الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة وتحليل رواية المسخ

جعفر الناصر

2023 / 7 / 11
الادب والفن


قليلاً من حياة كافكا المئساوية:
قبل الحديث عن المسخ علينا اولاً فهم ومعرفة بعض الامور البديهية والضروف التي احاطت بكاتب الرواية كافكا وماكان يسطحبه طيلة فترة حياته،فرانز كافكا ولد من أبٍ قاسي وعائلة شحيحة الاهتمام به فكان نادراً مايتحدث مع أحد افراد عائلته،غير أنه كان يعاني من اليأس المفرط والشعور بالقلق والخوف الدائم،ومع مرور الوقت إصابتهُ بمرض السل، وفقدانه للاهتمام من قبل المقربين منه ،و كان يلازمه شعوره بالاغتراب سواء على الصعيد العائلي او الاجتماعي العام،مثلما يعرف الكل بأن كافكا استطاع من خلال اعماله الادبية الغوص في عمق متاهة الذآت المعقدة،فقدم اعمالاً ادبية خالدة واستثنائية،وذلك من خلال المزج بين خيال العقل المطلق و واقعية الحياة البائسة التي عاشها،فالنعرف الآن مانُجم من تلك الحياة والمعاناة التي عاشها كافكا وانعكاسها على اعماله الادبية .
قصة الرواية بشكلٍ موجز:
تتحدث الرواية عن شخص يدعى جريجور سامسا يعمل كبائعٍ متجول(مندوب) في عالم الرأسمالية الموحشة يستيقض جريجور ذآت صباحٍ ليجد نفسهُ متحولاً لحشرة بعد صحوته من نومه يستصعب النهوض من فراشه وهو محاولاً الذهاب للعمل في شركة جعلت منه عبداً يشعر بالقلقل بسبب تأخرته على العمل تمضي ساعات وهو يحاول عدة مرات دون جدوى من ذلك إلى أن ياتي مديره في العمل إلى المنزل بعد ذلك يستطيع النهوض من فراشه ويفتح الباب ويصاب أهله ومديره بالهلع والذعر منه بسبب شكله الغريب عن الهوية البشرية ويركض خلفه والده بالعصى لمحاولة ادخاله لغرفته بعد هروب مديره من المنزل،بعد ذلك تبدأ اخته بالاهتمام به وهي التي تبدو أكثر تعاطفاً مع حالته من بقية افراد العائلة وتقدم له الطعام المتعفن والفاسد الذي يشبعه ومع مرور الأيام تبدأ الاخت جريتا في العمل في أحدى المتاجر والأم ايضا تبدأ العمل و والد جريجور يعود لعمله بعد تقاعد 5 سنوات ومع مضي الأيام يُاجران أحدى غرف المنزل في محاولة تقليص المصاريف لثلاث نزلاء رجال ومع مضي الأيام يفقد جريجور أهتمام الأخت جريتا ومع قدوم هذه الخدامة العجوز الذي تعامله بشكل سيء تمضي أيام طويلة وجريجور لم يأكل شيءً ابداً ولم ينل قسطاً من النوم المريح وفي أحدى الأيام مساءً تجتمع العائلة مع النزلاء في غرفة المعيشة لتبدأ الاخت جريتا بالعزف مما يثير فضول جريجور في الاستماع فيحاول الوصول لغرفة المعيشة وينجح بذلك رغم اصابته البالغة في ضهره ومن ثم يندهش النزلاء بجريجور وتنشب مشادات كلامية بين الأب والنزلاء بعد ذلك بحاول جريجور العودة لغرفته الذي ملئها التراب والاغراض الغير هامة ولكن يواجه صعوبة في ذلك فيحاول لدقايق حتى يصل غرفته يمكث مستلقيلاً بها حزيناً متأسياً مخذول وفي الصباح الباكر يحادث الأب النزلاء طالباً منهم مغادرة المنزل وعند ذلك تفتح الخدامة العجوز باب غرفة جريجور فتجده مستلقياً على ضهره فتضنه نائماً او حزيناً فتحاول دغدغته بالمكسنة التي بيدها ولكن بدون جدوى فتكتشف أنه قد فارق الحياة وتحزن والدة جريجور على وفاته وبينما الأب يعبر عن فرحه وتخلصهم من مشكلة كانت تواجههم وهي الاعتناء به تنتهي الرواية بخروج العائلة خارج المنزل في محاولة لتغيير الاجواء.
لماذا الحشرة:؟؟
أن إختيار كافكا للحشرة تحديداً لم يكن خياراً من عدة خيارات بل استوجب أن يكون التحول من إنسان لكائن بدائي بايولجياً متأخر عن الإنسان والحيوان بشكل كبير ويكون التواصل معه أمر معدوم تماماً وأختيار دقيق حتى يستطيع أن يصل لنا مرحلة الاغتراب الذي يمكن أن يعيشها الإنسان بهذه الضروف الاجتماعية تحت حكم الرأسمالية واغتراب الإنسان من ذآته وفقدانه لهويته الإنسانية والبشرية فهذا تحول ليس بسيطاً فجريجور موضوعياً لم يعد إنسان ويفقتقد صفات الإنسان والبشر ،وذآتياً يعيش كإنسان يستطيع أن يفكر وينزعج ويشعر بالخوف على وأمه واخته ولا يؤذيهم ابداً فهو ذآتياً يملك صفات الإنسان وموضوعياً لايمتلك اي صفة تمت للإنسان بصلة وعائلته تعامله على أنه لم يعد كائن بشري بل اصبح كائن غير مجدي النفع ومزعج و وجوده لاينفع بشيء اطلاقاً.
البعد الطبقي في الرواية:
في عملية التحول او الإنمساخ يتبين لنا أن التحول لم يأتي من فراغ او العدم،بل عكس ذلك تماماً هناك صراع وتناقض مرير يعيشهُ جريجور على مدار نصف عقد من الزمن فهو من جهةٍ يرفض عمله ولا يرغب به ولايستطيع التأقلم مع هذا العمل الشاق الذي جعلة منهُ إنسان ذو قيمة مادية فقط ومن جهة أخرى هو مضطر للعمل لتغطية نفقات العائلة وتيسير امورهم فليس غريباً أن جريجور مثال البروليتاليا أو الطبقة العاملة،المسحوقة والمدمرة كلياً من قبل الطبقة البرجوازية وحتى أن جريجور يصف العلاقات التي تنشأ من خلال العمل بعلاقات لا إنسانية وعلى على حد رؤية الفيلسوف كارل ماركس هي علاقة تبادل العمل أي أنها علاقات إنتاجية صرفة ،فالبعد الطبقي ملموس و واضح جداً بالرواية ولايمكن التغاضي عنه.
الاغتراب الذآتي:
أن الانمساخ الذي حصل هو عملية انتقالٍ جذرية ستبين لنا البعد النفسي بذلك فضياع الهوية البشرية وافتقادها ليس بسيطاً على إنسان لم يفتقد ذآته الإنسانية ولكن لايستطيع التواصل مع بقية الناس فالاغتراب هنا هو إغتراب ذآتي إنسان لايعيش سوى مع ذآته ولا يتواصل ولا يفمهه أحدا غير ذآته ومن جهة الاغتراب الاجتماعي وتعامل العائلة السيء معه وفقدانه للإهتمام والتعاطف بدوافع لايمكن التأقلم مع كائن غير بشري بهذا العمل يمكننا أن نعيش اعلى مراحل الاغتراب الذآتي بسردية كابوسية ومئساوية رائعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب