الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكانة المؤامراتية من المستقبليات [الجزءالسابع والأخير]: وفى الختام نقرأ ل - إدوارد سنودن-

محمد رؤوف حامد

2023 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


نظن أنه من المفيد، ختاما للطرح الحالى، الإشارة الى مقال لإدوارد سنودن كانت الجارديان البريطانية قد نشرته فى صفحة الرأى عام 2021 ( ).
المقال يحمل عنوانا ربما تكون له دلالاته بشأن المعرفة العلمية المطلوبة بخصوص المؤامراتية. العنوان يأتى (حرفيا) كالتالى:
["لماذا تزدهر نظريات المؤامرة؟ .. لأن الحقيقة أصعب من أن يجرى تناولها"].
▪ ▪ ▪ ▪
بداية، وقبل التطرق الى مقال سنودن، يمكن القول أنه نتيجة لتوجه كل منهما، "جوليان لاسانج" و"إدوارد سنودن"، لمقاومة المؤامرتيات العالمية/العولمية الشرسة، فإن كلاهما يقبع الآن محتجزا عن العالم (أو سجينا) فى مكان ضيق، فى سجن، حتى لوكان بحجم دولة (كما صارت الظروف اضطرارية بالنسبة لبقاء سنودن فى روسيا). ذلك بينما، بالتوازى، تنتعش هيمنة المؤامرات فى الكثير من السياسات العالمية السائدة، وفى معظم البلدان.

فى هذا الصدد، يمكن وصف شبكة التآمريات العالمية، التى إتجه كل من "لاسانج" و"سنودن" الى الكشف عنها من أجل مقاومتها، بأنها "مؤامرات سوبر" فى بنيتها، أى من نوع Super conspiracy theories ، وفقا لتصنيفات نظريات المؤامرة المشار إليه أعلاه (فى الجزء الثالث من هذه الدراسة).
بمعنى آخر قد تكون المعاناة السوبر (فى شراستها) التى يعيشها المحتجزان المقاومان للمؤامراتية ("لاسانج" و"سنودن") بعيدا عن العالم هى المقابل للمؤامرات السوبر.
ولمجرد التذكرة، تجدر الإشارة - الموجزة جدا- الى سبب غضب السلطات العالمية/العولمية (وأتباعها) على كليهما، "لاسانج" و "سنودن".
فى حالة سنودن يكمن السبب فيما اضطر للقيام به من فضح لبرنامج التجسس الحكومى الأمريكى Mass Surveillance ،والذى يُجرَى بواسطة هيئة الأمن القومى الأمريكية NSA على كافة الآخرين (بمعنى كافة الناس والكيانات) فى العالم بأسره. هذا البرنامج يمثل - من وجهة نظر سنودن- تهديدا حقيقيا للديمقراطية.
أما فى حالة لاسانج فتعود الحرب عليه، وعلى وجه الخصوص من جانب الإدارة الأمريكية، الى تأسيسه لويكيليكس Wikileaks ، والتى تتيح، لعموم الناس، الوثائق السرية التى تحرص الحكومات (وغيرها من كيانات متآلفة معها) على الحفاظ على سريتها لعدة عقود تالية، مما يلغى تماما القدرة على مقاومة ماقد تحتوى عليه هذه الوثائق من اجراءات وعلاقات سرية (ومؤامراتيات) تستحق الرصد والإدانة والمحاكمة.
هنا تجدر الإشارة الى أن كل منهما (لاسانج وسنودن) قد مُنح "جائزة سام آدمز" The Sam Adams Award، والتى تُمنح سنويا من رابطة مشهورة، مكونة من عاملين سابقين بوكالة المخابرات الأمريكية، ممن يعتقدون بوجوبية الإلتزام بالنزاهة Integrity والأخلاق Ethics فيما يتعلق بمهام وأعمال الإستخبار. هذا، ومن الثابت أن لهذه الجائزة، منذ إنشاءها (2002)، صدقية عالمية كبيرة، حيث قد مُنحت لأصحاب ممارسات كانت تكشف سوء تصرفات الحكومات تجاه الآخرين، بلادا وشعوبا وأفرادا، مثلما كان عليه الحال فى الحرب الأمريكية على فيتنام،وعلى العراق، وكذلك الأوضاع بخصوص ما عرف بفضيحة أبوغريب، وبممارسات للبنتاجون فى بعض الحروب، ..الخ.
▪ ▪ ▪ ▪
وأما عن الحسم الموضوعى بخصوص الإتهامات الموجهة لكليهما ("لاسانج" و"سنودن") فإنه، من الناحية العملية، يحتاج الى محكمة عالمية عالية المقام فى موضوعيتها، وفى شفافيتها، وكذلك فى إنسانيتها، الأمر الذى يستحيل(أو يكاد يستحيل) تحققه فى ظل الأوضاع العالمية الراهنة، بما تتضمنه من انحرافات وهيمنة لفكر القوة ، مع تدنى لقوة الفكر وللقيم الإنسانية العظمى. إنه أمر يحتاج من المفكرين الى ثورة ( ).
▪ ▪ ▪ ▪
لذا، يُحمد لجريدة الجارديان نشرها لمقال "سنودن"، والذى يتميز بصدوره من منصة معاناة متفردة فى عمقها، يحملها شخص يعتقد بأن عليه (أو كان عليه) مواجهة التآمريات.

هنا تأتى الأهمية الكبيرة لمقال "سنودن" وللعبارات التى وردت فيه، والتى نشير الى بعضها فيما يلى:
● "هذه هى مشكلتنا: المؤامرات الأكثر حقيقة تُقابل بأقل مجابهة".
● "المؤامرات التى اكتسبت أكثر انتباه ممكن كانت هى التى ثبت زيفها".
● "نحن نتحدث عن نظريات المؤامرة لكى نتجنب التحدث عن الممارسات التآمرية".
● "مؤامرة زائفة، مثل امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، تؤسس لمؤامرة حقيقية (مثل غزو العراق)".
● "فقط بالتعامل مع المؤامرات، ليس بمخططات وجداول ولكن بميكانيزمات من أجل تنظيم ماجرى لخبطته (أو عشؤته)، يمكننا فهم كيف أنهم بجذرية رهيبة إقتلعوا مفاهيم الحقوق والحريات كأساليب مميزه للمواطن الديمقراطى".
▪ ▪ ▪ ▪
وهكذا، وكخلاصة إجمالية للدراسة الحالية، المؤامراتيات حقيقة واقعية، ودائما تأتى من علٍ (أى من فوق).
▪ ▪ ▪ ▪
أما عن مواجهة المؤامراتيات ففى أحيان كثيرة، إن لم يكن فى معظم الأحيان، تكون للمواجهة طبيعة "تقليدية" فردية فدائية، الأمر الذى يعكس عجز فى استراتيجيات ومسارات المواجهة، ويساعد فى استمرارية تصاعد المؤامرات واستفحالها.
صحيح أن مقاومة المؤامرات تمثل مسار نضالى عظيم، غير أن هذه المقاومة تكون أكثر إمكانا - فى أرض الواقع- بالتزاوج بين "النضالية" و"المعرفة".
هذا التزاوج يبنى التراكم للخبرات، ويجعل من المقاومة عمل سياسى جماعى مسؤل وطويل المدى.
من هنا تتبلور الحاجة الى نشأة "علم يختص بالدراسات المنهجية للمؤامراتيات"، وكما جاء فى الجزء السادس أعلاه. عندها تكون المعرفة العلمية منصة لمسارات نضالية أطول استدامة وأكثر فعالية وأعمق تأثيرا، عالميا ومحليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم