الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكانة المؤامراتية من المستقبليات [الجزءالسادس]

محمد رؤوف حامد

2023 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


[هنا تصل الإستنتاجات الى محطة الإجتهاد فى التحول الى الإتجاه البحثى/التعليمى بشأن المؤامراتية كمجال].

4) هل هناك حاجة الى نشأة علم يختص بالدراسات المنهجية للمؤامراتيات؟:

ربما تدلل الإستنتاجات الثلاثة السابق ذكرها (قبل الإستنتاج الحالى) على تعاظم الحاجة، ليس فقط الى المتابعة المعرفية للمؤامراتيات ومايتعلق بها، بالتقييم والتنقيب وإعادة التقييم، ولكن أيضا الى تنمية البنى والتعاملات المنهجية ( أى الطرائقية Methodological) بشأن أبعادها، ومقاومة نشأتها، وتجنب إنعكاساتها على البشر وعلى الكرة الأرضية.

عندما يبدأ ذلك فى الحدوث تتولد رؤى علمية وتوجهات بحثية تقود تكاملاتها إلى نشأة "علم يختص بالمؤامراتية". فى أرض الواقع توجد مقومات أولية، تمثل مايشبه البذرة التمهيدية، بخصوص هكذا مجال معرفى علمى. تتمثل أهم هذه المقومات فى وجود إجتهادات (وخبرات) عملية فى مقاومة المؤامرات، ووجود كتابات متخصصة بشأن بعض التعريفات ذات الصلة، وكذلك بشأن التصنيفات الخاصة بتنوعات مادُرج على تسميته بنظريات المؤامرة Conspiracy theories ، والتى هى فى الواقع لاتتعدى مجرد إفتراضات بخصوص الحس (أو الإدراك) بوجود مؤامرات ما، حيث هى لاترقى (ولايُقصد منها) أن تكون نظريات علمية Scientific theories (يُرجع هنا الى المقدمة التعريفية - أى الجزء الثانى- أعلاه، فى بداية هذه الدراسة).

فيمايلى إشارة مبدأية لبعض الأمثلة لمايمكن أن ينجم عن نشأة علم يختص بالمؤامراتيات:
◙ إخضاع التوجهات والممارسات والمعلومات الخاصة بالتعامل مع المؤامراتيات إلى معياريات ومتابعات معرفية علمية.
◙ التوصل ألى نظريات علمية تختص بالظروف والسياقات المُنشئة للمؤامراتيات. ذلك يساعد على المتابعة المعرفية "المتطورة" لنشأة المؤامراتية وتطوراتها فى مراحلها المختلفة (مثلا: مرحلة توليدها – المرحلة الجنينية – مرحلة نضجها وبلوغها – مرحلة إنعكاساتها وتأثيراتها .. الخ). كل ذلك مع الإعتبار لدراسة وفحص وتقييم التوجهات الخاصة بمواجهة المؤامراتية فى كافة مراحلها.
◙ التوصل الى الطرق الأكثر مناسبة (قانونيا و اجتماعيا ونفسيا وتاريخيا، وسياسيا ..الخ) للتعامل مع أصحاب المؤامراتيات والمدعمين لها، حتى لو أن انكشاف مؤامراتياتهم لم يظهر إلا بعد رحيلهم.
◙ إعادة تقييم التعريفات المتعلقة بالتآمر، كفكر، وفعل، وسياقات ..الخ.
◙ التنظيم المعرفى للأنشطة العامة التى يمكن أن تكون مساعدة على منع النشاط المؤامراتى، وحصاره، بحيث يصير أقرب الى الصفر. هنا تأتى الأدوار والمساهمات من البحث العلمى المتخصص (فى شتى مجالات العلوم الإنسانية)، ومن جمعيات المجتمع المدنى، ومن الأنشطة التعليمية.
◙ تعظيم القدرات العلمية، دوليا ومحليا، فى ممارسات الإستشراف، والتنبؤ، والتفسير، والتحليل، والوصف، والتحجيم، بشأن مايمكن أن تنطوى عليه أية أحداث أو تناولات من عناصر ،أو من توجهات، مؤامراتية.

وهكذا، تدل الإستنتاجات الرئيسية الأربعة السابقة على قدر ما تعانيه مجابهة المؤامراتية من صعوبات والتفافات واحتياجات. ونظرا لأن المؤامراتية تتضافر معها وتحت مظلتها جبال من الفساد والمصالح الأنانية الخاصة، فإن مقاومتها تمثل اتجاها نضاليا بالغ الأهمية للإنسانية فى كافة مستوياتها، دوليا ومحليا. وباعتبار أن ل "النضالية" أبعادها المعرفية، كقيمة وسلوك وتاريخ، فإن المعرفة (والممارسات) النضالية بشأن المؤامراتيات، كمجال، تكون أكثر إثمارا وحيوية عندما ترتبط بالمعرفة العلمية الصرفة، بحثيا وتعليميا.
وعليه، يمكن الإدراك بوجودية المؤامراتيات، وبأن عموم المصالح الإنسانية (ومعها مصالح الكرة الأرضية) تحتاج الى مقاومة منهجية لهذه المؤامراتيات. من جانب آخر، يكاد يستحيل نشأة، واستمرارية، هذه المقاومة المنهجية، بشكل تراكمى ومتواصل، فى غياب بحث علمى ونشاط تعليمى يختص بالمؤامراتيات.

هناك إذن حاجة عميقة لنشأة وبلورة "علم المؤامراتيات".

- يتبع/ الجزء السابع (والأخير)، وفيه يجرى تناول لأحدث الرؤى المعلنة من قبل أحد أهم الرواد المقاومون للمؤامراتية فى منصتها العولمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون