الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارف التي لم تثمر

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2023 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ا
عندما تتسلّط جماعات على الناس باسم الدين و العرق في بلاد تتعدد فيها المعتقدات و الملل والأعراق وينقسم هؤلاء فيما بينهم إلى طوائف متباغضة متنافرة أحيانا و متحاربة أحيانا أخرى ، تفقد البلاد صلاحيتها لأن تصير و طنا حقيقيا ، مختلفا عن مكان اللجوء المؤقت أو الدائم ، فالوطن ليس فقط للسكن و إنما للشراكة بين أهله في إطار الأمة الوطنية .
عندما كنا في المدرسة الإبتدائية ، مدرسة الضيعة نموذجا ، كان المعلمون في غالبيتهم ينتمون أو يتعاطفون مع أحزاب سياسية ، كان في ضيعتنا حزب العربي الإشتراكي في طليعتها ، في حين أن الجدال كان دائما و حماسيا ، في المدرسة الخاصة ، في المرحلة المتوسطة ، بين التلامذة من جهة والمدرسين و المدرسات من جهة ثانية ، حول هويتنا ، او بتعبير أدق حول أصل " هويتنا" . لم يحسم هذا الأمر قبل مرحلة التعليم الثانوي حيث بدأت تتراءى امامنا آفاق الشيوعية المفتوحة و حرب التحرير الوطني لاسيما و أن هزيمة الدول العربية في مصر و سورية و العراق في حزيران 1967 كانت ذات و قع أليم جعلنا في بادئ الأمر ننزع ثقتنا بحكام هذه الدول ، و لكن ما لبثنا أن تراجعنا لاسباب يطول شرحها هنا .
من نافلة القول أن المعارف اللازمة للتحليل و الفهم و التدقيق و النقد متوفرة في مجتمعات الدول المهزومة ، و في غيرها أيضا ، و استطرادا امكانية استخلاص الدروس المفيدة حتى لا نغوص أكثر فاكثر في أعماق الهزيمة لحد الغرق . فلا نظن ان الأدبيات العربية تفتقر لدراسات في علوم الإجتماع و السياسة و الإقتصاد و المال و الإدارة و الهندسة . فانت تجد اليوم باحثين هاجروا من بلدان الدول المهزومة يعملون في جامعات و معاهد عالمية، في كافة المجالات العلمية ، بعد أن عجزوا في بلادهم الاصلية عن صياغة خطط مشاريع عمرانية و خدماتية وادارية إصلاحية ، و تنفيذها ، دليلا على أن لا دور لهم فيها ، فبيئاتها غير ملائمة للتقدم البنيوي و التحديث على المستوى الجمعي .
و لكن المفارقة الكبيرة التي تبلورت بينما كانت مجتمعات الدول المهزومة تنزلق تدريحيا إلى المأزق الذي صار في سنوات 1990 خانقا ، هو مبادرة نظم الحكم في تلك الدول إلى الإنقضاض بقصد التصفية المعنوية و الجسدية ، على الأحزاب السياسية ، فلم يبق إلا شبه الدولة و عسكرها و ميليشيات أحزاب السلطة . نجم عنه إضمحلال الوعي الوطني بما هو محصلة منطقية للإرهاب الذي مورس في وضح النهار أحيانا ، ضد أعضاء الحركات الوطنية ، حيث قتلوا و غيبوا و عذبوا و نفيوا و للعبث المشبوه أو المجنون أو البدائي القبلي تحطيما لدعائم الشراكة الوطنية ، حيث جرى فرز الناس عللى اساس الإنتماء العرقي و الطائفي " على الهوية " بعد أن أعدم الكثيرون "على الهوية " توازيا مع إقتسام جغرافيا البلاد فيما بين الزعماء .
أما عن المدرسة الوطنية و الجامعة الوطنية فحدث ، لقد صارت في خبر كان بعد أن التهمتها مدرسة و جامعة الطائفة و الزعيم و صاحب الأموال التي هبطت من السماء ، فمصيرها كمصير الأحزاب الوطنية التي سحقتها الأحزاب الطائفية سحقا .
هكذا صارت بلاد الدول المهزومة ، قبل هبوب الرياح الأميركية ـ الإسرائيلية ، تنتتج و تُصدر الأشخاص و محاصيل بعض الزراعات الأحادية . اضف إلى النظريات الفكرية و العلمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن