الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأساليب المتاحة امام امريكا لوقف تطور الصين ( 1 )

آدم الحسن

2023 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


قبل الدخول في بحث الأساليب المتاحة امام امريكا لوقف تطور الصين و امكانية نجاح هذه الأساليب في تحقيق أهدافها لابد من الإشارة الى الأمور التالية :
اولا : بسبب المتغيرات التي حصلت على الساحة الدولية اصبحت هيمنة أمريكا على الدول الأخرى و خصوصا على الدول الفقيرة لا تتم بثمن بسيط , فهذا الثمن أخذ يكبر يوما بعد يوم بسبب ظهور متنافسون جدد في الساحة الدولية مستعدون للدفع مقابل شراء المواقف السياسية لتلك الدول أو لإقامة علاقات تجارية على اساس المنافع المشتركة للطرفين , ليست الصين و روسيا هما المنافسين الوحيدين لأمريكا بل صار هنالك منافسين أخرين من اوربا كفرنسا و من الدول الخليجية كالسعودية و الأمارات , و عدد المتنافسين في تزايد , من المؤكد أن هذا التنافس يصب في مصلحة الدول الفقيرة , حتى اخذ البعض منها هو من يفرض شروطه على من يقدم له الدعم المالي أو الاقتصادي .
كي تكسب أمريكا مزيدا من الدول التابعة لسياستها , دول تسير تحت هيمنتها و كي تحافظ امريكا على علاقتها بهم و تتمكن من ادامة هذه العلاقة لابد من أن يكون الدعم الأمريكي في تصاعد مستمر , فالمنافسة اصبحت شديدة و هذا ما صار واضحا في القارة الأفريقية .
لا شك أن الدعم الذي تقدمه امريكا للدول لأغراض الكسب السياسي سيشكل مع مرور الزمن ثقل يقصم ظهر الاقتصاد الأمريكي لأنه في الغالب لا يتم وفق المصالح المشتركة بعكس الصين التي تبحث في جميع علاقتها على المصالح المشتركة من خلال أنشاء مشاريع تنموية أو لتنفيذ مشروعها الحزام و طريق الحرير و بالتالي لا تشكل هذه العلاقات على الصين أعباء اقتصادية و مالية .
ثانيا : ستواجه امريكا مشاكل اقتصادية حقيقية ما لم تُؤمنْ و تَتَصرفْ بواقعية و تَعتَرفْ بأن العالم اصبح عالما متعدد الأقطاب و إن لا جدوى من شرائها للولاء السياسي للدول فعصر الشراكة العادلة بين الدول قد بدأ بديلا عن عصر التابع و المتبوع .
لقد اصبح واضحا أن الميزانية الفدرالية الأمريكية و منذ سنين عديدة تعاني من عجز مستمر حيث وصل الدين العام الأمريكي الى رقم قياسي , بحدود 32 ترليون دولار , و إن نفوذ الدولار الأمريكي في النظام النقدي العالمي بدأ يتراجع , هذا العامل و عوامل أخرى ستؤدي بالتأكيد الى تلاشي الهيمنة الأمريكية على الدول الأخرى بشكل تدريجي .
هنالك حقيقة لابد لإدارة البيت الأبيض الأمريكي الحالية و الإدارات القادمة ادراكها و تَقَبُلها و هي أن امريكا ستبقى واحدة من الدول العظمى اقتصاديا و علميا و تكنولوجيا لكن دون أن تكون لها هيمنة سياسية على الدول الأخرى .
ثالثا : يوفر العالم متعدد الأقطاب إمكانيات كبيرة للكثير من الدول كي تتصرف وفق مصالحها الوطنية دون الخشية من سلطة أمريكا التي صارت القطب الأوحد بعد انهيار و تفكك الاتحاد السوفيتي .
رابعا : لقد اصبحت الصين الصاعدة هي صاحبة الاقتصاد الأكبر عالميا عند استخدام القيم الاستعمالية في حساب الناتج الوطني الإجمالي و ثاني اقتصاد في العالم بعد امريكا عند استخدام القيم التبادلية في حساب الناتج الوطني , و يتوقع الكثير من خبراء الاقتصاد أن الاقتصاد الصيني سيكون خلال السنين القليلة القادمة في المرتبة الأولى عالميا وفق استخدام الأسلوبين في حساب الناتج الوطني الإجمالي , اسلوب استخدام القيم التبادلية و اسلوب استخدام القيم الاستعمالية .
خامسا : مع التطور العلَمي و التكنولوجي السريع في الصين فأن معدل إنتاجية الفرد فيها يقترب من معدلات إنتاجية الفرد في الدول عالية التطور و مع استمرار هذا التطور سيزداد معدل إنتاجية الفرد في الصين على إنتاجية الفرد في كل البلدان المتقدمة عندها سيكون إجمالي الناتج المحلي الصيني بحدود خمسة أضعاف اجمالي الناتج المحلي الأمريكي إن لم يكن أكثر .
سادسا : تختلف التجربة الصينية عن كل التجارب التي مرت بها دول العالم و لهذه التجربة ميزات تم من خلالها تحقيق الإنجازات الهائلة في كافة المجالات حيث تمت اكبر عملية لنقل المعرفة في كافة صنوف العلوم و التكنولوجيا من الدول التي سبقت الصين في التقدم الى الداخل الصيني في فترة زمنية قصيرة لدرجة يمكن وصفها بالتجربة المعجزة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية .
اهم ما يجب الإشارة اليه بخصوص نقل المعرفة الى الداخل الصيني انه منذ نجاح الإصلاحيين في الصين من السيطرة على دفة الحكم في الصين بقيادة تنغ تسياو بنغ حصلت اكبر عملية في التاريخ الإنساني لنقل العلوم و التكنولوجيا من البلدان المتقدمة الى الصين حيث ارسلت الدولة الصينية بحدود مئة الف طالب سنويا للدراسة في البلدان المتقدمة و خصوصا في أمريكا , أي ما مجموعة خلال الفترة الماضية حوالي اربعة ملايين طالب , هؤلاء الطلبة إما كانوا يدرسون على حساب الدولة الصينية أو على حساب الشركات العاملة في الصين بضمنها الشركات الصينية أو على حسابهم الخاص , بالإضافة لدراسة الطلبة الصينيين في الدول المتقدمة تم الاستعانة بخبراء اجانب برواتب مغرية للعمل داخل الصين , هذه الطرق هي من بين طرق عددية اخرى استخدمتها قيادة للحزب الشيوعي الصيني الإصلاحية لنقل العلوم و التكنولوجيا الى الداخل الصيني .
إن تطور الصين هو نتاج لعمل جاد لملايين الصينيين من العلماء و الخبراء في إدارة الدولة و المهندسين و الفنيين بكافة الاختصاصات , لذا فإن وقف تطور الصين هو أمر مستحيل .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق بين مفاوضات الهدنة ومعركة رفح| #غرفة_الأخبار


.. حرب غزة.. مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس| #غرفة_الأخبار




.. قراءة عسكرية.. معارك ضارية في شمال القطاع ووسطه


.. جماعة أنصار الله تبث مشاهد توثق لحظة استهداف طائرة مسيرة للس




.. أمريكا.. الشرطة تنزع حجاب فتاة مناصرة لفلسطين بعد اعتقالها