الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خِلْتُنِي أَنَاهُ

عبد الله خطوري

2023 / 7 / 13
الادب والفن


أغمضُ عيني، أخاف أرى ما لا يُرى. أتوجسُ من وهج معصفر في ومضة خاطفة يومض يبرق، فأبصر كلَّ ما وقع في مقابر إيمَطْلانْ البلدة .. إياك تنسى ما آتفقنا عليه يا هذا آآغارش آتتُوتْ ماين نَنَّـا .. قال رفيقي .. هل قال أوْ أوصى أو همس بشيء ؟ هل نسيتُ أو تناسيتُ ؟ لستُ أدري .. ما عدت أذكر ما عدت أميز ما يُخَرْبَش في قنتي .. توغلتُ في ما يشبه مناما .. هل كان مناما فعلا ؟ هل عشت ما عشت حقيقة ؟ أهو من بنات أفكاري تَراها خواطري السائبة تعيشها تصدقها ظنوني ..؟؟.. وسط جماعة آختلط حشدُها رأيتُني كيانا لا يُبْصَرُ .. كأنني كنتُ وإياهم في عالميْن متوازييْن متوارييْن أنظرُ إليهم ينظرون إلَيَّ، لكن لا يصدر عنهم ما يشير إلى حدسهم لي بينهم .. يتداولون شأنا من شؤونهم آستغرق جهدهم في تهيئته والاستعداد له .. لعلها لامّة من لامّات أو ما شابه .. هذا ما لاح لي .. لقد تحوّل فضاء المقبرة في لحظة لست أدري من أين آنبعثت إلى بلورات نورانية أنارت ما بها وما حولها، فآستحال الحيز المحدد إلى مجال خصيب آستوعب كل مجالات البلدة ما بين مُصَلَّى وعين قديمة ودور تراب وخيم شَعَر وأسواق الأسبوع المعهودة .. وماااع ماااع .. ماعزة أتى بها مَنْ خلتُني أنَـاهُ أو أحْسَسْتُني من كيانه في بدنه في نَفَسه في روحه في .. كيف ؟ لست أدري .. فقط صِيتَ لي في حيز في خاطري أنَّ صاحب آلظفيرة المديدة إياه (بابْ نَطْقطاشتْ تازكرارتْ) ذاك الشاب السمهري المفتول العضلات العاري الزندين المعتمر لعمامة خضراء (تشدادت تازيزافتْ) اللابس عباءة عتيقة (ييشتْ نْ تكبيرتْ تاقديمتْ) ما هي سلهام ما هي جلابة مما يلبس آلُ آلأعالي (اورْ تْيي أهَدُّون اُورْ تْيِي تاجلابتْ) .. شامخا بأنفه شرع يرفل خيلاؤه في الخلاء يستلطف العنزة كي تسرع خطاها، لا بد يقربُ لي، مني، يشبهني، بل أنا أقرب له، من حبل الوريد، بل أنا قطرة في ذاك الشريان في ذاك الوريد أسيحُ وباقي القطرات في ملكوت من الدياجير المُنورة بالنيازك والأقمار .. أنا في الداخل .. هو في الخارج .. أتيه في أجواء ترحب بي .. أرى الأشياء كلها .. كل الجهات كل اللحظات في لحظة واحدة بحاسة غير ما عهدتُ من الحواس، أستشعرُ ما يقع يَسكن يتحرك يهدر يخفت بآنسياب شفيف هادئ ورائق كشريط أحلام لا تشبه الأحلام؛ وإذْ يستعصي على العنزة المشي في صواعد شاهقة محجَّرة متعرجة، يحملها السمهري بين ذراعيه أو يضعها على كتفه يطوق بها رقبته تحت ما بدا شمسا لافحة الحَرور .. لا يقول .. آه .. لا يهمس .. أوووف .. يحدو فقط بنبرات تهدهد الدابة المتعبة .. ماذا يقول؟ لم أفرز شيئا .. شفتاه تتحركان، لكن لا أسمع ما تنبسان كأنني إزاء صور تتحرك بصمت لا أتفرج عليها أو أشاهدها فقط، بل عاينتُني جزءا من مشاهدها المسترسلة في فضاء لست أعي سوى ملامحه الجبلية .. غابات في كل مكان، سُبُلٌ عبارة عن مماشي ضيقة خطَتْها قوادم الدواب والسالكين من أوادم البشر في حقول وفدادين زروع حديثة الحصاد .. وصل المَشّاء إلى وادي تانْكَازتْ أين أعطاني رفيقي طعام نسوة ضريح (سيدي عامر) فأعطيتُ منه للنمل والحشرات ولمخلوقات عديدة تُرَى ولا تُرَى قبل أن نكمل الطريق جهة البلدة. تزوّد السمهري من الأمواه والظلال قليلا ثم أكمل ممشاه صُعُدا في عقبة دي (تْسَاوَنْتْ) كما فعلنا .. في منتهى التلة المعشوشبة، ألفى لمة القرية مجموعة في مُصلاّها تحت خميلة زيتون يتحادثون في عشية وضُحاها عما سيفعلون .. كنتُ أشمُّ رائحة أواخر رمضان من مقلهم المتحفزة لإنهاء مشاغل النهار ومن خطواتهم المتوثبة وألسنتهم التي تجهر ما تجهر لا أسمعُه .. أدنو أكثر من مجمعهم .. عَليَّ أن أستبينَ المزيد مما هم فيه .. لم أخشَ على نفسي من مجاهل غير مرتقبة، فقط كنت أقفُو أثر صدى الصوت المنبعث من مكان ما بداخلي ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا