الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرتبات أساتذة الجامعات .. ومرتبات القضاة !!

أحمد فاروق عباس

2023 / 7 / 11
الادارة و الاقتصاد


لا أحب أبدا المقارنة بين المهن ، ولا ما يأخذه أصحاب كل مهنة او عمل من مقابل مادى ، وأرى أن صاحب كل مهنة او عمل من المفروض أن يعلم طبيعة مهنته وما تعطيه له من مقابل مادى قبل العمل بها ..
ويثور دائما فى الأوساط الجامعية حديث ان مرتبات أساتذة الجامعة كانت فى الزمن القديم أكبر من مرتبات القضاة ، وأن القضاة كانوا هم من يطالبون بالمساواة مع أساتذة الجامعة !!
وكان فى مصر وقتها جامعة واحدة هى جامعة فؤاد الأول التى أصبحت جامعة القاهرة فيما بعد ، وبعد سنوات طويلة أنشأت جامعة فاروق الأول - جامعة الإسكندرية فيما بعد - ثم جامعة إبراهيم باشا الكبير .. التى أصبحت جامعة عين شمس فيما بعد ..
ولم أكن أدرى هل كان هذا الكلام صحيحا أم هو من مبالغات المصريين المعتادة ، حتى وقعت على خبر منشور في صحيفة المصرى بتاريخ ٨ مايو ١٩٥٠ ، فى الصفحة الرابعة ..
وكان الخبر كالأتى :
الجامعيون وكادر القضاة ..
" انتخبت هيئة التدريس بجامعة فؤاد الأول لجنة تمثل جميع كليات الجامعة ، لمتابعة السعى لدى ولاة الأمور حتي تحقق مطلبهم العادل من وجوب تطبيق التعديلات الجديدة فى كادر القضاء على أعضاء هيئة التدريس ، لأنهم بمقتضى قرار مجلس الوزراء سنة ١٩٤٦ مرتبطون تمام الارتباط بهذا الكادر ، ولا معنى للتفرقة بين هيئات يطبق عليها كادر واحد " ..
وفى باقى الخبر أن اللجنة ذهبت إلى وزارة المعارف لمقابلة وزيرها - الدكتور طه حسين - فعلموا أنه مسافر ، فتركوا له مذكرة بمطالبهم ..
ثم قابلوا وزير الدولة الدكتور حامد بك زكى فوجدوا منه تأييدا كبيرا ، بل أنه ذكر لهم أن مطالبهم أدنى مما يستحقه الجامعيون ..
ثم مروا على بيت مصطفى النحاس باشا رئيس الوزراء وتركوا مذكرة بمطالبهم ..
ثم توجهوا لمقابلة فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية ، والرجل القوى فى الوزارة ..
كلمهم فؤاد باشا كلاما عاما ولم يقيد نفسه بأية وعود ، وألمح لهم من بعيد أن أساتذة الجامعة يفضلون في معظم الأحيان الاشتغال بالعمل الحر ويؤثرون أن ينزلوا بمواهبهم وكفاياتهم فى ميدان المنافسة العامة ..
..........................

دار الزمان دورته ، وأصبح الفرق بين مرتبات القضاة وأساتذة الجامعات كبعد السماء عن الأرض ، لدرجة أن مرتب أستاذ الجامعة الحاصل على درجة الأستاذية في مجاله ، والذى يقترب من الستين من عمره يتراوح من ١٠ - ١٢ ألف جنيه ( ٤٠٠ دولار شهريا ) وهو أقل من مرتب معاون نيابة فى بداية حياته الوظيفية ، وعمره لا يتجاوز ٢٢ عاما !!
فما السبب في ذلك ؟!
وما الذى جعل مرتبات الطائفتين وقد كانت قريبة من بعضها تصل إلى ما يشبه بُعد السماء عن الأرض ؟!
١ - هل السبب هو العدد ؟
فبينما يصل عدد أعضاء الهيئة القضائية إلى ٢٥ ألف شخص ، يصل أعضاء هيئات التدريس في الجامعات إلى ١٥٠ ألف شخص تقريبا ..
الفارق فى العدد ربما كان كبيرا ولكنه ليس هائلا ، وليس مبررا قويا للفارق الكبير بين دخل الفريقين ..
٢ - أم السبب أن القضاء سلطة على أقدار الناس وافعالهم وتصرفاتهم ، بينما أساتذة الجامعات سلطة أدبية أو معنوية ..
والاغراء في حالة القضاء أعلى من الإغراء في حالة رجال الجامعة ، وبالتالى فاعطاء القضاة ما يكفيهم - طبقا لهذا المنطق - ربما كان سدا لباب ينفذ منه ضعاف النفوس ..
ربما كان فى ذلك بعض المنطق ، ولكن ليس مبررا للفارق الهائل في دخول أصحاب الهيئتين ..
٣ - قد يقول قائل أن المستوى العلمى لكثير من أساتذة الجامعة ليس على ما يرام ، ولم يعد كما كان فى السابق ..
وربما كان ذلك صحيحا ..
ولكن من قال أن المستوى العلمى للقضاة على ما يرام وأنه لم يتغير عما كان فى السابق ؟!
لقد آثرت التغيرات الاجتماعية فى مصر على كل المهن ، وطبعتها بطابع مختلف عما سبق إلى حد كبير ..
٤ - هل السبب أن كثير من أساتذة الجامعة لهم أعمال أخرى مربحة غير عملهم في الجامعة ، كأساتذة كلية الطب والصيدلة والهندسة والتجارة والحقوق ، وهو غير متوفر في القضاة ، الذين يقتصرون على عمل واحد طول عمرهم ..
بالإضافة إلى السفر للخارج ، وهو متاح لأساتذة الجامعة وغير متاح بالنسبة للقضاة ..
وذلك صحيح إلى حد ما ..
ولكن ليس كل أساتذة الجامعة لديهم عيادات خاصة ، أو مكاتب هندسية أو مكاتب محاماة أو مكاتب محاسبة ... إلخ
بل النسبة العظمى من أساتذة الجامعة ليس لديهم إلا عملهم في كلياتهم فقط ..
وبالمثل ليس كل أساتذة الجامعة لديهم حظ وفرصة السفر إلى خارج البلاد للعمل ، وإن لزم الإعتراف أن الأمر متاح لأساتذة الجامعة بصورة أكبر من القضاة ..
٥ - أم أن السبب هو أن القضاة قريبين من السلطات العليا في الدولة ، وكلمتهم - بالتالى - مسموعة ؟!
ولكن الواقع يقول أن أغلب الوزراء وكثيرون من قيادات الدولة الكبار أساتذة جامعات وليسوا من القضاة ، وبالتالى - بالمنطق - هم الأقرب إلى السلطات العليا في الدولة ..
فأغلب رؤساء الوزارات فى الأربعين سنة الأخيرة من أساتذة الجامعات ، ومنهم :
د على لطفى .
د عاطف صدقى .
د كمال الجنزوري .
د عاطف عبيد .
د أحمد نظيف .
د عصام شرف .

وكذلك رؤساء البرلمان :
د صبحى عبد الحكيم .
د مصطفى كمال حلمى .
د صوفى أبو طالب .
د رفعت المحجوب .
د أحمد فتحى سرور .
د على عبد العال .

أى أن أساتذة الجامعات كانوا هم قادة السلطتين التنفيذية والتشريعية !!
وحتى لو كان القرار النهائي ليس لهم ، ولكن على الأقل كلمتهم واصلة إلى أعلى مستويات السلطة ..
فماذا حدث إذن ؟!
ولماذا - مرة أخرى - هذا الفارق الكبير بين دخول العاملين في الهيئتين ؟!
لقد كانوا يوما ما متساويين أو متقاربين ، فماذا حدث وجعل الفارق يزداد اتساعا مع مرور الزمن ..
سؤال مازال حائرا .. يبحث عن جواب !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 2-5-2024 بالصاغة


.. الرئيس السيسي يوجه تحية لليد المصرية وعمال مصر لجهودهم في تأ




.. كل يوم - - كل يوم - يفتح ملف الدعم أيهما أفضل للمواطن العيني


.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط




.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم