الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمر يوسف سليمان أوالمروق اللغوي

عبد الحميد عبود

2023 / 7 / 10
الادب والفن


عمر يوسف سليمان، مارق مش مارد
اوه لالا ...والله عشنا وشفنا، الكاتب السوري عمر سليمان يكتب بالفرنسية ، وحياتكم ، ظننتها نكتة حمصية ، فالحماصنة يتكلمون الفرنسية يوم الإربعاء ، فركت عيوني وأنا أتصفح غلاف روايته ، قلبت الصفحة لأرى ان كانت مترجمة عن العربية ، مفيش ، كيف حصلت هذه الطفرة ؟ غّوْغّلْت أسمه في محرك البحث فاكتشفت انه كاتب فرنكوفوني معروف أكثر من تاهر بن جلون ،ومعلوف أكثر من أمين معلوف ، للعلم ولمن لا يعرف الفتى، انه اومار(عمر) ، بضاعة بلدية وليس من بقايا الصليبيين ولم يدرس بمدارس الراهبات العازاريات ، ثمة من يزحف نحو المجد الأدبي وثمة من يهرول، غير ان اومار يطير بجناحين ، حبالتاي، الزلمي وصل البارحة لفرنسا، يعني من يومين ، وراح كاتب خمس روايات بالفرنسية ، كتابة اوتوماتيكية ، هات إيدك والحقني ، في كوكب حافظ أسد أنتج عمر بضع دواوين بالعربية ، لكن عبقريته ظلت غير مفهومة ،لما جائت الثورة ركبها وركب إحدى أيقوناتها ، وحين وصل إلى بارس هجر المرأة التي أوصلته،او هجرته هي لأنه فعل كل شيء حتى تهجره ، العبقريات دائما فريدة ومتفردة، عبقريات كثيرة مثله كانت غير مفهومة ببلادها فرحلت لفرنسا، مثل فان غوغ وبيكاسو ودالي وادفارد مونخ ،عادي عادي ، من حق الانسان ان يغير سلوكه فالتغيير واجب ، وان يغير دينه فالدين جائر ، اما اللغة فلا تجور بل يُجار عليها ، اللغة الأم هي البداءة والبداهة والأصل والأرض والروح، فمن يتنصل من هذا كله سوى مارق ، حين قابلت عمر لفت نظري ( بشكل لافت للنظر)انه ضئيل الجسد ، (أعترف اني شكلاني اؤمن أحيانا ( يعني مش دائما) بالجسد ، عزمته على مقهى بباريز وكنت وقتذاك شبه طفران وتأملت ان يطلب قهوة( أرخص طلبية) ولكنه فشّلني وفشّل قواعد الذوق فطلب بيرة (أغلى طلبية) ، اذ رايته سعيدا بالوصول الى فرنسا قلت لنفسي ما أتفه السعادة، راح يرشف ويسمع ويحلل ويحتفظ برأيه لنفسه ، عرف عني كلشي وما عرفت عنه شي،عادي خيو، تكتيك مخابرات،شرب على حسابي واستجوبني وزمط . سوريا ، الجسد الضئيل، والعبقرية غير المفهومة ، هي القواسم المشتركة بين علي أحمد سعيد (أدونيس) وعمر حسن سليمان (أومار)، من غير المعيب ان تختزل الكائن إلى جسد ضئيل إذا كان الجسد الضئيل هو ما يختزل الكائن، والرفلكس الشائع في باريس بين اللاجئين الشوام هو :كيف تتعلم الفرنسية في أسبوع؟ وكيف تصير كاتبا فرنكوفونيا في ستة أشهر ؟ السرعة تعني الزيبقة ،وحرق المراحل يعني إحراق اللغة العربية ،باريز أخذتْ مكانَ حمص ومكانتها، واللغة الفرنسية جعلت عبقرية عمر معروفة ومعترف بها ، كتب بها ونشر وانتشر ولمع نجمه بمعارض الكتب والمنصات الفرنكوفونية. زمنياً انتهى الاستعمار الفرنسي ولم تنته النوصطالجيا الملازمة لذاك الزمن الفرنسي المبارك ، لذا تم تغيير اسم وزراة المستعمرات الى وزارة الفرنكوفونية ، وتحدد دورها بتلميع المارقين من اللغات الدون لتسلية الشعب الفرنسي الزهقان ، وبما ان الكتبجية الفرانكوفونيين المغاربيين قد بهتت جاذبيتهم بسبب حضورهم المتكرر فقد تم البحث عن وجوه اكزوتكية مشرقية ،أحد هؤلاء الملمّعين هو عمر بجسده الضئيل، هل هي عقدة الانبهار بحضارة الخواجا؟ أم هي عقدة النقص العربية ؟ ام هما العقدتان معا ؟ هل هي عقدة الأديب ؟ ام عقدة أوديب ؟ بين السوري والسوريالي حرف واحد شفاف وشفيف ، كيف تفهم السوريين الخارجين من قمقم حافظ أسد؟ ورَبُّكَ الذي خلقهم لا يفهمهم ، كيف تفهم شعبا انضغط لخمسين عاما ثم انفلش باتجاه واحد ، السوري في سوريا هو عود ثقاب مشابه لبقية أعواد الثقاب، نفس الطول ونفس النحافة ونفس الطربوش الأحمر ، كمية لاشخصانية مشاعة واذ وصل إلى باريس تجلى ماردا فردا فردانيا متفردا وفريدا ، يتصرف عدميا إزاء حضارته الأم، يؤسس جمعية خيرية بدون هدف ربحي (يعني لوجه الله تعالى) في ظرف ست أشهر يكتب من اليسار لليمين ، يشتري بيتا في عام ، يتجنس بجنسية فرنسية في عامين ـ ويفتح مطعم فلافل في ثلاثة أعوام ، يظن (مجرد ظن) ان المروق من العربية للفرنسية هو عبور من البداوة للحضارة ، ومن المحلية للكونية ، ومن الماضي للمستقبل ، من لغة مفروضة بالوراثة الى لغة مختارة بالارادة ، لا أنكر ان الاستبداد البعثي حنّط اللغةَ العربية وحوّلها من لغة الضاد إلى لغة الضد ، أداةً للمديح والهجاء والترديد والتخويف والتخوين والتصنيم ،لكن هيهات ان يفهم صاحبنا ان الانسان الساعي للحرية يحرر لغته ويتحرر بلغته ، وأن الانخراط في المستقبل لا يكون بالشطب على الماضي ، بس نفسي ومنى عيني أشوف بين الكاتبين بالفرنسية ألماني واحد ، يوك، طيب ، فرنسي واحد يكتب بغيرالفرنسية، مفيش غيرنا نحن العربان الراضعون حليب فرنسا، عبيد الفرنكوفونية وأقنانها، الحاركيون الطابور الخامس اللغوي،وحدنا نحن الشراميط أولاد الشرموطة نتفاصح بالفرنسية ونكسّر بالعربية، ونفتخر بذلك لأننا أنغال من بناديق التمرلنك
إعرف يعمر انك في أعين الفرنسيس مجرد سيريان ، يعني لا شيء ،في أعيننا انت قرد إكزوتيكي بمؤخرة حمراء لتسلية الفرنسيس، ولن تُنقص شيئا من اللغة العربية ولن تُضيف شيئا للغة الفرنسية ، مبروك انقلاعك عنا وبالناقص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عيب
أحمد ( 2023 / 7 / 20 - 22:53 )
عيب يا عبود أن تتكلم على الناس وأنت ما زلت تأخذ مصروفك من زوجتك السابقة لأنك -بتكتب-

اخر الافلام

.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب


.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس




.. بحضور شيوخ الأزهر والفنانين.. احتفال الكنيسة الإنجيليّة بعيد


.. مهندس الكلمة.. محطات في حياة الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد




.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد