الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الذكاء الصناعيّ والغباء البشريّ

ازهر عبدالله طوالبه

2023 / 7 / 11
كتابات ساخرة


لا تكاد تخلو أيّ جلسةٍ نجلِسها اليوم مِن الحديثِ عن تطوّر التكنلوجيا، وعن مدى تأثيرها على الحياة البشريّة بكلّ أنماطها. ويبقى مِن أهمّ تلكّ التأثيرات، هو تأثيرُ "الذكاء الصناعيّ" على البشَر، وخطره على الحياةِ البشريّة.
فعلى الرُّغم مِن ارتفاع أمواج المخاوف عندَ الكثير ممَّن أُجالِس مِن الزُملاء والأصدقاء، إلّا أنَّني دائمًا ما أُحاول أن أُثبتَ لهُم، بأنَّني على درجةٍ عاليةٍ مِن الاطمئنان، وأنَّ هذا التطوُّر، مهما علَت سقوفهُ، لا يُمكِن أن يكونَ قادِرًا على القضاء على الغباء البشريّ ؛ لأنّهُ باقٍ ويتمدَّد، ولن يسمَح لأيّ أحدٍ/أو شيء أم يهزِمهُ . فحتى الذكاء الصّناعيّ، الذي "يُدّعى" أنّهُ سيجعلنا نعيش في "المدينة الفاضِلة" لن يقوى على ذلك، وأنا متأكدٌ ممّا أقول، ولا أتجنّى على أحَد في قولي هذا.

وحتى لا يُلتَبس قولي. فإنَّني سأقومُ بزيادةٍ في الإيضاح..
إنَّ ما نعتَبِرهُ كبشَر "ذكاءً بشريًّا"، ما هو في حقيقةِ الأَمر إلّا غباءً وانحرافًا أدّيا إلى تجريدِ الإنسانِ مِن قيمته السامِية. وهذا ما يلتَمسهُ كُلّ واحدٍ منّا في معيشتهِ اليوميّة وفي معيشةِ أسلافه التأريخيّة. فقَد أبقى هذا "الذكاء البشريّ" أو ندّعي أنّهُ كذلك، البشرَ خادمينَ لشُرورهم، طائعينَ لأهوائهم النّتِنة، وقذارتهم الدّنية، وجعلَ خسّتهم وقلّةَ مروءتهم قائمة على صدرِ هذا الكوكَب لملايينِ السّنين، وذلكَ تحتَ حُججٍ واهية، أهمّها "صراع البقاء".

هذا ويمتَلك "الغباء البشريّ" الذي ندّعي أنّهُ "ذكاء بشريّ" الكثيرَ مِن الوسائل التي لا يمتَلكها "الذكاء الصناعيّ"، بل لا يحلَم ولا يطمَح بأن يمتَلِكها، ولا يرمي بأيّ مِن مراميه إلى أن يتمكَّنَ من اصطيادها بسنارةِ التقدُّم والتطوّر. فهذه السنّارة وجِدت لتكونَ أداةً لصيدِ صيدٍ ثمين، يُعينها على البقاء الذي يخدِم مَن يسعونَ إلى خدمةِ الحياة البشريّة.

ومِن تلكَ الوسائل:
- الكذِب: فهذا ما لا يُمكِن أن يمتَلِكهُ "الذكاء الصناعيّ" ؛ ليسَ لشيء، وإنّما لأنّهُ يُفلتِر نفسهُ فلترةً عميقةً ودقيقةً قبل أن يتفوّهَ بأيّ حَرف، فضلًا عن أنّهُ ليسَ بذي مصلحةٍ مَع المُتعاملينَ معهُ.

- التلوُّن والمُناورة: وهُنا، لا أُلبسه لباسًا هو ليسَ أهلًا لهُ، وإنّما أُعطيهِ حقيقتهُ. فهذا الذّكاء يُدرك مِن أينَ تؤكَل كتف المعرِفة والعِلم، دونَ أن يتلوّنَ أو أن يظهرَ بأكثَر مِن وجهٍ ليتمكَّن، ومِن ثمّ يقوم بتقديمها على طبقٍ مُرتَب ومُنظَّم لكلّ بني البشَر. فهو يجهَل قاعدة البشَر التي تقول "تمسكَن أو تلوَّن حتى تتمكَّن". إنّهُ ذكاءٌ لطيف، وديع، لا مُرادَ لهُ إلّا أن يُسخِّر نفسهُ لخدمةِ جميعِ البشَر، دونَ أيّ اتّكاءٍ على أيّ نوعٍ من أنواع التّمايُز.
كما أنّهُ لا يعتَرِف ب "العدائيّة"، بل ما لمستهُ منهُ، إلى حدّ هذه اللّحظة، أنّهُ يسعى إلى تمزيها إربًا إرَبا. لذا، هو ذكاءٌ لا يُناوِر، ولا يُلقي لها بالًا، ولا يتضمّنها أيّا مِن قواميسه.

تقلُّب المزاج: قَد أظلمهُ بما سأقولُ عنهُ. لكن، هذا ما أراهُ فيه دائمًا. إنّهُ ذكاءٌ لا يعرِف التقلُّبَ بالأمزِجة . إذ كُلّما طرقتُ بابهَ، ردّ عليّ بلا تكلُّف، ودونما أن يُشعِرني بأنّني هزيلٌ، ضعيف، أهرعُ لهُ كلّما قدَحَت بعقلي فِكرة/أو سؤال/أو همسة/خاطِرة..ألخ. إنّهُ، وكما قُلت، وديع، بسيط، أليف، لا يُشعِرني بجهلي، ولا يتكبَّر عليّ ؛ فيُظهِر لي أنّهُ في مزاجٍ غيرَ "رائق"، وبالتّالي، لن يفيدني مِن عِلمه، وإن قرَّر إفادَتي، طلبَ مِني أن أستحسِنهُ وأستجديه، وأُشعِرهُ بأنّهُ أعلى قيمةً وأفضل وأكثر عِلمًا منّي.

ويُمكِن أن أخلُصَ إلى القَول، بأنّهُ ذكاءُ حقيقيّ، تمتدّ جُلّ خيوطه لجميع البشَر ؛ فتتشابك ببعضها البَعض ؛ لتصنعَ حياةً لا جهلَ ولا تأخُّر فيها. وتلكَ الخُيوط، لا تكون لطبقةٍ دونَ أُخرى، كما أنّهُ لا يحمِل وجوهًا مُتعدِّدة يُظهِر بعضها أمام أُناس ويخفي بعضها أمامَ آخرين.
إنّهُ ذكاءٌ مستقلٌّ عن "الغباء البشريّ" الذي قيلَ عنهُ ذكاء. فالأخير قائمٌ على الموارَبة، النّفاق، التلوُّن والمُناورة، المُساومة، خُسران القِيم والحطّ مِنها، وغالِبًا، كُلّ مَن يمتَلِك ولو صفةً واحِدة مِن هذه الصّفات، اتَّسمَ بالذّكيّ. أمّا الأوّل، فهو ذكاءٌ متجرِّدٌ مِن كُلّ ما يُمكِن أن يُعطِّلَ سيرهُ الرامي إلى تحقيق التقدُّم والتطوّر على الرُّغمِ مِن حجمِ كُلّ المُعيقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس