الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مومس

عماد الطيب
كاتب

2023 / 7 / 15
الصحافة والاعلام


كنت اعمل بصحيفة .. وكان مدير التحرير لتلك الصحيفة . حاد المزاج . فهو ان اراد موضوعا صحفيا يجب ان يعمل مهما كانت حساسية الموضوع وهذا ديدن العمل الصحفي والمهنية .وفي احدى المرات تم تكليفنا بعمل تحقيق صحفي عن البغاء .انا وزميل لي الذي تحمس للموضوع ولكني انا اعترضت على اختياري وطلبت منه اعفائي من هكذا مواضيع لكن اصراره والثناء على مقدرتي على عمل هكذا موضوع استسلمت للأمر الواقع وجعلني في نهاية المقابلة معه اوافق على مضض .. فوضعنا الخطة والمحاور انا وزميلي قبل الانطلاق الى اماكن خاصة بالبغاء في منطقة معينة في بغداد . ونعلم ان الامر شديد الصعوبة .. كونه لم نكون يوما من الايام زبائن لتلك الاماكن وليس لنا تجربة لكي نعرف خفايا هذا العالم المبهم لدينا . ومرتاد هذا العالم هم فئة معينة من الشباب الطائش الذي تسوقه غريزته الجنسية لاقذر الاماكن ولا يأبه للنتائج الصحية التي تصيبه جراء هكذا عملية وخاصة وهؤلاء يكررون ارتياد تلك الاماكن بأستمرار ..اما نحن كنا نخشى الدخول بفروع تلك الاماكن وشوارعها لانها مرتع للعصابات ونسمع دائما عن عمليات التسليب .. كان الخوف رفيقنا الثالث في عملنا هذا .. سألنا احد المارة في مكان فيه مومس اشار الى بيت قديم .. صعدنا سلالم الدار وقبل انتهاءنا من الوصول الى الطابق الآخر صادفتنا امرأة تقارب الخمسين من العمر يبدو عليها الخبرة في مجال عملها وتشرف على عدد من فتيات الهوى .. بادرتنا في اول كلامها عن دفع المبلغ قبل الدخول . وهنا بان علينا الحرج .. ولكن ادركنا المأزق وقلنا لها سنعطيك ضعف المبلغ دون الدخول الى الغرف المخصصة للعمليات الكبرى .. ولكن بشرط ان تجيبي على اسئلتنا . ظهرت عليها علامات الصدمة على وجهها التي تأكل بفعل الزمن وهذا العمل جراء طلبنا الجريء بمفهومها هذا واخذها الروع منا واعتقدت اننا من الشرطة او الامن او ماشابه . ولكن هدأنا روعها و قلنا لها نحن طلبة باحثين ونريد نكتب بحثا عن هذه الاماكن فقط واخرجنا بطاقتنا الشخصية وهزت رأسها الذي امتلأ شيبا اخفته بالاصباغ بالموافقة . وعلى يقين تام انها لم تعرف القراءة من طريقة تفحصها للبطاقات . وليس بطاقات طلبة .. كانت اسئلتنا كثيرة لاصطياد اكبر قدر من المعلومات . ولكن الذي صدمني ان تلك المرأة الكبيرة بالسن لها فلسفة لم تخطر على بال كبار الفلاسفة .. من ضمن اجاباتها قالت ان المجتمع يحرم عملنا ويحاسبنا عليه ولكن في الوقت نفسه لاينصفنا بالاجور لاسيما وان الفتاة المومس تدفع كل ساعة اغلى مالديها . وان الشرف في مجتمعنا ينحصر في الجنس والجسد فحسب وغير ذلك من التسميات الاخرى وضربت امثلة عديدة وقالت ان السياسي حين يسرق مليارات الدولارات تحرسه الحكومة وتساعده في اخراج امواله للخارج . وهذا الامر اشد دناءة من عمل المومس ويعد بلاشرف .. فمن يسرق بلده من اجل بلد آخر انسان منحط وغير شريف . والتاجر حين يجتهد بخداع المشتري ببضاعة يعد فهلوة وتجارة وهو في صميم عمله عديم الشرف وكذلك الطبيب وغيره وظلت تعدد اشكال وانواع ممن ضيعوا شرفهم اضعاف مضاعفة حتى كدنا نقبل ايديها من قناعتنا مما تقوله . والمومس بهكذا قياس فهي شريفة ووفق هذا المنظور فهي تجلب المتعة ليس الا .. ولاتضر اي احد بل العكس انها مهنة تجلب الامراض على المومس في نهاية الامر ولكنها لم تهدم بلد .. اليس المومس اشرف من كثير من الناس . . وانتهى اللقاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في