الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبادل ادوار

رياض ممدوح جمال

2023 / 7 / 8
الادب والفن


مسرحية من فصل واحد
تأليف : رياض ممدوح جمال

الشخصيات :
الاب : والد الفتاة شروق.
الام : والدة الفتاة شروق.
شروق : فتاة جميلة، في العشرين.
شاكر : شاب، خطيب شروق.
ام شاكر: امرأة في الخمسين من العمر.
العم : عم شاكر، في الخمسين من العمر.
الخال : خال شاكر، في الستين من العمر.

المنظر : (غرفة استقبال، متوسطة ومرتبة التأثيث، شروق وامها منهمكتان
بترتيب الغرفة بخفة وحيوية).

ام شروق : متى ستنتهي اجازة شاكر ويلتحق بوحدته العسكرية, يا ابنتي ؟
شروق : لقد جاء يوم الخميس, وسيلتحق يوم الخميس القادم, أي بعد ثلاثة
ايام. يا امي.
ام شروق : اه لو ان بالوعة كبيرة في الارض تبتلع كل جيوش العالم وحروبهم.
شروق : لماذا يا امي! فالجيوش تصنع الابطال.
ام شروق : بل تصنع الاموات والارامل واليتامى. البطل من يعيش حياته كما
هو يريد، لا كما يريده الاخرون له. عندما ستكونين اما سوف لن تستبدلي قلامة
ظفر ابنك بكل ما يسمونه انتصارات.
شروق : اه يا امي, دعينا من هذا الحديث فهو شان يخص الرجال اكثر.
ام شروق : لو ان الرجال هم من يحبلون بالأطفال, لما صنعوا الحروب.
شروق : (بضحكة) ولهذا السبب في الدول المتقدمة يضعون وزيرا للدفاع,
امرأة, وذلك لكي تحافظ على جنودها كأبنائها, ولا تزج بهم في الحروب
بسهولة. ولكي تكون الحرب هي اخر العلاجات لديها.
ام شروق : ليس هذا اوان النقاش بهذه المواضيع. وهيا عجلي لتهيئة امور
استقبال اهل شاكر. فلم يبقى على موعد مجيئهم الا القليل. اذهبي انت الى
المطبخ واصنعي المعجنات, وسأكمل انا ترتيب هذه الغرفة. وفي طريقك انظري
ان كان والدك قد انتهى من ارتداء ملابسه لاستقبال الضيوف.
شروق : حاضر, يا امي. (تخرج شروق وتستمر الام بالانهماك بمسح الغبار
عن الاثاث وترتيبها، ثم يدخل الاب، وهو يعدل من هندامه).
الاب : ماذا تريدين مني؟ انني كنت اغير ملابسي، كم بقي على موعد مجيئهم؟
الام : لم يبق الا اقل من ساعة واحدة.
الاب : انا جاهز، ولكن ماذا عنكما انتما؟
الام : نحن ايضا جاهزتان.
الاب : (يجلس الأب على إحدى الارائك) شروق ابنة رائعة، اتمنى لها كل
الخير، وكل ما اتمناه الان هو أن يكون زوج المستقبل يستحقها، ويكون كفوءا لها.
الام : انى مطمئنة منه ومن اهله، فقد سألت عنهم جيدا، ثم دعوتهم لمقابلتك.
الاب : انا ايضا سألت عنهم.
الام : ان شاء الله تكتمل الأمور على خير ما يرام. لكن ما يزعجني هو انه لا
يزال يخدم في الجيش، كنت اتمنى لو انه قد انهى خدمته العسكرية، ومن ثم يتقدم
لخطبة ابنتنا.
الاب : ألم أكن انا ايضا في الخدمة العسكرية، وفي الحرب حينما تقدمت لخطبتك
يا عزيزتي!
الام : نعم. وكنت انتظرك كل شهر، لتأتي أسبوعا واحدا وتذهب ثانية.
الاب : ولكن لو انتظرت ان اتسرح من الحرب، لبقيت ثمان سنوات اخرى،
وتكونين انت قد طرت من يدي، يا طائري الجميل.
الام : هل كتب علينا، ان تكون الحروب هي القاعدة في حياتنا، والسلام استثناء؟
الاب : علينا الآن أن ندفع عربة عمرنا، باي شكل من الأشكال. ونسمح لحياة من
هم بعدنا تسير. فهذه سنة الحياة، ومشيئة الله.
الام : (بانفعال) بل إنها سنة ومشيئة الطغاة .
الاب : اعتقد انه ليس هذا هو اوان مناقشة مثل هذه المواضيع، يا حبيبتي.
الام : اني الان تغمرني السعادة، ولكن فيض السعادة يرعبني.

