الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية واقعية من السبعينيات

كاظم فنجان الحمامي

2023 / 7 / 11
سيرة ذاتية


بداية: ايهما الأضعف. المدير الذي يتحكم بأكبر مؤسسات العراق في السبعينيات، ويحمل شهادة الدكتوراه من بريطانيا، ويسكن في فيلا فارهة بأجمل بقعة في البصرة، أم الشاب الفقير الباحث عن فرصة عمل كي يوفر المال لاسرته الفلاحية المتعففة ؟. .
أيهما الأقوى الرجل المتنفذ المعروف بصلاحياته الواسعة، وعلاقاته مع التجار ووكلاء خطوط الشحن البحري، أم القروي الفقير الذي يسكن في كوخ قديم في أطراف المدينة ؟. .
ففي عام 1973 ولأسباب غامضة، ودوافع غير مبررة شوهد مدير عام الموانئ (الدكتور طارق الكاتب) وهو يغادر مكتبه في الطابق الثاني ليرمي إضبارة قسم شؤون الأفراد بوجه مدير القسم (يحيى المناصير) والغضب يتطاير من عينيه. سمعه الناس وهو يصرخ بأعلى صوته: (قلت لكم مليون مرة لا أريد قبول كاظم فنجان في الموانئ حتى لو كان الناجح الاول في الدورة). .
المثير للدهشة ان كاظم فنجان كان وقتذاك بعمر 18 سنة. من طبقة فلاحية فقيرة. ليس من عادة دكتور طارق الانفعال بهذه الطريقة ضد شاب فقير أقل عمراً من أصغر أبناءه . .
كان كاظم فنجان يقف مع زملاءه (عبد الامير عبد السيد، ومحمد ياسين، وصبيح عبد الرحيم) مقابل دائرة المشاريع الهندسية، وكان يسمع ويرى هجوم الدكتور طارق عليه. .
بعد لحظات عاد يحيى المناصير وهو يحمل الاوراق الممزقة. نظر إلى كاظم باستغراب. قال له: ما الذي بينك وبين المدير العام ؟. لماذا يبغضك بهذه الطريقة ؟. .
قال له كاظم والألم يعتصر قلبه: والله لا علم لي يا سيدي، ثم غادر إلى بيتهم وهو يجر أذيال الخيبة. يتساءل مع نفسه: أيعقل أن يكون هذا مصير التلميذ الناجح الأول على الدورة. .
كانت أمه بانتظاره في البيت. وكانت ترى علامات الحزن واليأس على وجه أبنها. تألمت كثيراً لما علمت بإصرار المدير العام على رفض تعيينه. صاحت بأعلى صوتها: يا رب. استحلفك بحق فاطمة الزهراء عليها السلام ان تنتصر لإبني المظلوم). ثم صلت ركعتين وطلبت من ابنها تناول الغداء. قالت له: اصبر يا ولدي، وأعلم ان الله مع الفقير والمظلوم، يكفيك فخراً إنك في طليعة المتفوقين في دراستك. . وكفى بالله ولياً، وكفى بالله نصيراً. .
في اليوم التالي ذهب كاظم إلى الموانئ ليستلم خطاب الرفض، فوجد زملاءه بانتظاره. تجمعوا حوله. قالوا له هل سمعت آخر الأخبار ؟. لقد جاءت سيارات من بغداد، نقلت اثاث بيت الدكتور طارق، وطلبوا منه مغادرة البصرة، وكانوا يحملون كتاب إعفاءه من مهام عمله بالموانئ. .
بعد لحظات جاء الاستاذ يحيى وبيده كتاب تعيين كاظم فنجان. الذي كان يقف هناك بصمت. وكأنه تلقى صعقة أو وخزة كهربائية مباغتة. .
فالظلم لا يدوم، ولا يثمر، ولن يدوم طويلاً، وهو من أكثر الأمور التي تجعل الإنسان يشعر بالضيق والخذلان، وكأن الحياة في عينه أضيق من ثقب إبرة، يشعر وكـأنه مكتوف اليدين، لايستطيع أن يتحرك، بينما الظالم يفعل مايحلو له، ويظن أنه لن يقدر عليه أحد. .
اللهم فرج همومنا وضيقنا وكربنا، وأرفع الظلم عن كل مظلوم يا رب، واجبر قلوبهم يا أرحم الراحمين. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أضواء قطبية -مذهلة- تنير السماء بفعل عاصفة شمسية -تاريخية-


.. النيابة العامة في تونس تمدد الاحتفاظ ببرهان بسيس ومراد الزغي




.. الجيش الإسرائيلي يعلن تكبده خسائر بشرية على الجبهة الشمالية


.. الحرب تشتعل من جديد في جباليا.. ونزوح جديد للغزيين




.. بعد الزلزال.. غضب في تركيا و-مفاجآت سارة- في المغرب