الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفوضية الاوربية تعلن انّ تجديد اتفاق الصيد البحري مع النظام المغربي ، صعب ومعقد .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


سبحان الله كيف يغير الاوربيون من مواقفهم ، خاصة تلك التي اعتبروها في زمان سابق ، باستراتيجية تخدم المصالح الاوربية ، بغض النظر عن خلفياتها المرتبة ، لنتائج تعاكس ما يصدح به الاوربيون ، كالتزامهم بالقوانين المسطرة ، خاصة حين تكون من نتاجهم ، بدعوى ثقافتهم المستمدة من ثقافة عصر الانوار ، والراعية وباحترام ، للقوانين الدولية ، خاصة في جانبها المدني والحقوقي ، مع التركيز على النظام اللاّئكي ، الذي ينتصر للمواطن ، ولا ينتصر لطائفة دون غيرها كما يلاحظ في كل الخطابات الثيوقراطية بالدول الدينية .
فلأول مرة تتناقض المفوضية الأوربية مع ذاتها ، وهي تعلن ، ومن دون خجل ، استحالة إعادة ابرام الاتفاقيات ، من اتفاقية الصيد البحري ، الى الاتفاقية الفلاحية ، والتجارية ، المنظمة للعلاقات بين الدول الموقعة على تلك الاتفاقيات .. فماذا تبدل بين الامس واليوم ، حتى نرى موقفا ظاهره الالتزام بقرارات القضاء الأوربي ، والقضاء الدولي " المحكمة الدولية " ، وباطنه ممارسة الابتزاز السياسي ، لإضعاف الدول ، واضعاف الحكام ، وكأن الحقيقة وراء كل هذه التصورات ، تجهلها الأطراف السياسية للأنظمة المعرضة لسياسة الرضوخ ، وكل شيء يعبر عن تصفية حسابات سياسية ، خاصة وان الهدف المسطر الذي تشتغل عليه اوربة ، ومن دون استثناء بين دولها ، هو تغيير الأنظمة السياسية ، ومنها يصبح مشروع تفتيت الأوطان ، وتغيير الجغرافية ، وتجزيئ الشعوب ، سهلة المنال ، لان من سيحصد النتائج لإضعاف الاخرين ، تبقى جماعة حفدة Siks Picot ، التي اشتغلت ، ولا تزال تشغل على المشروع الامبريالي الأمريكي الغربي ، الذي هو مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وشمال افريقيا ..
فبعد الانتهاء من الجزء الأول من المشروع ، الذي خرب العراق ، وسورية ، واليمن ، والسودان ، ولا يزال يشتغل لخلق الدويلات والكانتونات ، انتقل اليوم الى الجزء الثاني من المشروع ، الذي هو موضوع شمال افريقيا ، من دون استثناء دولة من دول المنطقة .. لان التعامل مع الدول ، يكون على ضوء المعطيات المتحكمة في كل التناقضات ، مع إعطاء الأولية في تطبيق المشروع ، للدولة الرخوة والضعيفة ، في انتظار تعميم المشروع على بقية الدول ، حين تحل معطيات تشجع الشروع في تفتيتها .. فلكل نظام ، له أسبابه وشروطه التي توجب التصرف وبالسرعة القصوى ، لإحداث الصدمة الكبرى ، حتى يصبح الرجوع الى الوراء من قبيل المستحيلات ..
في هذه الخضم ، نتساءل عمّا غير الموقف الأوربي ، مرة حين أصدرت محكمته حكمها بإبطال الاتفاقيات المبرمة بين النظام المخزني المغربي وبين الاتحاد الأوربي ، بخصوص ثروات المناطق الصحراوية المتنازع عليها ، ولم تعرها أدنى احترام ، رغم انها قرارات قضائية ، واحكام حصلت على قوة الشيء المقضي به ، وبين الادعاء زورا وكذبا ، باستحالة وصعوبة إعادة التوقيع على اتفاقات جُدُد ، بين الاتحاد الأوربي والنظام المغربي ، ملوحة المفوضية الاوربية ، الى الاحكام الصادرة عن المحكمة الاوربية ، التي يجب التقيد بأحكامها ، واحترامها . لان الاتحاد الأوربي يشتغل بالشفافية ، ويركز على المبادئ في علاقاته ، عوض علاقات النفعية والمادية ، التي تعني الفساد الذي فجرته قضية Morocco Gate ، و Pegasus Gate ، الفضيحتين التي اتهم بهما النظام المخزني البوليسي المغربي . فما الذي تغير بين الامس الذي جدد فيه الاتحاد الأوربي اتفاق الصيد البحري ، واتفاق التجارة والفلاحة ، رغم حكم محكمة العدل الاوربية التي ابطلت الاتفاقيات ، بالنسبة للثروات القادمة من الصحراء المتنازع عليها ، وبين تغيير الموقف فجأة ، بسبب خلافات سياسية بين النظام المخزني البوليسي المغربي ، وبين الاتحاد الأوربي ، بالانقلاب على الموقف الأول للاتحاد ، بدعوى قرارات محكمة العدل الاوربية التي يجب الخضوع لقراراتها .. والحال ان السبب في هذا التغيير الذي كان منتظرا منذ تعقيد العلاقات الثنائية بين النظام المغربي المخزني وفرنسا ، هو الموقف الفرنسي الذي اشتغل في الكواليس ، والدفع بالاتحاد الأوربي في مواجهة النظام المخزني ، بدل تعرية الأسباب الحقيقية التي ترسم المرامي الفرنسية ، خاصة انتقامها من جريمة Pegasus Gate التي وجه قصر الاليزيه Le palais de l’Elysée ، الاتهام مباشرة الى الدولة المخزنية البوليسية ، لتتطور الازمة وبالسرعة القصوى ، لتصبح ازمة بين شخص محمد السادس ، وبين الرئيس Emanuel Macron ، الذي اوفى بتعهداته للدولة الإسرائيلية ، التي اسرت له بجهازه الهاتفي الموضوع تحت التنصت ، فاقتصر رد فعل الرئيس ورد الحكومة الفرنسية ، على قطع العلاقات بين القصر العلوي وقصر الاليزيه ، بين محمد السادس وبين Emanuel Macron .. لكن فرنسا كدولة استعمارية خبيرة بالشأن السياسي المغربي ، وخبيرة اكثر في القصر العلوي وفي الملك ، لم يكفيها ولم يقنعها فقط قطع العلاقات بين الرئيس Macron وبين محمد السادس . لذلك وجدت مشكلة تجديد الاتفاقيات بين الاتحاد الأوربي ،وبين النظام المخزني البوليسي ، فرصة اكثر من سانحة ، لتوجيه الضربة مباشرة الى محمد السادس ، ومنها الانتصار للمشروعية الدولية ، واللجوء الى الأمم المتحدة في حل قضية نزاع الصحراء الغربية .
فالموقف الأوربي الذي تصرف ، بدافع الالتزام والتقيد بقرارات القضاء الأوربي ، كان مطية للنفاد الى جوهر القرار ، الذي هو عدم الاعتراف بمغربية الصحراء ، واستغلال نزاع الصحراء ، لبتر جزء من الجغرافية المغربية ، وفي نفس الوقت التمهيد لإسقاط نظام محمد السادس ، واسقاط محمد السادس شخصيا ، وهو المشروع الذي يعمل عليه الاوربيون بمسميات شتى ، كالديمقراطية ، وحقوق الانسان ، وحق الشعوب في تقرير مصيرها .
عندما أعلنت المفوضية الاوربية ، باستحالة وصعوبة إعادة تجديد الاتفاقيات المبرمة مع النظم المغربي ، وهي تشير الى قرار محكمة العدل الاوربية المنتظر في غضون الشهور المتبقية من السنة الجارية ، يكون الاتحاد الأوربي قد عرى عن وجهه الحقيقي ، ويكون اصل الصراع مع النظام المخزني البوليسي المغربي ، سياسيا بمسميات شتى ، كاحترام والالتزام بقرارات القضاء الأوربي . في حين ان المستهدف هو الصحراء ، وهو محمد السادس ، ونظامه المعزول في العالم .
وعند الاقتراب من تنزيل هذا المشروع على الأرض ، باستعمال ، او للاختباء وراء الشعارات باسم الأمم المتحدة ، وباسم حق الشعوب في تقرير مصيرها ، فان نفس الإدارة الفرنسية ، والسويسرية ، والألمانية ، وكندا ، والولايات المتحدة الامريكية .. يحتفظون بنقيض النظام العسكري الجزائري ، " الماك " ، و " جمهورية القبايل الدمقراطية " . الآن يتم التصرف بالأسبقية ، للدول الجاهزة شعبيا وتنظيميا لمخطط البلقنة ، والمستهدف الأول طبعا النظام المخزني ، الذي يعتبرونه الحلقة الأكثر من ضعيفة بالمنطقة ، بسبب قضية الصحراء التي وحدها ستسبب في اسقاط النظام الذي لم يعد المجتمع الدولي في حاجة اليه ، فهو معزول دوليا وعربيا وافريقيا .. وبعد الانتهاء من الحسم السياسي الفرنسي والاوربي ، مع النظام المخزني الذي يعتبرونه بطقوسه الغارقة في الرجعية ، والغير مقبولة ، سيتم البحث لإيجاد سبب تقسيم الجزائر ، او على الأقل تخريبها وتدميرها . وطبعا المدخل لذلك " جمهورية القبايل الديمقراطية " وذراعها السياسي والعسكري " الماك " .
ان امتناع الاتحاد الأوربي عن تجديد الاتفاقيات المبرمة مع النظام المغربي ، اتفاقية الصيد البحري ، واتفاقية الفلاحة ، واتفاقية التجارة ، والمنفوخ فيه فرنسيا ، لن يكون نهاية المطاف ، ولن يؤثر في شيء في النظام المخزني ، الذي يعيش على فائض القيمة ، لثروات الصحراء ، وليس الصحراويون ، وليس المغاربة الذين يعيشون التفقير والتعذيب ، والامراض المختلفة . بل ليس هناك ما يجبر النظام المخزني ، على ضرورة ابرام الاتفاقيات ، فقط مع الاتحاد الأوربي ، لان هذا الاتحاد ليس بقدر منزل ومفروض .. فالنظام المخزني ، يمكنه ان يتجاوز التعامل مع الاتحاد الأوربي كهيئة ، ويعوضه بإبرام اتفاقيات ثنائية ، مع دول معنية كإسبانية والبرتغال ، وحتى مع فرنسا .. ولا شيء يمنعه من ذلك ، طالما ان الجميع يعترف به كإدارة تتولى تدبير وتسيير الشأن العام ، وطالما ان الاستفتاء الذي وحده يحدد الجنسية للأراضي المتنازع عليها ، كما اشارت الى ذلك اتفاقية مدريد ، وقرار محكمة العدل الدولية في قرارها الصادر في 16 أكتوبر 1975 ، لم يتم تنظيمه بعد . فمَا الاختلاف بين ابرام اتفاقيات مع الاتحاد الأوربي الهيئة ، وبين تنظيم اتفاقيات ثنائية ، وفي نفس الموضوع طبقا للقانون الدولي ..
فعلى النظام المخزني ان يتصرف ، فيبرم اتفاقيات ثنائية ، وليس ثلاثية ، او رباعية ... اواو .. الخ ، لملء الفراغ الذي قد يحصل للحفاظ على الصحراء ، قبل حصول الازمة الكبرى ، حين سيرفض الجميع ابرام اتفاقيات معك ، بدعوى ان تلك الأراضي محط نزاع ، تتولاه الأمم المتحدة ، مرة او مرتين في السنة . وهنا فالتصرف الأوربي الرافض لإبرام اتفاقيات الثنائية ، سيناقض سلطة التدبير والتسيير المعترف بها للنظام المخزني المغربي ، وتكون الدول التي امتنعت عن ابرام اتفاقيات مع النظام المغربي ، قد وضعت نفسها طرفا رئيسيا ومعني اول بالنزاع .. فالوضع جد مرتبك ، ويجب بدء الإجراءات والتصرف في اقرب مدة ممكنة ، لاستمرار بقاء الصحراء ضمن الدولة ، ولسد الأبواب التي تريد الاصطياد في المياه العكرة ..
كما انّ هذا الاجراء وحده ، سيحدد الموقف الحقيقي من نزاع الصحراء الغربية . فالدول التي ستبرم اتفاقيات ثنائية عوض الاتفاقيات مع هيئة الاتحاد الأوربي ، مع إعطاء التسهيلات ، ستكون بمن يعترف بمغربية الصحراء . اما اذا رفضت توقيع الاتفاقيات تحت ذريعة ان الأقاليم المتنازع عليها هي بيد الام المتحدة ، أقاليم متنازع عليها ، فعند ذاك سيكون الشق السياسي الذي اشتغلت ولا تزال تشتغل باريس ، قد أصاب قلب وكبد ليس النظام المخزني المتسبب في ما آلت اليه الصحراء من أوضاع تهدد بانسحابها ، بل ستكون الضربة ضد الشعب المغربي وضد جغرافية المغرب الوحدوية ..
وهنا يجب اخذ الحذر كثيرا ، والتفكير ، في حالة ما اذا رفضت الدول الاوربية ، وبالأخص اسبانية ، ابرام الاتفاقيات مع النظام المغربي ، بدعوى ان الصحراء مسجلة عند الأمم المتحدة كأراضي مستعمرة غير مستقلة ، فحينها وامام زيادة صياح الصحراويين ، وتحرك المنتظم الدولي الذي لا يعترف بمغربية الصحراء ، ويدعو الى تبني المشروعية الدولية ، والبقاء في مربع الأمم المتحدة ، انْ تتحرك هذه ، لاتخاذ قرار بمجلس الامن ، يجعل الأمم المتحدة ، هي من يتولى ابرام الاتفاقيات والمعاهدات ، بدل النظام المغربي كطرف في النزاع .. وهكذا تصبح الأمم المتحدة ، هي الطرف المخول قانونيا ابرام الاتفاقيات و المعاهدات ، التي تخص الصحراء الغربية . ان عرض النظام المخزني ، اقتراح ابرام اتفاقيات ثنائية مع اسبانية ، سيحدد الموقف الاسباني من النزاع . فاذا وقعت استبانة الاتفاقيات تكون قد اعترفت اعترافا صريحا بمغربية الصحراء . امّا اذا رفضت فموقفها الحالي كان مثل موقف Trump من اعترافه بمغربية الصحراء .. وهنا لا يجب نسيان ، انّ كل المعطيات والنتائج ، تبشر بمجيء اليمين المحافظ Pp في خطه " الأزري " Aznar ، واليمين المتطرف Vox الى الحكم ، بعد انتخابات 23 من الشهر الجاري .. كما ان ابرام اتفاقية ثنائية مع اسبانية ، سيغلق الباب إزاء احتمال تكلف الأمم المتحدة بإبرام الاتفاقيات ، طالما ان القضية بين ايديها ، وطالما ان لا احد يعترف بمغربية الصحراء . ان ابرام اسبانية لاتفاقيات ثنائية ، من جهة سيكون اعترافا بمغربية الصحراء ، ومن جهة سد الباب عن الأمم المتحدة ، لتصبح هي من يتولى ابرام الاتفاقيات والمعاهدات ..
وحتى نختم ، نؤكد ان ابرام الاتفاقيات مع الاتحاد الأوربي ، ليس حتمية او قرآن منزل ، وانه من السهل تشجيع ، والدخول في اتفاقيات ثنائية مع اسبانية المعني بالأساس بالمصايد السمكية . وابرام اسبانية لمثل هذه الاتفاقيات ، من جهة تأكيد مغربية الصحراء ، ومن جهة تفويت الفرصة على الأمم المتحدة لتحل محل النظام المغربي في ابرام الاتفاقيات التي تخص ثروات الصحراء المتنازع عليها . ومن جهة سيمكن من بسط اليد على الصحراء ، لفترة أطول ، ريثما يحصل تغيير في العالم ، او في السياسة الدولية ، تؤكد حق المغرب المشروع في ارض الصحراء الغربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن