الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنرال الجزائري شنقريحة يهدد بالحرب

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2023 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


" طيلة اشتغالي على هذه الدراسة ، شرع البوليس السياسي المجرم والجبان ، في إطفاء صفحات الحاسوب ، ليعرقل اصدار الدراسة ، ويحول ضد النشر. انه عمل المجرمين الجبناء . المسؤول مدير البوليس وصديق ومستشار الملك المدعو فؤاد الهمة "

إذا صح الخبر الذي تناقلته العديد من وسائل الاعلام الجزائرية ، وتناولته المواقع الالكترونية التابعة ، والمحسوبة على عسكر الجزائر ، ومنها المحسوبة على أجهزة المخابرات المدنية الجزائرية ، سيكون تهديد الجنرال باللجوء الى الحرب ، بسبب قضية الصحراء العالقة ، ولم تحل بعد ، رغم محاولات النظام الجزائري الدفع بحل يستجيب لأطماعه .. ، حقا سنكون امام عسكري يجهل قواعد وفنون الحرب . لان اية حرب لا بد لها من مسببات منطقية ومعقولة ، حتى يشعر الجيش الذي يخوض الحرب ، بان الحرب حربه لا حرب غيره . امّا الإعلان عن شن الحرب الذي هو هنا تهديد بالحرب ، وفي ظروف طبيعية كالتي تجري في منطقتنا ، فالجنرال شقريحة ، يكون بتهديده هذا ، بمن يخدم مصالح الراغبين في نشوب حرب طاحنة بين النظامين العسكري الجزائري ، والمخزني البوليسي . وطبعا انّ من يتحين فرصة الحرب ، كي تنشب بين المغرب والجزائر ، وضحاياها ستكون الشعوب ، وليس الأنظمة المحصنة في عاجها .. فانه يكون هنا بمن يتمترس مع مفبركو مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا .. وتكون القوى الغربية الكارهة لشعوب المنطقة ، والعاشقة الولهانة لخيراتها ، وثرواتها الغنية والمختلفة ، قد أنجزت الشطر الثاني من مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا ، بيد محلية لا خارجية .
ان العواصم الغربية ، ومنها العاصمة تل ابيب ، ينتظرون بفارغ صبر وقت نشوب الحرب ، لا لتحقيق مطالب اقتصادية ، او حقوقية ، او ترابية . بل لإضعاف الجميع ، حتى عندما يبلغ الضعف درجته ، ستنزل هذه الدول بحلولها الحربائية ، لتنزيل العدل والمساوات ، وإعادة ترتيب المنطقة ، كما تخطط هذه القوى الامبريالية ، لا كما اعتقد أصحاب الأرض ، انّ الحرب الخاطفة ستحقق الوعود المعلقة منذ سنة 1975 .
لكن عندما ستضع الحرب أوزارها ، سيتحول الجميع الى مجرد خَدمٍ مرتهن في يد القوى الغربية ، بعدما يكونون قد تسببوا في دمار هائل غير قابل للوصف . فاذا كان الجنرال الجزائري شنقريحة يحلم بحرب خاطفة ، فإنها ستصبح مع الفشل في تحقيق نتائجها المرجوة ، بحرب يستحيل توقيفها ، كالحرب العراقية الإيرانية ، التي استغرقت اكثر من ثماني سنوات ، بعد ان قدّر جَريَانِها صدام حسين في ثلاثة اشهر ، او اقل من ذلك .
لذا فالجنرال شنقريحة ، لا اعتقد انه باستطاعته اعلان الحرب ، اذا لم يكن منفوخ فيها من قوى خارجية ، زينت له الحرب ، ووعدته ، او اعطته إشارات الانتصار فيها . وبالتالي تحقيق المراد الاستراتيجي للنظام الجزائري ، الذي هو الوصول الى مياه المحيط الأطلسي الباردة ، والتسبب في تفتيت وتجزئ المغرب ، ومنه اسقاط النظام المخزني العدو الرئيسي لنظام العسكري الجزائري . فنتائج الحرب ربما كما يعتقد الجنرال شنقريحة ، ستكون هي من يحدد الجنسية السياسية للصحراء . وكما قال القمعي الجلاد الجنرال جبريل الرجوب ، فبعد نهاية الحرب ، ستصبح الوضعية القانونية للصحراء ، إمّا جزائرية ، وإمّا مغربية ، مع العلم ان حتى هذا السيناريو ، وفي ظل المخططات المهيمنة ، المهيّئة والمحضّرة للمنطقة ، فان مصير الصحراء لن يكون لا مغربيا ولا جزائريا ، لأنه عند تدمير المنطقة التدمير الهائل ، فالمشكل سينتقل من الصحراء ، وليصبح مشكل كل المنطقة التي ستصبح سهلة التقسيم .. ، مشكل الحفاظ على الحدود التي ستصبح بفعل هزيمة النظامين الجزائري والمغربي ، حدودا أخرى ، لخريطة أخرى جديدة ، ستقفز حتى على مشكل الصحراء سبب الحرب ، لتصبح مشكلة نظامين ، ومشكلة شعبين ، ومشكلة قد تعرف تغييرا لخريطة المنطقة ، صوب الانتقال من الدولة الواحدية ، الى دول الكانتونات والدويلات القزمية المرتبطة بالاستعمار . لكن لا اعتقد ان شنقريحة سيسقط في فخ الحرب ، وبالتالي التسبب في مآسي لن تشفى منها دول المنطقة ، وشعوبها لقرون قادمة . فشنقريحة بحركاته البهلوانية ، من تنظيم الاستعراضات العسكرية ، وبالذخيرة الحية ، وبجوار الحدود المغربية ، فهو يمارس التهديد للتخويف ، ومن اجل التخويف ، ولن يظفر بحبة رمل واحدة من رمال الصحراء الشاسعة ..
طبعا من حق النظام الجزائري انْ ينظم ما شاء من المناورات العسكرية ، وانْ يستعمل ما شاء من الأسلحة والذخيرة الحية في تلك المناورات ، خاصة وانها تجري فوق التراب الجزائري وليس فوق التراب المغربي . لكن ان يستعمل الجنرال شنقريحة تلك المناورات ، التي يجريها الجيش الجزائري بالقرب من الحدود المغربية ، كتهديد وكفزاعة للمغرب ، هنا تبقى النية العدوانية للجنرال ، هي السمة البارزة من وراء المناورات ، مع العلم ان جيوش الأنظمة الدكتاتورية ، التي تشعر بالضعف الداخلي ، وبالتناقض مع شعوبها ، هي من يلجأ الى المناورات العسكرية ، لإظهار فرط قوة مشكوك في حقيقتها . والسؤال . لماذا لا تنظم الدول الديمقراطية مناورات لجيوشها ، كما تفعل الدول التي تحكمها أنظمة دكتاتورية ؟ . فحين يتم اللجوء الى هذه المناورات ، فالداعي الى ذلك قد يكون ابعدا من تهديد الجيران ، لان الغاية من اظهار القوة في جانبها العسكري ، هو إخفاء الضعف الداخلي ، خاصة عندما يكون النظام مرفوضا من قبل شعبه . لكن الحقيقة الجلية للعيان ، تبقى انّ الأنظمة الدكتاتورية ، هي من ينظم المناورات العسكرية ، وليس جيوش الدول الديمقراطية ، التي تخضع لنظام المؤسسات الدستورية ، لا الخضوع الى نزوات ورغبات الأنظمة السياسية الحاكمة . فالاستعراض العسكري الفرنسي ل 14 يوليوز من كل سنة ، هدفه ليس التغطية على ضعف النظام السياسي الفرنسي ، وليس تهديد الدول المجاورة لفرنسا بالاجتياح الفرنسي ، لكن انّ الغاية من الاستعراض الذي هو حفلة سياسية وطنية فرنسية ، هو التذكير بقيم الثورة الفرنسية ، التي اسقطت النظام الملكي ، والملكية في فرنسا ، رغم ان الملك الفرنسي كان يطلق عليه ، بملك الفرنسيين ، وليس بملك فرنسا ، كالنظام المغربي الذي بفرط حبه للشعب المغربي ، يطلق على نفسه ملك المغرب ، وليس ملك المغاربة الرعايا ، فالعلاقة في النظام المخزني المغربي ، هي علاقة بالأرض وبالثروة ، وليست علاقة بالرعايا . وقد سبق للحسن الثاني عندما زار فرنسا ، عندما كان رئيس بلديتها Jacques Chirac ، ومن قلب البلدية خاطبه قائلا " إني أغبطك على عمادتك لباريس ، من ان أكون ملكا للمغاربة " . فالتذكير بقيم الجمهورية الفرنسية ، هو تذكير بالتاريخ ، وتذكير بالشعب الفرنسي الذي حطم اصوار La bastille ، واطلق سراح المعتقلين السياسيين ، والمعارضين المناهضين للملكية .. ففرنسا التي تملك القنابل النووية والهيدروجينية ، والأسلحة الفتاكة ، لا تحتاج لتثبيت قوتها ، الى الاستعراضات العسكرية ، لأنها وجيرانها جميعا ، أعضاء بالاتحاد الأوربي ، وبالناتو / الحلف الأطلسي ، التي تنظمه قوانينه التي وضعتها كل دول الاتحاد مجتمعة للحفاظ عليه .
لذا لا يجب الاقتداء باستعراض 14 يوليوز من كل سنة ، لان هدفه تذكير بقيم الجمهورية الفرنسية ، وليس تهديدا لأي دولة من دول الجوار . ورغم العلاقات الممتازة ، بين فرنسا ، وبين النظام المخزني قبل اكتشاف فضيحة Pegasus Gate ، فعندما سئل احد الصحافيين وزير الخارجية الفرنسي السابق Robert Védrine ، عن موقف فرنسا من اندلاع حرب بين النظام المخزني المغربي ، وبين اسبانية من اجل سبتة ومليلية ، أجاب وبكل وضوح ، ان فرنسا ستكون مع اسبانية في حربها مع النظام المخزني البوليسي . وهو جواب يذكرنا بموقف الاوربيين ، وبالموقف الأمريكي الذين ساندوا إنجلترا في حرب " المالوين " ، او جزر " الفلوكاند " الأرجنتينية ضد الارجنتين .
اعتقد ان الجنرال شنقريحة قبل غيره ، كان عليه ان يطرح السؤال ، او يتساءل من تلقاء نفسه . هل ازمة الصحراء الغربية ، تلزم عسكر الجزائر على خوض حرب مع النظام المغربي ، من اجلها ؟ . وهذا يعطينا حق التوضيح عندما نرجع الى ما فاه به الجنرال جبريل الرجوب ، من ان اندلاع حرب بين النظام الجزائري والنظام المغربي ، يعني ان الصحراء ستصبح اوتوماتيكيا تحمل ، امّا الجنسية المغربية وامّا الجنسية الجزائرية . أي من سيربح الحرب ستصبح الصحراء له لا لغيره . وهذا شيء طبيعي ومؤكد ، يستشف بسهولة ، بحجم الأموال ، وبالعملة الصعبة التي بدّرها النظام الجزائري في حرب الصحراء ، كما يفسره دور الجيش الجزائري في تزويد جبهة البوليساريو ، بمختلف الأسلحة التي تحتاج ، في حربها ضد النظام المغربي . ولو لم يكن الهدف هو الوصول الى مياه المحيط الأطلسي الباردة ، وتطويق المغرب وخنقه ، وتصغيره اكثر من اللازم ، هل كان للنظام الجزائري ان يدخل لعبة " أمگالا " 1 و 2 و 3 ؟ . وهل كان له ان يتبنها في الامم المتحدة ، وفي القارة الافريقية ، وبالاتحاد الاوربي ... الخ .
وعند تصريح المسؤولين الجزائريين ، ومن مختلف درجاتهم العسكرية والسياسية ، بأنْ لا دخل لهم في قضية الصحراء ، وانّ موقفهم من النزاع ، هو مبدئي يتناغم مع المطلب الاستراتيجي بحق الشعوب في تقرير مصيرها ، وانّ قضية نزاع الصحراء الغربية ، هو بيد الامم المتحدة .. فالسؤال . لماذا التهديد بالحرب ، وتنظيم المناورات العسكرية ، وبالدخيرة الحية بالقرب من الحدود مع المغرب ؟ . فهل يريد العسكر في الجزائر ، تلقين الامم المتحدة درسا ، عن اخلالها وتخليها ، في معالجة النزاع الذي دام اكثر من سبعة واربعين سنة ، وانّ فشل الامم المتحدة بسبب طول المسطرة ، يعطي للجيش الجزائري حق التصرف ، بما يؤكد ويثبت حقيقة نزاع الصحراء الغربية ، الذي يبقى نزاع انظمة ، قبل ان يكون نزاع شعوب .. لان من يحتكر لوحده ثروات الصحراء ، يبقى النظام المخزني البوليسي ، وليس الصحراويين ، ولا الرعايا المغاربة المفقرين . وما دام انّ النظام المخزني لوحده يستأثر بخيرات الصحراء ، وهو نظام معاد للنظام العسكري الجزائري ، فالاجدر حسم النزاع بحرب خاطفة ومربوحة ، بنوعية السلاح الذي يملكه الجيش الجزائري ، حتى يتمكن بدوره من خيرات الصحراء ، وحتى يبقى النظام القوي لوحده بالمنطقة . وهذالوضع الذي يشتغل عليه النظام الجزائري ، سيجعل من الجزائر القوية ، المخاطب الوحيد الاوحد مع الدول الكبرى ، خاصة في ميدان توريد الاسلحة المختلفة ، وفي التحكم في خيرات المنطقة من فوسفاط ، واسماك ، وثروات مختلفة ..
اذن . لماذا التهديد بالحرب ، اذا كانت قضية الصحراء الغربية ، بيد الامم المتحدة ، من مجلس الامن ، الى الجمعية العامة للامم المتحدة ؟
--- هل فقد النظام الجزائري كل أمل ، في حسم نزاع الصحراء الغربية من قبل الامم المتحدة ، فحان الوقت للحلول مكانها ، حتى يتم الفرز طبقا لمخطط واسترتيجية النظام الجزائري ، الذي بدء يشعر بقوته ، التي تطورت نحو الاكثر من أحسن ، بالمنطقة .
--- هل يعتقد العسكر الجزائري ، والطبقة السياسية الجزائرية ، خاصة الموالية لاجهزة الاستعلامات العامة ، ان بمقدورهم حسم نزاع المنطقة ، بالشكل الذي يتصورون ، لفرض الامر الواقع امام المجتمع الدولي ؟
ولو لم تكن العنترية الفضفاضة الخاوية الوفاض ، والشعور بالضعف . هل كان للنظام الجزائري ، انْ يفكر في التجاوز الشامل ، مثل عندما غزا الجيش الروسي شبه جزيرة القرم ، وبعدها غزا كل اوكرانية لاحتلالها ، حيث عجز عن ذلك ، وتحولت المشكلة الاوكرانية الى عقدة ، او شوكة عالقة بحنجرة الرئيس فلادمير بوتن ، الذي ابانت الحرب عن تدني مستوى اسلحته ، وهي نفسها الاسلحة التي اشتراها ولا يزال يشتريها ، العسكر الجزائري من موسكو ؟ .
اذن . هل المنطقة تنتظر حربا قد قرب أجلها ، لكن لا احد فكر في نتائجها . أم انّ ايدي خارجية تدفع بالمنطقة نحو الحرب ، هي من يشجع عسكر الجزائر على خوضها ، حتى اذا ما اندلعت ستكون كارثية على الجميع ، ومن شجع عليها ، وبعد اندلاعها ، سيتخلى عن التزاماته ازاء العسكر الجزائري ، الذي سيجد نفسه وحيدا يخوض حربا ليست بحربه ؟
ان احتضان الدول الغربية ، وعلى رأسها فرنسا ، سويسرة ، كندا ، الولايات المتحدة الامريكية ، لمنظمة " الماك " المسلحة والانفصالية " ، والدعوة لنصرة " جمهورية القبايل الديمقراطية " ، يفسر مدى الحب الذي يخفيه الغرب ازاء وحدة الارض الجزائرية ، ووحدة الارض المغربية .. فالدعوة الى الحرب ، لا تصدر الاّ من تعوّد نشر الحروب في اراضي الغير ، بمسميات شتى كاذبة ، كحق الشعوب في تقرير مصيرها . فهل يقبل النظام الجزائري الذي يُشِيد كذب ونفاقا ، بحق الشعوب في تقرير مصيرها ؟ . فاذا كان الامر كذلك ، وهو خلط في استيعاب وتفهم ، وليس فهما للحقوق باسم الامم المتحدة التي اضحت مجزرة حقوق الشعوب الضعيفة ، ومجزرة تسلخ فيها جلود الدول باسم المبادئ العامة ، كحق تقرير المصير .. فهل يقبل النظام الجزائري بانزال هذا الحق في قضية " الماك " ، وفي قضية " جمهورية القبايل الديمقراطية " . والسؤال الذي يتعين على الجنرال شنقرحة طرحه على نفسه . لماذا نصرة " الماك " ، ونصرة " الجمهورية القبايلية " ، من العديد من الدول الاوربية الحاضنة لهم ؟
فلو طرح الجنرال شنقريحة هذا التساؤل عن نفسه ، لما اقتاد ينظم مناورات عسكرية ، وبالدخيرة الحية بالقرب من الحدود مع المغرب ؟ . ولَمَا تجرّأ باعطاء توضيحات سياسية ، هي من اختصاص القيادة السياسية الجزائرية ، ومن المؤسسات الجزائرية ، وليست من اختصاص العسكر ايا كانت الظروف .. فمن يحكم اليوم في الجزائر ، ومن يحكم الجزائر . وهناك فرق شاسع في المعنى بين " من يحكم في الجزائر " القيادة السياسية ، ومن " يحكم الجزائر " قيادة شنقريحة والعسكر ؟ ، وهو ما يفسر وبكل بساطة ، انّ الجزائر يحكمها نظام عسكري مغلف بالمظاهر المدنية المبهمة والمشكوك فيها ، مثل ان النظام المخزني المغربي ، يحكمه البوليس السياسي الفاشي ، ويحكمه الجهاز السلطوي الطقوسي والقروسطوي ، محتكر الفساد بكل انواعه واشكاله المختلفة .
وفي اعتقادي ، وحسب نتائج تحليل المعطيات المختلفة بالساحة ، فما يقوم به الجنرال شرنقريحة ، هو تطفل واغتصاب للسلطة السياسية ، التي تبقى وحدها مؤهلة للدعوة الى ما تراه منسجما ، ويخدم مصالح الدولة والشعب ، وليس مصالح الجنرالات الداعون الى الحرب ، حتى يستمروا في مناصبهم ، محتكرين للسلطة السياسية لخدمة مصالحهم ، وحتى يجدوا في الدعوة الى الحرب ، منفدا يسهل عليهم الاستمرار في نهب الثروة ، وفي تفقير الجزائريين المفقرين اصلا ..
ان الحرب ، وبخلاف شطحات وبهلوانيات الجنرال شنقريحة ، تبقى مستبعدة ، ولن تندلع ابدا ، الاّ في حالات جد ضيقة ، كالاستفزاز من طرف النظام المخزني البوليسي المغربي . وهذا لن يحدث ابدا ، حتى لا يعطي النظام المخزني المغربي ، اية فرصة يتدرع بها عسكر الجزائر لتلويث المنطقة .
وبما ان النظام المخزني يدرك ، انّ جنرالات الجزائر من يقف وراء المرحلة الثانية من حرب الصحراء ، التي بدأت مع 13 نونبر 2020 ، فمع ذلك يضبط نفسه ، حتى يحول دون ايّ انزلاق ، سيقضي القضاء الشامل على الاوضاع التي ستصبح اكثر من خطيرة بالمنطقة .. ولو كان النظام المخزني المغربي يسيره جنرالات الجيش ، لكنا لا نزال الى اليوم نفكر في توقيف حرب ضروس بين النظامين المخزني و نظام الجنرالات في الجزائر .. لذا قد تطول ما يسمى بالحرب الثانية مع هجمات جبهة البوليسريو ، لكن لن تؤدي الى تغيير موقف النظام المخزني ، مِمّا يجري بالمنطقة ، طالما لم ترق ( الحرب ) الجارية ، الى مستوى الحرب الاؤلى ، التي دامت ستة عشر سنة .. فالنظام المخزني مستعد الاستمرار في هذا الوضع لسنين قادمة ، دون الدخول في حرب شاملة مع الجيش الجزائري ، ستكون مدمرة للجميع ، ونهايتها التراجيديا سنتظرها " جمهورية القبايل الديمقراطية " ودراعها السياسي والعسكري " الماك " ، وفي الاتجاه المقابل " الجمهورية الصحراوية " ، ودراعها السياسي والعسكري " جبهة البوليساريو " ، و " الجمهورية الريفية " ، والحبل على الجرار .
ولنفرض جدلا انّ تماساً حصل ، واندلعت حرب فجأة ، فان الحرب ستبقى دائرة وتدور بين النظامين المخزني البوليسي ، ونظام العسكر الجزائري . ومن يعتقد ان دولا ستهب للدفاع عن احد النظامين ، سيكون مخطأُ . نعم ستتكثف صفقات بيع الاسلحة المختلفة والمتنوعة ، وقد تبدأ الدول المزودة للاسلحة ، في فرض شروط معينة لاتمام صفقات بيع الاسلحة . لكن ان يعتقد بعض المتحاربان ، كالنظام العسكري الجزائري ، بهبوب روسيا والصين للدفاع عنه ، سيكون مخطأً . نعم سيتم بيع الاسلحة ، وليس اي اسلحة ، الروسية والصينية وحتى الجنوب افريقية . لكن انتظار تدخلا مباشرا للجيش الروسي او الصيني ، فروسيا غارقة في المستنقع " الاكوراني " التي تورطت وحصلت فيه ، والصين مشغولة بمشكل الصين الوطنية التي كانت تفكر في استردادها على الطريقة الروسية ، لكن عندما ادركت ورطة الروس في اوكرانيا ، تراجع القادة الصينيون عن استعمال القوة التي عوضوها بالاسترداد السلمي ل " تيوان " .. لكن هذا لا يفاجئنا ، بالدعوة للدفاع عن ( الثورة الجزائرية ) من قبل منظمات فلسطينية ، كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والجبهة الشعبية – القيادة العامة -- ، ومنظمة فتح التي ينتمي اليها الجنرال " جبريل الرجوب " .. وحزب الله ، وحتى ايران .. لكن تبقى مبادراتهم مجرد دعوات للتوظيف السياسي والبوليميكي ..
لكن هل اسرائيل ستهب للدفاع عن النظام المغربي ، التي خذلته عندما رفضت ان تعترف بمغربية الصحراء ، رغم ان الملك محمد السادس اخرج العلاقات الدبلوماسية معها الى العلن ؟
وهنا . وبعد ان خيبت تل ابيب آمال الملك فيها ، لانها لم تفي بوعدها القاضي بالاعتراف الصهيوني بمغربية الصحراء ، بعد التوقيع على اتفاق " أبراها " ، ورغم توقيع اتفاقيات مع البوليس الاسرائيلي خاصة " الموساد " البوليس السياسي الاسرائيلي الخارجي ، و " الشاباك " البوليس السياسي الاسرائيلي الداخلي ، وتوقيع اتفاقيات مع الجيش الاسرائيلي ... فان اسرائل تدرعت بحجج واهية ، لتبرير موقها الذي خذل محمد السادس ، مرة بحجة تقيد تل ابيب بالموقف المتخذ من قبل حلفاءها الاوربيين والامريكان ، بدعوى ان تل ابيب تعمل ضمن اطار حلفاءها الاستراتيجيين ، وهي ملزمة بالاصطفاف مع الموقع الاوربي والامريكي الذي لا يعترف بمغربية الصحراء ، ويدعو الى المشروعية الدولية ، والى حضيرة الامم المتحدة ...
ومرة كما مؤخرا ، ربطت اسرائيل بين استضافت النظام المخزني العلوي لمؤتمر او لقاء " النقب 2 " ، وبين الاعتراف بمغربية الصحراء .. فاذا امتنع النظام المغربي من تنظيم لقاء " النقب 2 " ، فاسرائيل لن تعترف ابدا بمغربية الصحراء .. وهي اهانة ما بعدها اهانة للملك محمد السادس ، ولنظامه الذي بقي خاوي الوفاض .. فاسرائيل والدول الغربية لن يعترفوا ابدا بمغربية الصحراء ، خاصة فقدانهم الثقة في بقاء نظام محمد السادس ، وتصور مجيء نظام اخر يتراوح بين النظام الملكي الديمقراطي ، وبين نظام الجمهورية البرلمانية على الطريقة الايطالية او الفرنسية .. وربما قد يروا التغيير القادم للنظام ، سيكون بيد الاسلام السياسي ، المنظم جيدا ، وقاعدته عريضة ، ويبقى الاوفر حظا بتشكيل الدولة الجديدة . وقد مكن من ترسيخ هذا الفهم ، ضعف الملك الذي اختلط مرضه ، حيث اصبح خارجا عن ما يجري بالدولة ، بغيابه المستمر .. اصبح الجميع يطرح السؤال . من يحكم المغرب ، ومن يحكم في المغرب ؟ .
ان ضعف الملك ومرضه ، وما يتم ترويجه عنه وعن نظامه ، وسائل الاعلام الدولية ، خاصة الاسبانية ، والاسرائيلية ، والفرنسية ، والانجليزية ... قد بعث الروح في نظام عسكر الجزائر ، فأعطاه ثقة عمياء بقرب نهاية محمد السادس ، وزادت الازمة الاقتصادية والاجتماعية من تفعيل مصداقية هذه الاطروحة ، التي اعطت للنظام الجزائري ثقة في النفس ، دفعته الى تعويض ضعفه قبل ضعف النظام المخزني ، باطلاق الشعارات الرنانة والغير مسؤولة ، وبلغت الحقارة حين استدعت قنوات جزائرية ( معارضين ) مغاربة لا يمثلون شيئا وسط المجتمع ، فقط يرددون كالببغوات النظام الجمهوري ، ورغم قلتهم ، سنجد الاعلام الجزائري يهب لدعوة المغاربة للنزول الى الشارع لقب النظام الملكي ، وللاسف لم ينزل احد من المغاربة الى الشارع ، بل تخلف عن النزول بعض الاشخاص الذين كانوا وراء دعوة النزول .. فوجد الاعلام الجزائري والمخابرات الجزائرية نفسهم في موقع مخجل ، عندما تعاملوا مع اشخاص اعلاميا ، لا علاقة لهم بالمعارضة ، لان هذه غير موجودة اصلا خارج المغرب ..
فالوقت بالنسبة للعسكر الجزائري ، اضحى مواتيا ومساعدا للعمل على اسقاط النظام ، ولو باشعال حرب ضمنوا ربحها بفرط سرعة ، بحيث من جهة ستنجح مؤامرة فصل الصحراء ، ومن جهة سيسبب بتر الصحراء السقوط المدوي للنظام المغربي المخزني في اقل من 24 ساعة .. وسيصبح النظام الجديد مع الجمهورية الصحراوية ، بيد النظام العسكري الجزائري .
ومرة اخرى وقبل الخلاصة . ان نشوب اية حرب ، باستثناء الاستفزازات ، وما تقوم به الجبهة منذ 13 نونبر 2020 ، هو مجرد استفزاز ، يجعل امر نشوب الحرب مستبعدا ، لانها لن تخدم النظام الجزائري في شيء . بل ستؤدي الى المزيد من التأزيم ، سواء من جانب نزاع الصحراء الغربية الذي سيصاب بالنسيان ، بسبب ظروف الحرب بين النظامين المخزني المغربي ونظام العسكر الجزائري ، فتطفو قضية الحرب ، على قضية الصحراء ، وقد تتجرجر لسنين طالما ان الحرب تكون قد دمرت الجميع ، وطالما ان امر توقيف الحرب سيكون بيد " الناتو " ، وبالضبط بيد واشنطن ، باريس ، وتل أبيب . وبما ان الحرب ستَسرّ هؤلاء ، فتوقيف الحرب لن يكون سهلا ، لانه سيكون متحكما فيه من قبل دول لن يرتاح لهم ( ضمير ) والاّ والمنطقة مخربة الخراب الكبير ، على شاكلة الحرب الايرانية العراقية في القرن الماضي .
ان من يدعو ويشجع على الحرب ، هو مجرم يخدم مخططات الدول التي تنتظر التفجير العام بالمنطقة ، لتغيير الخرائط والجغرافية ، والقضاء على شعوب ، واخراج شعوب اخرى الى الواجهة باسم المبادء العامة للامم المتحدة ، كالحق في تقرير مصير الشعوب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة