الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفاق الحكام .. ونفاق الشعوب

أحمد فاروق عباس

2023 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


نفاق السلطة لم يعد مجلبة للفوائد أو المغانم ، على العكس أصبح مجلبة للاتهامات ، ومع أن لكل حكم فى الدنيا مؤيديه المقتنعين به وبما يمثله وله أيضا معارضيه .. إلا فى مصر !!
المفروض الآن فى مصر ألا يكون للحاكم مؤيد ، بل معارض فقط !!
وفى حين ينظر إلى المؤيد - وأتكلم عن المؤيد باقتناع وبلا مصلحة - بأنه منافق أو مطبل بلغة هذه الأيام تخلع على المعارض - حتى لو كان مثالا للجهل أو الغوغائية أو الانتهازية - صفات البطولة والشجاعة والوقوف مع الحق .. والذى هو - طبعا - فى الجانب المقابل للسلطة ..
ومع ذلك .. فكل ذلك مفهوم ، وتم التعود عليه ..
لكن الأخطر من نفاق السلطة أو التطبيل لها هو نفاق الشعب - أو الجموع - والتطبيل لها ..
فمثلا ...
فى الزيادة السكانية .. تجد كثيرون ينافقون الجموع ولا يقولون لها ما يجب قوله بأن ذلك واحدة من كوارث الحياة فى مصر ..
بل تجد من يتكلم عن أن البشر ثروة لابد أن تستغل ، وأن سوء التوزيع هو المشكلة وليس زيادة السكان ..
وانه فى الصين الوضع كذا وكذا ، وفى الهند كيت وكيت !!
ليس فقط فى الزيادة السكانية يتم التطبيل للشعب .. بل فى أخلاقيات العمل !
المصرى بطبعه كسول ولا يحب العمل ، ولديه أعذار الدنيا والآخرة للتهرب منه ، وهو ما لا نجده في بلاد أخرى مثلنا ، وللأسف لا يتم مصارحة الشعب بعيوبه ، على الأقل لبدء طريق اصلاحها .. ولكن الأعذار تأتى مسرعة بأن الشعب مطحون وأنه يعانى وأنه وأنه وأنه ....
كأن ذلك مبرر لتدنى أخلاقيات العمل لدى المصريين وبالتالى قلة انتاجيتهم ..
ناحية ثالثة .. أخلاق الشعب .
كلنا يلمس ما هو عليه أغلب الشعب من أخلاق ..
وأقصد بالأخلاق السلوك الحسن وحسن التعامل ورقة الأقوال والتصرفات .. والجميع يرى أن عكس ذلك هو ما يحدث في الحياة اليومية للمصريين ..
ولا أحد يصارح الشعب بأن اخلاقه العامة أصبحت على غير ما يرام ، بل الأعذار هنا أيضا تأتى سريعا : الناس مطحونة .. الناس غلبانة .... إلخ !
وكأن ذلك أصبح مبررا للبذاءة أو سوء الخلق ..
ناحية رابعة .. الدين !
والشعب المصرى يصف نفسه بأنه متدين بطبعه ، ومظاهر التدين تملأ الأفق المصرى كله ..
ولكن لم يصارح أحد الشعب أن تدينه في بعض الأحيان ينسى الحد الفاصل بين التدين والتطرف ..
وأن كثيرين يذهبون إلى تفسيرات وآراء متشددة ويتركون آراء أخرى أكثر تسامحا ورحمة ..
فى علاقة المسلمين بالمسيحيين مثلا.. ضاع عند كثيرين ذلك الخيط الرفيع من زمن ، وأصبح المصرى المسلم - مثلا - يتحرج من تهنئه أخيه المصرى المسيحى بعيده !!
واذا فرضنا أن مسلما متزوجا من مسيحية فله الحق أن يفعل معها وبها ما يشاء .. إلا أن يهنئها بعيدها !!
وفى غير علاقة المسلم بالمسيحى هناك كثير جدا من مظاهر التطرف - وليس التدين - فى الحياة المصرية ..
ناحية خامسة .. إشارات المرور ، وآداب وسلوكيات قيادة السيارات والمركبات بأنواعها .. وهنا نجد تصرفات في غاية الغرابة ..
ناحية سادسة .. الرشوة لقضاء الحوائج والتى أصبحت من مفردات الحياة فى مصر ..
قد يقول قائل .. ولماذا لا تتدخل الدولة ؟!
لماذا لا تستخدم سلطتها ؟!
لماذا لا تفرض القانون ؟!
والجواب .. واين هى تلك الدولة التى تستطيع مراقبة مواطنيها كلهم وفى كل تصرفاتهم ؟!
وإذا انحرف المسئول عن مراقبة الناس فمن يراقبه ؟!
ومن يراقب من يراقبه ... إلخ .
التدخل الإدارى أو تدخل السلطة لا يأتى بنتيجة إيجابية فى امور السلوك أو الفكر أو الإعتقاد .. بل الأفضل تركها لدرجة تطور الشعب ونضجه ، ووعى مثقفيه وهمتهم ..
الخلاصة ...
السلطة فى النهاية - مهما بقت - فهى زائلة ، أما الشعب فهو خالد وباق ..
والاهم - على الأقل - علاج مشاكل الخالد والباقى جنبا إلى جنب مع مشاكل المؤقت والزائل ..
خلاصة الأمر ..
نفاق الحاكم والتطبيل له مضر .. ولكن نفاق الشعب والتطبيل له أكثر ضررا !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يعلن الاقتراب من مرحلة تفكيك كتيبة حماس في


.. روسيا تتوقع اتفاقية تعاون جديدة مع إيران




.. ترميم مستشفى أصدقاء المريض بعد تدميرها بغزة


.. الأمين العام لعصائب أهل الحق العراقية: دعم واشنطن لإسرائيل ف




.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. مناظرة للمرشحين تناقش السياس