(يقرع جرس الباب، ينهض الاب ذاهبا لفتح الباب)

ها قد اتوا. هيا، هيا، يا عزيزي، اذهب وافتح الباب وسآتي انا معك.
(نسمع اصوات ترحيب من الام والاب للضيوف، ثم يدخل المسرح، ام شاكر،
ام شروق، العم ، الخال، شاكر، ثم الاب، وكل يتخذ مكان له بالجلوس).
الاب : اهلا وسهلا، تشرفنا بكم.
العم : الشرف لنا، يا ابا ...
ام شاكر : شروق، ابو شروق.
العم : يا أبو شروق.
الخال : لنا الشرف بمعرفتكم.
الاب : سبق لنا وان سألنا عنكم، ولم يذكروا لنا عنكم، الا كل خير.
العم : ونحن ايضا، وان سمعتكم مثل ليرة الذهب، ناصعة.
ام شروق : اهلا بك، يا ام شاكر.
ام شاكر : شكرا لك. والله ان قلبي انشرح، ما ان رايتكما، انت والاميرة شروق.
الاب : لم نسمع صوت ولدنا شاكر! نريد ان يعرفنا بنفسه.
شاكر : يشرفني ذلك، يا عمي. فانا قد انهيت دراستي الجامعية، ومن ثم تم
سوقنا الى جبهات القتال، حالي حال الالاف من شباب بلادنا.
الخال : اسمح لي ان ابين، انه شاب ملتزم، وذو اخلاق عالية، ولا تشوبه أي
شائبة. (يمزح) وكما يقولون، ان ثلثي الولد على الخال.

(يضحك الجميع، مجاملة).

العم : إننا متأكدون انكم قد سألتم وتحريتم عنا. وهذا جيد، ومن حقكم.
الخال : وذلك ما فعلناه نحن ايضا.
الاب : ومن المهم ان نعرف عن والد شاكر، شيئا ما. فنحن نعلم انه استشهد
في المعركة الأخيرة، مع الدولة المجاورة.
العم : حين أنهى دراسته الجامعية، تم سوقه إلى جبهات القتال، في الحرب
الأخيرة، الحرب التي دامت ثماني سنوات. واستشهد فيها.
ام شاكر : بل اعدم، لنضع النقاط على الحروف، ولنسمي الاشياء بأسمائها.
العم : لا فرق، ولا يغير في الامر شيئا. لا داعي لهذا الكلام الان، يا ام شاكر.
الاب : دعها تتكلم، يا اخي، ارجوك. فالصامتون في قلبهم ملايين الحكايات.
ام شاكر : انا لا استعار من ان زوجي اعدم، بل افتخر، لأنه رفض الحرب
واعدم.
الاب : اني استحسن صراحتك وجرأتك، نعم ام شاكر. ان هذا يزيد تعلقي
بابنك شاكر. هكذا هو العالم، يمجد قتل شعوب بأكملها في الحروب ويعاقب
وبشدة، الفرد الذي يطلب الموت من اجل حريته.
ام شاكر : ان ابا شاكر، حاول الهرب من الحرب اللعينة التي طالت، ولم يكن
يبدوا لها نهاية في الافق. هرب من الحرب، رفضا لها، لا جبنا او خوفا من
الموت. حاول الهرب إلى خارج هذا الوطن، الذي كان كقدر ماء مغلي، لا يخلص
منه الا ذو حظ عظيم.
العم : ليس هذا هو اوان الحديث بمثل هكذا امور، يا ام شاكر. انتبهي لنفسك.
الاب : دعها يا اخي، فليست هي التي تتكلم، بل جراحها التي استنزفت حياتها.
الخال : اعتقد انك اسئت الى ابنك يا اختي.
ام شاكر : ليس هناك اجمل من المكاشفة، فانا قطار تسير على سكة اخلاقها
وطبيعتها، ولا يعيقني غبار الطريق.
الاب : الحياة علمتني ان لا اخذ بمظاهر الامور، بل في بواطنها، يا اخي،
فلا تخش على اختك من أن تستفرغ ما في جوفها من قيء الحياة.
العم : اذن فهي لك، ان تأخذ منها ما لم نستطع نحن ان نعطيك اياه.
الاب : الجراح ابلغ من الكلمات دائما.
ام شروق : هدئي من روعك، يا ام شاكر.
ام شاكر : (تجهش في البكاء، تخفت الانارة، ثم تظلم تماما، وتبقى بقعة ضوء
مسلطة على المرأتين، ام شاكر وام شروق).
اه لو تعلمين ما قاسيته في تربيته هو واخته، بعد موت ابيهما. اه، انا اسفة، ما كان
ينبغي أن ازعجك بهذا الموضوع.
ام شروق : كلا بالعكس، يجب ان تخرجي كل ما يضيق به صدرك، فهذا
يسعدني. ارجوا ان تكملي الحديث.
ام شاكر : لقد كان زوجي في الخطوط الأمامية من جبهات القتال، حاله
حال آلاف الشباب الفقراء، الذين لا معارف مهمين لهم ولا مال يرشوا به ضباطهم.
ابلغوهم ان في تلك الليلة سيقوم العدو بهجوم كبير عليهم، وان موتهم جميعا سيكون
شبه مؤكد. فقرر ابو شاكر الهرب والاختباء في البيت. ولكن الاجهزة الحزبية
بدأت تطارده، وان قبض عليه، سيكون مصيره الإعدام. قرر الهرب إلى خارج
البلد. هرب ولكن القوا القبض عليه وهو يجتاز الحدود. واعادوه الى وحدته
العسكرية لتقوم هي بإعدامه.
ام شروق : واعدم في وحدته؟
ام شاكر : ولهذا الامر، قصة اخرى طويلة، يا عزيزتي.
ام شروق : انا اريد سماعها، ان لم يزعجك ذلك.
ام شاكر : في ليلة من تلك الليالي، جاء مسؤول المنطقة حزبيا، وابلغنا انه
يجب علينا الذهاب غدا إلى الوحدة العسكرية لأبي شاكر لاستلام جثته بعد إعدامه.
ام شروق : يا له من موقف، لا تتحمله حتى الجبال. كان الله في عونك،
يا عزيزتي.
ام شاكر : ذهبنا في اليوم التالي، انا واخي وعم شاكر، الى هناك. وضعونا في
مكان في العراء قريبين من ساحة الاعدام، نسمع كل شيء، ولكن لا نرى أي
شيء. ان نار جهنم كانت أهون علي من ذلك الموقف.

(تنخرط في البكاء، وان ام شروق تقوم بمواساتها)

ام شروق : هدئي من روعك، يا حبيبتي. انا اسفة لأني فتحت جروحك.
ام شاكر : منذ ذلك اليوم وجروحي تصرخ ولا تهدأ، صراخها يصل عنان
السماء، ولكن لا احد يسمعها غيري انا وحدي. (يهدأ بكاؤها قليلا). وبعد انتظار
كانت اللحظة فيها تبدو دهرا، او ان دهرا اختصر بلحظة. لا أدري ماذا أفعل، هل
انادي السماء التي كانت صماء في تلك اللحظة، أحس انه لا يكفي أن امزق أضلاع
صدري. كنت ام تري وليدها يصارع امواج بحر الموت، وهي عاجزة عن كل
شيء. وفي الاخر سمعنا صوت ينادي بأمر الرمي. وانطلقت اصوات الاف
الرصاصات الحاقدة، لتجعل من جسد زوجي غربال فيه مئات الثقوب. وكأن طلقة
واحدة لا تكفي لموت انسان. لو ان تلك الكمية من الاطلاقات رميت باتجاه العدو
لتحقق نصرهم. احسست ان تلك الاطلاقات اخترقت جسدي انا، ولم تزل. وبهذا
لا أعرف بقية القصة، لأني قد اغمي علي، وقام اخي بوضعي ممددة الى جانب
جثة زوجي، على ظهر نفس سيارة البيك اب، تمدد جسدينا الى جانب بعضهما. لا
يدري احدنا بالآخر، ان كنا ممددين على سريرنا الذي شهد ليلة زواجنا، ام ان كلينا
ذاهبين الى القبر.

(تجهش ثانية بالبكاء، وتقوم ام شروق بمواساتها، وتسقيها قليلا من الماء).

ام شروق : اعلم جيدا انه من اصعب الامور على العائلة ان تفقد احد جناحيها.
ام شاكر : ورغم هذا انا طرت مع اولادي بجناح واحد.
ام شروق : في المصاعب تخرج منا اكبر الطاقات. وفي النار يظهر المعدن
الاصيل.

(يضاء بقية المسرح، وتعود صورة الجميع ظاهرة كالسابق).

شاكر : ليس هذا هو اوان الحزن، يا امي . وانا كنت اعتقد، هو اوان سكب
دموع الفرح، بالنسبة لك.
ام شاكر : انا اعتقد، اني اسكب دموع فرح ابيك وهو في قبره، من اجلك.
العم : لقد حولت مناسبة الفرح الى حزن، ولا يحق لك ذلك، يا ام شاكر.
ام شاكر : ان الاصابع المضمومة، تفرد نفسها حين التعب.
الخال : الا تفردي اصابعك، الا هنا، يا اختي؟
(يضحك الجميع مغالبين جو حزنهم)
الاب : (موجها كلامه الى شاكر) وكيف وضعك انت في الحرب، يا ولدي
شاكر؟
شاكر : (مبتهجا) اه يا عمي لو سالت عني، في وحدتي العسكرية، لزال
عنك ظلام الهموم التي بثتها امي فيك. فبمجرد أن تسأل عن شاكر اياد سعيد،
فسيتبين لك علم من أعلام وحدتنا العسكرية.
الاب : (يفتح كامل حدقتيه منذهلا، ويصيب لسانه الشلل). اياد سعيد
ابو شاكر ! في لواء 503 ؟
العم : (باندهاش) نعم، فعلا كان اخي، رحمه الله، في لواء 503.
شاكر : نعم، ابي هو اياد ابو شاكر، وما الغرابة في ذلك ، يا عمي؟
هل يوحي لك هذا الاسم بشيء؟ (يستخرج شاكر صورة لوالده ويريها الى الاب).
هذه هي صورته، هل تعرفه، يا عمي؟
الاب : كلا يا ولدي، ولكن أصابني صداع ودوار شديد. ارجوا المعذرة.
هل يمكن ان نؤجل كل شيء ، للقاء قادم، ايها السادة؟ فقد انتابني موجة ، هي من
أسوا الموجات التي تنتابني أحيانا.
ام شروق : (تهب واقفة وقلقة) ما الذي اصابك، يا عزيزي ابا شروق؟
الاب : لا شيء يا عزيزتي، انه الدوار الذي ينتابني بين حين وآخر.
ولكن هذه المرة، تختلف عن كل سابقاتها.

(تخفت الاضاءة، ثم تختفي تماما. وتضاء بقعة ضوء على ابو
شروق، ويبدا بمونولوج )

الاب : احيانا يتفرغ القدر لترتيب اغرب المواقف لنا في الحياة. هل
يسخر القدر مني، ام انه ينتقم ! من دون شباب اهل الارض يأتي لخطبة ابنتي، ابن
من تسببت انا بإعدام ابيه ! اياد سعيد، ابو شاكر أعدم في لواء 503، نعم هو لا
غيره. طول عمري كنت اهرب بذاكرتي منه خجلا. كان يجب أن أعدم معه انا،
فانا من اقنعه بفكرة الهرب، وانا من زرع الفكرة في راسه، ولم تكن تخطر على
فكره ابدا. وتمكنت منه واتفقنا على الهرب سويا. كم كنت متمسكا انا بفكرة الهرب!
وكم كنت مقنعا في قوة منطقي! كنت أحرضه على فكرة موجودة في قشرة
دماغي، ولكنها كانت تدخل الى اعماقه هو. كنت قد اقنعته ان الجنة لا توجد إلا
خارج الوطن. وعلينا أن لا نطلب المنزلة بين المنزلتين، فإما الموت واما الحياة
بين النجوم. وان لا نتردد برفض حياتنا التي هي الموت فيها أفضل من الحياة.
كنت انا حالما يفكر بالأفكار، اما اياد فكان يتمثلها ويهضمها. الافكار عندي كلقمة
تدخل الفم وتأخذ مجراها وتخرج دون ان تمر بالمعدة، ولا تعرف شيئا اسمه
المعدة. كان هو مقتنع بنصيبه وسعيد في واقعنا، ولكني أقنعته بأن السعادة الكاذبة
أشد مرارة من العذاب الصادق. وصورت له ان حياتنا المقبلة ستكون كموسيقى
سحرية الجمال. كنت أقوم بآلاف المغامرات الجريئة في خيالي فقط. أما في الواقع
اتقهقر عند أول وابسط صعوبة تعترضني. وانسحب ويبدأ ذهني بالتقاط النقاط
السود وحدها، ويعزز سوداويتها. وأغلقت كل المنافذ في حياتي، ولم يبق لي الا
المنافذ المفتوحة على روحي. لقد نفذ ابو شاكر فكرتي التي تخليت انا عنها وتمسك
هو بها، وقد هرب بعد ان تخليت انا عنه ايضا. وأراد إقناعي بعدم التردد عند
التنفيذ، ولكني وقفت مواجها موتي عاريا إلا من خوفي ورعبي. وهكذا تبادلنا
الادوار، وانطلق هو كالسهم نحو تحقيق قناعاته الجديدة. وافترقنا هو يحمل لي
مشاعر الخيبة، وانا بقي خجلي منه ينهش الروح مني لحد هذه اللحظة.
لقد فشلت مهمته، ولم تفشل روحه. فقد كان قويا ولم يخش الموت، وهو مربوط
بالحبال على خشبة الإعدام. وأراد القائد أن يجعلني ضمن فريق الإعدام. ورفضت
وصرخت روحي، لا. هل اقتله مرتين! فقد فخخت راسه في المرة الاولى وقتلته.
واجبر الان على ان اكون ضمن فرقة إعدامه واقتله للمرة الثانية! وكان رفضي
لتنفيذ الأمر يعني أن أعدم انا ايضا معه. يا ليتني كنت شجاعا وقبلت. لكنت قد
انقذت روحي.
وقفت أمامه مع الواقفين من فريق الاعدام، وبنادقنا مصوبة نحوه. عينا ابي شاكر
مصوبتان نحوي، وهما اقوى من تحديقه فوهة بندقيتي. ماذا افعل، لا ادري. انه
يحدق بي ويبتسم. ابتسامة تختزل كل كلمات العالم. ليت عينيه رصاصتان تخترقان
قلبي. وزادني هو اطلاقة حينما سلم علي بصوت مسموع وسال عن حالي، وانا
عيناي دامعتان ومصوبتان نحو الأرض. ولساني قد شل ولا يقوى على الرد.
صدر إلينا أمر بالرمي. وانطلقت آلاف الرصاصات نحوه وضغطت انا معهم على
زناد بندقيتي وانا مغمض العينان. ليتني استطعت أن أقف جواره وشاركته استقبال
الرصاص. لكني كنت اجبن من ذلك.
فتحت عيناي، ورأيت كمية نافورات الدم الخارجة من جسده الضئيل ذاك. وقد
انطوى جسده كمسطرة كسرت من منتصفها بعد أن تقطعت الحبال التي لم تخطئها
كثافة الرص. فقد لامس راسه قدميه.
والان وبعد اكثر من عشرين سنة يأتي ابنك شاكر يطلب ابنتي زوجة له! لا أدري
هل دبر القدر هذا لأرد جزء من دين لك علي؟ ام انك ترفض أن يكون أدنى خيط
بيني وبينك؟ ولك الحق. أجبني يا ابا شاكر، ارجوك، اجبني. ان الامر برضاك،
سأجعل من شاكر ابنا لي، وسأعوضه عن فقدانه لك. أجبني يا ابا شاكر، اجبني.

(يضاء المسرح بالكامل، وتظهر نفس الشخصيات الباقية)

ام شروق : ما بك يا ابا شروق، لقد أقلقتنا عليك؟
ابو شروق : لا، لا، لا تقلقوا. اصبحت الان افضل.
العم : أن كنت متعبا، يمكننا أن نعود في وقت اخر، يا أبا شروق.
ابا شروق : لا، لا داعي لذهابكم الان.
الخال : كما تريد، يا ابا شروق.
ام شاكر : نريد الان فقط، رايك بطلب شاكر للزواج من الجميلة شروق؟
ابو شروق : نعم انا موافق على طلب شاكر.
ام شاكر : (تزغرد) شكرا لك يا ابا شروق. انهض يا شاكر، وقبل راس عمك
العم : نحن شاكرين لك جدا، يا ابا شروق.
الخال : نشكرك جدا يا ابا شروق.

ستـــــــــــــــــار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال