الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن . . والأثنية الغائبة وهما

أمين أحمد ثابت

2023 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لن يصدق أي عنصر من النخب اليمنية – ممن يعرفني قربا او على الأقل مطلعا على بعض من كتاباتي القديمة او خلال العشرة سنوات الأخيرة او اكثر – أن يقرأ مثل هذا العنوان ( أعلاه ) ، وسيعتقد ان ما اسطره هنا قد جاء في لحظة غير واعية من قبلي ، أو اني كنت اعاني لحظة كتابة الموضوع نوعا من الاختلال في التفكير – بينما غير ذلك سينقسمون في حكمهم عند صدمتهم بعنوان موضوعنا هذا . . بين ساخر محقر لعقل شخص مثلي أو بإطلاق متنوع من الاتهامات . . من ضمنها الجهل أو التلغيز بالعمالة الرخيصة – دون تحديد لمن – فما وراء العنوان و . . بعدها الموضوع وإن لم يقرأ . . يلمح الى أغراض غير معلنة قصدها تشويه اليمن كمجتمع وقيم – فجميع عناصر النخب اليمنية متنوعة الاتجاه من حيث الاعتقاد الفكري ( السياسي او الثقافي او المكتسب تربويا ) ، لا تعتقد فقط بل تؤمن بلا وجود – بأي معنى من المعاني – لأثنية الصراع المجتمعي في اليمن ، كون أن المجتمع برمته خاليا من أية عرقيات قومية في مكونه ، حتى وقد يذهب منهم ( الأكثر تنظيرا فكريا ) الى الاستدلال بالأقلية ضئيلة العدد المتبقية من ( اليهود ) ، بأنها تمثل اقلية دينية لكن اصلها العرقي يمني . . مثل باقي افراد المجتمع اليمني ، الذي يعود اصلهم الى عرق واحد منحدر عبر الحضارات القديمة قبل مجيء الإسلام ، وأن الانسان اليمني سار عبر التاريخ القديم من العبادة الوثنية . . بدء من النجوم وغيرها الى رموز خير الطبيعة في عوامل منها كالمطر او النار والصواعق الى الحيوانات بدلالة الخصوبة او كرمز غذائي او القوة كالنمر او الافاعي او الرشاقة والصبر . . كالوعل الجبلي مثلا و . . انتهاء بالصنمية الوثنية لآلهات مجردة مفترضة غير مرئية او بتأليه بشري لرمز الآلهة – كما واعتنق بعدها الانسان اليمني الثلاثة الأديان الرسالية السماوية الأخيرة . . بانتقال تاريخي جمعي مجتمعي كامل واحد – أي من اليهودية الى المسيحية ثم الى الإسلام ، رغم بقاء اقلية يهودية ( يمنية ) بمعتقدها الديني حتى اليوم وتلاشي اثار المعتنقين للمسيحية مع تعمم الإسلام كدين لكامل المجتمع اليمني – وطبعا لإظهار العقلانية المثقفة ( اليمنية ) . . سيؤكدون على وجود منقسمات مذهبية ولكنها إسلامية كالشافعية والزيدية والاسماعيلية – الظاهرة غالبا بينما هناك غيرها مغيب ذكرها لقلة او ندرة معتنقيها ، وتعد اشبه بالجماعات السرية المعتنقية المذهبية – هذا غير طابع الحضور الملازم لتاريخ اليمن القديم والحديث حتى اليوم . . والمعلم ب ( القبلية العشائرية ) – إلا أن هذين التمايزين في طبيعة المجتمع اليمني . . يعدان وجودا بحكم اللا موجود ، أي بمعنى لا يمثلان تمايزا صراعي بين مكونات المجتمع ، بل يمثلان دلالة حضارية للتنوع التعايشي ( المذهبي والقبلي ) وعلامة للأصالة – عند اليمنيين من النخبة او حتى العامة – رغم أن كثير من العناصر النخبوية ( العصرية ) المتعلمة . . ترى في بقاء القبلية والمذهبية ثقلا في الحاضر . . يمثلان جانبين سلبيين من جوانب عدم استقرار اليمن وتحولها المدني المعاصر كبقية البلدان العربية – رغم انحدار المجتمع اليمني عبر التاريخ من حضارات قديمة متتابعة . . تحتل موضعها بعد قيمة الحضارة الفرعونية والبابلية والاشورية القديمة ، مما يجعلها ( افتراضا منطقيا ) أن تكون من اكثر البلدان العربية سباقة للتطور الحضاري الحديث والمعاصر .
كيف لنا أن نعلل موضوعنا المنكشف عبر عنوانه ( كقول شخصي ) يعارضه أي يمني كان ، كما لو اننا نستغل جهالة القارئ العربي او الأجنبي – المجيد للعربية قراءة او خلال الترجمة – من حيث معرفته بطبيعة المجتمع اليمني الذي لا يعرف تنوعا عرقيا او قوميا . . كما هو موجود في بعض من البلدان العربية ك . . الاسباط في مصر والتركمان والاكراد في العراق او كما في السودان بتنوع الأعراق بمتحدراتها الافريقية المتعددة .

وهنا نحتاج الى ( وقوف مغاير ) في الاستقراء الفكري للمجتمع . . في غرض فهم حقيقته ، مغايرة لا علاقة لها بأمر الاختلاف من اجل المخالفة للآخرين ، ولكنها مغايرة منهجية لمستخدم الإرث الفكري المعرفي البشري في فهمنا وتحليلنا وادراكاتنا واحكامنا في مختلف الأمور والقضايا والتي منها معرفة حقيقة مجتمعاتنا او زوايا منها دون زيف او توهم – أي إعادة قراءتنا للمجتمع مثلا لاكتشاف ما ظل غائبا عن ادراكنا او فهمنا – وقوف متحرر عن مستخدم ( النقلية المعرفية ) واسقاطها قولبيا على ما نريد دراسته كالمجتمع مثلا ، بحيث يتم تصميم المجتمع مثلا وفق تلك القولبة الفكرية المنقولة وتحكمها بمسار استقرائنا – أي نصنع رداء نلبسه للمجتمع ونعتمد أن هذا الرداء الذي صممناه هو حقيقة المجتمع ، مدعين بتفوق الرؤية والتحليل . . بينما نمارس حقيقة التوهم الذاتي والتوهيم للآخرين .
إننا نحتاج أولا لفك مؤسسة فكر المعرفة التي نتكئ عليها – وليس اخذها كقالب جاهز يحكم طريقة استقراءنا – مثل لفظة اصطلاح ( الاثنية ) ، فهل يقصد بها ( العرقية ) الجينية – البيولوجية للمجتمع ، او يقصد بها ( العرقية ) على أساس قومي الهوية بمنحدر ارثي قيمي داخل مكون مجتمع البلد الواحد أو عرقية بمحمول معتقدي ديني لتواجد نسبي بالنسبة لغيرها او لغالبية تكوين المجتمع – كاليهود نسبة وجود لكامل بقية المجتمع اليمني المسلم ، او الزيود نسبة للشوافع في اليمن . . الخ – أم يكون اصل معرف هذا الاصطلاح مبني على الدلالة ( بمعنى العصبوية او العصبية ) اكثر دقة قصدية في بعده التعريفي عما تعودنا عليه نقليا في فهم واستخدام هذا الاصطلاح بمسطره القاموسي – وفق المؤسس النظري في كل من علم الاجتماع او الأنثروبولوجيا او علم الاجتماع السياسي - كعرقية تنوع قومي لشعب من الشعوب ضمن مجتمع البلد الواحد من حيث التمايز النسبي العددي السكاني بصورة الأقليات او الاكثرية قومية ( جينية او ثقافية او دينية ) .
وهنا بيت القصيد ( في لوثتنا العقلية النقلية ) – يمنيا وعربيا – نرى في اختلاف معرف كل لفظة بعينها عن الأخرى ، ف . . العصبية ليست هي الاثنية وليستا كالقومية هوية ثقافية انحداريه او جينية او دينية الاعتقاد – خاصة عند بحثها في إطار مفهوم الصراع - فكل معرف محدد بعينه بخصوصية اللفظ الاصطلاحي ، فليس بالضرورة ان يكون التنوع العرقي او الثقافي او الجيني لمجتمع بلد من البلدان مبني على الصراع ، فقد تكون متمايزات متعايشة بذوبانية بعدها السلبي العصبوي الضيق – بينما من الجانب الاخر ، فإنا نعرف كل لفظة من الالفاظ الاصطلاحية سابقة الذكر من خلال معرف الاخريات ، فالعصبية الضيقة صفة جامعة بينها ، قد يظهر لنا طابع التعايش غير الصراعي بين متنوع مكون المجتمع الواحد من حيث عرق الانحدار البيولوجي او القومي الارثي- القيمي او الديني – كمعلم مجتمعي تناسبي الوجود بين المكونات السكانية في البلد الواحد – لكن من حيث الحقيقة البشرية عبر التاريخ لأي مجتمع متنوع في ارثه الانحداري القديم خلال وجوده الحاضر . . مهما ما كان يظهر لنا من تعايش ( للأجناس المتعددة او الثقافات او الهويات القومية المتعددة ) في المجتمع الواحد ، إلا أن الوجود بطابع النسبة العددية مجتمعيا لحجم السكان بالضرورة أن يحدث تجلي نزاعا متقطعا دمويا او غير دموي في فترات مختلفة من مسار ذلك المجتمع ، خاصة في مجتمعاتنا العربية وغيرها المحكومة على أساس الطابع الابوي مجتمعيا او المحكومة على أساس القوة والغلبة ، حيث يفرض واقع التسيد الفئوي برافعة السلطة والتسلط إلى تزايد الظلم والغبن لتلك المحكومة بخصوصية مجتمعية مختلفة ( العرقية الجينية او الدينية او الثقافية القومية ) ، والتي قد تمثل غالبية مجتمعية – كتسيد الزيود الأقل عددا على الشوافع الأكثر عددا في اليمن ، او تسيد البنية القبلية الأقل عددا من بنية التراكيب المدنية والريفية القروية ، وذلك بفعل اقتران ذلك التركيب بسلطة نظام الحكم التسلطي القابض على كامل المجتمع .
فهل اليمن يخلو من ( الاثنية الصراعية مجتمعيا ) – كما يراه كل يمني وبانفعال تشددي معلم بعناصر نخبه المتعلمة المختلفة – ام انها حقيقة في طبيعة المجتمع اليمني و . . لكنها غائبة عن عقولنا وفهمنا ؟
فعلى الصعيد المجتمعي اليمني عموما – مثل غيرنا من شعوب البلدان العربية والنامية والاقل ضعفا من العالم – فقد فقد طبيعته القديمة الواحدة عن منحدر تاريخي واحد ، وخاصة خلال القرون الثلاثة الأخيرة بصورة اكثر تكثيفا ، فالهجرات والحروب والتنقلات والتزاوجات خلال تاريخ الفتوحات الإسلامية والصراعات حول الحكم والولاية وصولا الى الاستعمار الاستيطاني – العثماني والغربي – الى الاستعمار الحديث بزوال الانغلاق الاجتماعي وسقوط الاسوار الفاصلة بين شعوب الأرض بانفتاحها على بعضها وتداخل روابطها فيما بينها ، افقد حقيقة في الوقت الراهن وجود شعب – يمني مثلا – ذا اصل نقي بذاته راجعا لجذوره الاصلية القديمة ، فقبائل شمال الشمال اليمني ذات تداخل عرقي جيني مع غيرها من أبناء الحجاز – بمعنى السعودية حديثا – والخليج تحديدا منها عمان بصورة خاصة وبليدات الخليج عموما ، هذا واشتراكها مع غيرها من سكان الهضبة الوسطى بالخلط الجيني الفارسي والشركسي التركي والحبشي امتدادا لبقية مناطق جنوب اليمن ، بينما علمت عدن كمركز احتلال بريطاني خلال 138 عاما ، بأن استجلب معه اجناس هندية ومنهم البينيان وذوي الأصول الصومالية والحبشية وجعلها بوابة اجتذاب وتهجير تناسلي بين عرقيات لأجناس يمنية بغيرها عربية او اجنبية ، كما وقد احدث رابط الهجرة عبر التاريخ تهجين العرق اليمني بأجناس أخرى غير عربية ، كذلك الرابط بين حضرموت وبعض من دول شرق اسيا . . كإندونيسيا وماليزيا وغيرهما – بمعنى لم يعد اليمن يعرف جنسا عرقيا جينيا اصيلا ابدا ، بل فجميعهم ذات جين خلطي هجائني – أما من جانب اخر ، فالبنية العصبوية الضيقة تحكم البلد ومجتمع انسانها ، وذلك من خلال ارتباطها الوثيق بسلطة الحكم ، بحيث ينكشف واقع التسيد التسلطي لعصبية قبلية او عشائرية او مناطقية او مذهبية دينية على غيرها المقابل المحكوم تابعا بفعل نظام الحكم السائد .

