الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في نتائج قمّة الناتو

ضيا اسكندر

2023 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


على مقربة من الحدود الروسية، اجتمع قادة الدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» في العاصمة فيلنيوس بدولة ليتوانيا، في الفترة من 11 إلى 12 تموز الجاري، لعقد القمة، حيث يتصدّر جدول الأعمال: دعم أوكرانيا ووضع آليات دفاع ضد روسيا وانضمام السويد للحلف.

ما هو حلف شمال الأطلسي «الناتو» وكيف تأسس في مواجهته حلف وارسو؟

«الناتو» تحالف سياسي وعسكري لدول أمريكا الشمالية وأوروبا، شُكّل في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتحديداً عام 1949 لتحقيق ثلاثة أهداف: «ردع التوسع السوفيتي، ومنع الحروب القومية، وتشجيع التكامل السياسي الأوروبي».
وقد حصل التحالف على فرصة جديدة للحياة مع سقوط جدار برلين عام 1989، أضافت بشكل تدريجي دول المنظومة الاشتراكية السابقة إلى صفوفها؛ فقد انضمّت جمهورية التشيك والمجر وبولندا عام 1999 ثم بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا عام 2004.
وكانت آخر الإضافات إلى التحالف، مقدونيا الشمالية عام 2020 وفنلندا عام 2023.
وبعد ستة أعوام من تأسيس حلف الناتو، أي عام 1955، قام الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه بتأسيس (حلف وارسو) ردّاً على إنشاء الولايات المتحدة وحلفائها لـ (حلف الناتو). وكان من أهم أسباب إنشائه: قيام دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة بإعادة تسليح ألمانيا الغربية وضمِّها إلى حلف شمال الأطلسي عام 1955.
واستمر حلف وارسو خلال فترة الحرب الباردة حتى سقوط الأنظمة الشيوعية الأوروبية وتفكك الاتحاد السوفييتي (عام 1991)، ووقتها بدأت الدول تنسحب منه الواحدة تلو الأخرى. وقد تم حلّ الحلف رسمياً عام 1991.
في حين أن حلف الناتو استمرّ بالتوسّع والامتداد إلى أن وصل عدد الدول المنضوية في الحلف إلى (31) دولة.

"روسيا المستهدفة رقم (1) من حلف الناتو"

تقول روسيا في معرض ذكرها للأسباب التي دفعتها إلى "عمليتها العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، أنها اضطرت إلى تلك العملية حفاظاً على أمنها القومي، بعد أن أعلنت أوكرانيا نيّتها الانضمام إلى حلف الناتو. وأن هذا الانضمام يشكلّ تهديداً وخطراً كبيراً على المصالح الروسية. واندلعت الحرب وطالت وتصاعدت الأحداث، وبدأت أطراف الصراع تضخّم أحلامها وأهدافها؛ فروسيا ومن وقف معها في هذه الحرب، اعتبروا أن ما بعد الأزمة الأوكرانية لن يكون كما قبلها، وأن عالم الأحادية القطبية بزعامة أمريكا بدأ يلفظ أنفاسه، وأن عالماً جديداً متعدد الأقطاب سيتبلور قريباً لينهي حقبة مريرة في حياة الشعوب.
وفي المقلب الآخر، فإن أمريكا وحلفاءها اعتبروا أن خاتمة هذه الحرب الوجودية يجب أن تكون ضعضعة روسيا واستنزافها وإضعافها والحفاظ على نظام القطبية الواحدة.
ولم تكتفِ أمريكا وحلفاؤها في تقديم الدعم العسكري الهائل لأوكرانيا لهزيمة روسيا عسكرياً، بل ترافق ذلك مع سلسلة من العقوبات الاقتصادية فرضتها على روسيا في سابقة لم تحصل عبر التاريخ.

"موقف الصين من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا"

مما لا شك فيه أن الصين مستفيدة من حرب روسيا على أوكرانيا، كونها تسمح باستنزاف أميركا في الحرب، وكذلك تشتيت انتباهها عن الصراع على تايوان. على الرغم من أن الصين تدرك أنها مستهدفة هي الأخرى مستقبلاً؛ نظراً لطموحاتها الاستراتيجية الكبرى في تسيّد العالم اقتصادياً ومنافستها الضخمة لأمريكا. من هنا كان الموقف الصيني (البراغماتي) "المتزن"؛ حيث المصالح تتقدّم على المبادئ والعقائد والتحالفات. فهي امتنعت عن إدانة روسيا في حربها على أوكرانيا، ورفضت العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على روسيا، ليس هذا وحسب، بل ازدادت علاقاتها التجارية مع موسكو إلى حدود غير مسبوقة. واستمرت في علاقتها مع أوكرانيا وطرحت نفسها كوسيط في حل الأزمة الأوكرانية.

"أردوغان ثعلب البراغماتية الانتهازية بلا منازع"

غير خافٍ على أحد مواقف النظام التركي وتأرجحاته السياسية التي عُرِف بها طيلة حكمه التي امتدت أكثر من عقدين. وفيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، فهو رفضَ العملية العسكرية الروسية، ورفض الاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، ودعَمَ أوكرانيا بالطائرات المسيّرة، وفي الوقت ذاته، لم يوافق على فرض العقوبات الاقتصادية ضد روسيا.
واستغلّ أردوغان لقاء قمة الناتو في ليتوانيا ليطرح ما لديه من مطالب لقاء موافقته على انضمام السويد إلى الحلف. حيث التقى أمين عام حلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، ورئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، قُبيل انعقاد القمة. وأصدر الأطراف بياناً مشتركاً أوضحوا خلاله عدة نقاط تصبّ في مصلحة تركيا والسويد، حيث جاء في البيان أنه "منذ قمة الناتو الأخيرة، عملت تركيا والسويد بشكل مشترك على معالجة مخاوف أنقرة الأمنية، وكجزء من هذه العملية عدّلت السويد دستورها وغيرت قوانينها ووسّعت تعاونها مع تركيا في مجال مكافحة الإرهاب ضد حزب العمال الكردستاني بشكل كبير". كما استأنفت عمليات تصدير الأسلحة إلى تركيا، وهي جميع النقاط المنصوص عليها في المذكرة الثلاثية لعام 2022".
وأوضح البيان أن "السويد ستقدّم، خلال الاجتماع الأول لهذا الاتفاق الأمني، خارطة طريق كأساس لمواصلة كفاحها ضد الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، في سبيل تنفيذ جميع بنود المذكرة الثلاثية، كما تعيد السويد التأكيد أنها لن تقدّم الدعم لـ "وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني".
وأكدت السويد أنها ستدعم الجهود المبذولة لتنشيط عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بقوة.
كما طرح أردوغان، بعد تحقيقه مُعظم مطالبه وأبرزها عدم توفير الحماية للمعارضين الكرد، وموافقة الولايات المتحدة في شخص رئيسها جو بايدن، على رفع الحظر عن حصول تركيا على صفقة طائرات “إف 16” وقيمتها 20 مليار دولار، وإعادة تحديث سلاح الجو التركي، ورفع الحصار الاقتصادي الاستثماري عن تركيا.


"روسيا ممتعضة من أردوغان"
قُبيل انعقاد قمة الناتو بأيام، قام أردوغان بتسليم الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، خمسة من قادة كتيبة «آزوف» الذين سلّمتهم روسيا إلى تركيا ليبقوا فيها. وصرّح أردوغان خلال لقائه مع زيلينسكي من أنه لا يمانع بانضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو. ما أثار ذلك غضب موسكو وقوبلت أفعال أردوغان وتصريحاته بانتقادات عنيفة، إذ وصف رئيس لجنة الدفاع والأمن في المجلس الاتحادي الروسي، فيكتور بونداريف، قرار التسليم بأنه «تحريضي»، معتبراً أن دعوة تركيا إلى انضمام أوكرانيا إلى «الأطلسي» تُعدّ مؤشّراً إلى أنها «تنتقل من بلد محايد إلى بلد ليس صديقاً لروسيا». وأضاف إن من مؤشرات ذلك، أيضاً، «موافقة تركيا على تأسيس مصنع لإنتاج الطائرات المسيّرة في أوكرانيا».
في حين حذّر ديمتري ميدفيديف، نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي، إن زيادة المساعدة العسكرية لأوكرانيا من قبل حلف شمال الأطلسي تقرّب الحرب العالمية الثالثة.

"أهم القرارات التي صدرت عن لقاء قمة الناتو"

بعد يومين من المباحثات والنقاشات اختتم حلف الناتو أعماله وأصدر بياناً يُجمِل فيه أهم ما توصّل إليه اللقاء. ولعلّ في طليعة البنود، الموافقة على انضمام السويد، والوعد بانضمام أوكرانيا إلى الحلف مستقبلاً بعد اكتمال الشروط لذلك، مع استمرار الدعم لها لمواجهة "العدوان الروسي" عليها.
في الحقيقة، لم يكن منتظراً الموافقة على انضمام أوكرانيا إلى الحلف وهي في حالة حرب؛ إذ تنص المادة 5 من اتفاقية حلف شمال الأطلسي على أن الهجوم على أحد الأعضاء (في الناتو) يعتبر هجوماً على الجميع. ما يعني أن الموافقة على انضمامها، تُعدّ بمثابة إعلان حرب على روسيا، وما سيترتب على ذلك من تداعيات قد تصل إلى نشوب حرب عالمية لا تُبقي ولا تَذر. والجميع غير مستعد، وربما غير راغب في حصولها.

والسؤال: ما هي خيارات بوتين أمام كل هذا التصعيد الذي يشهده العالم؟

مما لا شك فيه، أن بوتين يعوّل على (تعب) حلف الناتو، بعد أن صمد طوال الـ 500 يوماً في حربه على أوكرانيا. ولم تتزعزع شعبيته ولا اقتصاده جرّاء العقوبات التي فُرضت على روسيا. وينتظر بفارغ الصبر انعقاد قمة دول مجموعة البريكس في جنوب أفريقيا الشهر القادم (آب) والمزمع فيها الإعلان عن عملة موحّدة يمكن أن تسهم في ضعضعة الدولار الذي بدأ بالتراجع – ولو ببطء – في المبادلات التجارية الدولية. ويأمل بتوسيع مجموعة البريكس لتضمّ العديد من الدول الراغبة بالانضمام، ما يساعد على صمود روسيا في وجه الناتو. وقد تؤدي هذه التغيرات إلى تململ بعض حلفاء أمريكا والانفضاض التدريجي عن خططها والاهتمام بمصالحها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش