الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط – 4

حسام علي

2023 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


إن الإستقراء الموضوعي لتاريخ فرنسا الاستكباري سيؤدي بنا الى فرز مجموعتين مترابطتين في الكتلة أو العناصر الاستكبارية:
أ- الكتلة الاستكبارية ذات الاتجاه الثابت وبشكل مستمر وخلال كل الفترات التاريخية، وما زالت ثابتة ووفية لنظراتها الاستكبارية والتي تتمثل في؛ الكنيسة والاتجاهات الصليبية والرهبانيات الفرنسية. التجارة والصناعة وأصحاب رؤوس الأموال والشركات. التعليم والمدارس، وبشكل خاص الموجودة في خارج فرنسا والمرتبطة بالمؤسستين السابقتين(الكنيسة والرهبانيات) و (المصالح الاقتصادية والصناعة).
ب- أما الكتلة الاستكبارية الثانية وهي المتغيرة والمتباينة في مواقفها، تبعاً للتغييرات السياسية وتنوع و تجدد المصالح الخاصة، فهي تتمثل بعدد من الأحزاب، كالحزب الديغولي والحزب الاشتراكي والأحزاب اليمينية أو التجمعات والشخصيات الاجتماعية وكبار الضباط وعناصر أخرى.
فأما الكتلة الاستكبارية الأولى (الثابتة)، فهي تلك التي حرضت على الحروب (المقدسة)، وقادت من أجل تدمير الإسلام والمسلمين زحفا تاريخيا متواصلا، امتد لأكثر من عشرة قرون. فكانت هناك شبكة اخطبوطية من نوع آخر هي شبكة البعثات التبشيرية والجمعيات الدينية، وبدل التصارع للحفاظ على مجالاتها الحيوية، كان للشبكتين المالية والدينية تقليد عريق في تنسيق نشاطاتهما. وفي عام 1898م كتب البابا ليون الثالث عشر الى الكاردينال لانجنيو ما يلي: (لقد علمنا برضاً كامل بأن تفكير شخصيات بارزة تتجه نحو تكوين لجنة وطنية في فرنسا للحفاظ على الحماية الفرنسية في الأراضي المقدسة والدفاع عنها، فعسى أن تضمن هذه الجهود المتحدة وجودا مستقرا الكنيسة الكاثوليكية في الشرق لكي تعمل بنجاح على نشر الإيمان الحقيقي ولعودة الرعايا الضالين الى حظيرة المراعي الكنسي الأوحد والأعلى)؛ وكان المقصود بالضالين هنا هم، المسلمون طبعا. وأما مؤسسة الدعاية، وهي منظمة صليبية تبشيرية فرنسية، فقد أصدرت عام 1888م هذا التعميم، مفاده: (إننا نعلم بأن الحماية الفرنسية قائمة في المشرق منذ عدة قرون، ولقد تأكدت هذه الحماية من خلال المعاهدات الموقعة بين الحكومات، لذلك يجب أن لا يتم أي تغيير على الاطلاق بخصوص هذه النقطة. يجب الحفاظ دينيا على هذه الحماية أينما كانت سارية، كما يجب أن تعلم البعثات التبشيرية بأن تلجأ عند الحاجة لأي عون، الى قناصل وممثلي الامة الفرنسية. وما يخص التعليم، فنقصد بذلك، عمليات إنشاء المدارس والجامعات خارج و داخل فرنسا، والتي إنشئت خصيصا لتحقيق أهداف تخريبية وغير علمية، ونستطيع الاشارة الى نماذج من هذا النوع من التعليم، حين أنشئت أول بعثة يسوعية في سوريا عام 1926م والتي كانت تدار من قبل المشرف العام في فرنسا (ليون)، والتي نقلت الى بيروت سنة 1875م، فأنها بعد ذلك تحولت الى ما يسمى بجامعة القديس يوسف، وفي عام 1881م اعترف البابا ليون الثالث عشر بالصفة الجامعية لهذه المؤسسة، و الذي أنشأ بأمر كنسي كلية الفلسفة و العلوم الدينية للدراسات الشرقية. وقد توسعت هذه المؤسسات التعليمية (التخريبية) بعد ذلك توسعا كبيرا في لبنان وسوريا وشمال افريقيا، وشكلت عنصرا أساسيا في الكيان الاستكباري الفرنسي.
وأما الكتلة الاستكبارية الثانية، فكانت ذات اتجاهات متغير ومتباينة في مواقفها، وهي كثيرة و متعددة و تشغل حيزا كبيرا في تاريخ الاستكبار الفرنسي، لكننا سنكتفي بالاشارة الى نموذجين منها للتدليل فقط:
النموذج الأول: هو الجنرال ديغول وما نسب إليه من التغير والتبدل السياسي، أو ينسبه البعض اليه في تبدل سياسة فرنسا وسياسة الجنرالات وأقطاب الاستكبار الفرنسي، خصوصا بعد استقلال الجزائر، إذ اعتبر البعض هذا التغيير والتبدل التكتيكي في الأسلوب المؤقت، تغيرا في الاستراتيجية الاستكبارية، وقد وضح الجنرال ديغول ذلك وأزال اللبس الذي وقع فيه هذا البعض حينما استفسر منه بعض المقربين اليه ومن جملتهم (ميشال دوبري) و (جاك سوستيل) عن السر في قبوله التفاوض مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وهو يعلم أن ذلك سيؤدي لا محال الى الانفصال عن فرنسا، قال ديغول: ( أنني أهدف الى تسهيل استقلال الجزائر، ما دام الاستقلال أصبح أمرا محتوما، لكنني سوف أبذل كل ما بوسعي لأفرغ الكفاح المسلح من شحنته الثورية، وذلك بتشجيع العناصر التي كونتها فرنسا في صفوف الجيش وفي الادارة على الالتحاق بجبهة وجيش التحرير الوطني... إن تلك العناصر في أغلبيتها فرنسية أكثر من الفرنسيين، وعليه فأنه يمكن الاعتماد عليها ليستمر الوجود الفرنسي في الجزائر كما كان وأكثر).
النموذج الثاني: فهو للحزب الاشتراكي، وهذا الحزب عريق في الحقد والانتهازية والتباين في مواقف السياسية، خصوصا تجاه المسلمين، بحيث يمكننا أن نلاحظ أنهم يخططون سياسة امبريالية بروليتارية تجاه البلاد الاسلامية وفي ذات الوقت رداء يساريا ويدعون الى السلم في امريكا اللاتينية وغيرها، فهم مثلا، الذين ساهموا بفعالية مع الصهيونية العالمية، وساهموا في العدوان الثلاثي على مصر، و فرانسوا ميتران الاشتراكي، كان وزير داخلية الارهاب الاستكباري ضد الشعب الجزائري، وما زال هؤلاء يقومون بدور كبير ضد المسلمين سواء في العراق أو في تشاد و موريتانيا وغيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام