الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الشوارع فى السودان ما لها و ما عليها

عبير سويكت

2023 / 7 / 15
دراسات وابحاث قانونية


عبير المجمر(سويكت)


السودان يشهد الآن حالة تمرد فصيل قوات الدعم السريع المنشقة من القوات المسلحة السودانية ، و قد كانت تلك القوات المتمردة تسمتد شرعيتها من المنظمومة العسكرية ، لكن بعد رفضها الاستجابة لدعوة القائد الاعلى للقوات المسلحة الفريق اول عبدالفتاح البرهان بوضع السلاح أرضًا و تلبية دعوة العفو العام، و بعد فصل قائدها العام محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتى، لم تعد تتمع قوات التمرد بشرعية سودانية.
و أصبحت الأصوات السودانية تُشير الى ان شرعية الدعم السريع الوحيدة مستمدة من جهات خارجية دولية و اقليمية يعمل على تنفيذ أجندتها داخل السودان لفرض حكومة ديكتاتورية بزى مدنى لتنفيذ مشروع أجنبي على حد وصف الشارع السودانى.

و ما زالت المعارك مستمرة بين قوات التمرد، و الجيش السودانى الذى يواصل دستوريًا و قانونيًا القيام بواجبه الدستوري المتمثل فى حماية الوطن و المواطن من تمرد الدعم السريع الهادف للاستيلاء على السلطة، و فرض سيطرته لتنفيذ أجندة خارجية بالتحالف مع جناحه المدنى المتمثل فى قحت بعد فشلها فى حكومتين مدنيتين للرجوع للسلطة عبر الدبابة و البندقية بعد ان فشلت عملية فرضهم حكومة امر واقع عبر الإتفاق الإطارى.

و استنادًا على المعطيات على أرض المعركة، و بالرغم من عملية الكر و الفر، و إستمرار المعارك إلا ان الشارع السودانى ينظر للمعركة على أنها محسومة معتبرًا انه و فى أسوأ الفروض و ان ربح الدعم السريع المعركة فهو خاسر فى نهاية الآمر ، رافعين شعارات "ما فى مليشيا بتحكم دولة" و "الجنجويد ينحل"، مضيفًا انه لا مجال لعودة قحت للسلطة التى فقدت الشرعية و باتت لا تمثل إلا نفسها. و مع علم قوات التمرد أنها ملفوظه من قبل المجتمع السودانى و أحتمالات القبول بها صفرية خاصةً بعد ارتكابها جرائم حرب فى حق المواطن السودانى و تخويفه و ترويعه و تشريده و اضطهاده، و اغتصاب النساء و سلب الممتلكات، و احتلال المنازل السكنية، و القتل نهارًا جهارًا ، إلا ان استمرار هذه المليشيا في القتال بلا تراجع يؤكد على انها تحارب بالوكالة لتنفيذ أجندة خارجية، و لن توقف حرب الوكالة هذه طالما انها مدعومة ماليًا و لوجستيا، و انها مليشيا أجنبية بنسبة تفوق ال 60٪ تسترزق فى الحروبات بالوكالة و تاريخها فى حرب اليمن خير دليل، و طالما ان المجتمع الدولي يرفض ان يدين جرائمها و يرفض ان يطالبها بصورة رسمية بالتوقف عن الحرب فهذا بمثابة الضوء الأخضر لها فى الاستمرارية في قتل المدنيين السودانيين .

كما يتساءل الشارع السودانى: كيف توازن بعض المحاور الدولية و الاقليمية بين الفصيل المتمرد و الجيش السودانى الذى يقوم بواجبه الدستورى و القانوني فى ردع قوات التمرد التى تقود حرب شوارع داخل الاحياء السكنية، و تتخذ المواطنين دروعًا بشرية، و تحتل منازلهم ، و تتواجد فى المنشآت المجتمعية فى المستشفيات و دُور العبادة…الخ، و تختطف الكوادر الطبية لمعالجة جرحى الدعم السريع و مصابيه، كما تتخذ من المنازل السكنية و المستشفيات مخازن لوجستية، وتجعل من أسطح البيوت منصات لاطلاق النار و التقنيص، و ترفض ان تخرج للميدان بعيدًا عن التجمعات السكنية و مواجهة الجيش وجهًا لوجه. مما يجعل مهمة الجيش صعبة للغاية و حساسة لانه منظومة مهنية يقاتل وفقًا لقوانين و ركائز و اخلاقيات المنظمة العسكرية، وعليه أخلاقياً لا يمكن ان يخاطر بأرواح المواطنين ، الآمر الذى جعله يعتمد بشكل كبير على سلاح الطيران بدلًا من المشاة حتى يستهدف بحرفيه مناطق تجمعات الدعم السريع المتمردة و يقلل من مخاطر وقوع خسائر بشرية بين المدنيين فى تلك المناطق السكنية التى يرفض الدعم السريع مغادرتها.

فى الوقت الذي تردد فيه بعض القوى الدولية نداءاتها بوقف الحرب بين "طرفي النزاع" على حد وصفها ، مما يترك تساؤلات كثيرة فى ذهن المواطن السودانى حول منطقية النداءات!!! قائلين بأنه اذا أردت ان تطاع فأطلب ما يستطاع، و حتى تضمن إحتمالية تنفيذ نداءاتك فيجب ان تكون منطقية عقلانية فى المقام الأول ، بينما ما يحدث الان فعليًا فى السودان هو إستمرارية قوات متمردة فى حرب تتخذ فيها المواطنين دروعًا بشرية و تقتحم منازلهم السكنية منتهكة المواطن فى عرضه و ماله و نفسه، و من جانبه الجيش يقاوم عملية التعدى هذه بقدر المستطاع، و يدافع عن المواطن و الوطن دستوريًا و قانونيًا ، و متى توقفت قوات التمرد عن الحرب المعتدية و خرجت من المناطق السكنية و المنشآت المجتمعية و تركت السلاح أرضًا من جانبه الجيش سيتوقف عن القيام بواجبه الدستورى و القانوني فى ردع قوات التمرد المعتدية على المواطن و الوطن و الدفاع عن النفس المكفول قانونيًا .

و فى ظل زعم الدعم السريع قتاله من اجل ان ياتى بالمدنية ، يتساءل المدنيين السودانين هل المدنية تكون عبر قتل المدنيين و اتخاذهم دروع بشرية؟ و هل المدنية تكون عبر الدبابات و البنادق ام لها قنوات رسمية شرعية معروفة لدى جميع المدنيين؟ و السؤال الأهم بإسم من تتحدث قوات التمرد؟ و من فوضها بالحديث أصالةً و نيابةً عن الشعب السودانى و عن خياراته و مطالبه؟ و باى تفويض رسمى؟ و باى شرعية؟ و قد بات واضحًا ان قوات التمرد تخوض حرب مستخدمة القوة لفرض سيطرتها و الاستيلاء على السلطة، عبر حرب شوارع و المعروف عن هذا النوع من الحروب انها طويلة الامد و عالية التكلفة ماليًا و بشريًا و مرهقة للجيش المهنى، مخلفةً وراءها خسائر بشرية و مادية عالية، تكدس الجثث و النفايات التى تنذر بكارثة صحية، حديث قوات الدعم السريع المتمردة عن مناطق محررة تنسبها لنفسها فى محاولة منها لإثبات استيلائها على مناطق معينة بالقوة لفرض سيطرتها، من جهته الجيش السودانى يبذل قصارى جهده للحفاظ على سيادة الدولة، على مؤسساتها، و على البنية التحتية و ممتلكاتها، و كذلك الحفاظ على النظام الداخلي.

بينما ترمى قوات التمرد على السيطرة على الموارد الطبيعية و المعدنية فقد عُرفت بنهب الذهب فى مناطق العبيدية و جبل عامر و مناطق أخرى ، و تحاول حتى السيطرة على المعابر و الممرات مدعيه انها تقوم بحملات تفتيش تقوم فيها بسرقة ما خف وزنه وثقلت قيمته و غلا ثمنه، و حتى تضمن مرور سلاسل الإمدادات اللوجستية المهربة لها من ذخائر و سلاح و أموال، كما تحاول السيطرة على الطرق التجارية البرية و الجوية و ما كان توجهها فى بداية اعلانها التمرد و الحرب نحو مطار مروى فى شمال السودان إلا بغرض فرض سيطرتها استراتيجيًا على المصالح الاقتصادية و الموارد و الثروات الأخرى لمصالحها الخاصة، فى الوقت الذى يحاول فيه الجيش السودانى حماية المصالح العامة للبلاد و الخاصة للمواطنين المدنيين .

كما ان قوات الدعم السريع نقلت حربها لمناطق حساسة كدارفور و مناطق الهامش بطريقة قبلية، عملت فيها على الاستقطابات الاجتماعية بطريقة عرقية لتحقيق مخططها الأكبر المتمثل فى مملكة آل دقلو بإمارة محمد حمدان دقلو الملقب بي الأمير، حتى تشمل القبائل العربية فى النيجر، مالى، إفريقيا الوسطى، تشاد ، السودان، و بدات عملية الاستقطاب القبلية فعلًا فى دارفور حيث أعلنت مجموعة من القبائل العربية في دارفور فى الخامس من يوليو تقريبًا تأييدها القبلى لمليشيا الدعم السريع على حساب القبائل الافريقية ، و ان كانت قد تراجعت تلك القبائل الى حد ما عن موقفها، بعد ان فاحت الرائحة الكريهة النتنه لجرائم الدعم السريع ضد الإنسانية و العثور على جثث و مقابر جماعية فى دارفور، و مطالبة السودانيين المحكمة الجنائية الدولية بتوسيع نطاق تحقيقاتها لتشمل جميع المناطق التي في ولاية غرب دارفور و مختلف مناطق السودان بما فى ذلك الخرطوم العاصمة ، بالإضافة لتصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، و إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بأهمية المساءلة مشيرًا الى إن العالم يراقب، الأمر الذى جعل العديد من القبائل العربية فى دارفور تراجع قرار دعمها لقوات الدعم السريع المتمردة و تتنصل من مساندتها، حتى وجدت تلك القوات المتمردة نفسها وحيدة أمام مساءلة قانونية و إنسانية.

إضافةً الى ان تمرد الدعم السريع و حرب الشوارع التى يقودها داخل الاحياء السكنية عملت بشكل كبير على تفشي الجريمة و العنف وسط المجتمع السودانى، و شجعت على ظهور عصابات اجرامية متخصصة فى السرقة و النهب و القتل، و إنتشار السلاح، و ظهور الجرائم المنظمة خاصةً فى المناطق الطرفية من الخرطوم العاصمة، كما إتُهمت قوات الدعم السريع و صوبت لها عصا الاتهام بفتح الممرات و المعابر و الطرق لتهريب و نشر المخدرات.

علاوةً على الخسائر فى الأرواح، و ضرب النسيج المجتمعي بالاستقطابات القبلية، و تشريد المواطنين و النزوح الجماعى لدول الجوار و الاقاليم التى تنعدم فيها الخدمات الاجتماعية الاساسية من كهرباء و ماء و علاج، و نهب ممتلكات المواطنين المدنيين الخاصة، و تدمير الممتلكات العامة، و استهداف البنية التحتية و الجسور و الكباري المهمة، و المنشآت المجتمعية و مختلف مناطق الخدمات العامة، مما يؤكد على ان حالة التمرد هذه و حرب الشوارع إضافةً لتسببها فى انعدام الامن و الاستقرار العام، اثرت على منشآت الدولة و بنيتها التحتية و على مستقبل التنمية فيها.
فى الوقت الذى ترفض فيه مليشيا التمرد التنازل عن هدفها فى فرض سيطرتها بهدف ممارسة سلطتها ونفوذها للاستيلاء على السلطة تحت عباءة المدنية عبر الدبابة و البندقية و الترويع و التقتيل و الاغتصابات و النهب و السلب.

و جميع هذه الأسباب مجتمعة تجعل وقف حرب الشوارع هذه فى السودان حاجه ماسة لعودة الأمن و الأمان المجتمعي فى السودان وتعزيز السلام و الاستقرار .
فلابد من حلول عاجلة بعيدا عن التدخلات الاجنبية التى هى اكبر مهدد لآمن و استقرار السودان. فوفقًا لمبادئ الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD) ، كمنظمة إقليمية تتكون من دول شرق إفريقيا ، لا يحق لأي دولة عضو فرض القوة الاحتياطية على شرق إفريقيا (EASF) على دولة مجاورة أخرى ذات سيادة دون موافقتها.

و نواصل للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش




.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر


.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..




.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