الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيوبوليتيك الدولة الفلسطينية

عمار أسامة جبر
كاتب

(Ammar Jabr)

2023 / 7 / 11
القضية الفلسطينية


لم تحظى الدولة الفلسطينية بفرصة اكتمال أركان عناصر الجيوبوليتيك التي تدعم أركان الدولة وتثبتها وتجعلها وازنة سياسياً والأهم من ذلك إثبات هويتها وشخصيتها السياسية فوق الأرض التي تشكل الدولة، فالمثلث التي تقوم عليها أي دولة لتحظى بفرصة القيام بمهام الدولة وواجباتها تجاه رعاياها في الداخل والخارج، لم يكتمل طيلة القرن الفائت، (الأرض، السيادة، الاعلان)، فالخروج من عباءة الدولة العثمانية إلى نير الاستعمار البريطاني والانتقال الى الاحتلال الصهيوني كان يضعف الوصول إلى حالة استشراف لمستقبل هذه الدولة، سعت خلالها القيادات الفلسطينية وبشكل دؤوب لنقل الواقع السياسي الى مستوى يتيح التموضع بشكل الدولة، فبقيت الحالة تتأرجح بين اجتماعات تمثيلية في المؤتمر العربي الفلسطيني (1918-1928) والذي عقدت منه سبع دورات، وبين حكومة عموم فلسطين ومن ثم التشتت السياسي في الفترة بين النكبة والنكسة، وصولاً إلى المجلس الوطني الفلسطيني الأول الذي عقد في القدس وانتخب المرحوم أحمد الشقيري رئيساً له، ونتج عنه تأسيس م.ت.ف كمنظمة سياسية وعسكرية سعت الى تحرير فلسطين، وصولاً الى الاعتراف الدولي ممثلاً بالجمعية العامة للأمم المتحدة (14 تشرين الثاني 1974) وتلاه الاعتراف العربي (قمة الرباط 1974)، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

لطالما كانت أراضي فلسطين التاريخية ساحة للحروب التي أراد من خلالها الغزاة والطامعين التحكم بشواطئ المتوسط كمكسب جيواستراتيجي والتحكم بنقطة الوصل بين القارتين الآسيوية والافريقية، فمنذ الأزل كانت هذه الأراضي هدفاً ثميناً، ومن أجل الحصول عليه كانت المسوغات تختلف بين حقبة وأخرى، فمثلا كان الهدف المُعلن للحملات الصليبية حماية مسيحي الشرق والمقدسات المسيحية، ومع نهاية الخلافة العثمانية وبداية الانتداب البريطاني الذي كان هدفه تمهيد ونجاح تسلل المجموعات الاستيطانية اليهودية الى فلسطين، واقامة مستوطنات زراعية صغيرة غير ملحوظة في بداية الأمر، ليتم ضم الضفة الغربية وقطاع غزة في محاولة لمنع احتلالهما، واستمر الحال وصولاً الى اتفاق غزة-أريحا أولاً، الذي جاء في محاولة من م.ت.ف لإيجاد نواة جغرافية لإقامة الدولة الفلسطينية، وتطبيق قرار التقسيم للحصول على جزء ولو بسيط من فلسطين التاريخية، كهدف مرحلي أولي، لتطبيق السيادة فوق الأرض وإنهاء ما يمكن أن نسميه حكومة المنفى، فمنذ إعلان الجزائر (15 تشرين الثاني 1988) والذي أسس للوصول إلى مرحلة إعلان الدولة التي تتواجد على الأرض على شكل لجان أو هيئات شعبية، ولا تحمل صفة رسمية لوقوع كافة الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال، ولكن كان لهذا الإعلان أثر في التمهيد لإعلان السيادة لاحقاً بعد دخول السلطة الوطنية الفلسطينية الأراضي الفلسطينية عبر معبر رفح، والانسحاب الاحادي الجانب من قبل الاحتلال، لتثبت السيادة المرحلية على الأرض المتفق عليها في تفاهمات أوسلو والتي ضمنت اعطاء فرصة للسلطة الوطنية الفلسطينية للعمل، وأقرت مدة خمس سنوات للبت في قضايا الحل النهائي، وتمثلت في (اللاجئين، القدس، المستوطنات، الدولة) وكانت لو تم الانتهاء منها تصب في تدعيم الركن الثاني والثالث من عناصر الدولة (السيادة والاعلان).

ومما لا شك فيه أن المدة التي تم تحديدها في تفاهمات أوسلو -خمس سنوات- كانت كفيلة بوضع حد للاحتلال، وانصياع الاحتلال للقوانين الدولية، والبدء بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها قرار التقسيم، والذي سيساهم بشكل فعال بالبدء ببناء دولة فلسطين على أسس صحيحة وبناء هيكل الدولة والمؤسسات التي تنضوي تحتها، حتى تكون قادرة بشكل فاعل على القيام بالواجبات المنوطة بها تجاه شعبها، والسعي نحو مسيرة البناء والتنمية اللتين تساهمان بانتشال المواطن من حالة الاحتلال إلى حالة الدولة الوطنية، التي للمواطن فيها حقوق وواجبات، الذي يعطل وجود الاحتلال استكمال هذه العملية، وكما حدد العالم الألماني فريدريك راتزل والذي يعد مؤسس علم الجغرافيا السياسية والأب لها، في قوانينه السبع التي وضعها لكي تنمو الدولة والتي أطلق عليها "قوانين تطور الدول" وهي:
1. أنَّ رقعة الدولة تنمو بنمو الحضارة أو الثقافة الخاصة بالدولة.
2. يستمر نمو الدولة إلى أن تصل إلى مرحلة الضّم بإضافة وحدات أخرى.
3. حدود الدولة هي التي تحميها لابد من الحفاظ عليها.
4. تسعى الدول في نموها إلى امتصاص الأقاليم ذات القيمة السياسية.
5. الدافع للتوسع يأتي من الخارج.
6. الميل العام للتوسع ينتقل من دولة إلى أخرى ثم يتزايد ويشتد.
7. نمو الدولة عملية لاحقة لنمو سكانها.
ولعل هذه القوانين السبعة، من أهم المبادئ التي يتوجب على الدولة الفلسطينية أخذها بعين الاعتبار، فالدولة التي اتفق عليها في المرحلة الأولى لن تبقى على حالها إما بالتفاوض أو بأساليب أخرى، وعملية البناء والتطور والتمدد للدولة غير قابلة طيلة وجود هذه الاحتلال غير القانوني والذي عمل منذ لحظته الاولى على خرق القانون الدولي وتغيير الوضع القائم في الاراضي الفلسطينية وما زال جاهداً في ذلك، والامثلة على ذلك كثيرة فالتجمعات التي يسعى الاحتلال انهاء وجودها مثل الخان الاحمر والعراقيب التي بدعوى أنها تشكل خطورة عليه والعمل الجاد لتغيير الوضع القائم القانوني والتاريخي في القدس، والتخريب المتعمد للمدن والقرى والبلدات واخرها الهجوم الوحشي على مخيم جنين رغم انه مخيم تحت وصاية -الأمم المتحدة- وضربوا بعرض الحائط الحماية الدولية للمخيم، ولذا فإن العمل الجاد على الاستفادة القصوى من أدوات الضغط الدولية ومراكز القوى التي تميل تجاه شعبنا ينجح العملية برمتها، وهذا يأخذنا أيضاً على العمل بنموذج رودولف كيلين الذي انطلق من فكرة أن الدولة كائن عضوي لكنه متطور و ليس ثابت، و شبه البناء العضوي للدولة بالبناء العضوي للكائن الحي، فالأرض بالنسبة للدولة هي الجسد و عاصمتها بمثابة القلب والرئتين، والمهم التركيز وضخ كل القوى للوصول الى انجاح هذا النموذج الي يعتمد بشكل كل على انتزاع مدينة القدس بشكل كلي من براثن الاحتلال لأنها بمثابة القلب والرئة لبقاء الدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم