الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العملية السياسية في العراق و تعقيداتها

آدم الحسن

2023 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


الثورة الشعبية هي شكل من اشكال الانقلاب , فأي تغيير يتم بطرق غير دستورية هو انقلاب , قد يكون الانقلاب عسكري و ذلك حين تقوم مجموعة من العسكريين بالإطاحة بنظام ما من خلال استخدام القوات المسلحة النظامية للسيطرة على السلطة , و قد يكون الانقلاب شعبي حين يقوم فصيل سياسي او مجموعة من الفصائل السياسية بالإطاحة بنظام قائم من خلال استخدام حشد جماهيري بالسيطرة على السلطة بالقوة و غالبا ما يسمى هذا النوع من الانقلابات بالثورات الشعبية .
إن الشكل الثاني من الانقلاب " الثورة الشعبية " هو الأخطر لأنه غالبا ما يقود الى حل المؤسسة العسكرية النظامية و إحلال قوات شعبية مسلحة محلها و قد يرافقه الكثير من الفوضى و الانفلات الأمني .
لابد من الإشارة الى إن اخطر سلبيات الواقع العراقي الحالي هو عدم وجود مؤسسة عسكرية عراقية وطنية عابرة للطوائف و القوميات لذلك فإن اي انقلاب عسكري او انقلاب عبر ثورة شعبية سيقود العراق الى الفوضى الهدامة المدمرة التي ستحول العراق الى دويلات متناحرة .
في هذه المرحلة الخطرة التي صار العراق فيها عند مفترق طرق , لابد للعراقيين الذين يخشون على العراق و مستقبله من التفكير بواقعية اكثر و ان يكون عملهم نابع من حس عالي بالمسؤولية الوطنية يقودهم للدعوة للإصلاح الشامل للعملية السياسية و ليس للانقلاب بشكله العسكري او الشعبي و ان تكون تظاهراتهم و احتجاجاتهم سلمية دون الاعتداء على المؤسسات السيادية للدولة العراقية كما حصل سابقا حين تم الاعتداء على مجلس النواب العراقي الذي هو اهم هذه المؤسسات و اكثرها رمزية , أما بالنسبة للعراقيين الذين يشعرون باليأس من الحالة العراقية و من العملية السياسية الجارية حاليا فيه فعليهم الجلوس خارج المشهد السياسي العراقي و أن يكونوا متفرجين على الأحداث افضل لهم من التمسك بالشعارات الثورية الطوباوية التي لا تستند على الواقع كي لا يساهموا في دفع العراق نحو الهاوية , فبقائهم صامتين افضل من ان يكونوا جزءا من الماكنة الفوضوية التي تزيد معاناة العراقيين .
الحراك الشعبي في العراق وصل الى مراحل متطورة , و هذا الحراك اصبح عملية تحول كبيرة يقوم بها الملايين من العراقيون في البحث عن الطريق السليم الذي يضمن الوصول بالعراق الى الحالة الديمقراطية الحقيقية و التخلص من بقايا الاحتلال الأمريكي للعراق .
صحيح إن الكيانات السياسية العابرة للطوائف و القوميات لم تتشكل بالحجم الضروري بعد ألا إن الأصوات الداعية لنبذ الطائفية المقيتة اخذت تكبر يوما بعد يوم و هذا يدل على أن العراق بدأ يسير في الاتجاه الصحيح باستثناء النزعة الانفصالية التي لازالت متجذرة في عقول قادة الأحزاب القومية الكوردية .
من الضروري جعل تحليلنا لما يجري في العراق تحليلا واقعيا يبرز كل السلبيات فيه و يشخصها تشخيصا صحيحا و يدرس اسبابها كي يكون هذا التحليل مفيدا لعملية التغيير و الإصلاح وفق منهج واقعي .
احدى اهم سلبيات الواقع العراقي هو أن الأحزاب المتنفذة في العراق و التي لها جماهيرية كبيرة هي إما اسلامية أو قومية كوردية , ليس هنالك إسلام سياسي غير طائفي و كل الأحزاب القومية الكوردية تتعارض في نهجها و اهدافها مع المشروع الوطني العراقي , لذلك نجد هذا التعقيد الكبير الذي يرافق العملية السياسية في العراق إذ لا يمكن لأحزاب الإسلام السياسي و لا لأحزاب الحركات القومية الكوردية المساهمة في بناء دولة تعتمد المواطنة كأساس و ليس الدين أو المذهب أو القومية إلا انه لا يمكن استبعاد هذه الأحزاب من العملية السياسية لعدم توفر الإمكانية و لا القدرة بالإضافة الى إن الظرف الذاتي و الموضوعي للعراق لا يسمح بذلك .
إن وجود احزاب الإسلام السياسي و الأحزاب القومية الكوردية في المرحلة الانتقالية لا ينسجم و المشروع الوطني العراقي إلا انه لا يمكن منع هذه الأحزاب من ممارسة نشاطها السياسي , و قد تحصل في انتخابات نزيهة أو مزورة على اغلب مقاعد مجلس النواب العراقي , هذه إشكالية معقدة ليس من السهل حلها .
إن الحل الوحيد الممكن لإنقاذ العراق هو في نمو و تطور التيار المدني الديمقراطي العراقي , و رغم ضعف و عدم نضوج البرنامج السياسي لهذا التيار المدني حاليا إلا انه النواة التي سيتشكل حولها مشروع الإنقاذ الوطني العراقي .
لن ينهض الشعب العراقي للبدء في مسير التطور و التقدم و التطور دون التخلص من النعرات القومية و الطائفية التي لازالت توثر في الواقع العراقي و لو بدرجة اقل من ما كانت عليه في الفترة السابقة .
لابد للتيار المدني الديمقراطي العراقي من وضع خارطة طريق تنقل العراق من حالته الحالية الى دولة المواطنة , من الأسس الضرورية لهذه الخارطة :
اولا : توحيد صفوف كافة اجنحة التيار المدني الديمقراطي بضمنه الحزب الشيوعي العراقي في تحالف متين .
ثانيا : وضع برنامج عمل واضح الأهداف و عرضه على الجماهير العراقية بأوسع نطاق ممكن و الحصول على استبيان رأي لكافة شرائح المجتمع العراقي حول فقرات هذا البرنامج .
ثالثا : عدم دخول كافة اجنحة التيار المدني الديمقراطي بأي تحالف مع الكيانات السياسية العراقية الأخرى .
رابعا : اشتراك كافة اجنحة التيار المدني الديمقراطي في الانتخابات في قائمة واحدة .
خامسا : عدم اشتراك التيار المدني الديمقراطي في أي تحالف حكومي و البقاء في مقاعد المعارضة في مجلس النواب العراقي لحين عبور المرحلة الانتقالية و حصول هذا التيار على قاعدة شعبية واسعة و كتلة نيابية لها وزنها و تأثيرها .
خامسا : تكثيف النشاط الإعلامي لتحالف التيار المدني الديمقراطي منها تنشيط صفحة موحدة في وسائل التواصل الاجتماعي و أن يكون هنالك ناطق رسمي لهذا التحالف باعتباره كيان سياسي موحد .
من المؤكد أن هذه الخارطة ستكون معقدة و طويلة اذ ليس هنالك عصا سحرية يمكن استخدامها لأجراء نقلة سريعة و سهلة لعملية التغيير و الانتقال بالعراق ليكون دولة ديمقراطية مدنية حرة , امر يبدو في غاية الصعوبة لكن مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار التظاهرات الطلابية بالجامعات الأميركية ضد حرب غزّة|


.. نجم كونغ فو تركي مهدد بمستقبله بسبب رفع علم فلسطين بعد عقوبا




.. أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يبحث تطورات الأوضاع


.. هدنة غزة على ميزان -الجنائية الدولية-




.. تعيينات مرتقبة في القيادة العسكرية الإسرائيلية