إذا وبملخص القول أن اليمن – في الحقيقة المغيبة – وطنا لمجتمع مصطرع بعصبويات متعددة ضيقة ، أكانت بالنسبة للون الجنس كالمهمشين المعرف بهم يمنيا ب ( الاخدام ) ، والتي هي ذات مورث افريقي مهجن يمنيا ، او غير المهمشين كال . . هندي عدني ، او تركي او فارسي او اسيوي او عربي مصري او عراقي او سوري او فلسطيني . . الخ – وهي الدلالة بالبعد العرقي الجيني – ومجتمع صراع طائفي مذهبي ومناطقي ، ومجتمع صراع نافذين متحكمين وغالبية تابعة محكومة ، ومجتمع صراع قبلي – قبلي وقبلي – مديني ، ومجتمع صراع عصبيات مناطقية وعائلية ، الى جانب مجتمع صراع المعتقدات الفكرية الحديثة فيما بينها وصراعها مع التيارات الإسلامية المتشددة .
وعليه ، إن كان التمايز الديني والمذهبي الديني الطائفي هو ذاته على أساس الوجهة المناطقية الجغرافية للسكان – كصراع حاكم متنفذ ومحكوم – فإنه ذات التمايز المجتمعي بخلائطه الجينية العرقية او الثقافية الارثية ، تتحدد فيها السيادة ( القوة ) والتبعية ( الضعف ) من حيث الاقتران بسلطة الحكم بطابعه الابوي الديكتاتوري ، والذي يعلم بمقترن بين العسكري والقبلي لجوهر نظام الحكم السياسي
، ويكون منعكس ذلك التمايز التسلطي لتكوين او فئة على المجتمع . . فارضا واقعا مفرخا يعلم بالتمايز المجتمعي بين الافراد – على أساس لون او جنس او مذهب او مناطقية طائفية او قبلية او على أساس ثقافي معتقدي – هو وجها للحقيقة الغائبة عن ادراك اليمنيين ، بالعود المتكرر للصراع التاريخي على أسس عصبوية متعددة الابعاد للمجتمع بما يعيق التقدم او حتى التطور البطيء للمسار اليمني ، والتي بجوهر حقيقتها لا تبتعد عن اصل طبيعتها القائمة على أساس الأثنية بأكثر من معنى من المعاني – وليس كما يصور للعقل اليمني أنه صراع على سلطة الحكم وليس على أساس تنازعي بين متمايزات المكون الاجتماعي كمحليات اثنية وراثية عرقية او ثقافية او مذهبية – وهذا ما يطبع اليمن الحديث بمتكرر انتاج جوهر الصراع القديم والتضخم التعقدي للمشكلات والأزمات مع حركة الزمن الى الامام – حيث يعرف كل يمني ما يحدث من حروب او مواجهات سياسية او اقتتال ، لكنه لا يحضر عقله سؤال لماذا او ما وراء تكرر نشوء مثل تلك الاحداث المدمرة لليمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام