر ونوع الانتصارية المطلوبة، من دون التوقف على مايحقق الانتصار الفعلي على الطرف العراقي، وهو مايشترط تامين النطقية الغائبة.
من هنا كان التوازي الذي حكم عمله هو، مابين الجانب "الفكري" الابتكاري غير التقليدي الموافق للتعبيرية الذاتية من ناحية، ومايمكن ان يعزز او يوثق الفعالية المستقلة للصوت المتمرد على التلفيقية البرانيه، الامر الذي كان من شانه ان يستغرق بضعة عقود من الزمن بظل تكلس الواقع، ووطاة وثقل المحمولات التفكرية القصورية الموضوعية التاريخيه، وتدني وجفاف الطاقة العقلية المستمر، مع قوة وفعالية نزعة النظر للذات بعين الاخر باعتباره القمه والمنتهى، مقابل تدني مكانة الذاتيه، خصوصا كمعادل للاخر، والخوف من طرق ابوابها باستقلال، وبما هي حرية به وجديره.
فلقد تعرض العراق اليوم وفي اخر محطات نشاته التشكلية الانبعاثية الحديثة، لاخطر عملية تزوير للهوية التاريخيه، وبعد ثلاثة قرون على بدء تشكله الحديث، حضر الغرب ليقرر له كيانيه ودولة مركبه على اسس برانيه، مستندة للنموذج الغربي ومفهوم الكيانيه المعتبر هو "الحداثة" لاغير، والمسقط اكراها على العالم بمختلف تكويناته، ماقد استوجب نشوء حال من الاصطراعية، بين الاليات والبنية الخاصة المتشكله صعدا بلا نطقية من جهه، والنمطية الاكراهية "الحداثية" المكملة للبرانية التي سبقتها، مع اجمالي حالة وملحقات عملية الفبركة البرانيه.
ومن الناحية العملية، وبرغم مايكتنف مثل هذا الجهد السابق للنطقية من خيال، فلقد كانت المعالجة تنقسم برايه هو حكما على مستوى الحكم الى ثلاثة محطات رئيسية، اولى احتمالية تغييرية بظل المجابهه، وابان احتدامها، اي على الحافة، وثانية متوقعه تخص خيار البديل في حال الانهيار الكياني بفعل الغزو، والثالث سيكون مكرسا على وجه التعيين لمسالة النطقية التي هي اكثر المحطات مضاء وعملية، على خلاف مايتصور بحسب المقاييس الشائعه عن حدود العمل المنسوب الى "النظرية"، فما يقصد وفقا للحالة التي نحن بصددها ينتمي لعالم ط المفهوم" بصفته السلاح المضاد الحاسم.
9 ـ كرس هو جهده بناء عليه ابتداء على الحضور المصري وممكنات اسهامه في وضع صيغة تغييرية قد تكون من قبيل الحل/ الانقاذي، وهنا لابد من ذكر ناحية طرات وقتها وبدت اقرب الى الخلاف بين الوحهه التي اعتمدها الرئيس بن بيلا، باقراحه حضور "وفد" وطني معارض الى بغداد، الامر الذي استحسنه بعض الاخوه وقاموا يتنفيذه، وهو ماحصل بعد عودته هو الى بغداد واستمرار تواصله مع النظام، وكان الرئيس بن بيلا قد اتصل به وهو مايزال في لبنان، وابلغه بان مندوبا خاصا من بغداد قد وصل عنده في الجزائر، ويريد الالتقاء به، فطلب الى بن بيلا ان يعطي المندوب تلفونه كي يتفقا على لقاء، يقرران بموجبه ماينبغي عمله، وبالفعل تم الاتصال والاتفاق على اللقاء بعد فترة وجيزه في تونس، وهو ماقد حصل بالفعل، وبعد جلسات عده طلب اليه المندوب ان ياتي الى بغداد، لانه هو شخصيا لايملك ولا يستطيع ان يقرر شيئا، وان وجوده في بغداد سيهيء له اللقاء مع من بيدهم القرار، فوافق على ذلك، وتم تامين طريقة الاتصال التي بواسطتها يحدد موعد سفره الى بغداد.
وهو ماحدث بالفعل، فوصل هو بعد قرابة الشهر من لقاء تونس الى عمان، ليمر هنا بتجربة ذكرها في كتابه "انتفاضة الاهوار المسلحة في جنوب العرا ق 1967/1968 45 عاما ومايزال القتال مستمرا" الصادر عن دار ميزوبوتوميا/ بغداد. وبعدما تعرض للاستدعاء من المخابرات الاردنيه، والتقى الاشخاص المكلفين بمرافقته الى العراق، وضع امام عدة خيارات يستدعيها عبوره الحدود، مع تحاشي احتمالات الازعاج الاردني عند العودة، فعرضت عليه عدة سبل من بينها العبور تهريبا بصندوق السيارة، الذي اختاره فورا ومن دون انتباه لجانب ذي دلالة يخص التعرف على الحدود في الذهاب والاياب.
فهو خرج من العراق عام 1975 هاربا عن طريق الكويت غبر صفوان جنوبا في واحدة من سيارات نقل الكبريت الاتية من سوريا، وفي نقطة الحدود كان عليه ورفيقه ان يصعدا غفلة ويندساان تحت الجادر الذي يغطى به الكبريت عادة، والذي كان وقتها فارغا، متحملين وطاة الروائح العالقة بالجادر، وهكذا عبر هو الحدود مغادرا العراق قبل سبع عشرة سنه، من دون ان يرى الحدود التي تفصل العراق عن الكويت، وفي نقطة الحدود في العبدلي، احس وقد توقفت سيارة النقل التي تقله، ان ثمة شجرة قد ظللتهم مع حركة عصافير، ثم تناهى له صوت وحركة صعود جندي، او موظف كويتي كان يريد القاء نظرة على موضع حمولة سيارة الشحن، غير ان رفا من العصافير كانت تحط فوق الجادر هبت وقتها بوجهه، ما دفع به للنزول من دون اكمال معاينته، في هذه المرة عبر الحدود مع الاردن، اختلف الامر وسمع وهو في صندوق السيارة المحادثة بين الموظف الاردني، والسائق العراقي وهو يقول له " اخوك عراقي ومستعجل" علما بان السيارة تحمل مايدل على انها تابعه للسفارة العراقية بوضوح، وهكذا عبر هو هذه المرة ايضا من دون ان يتعرف على حدود العودة الى الارض بعد فراق سبعة عشر عاما.
الا ترتسم هنا ملامح، وان تكن غير مكتملة، لنوع مسلكية اخرى يفترض ان تعزى ل"الوطنيه" غير الناطقة وتجلياتها الاولية، بالحدود والقدرات المتوفرة في حينه، بانتظار ماهي محكومه به، ومقدر لها ان تمر به تراكما واغتناء خبرويا، لحين ان ينكشف النقاب، وتزاح من على الواجهة وقائع "الوطنيه الزائفة" ومتبقياتها، وماقد تبقى وترسب عنها من حثالات، هي اليوم ليست مجرد تابع نموذجي معاد للهوية وللذاتيه التاريخيه تفكرا وسلوكا، بل رهط من الملتحقين بالغزو التدميري الافنائي.
ـ يتبع ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر