الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثامن والعشرون، بتاريخ الخامس عشر من تَمُّوز/يوليو 2023

الطاهر المعز

2023 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


يفتتح العدد الثامن والعشرون من نشرة "مُتابعات" الأسبوعية بسؤال عن أهمية الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة للواقع اليومي للسكان، يلي ذلك فقرة مُستوحاة من تقرير أصدرته خمس منظمات تابعة للأمم المتحدة حول الفقر المدقع والجوع في العالم، تليها فقرة عن ارتفاع ثروات الأثرياء وتعميق الفجوة بين الأثرياء (بفعل السياسات الحكومية والدّعم من المال العام) والفُقراء في العالم وفي داخل كل بلد، وفقرة عن انخفاض أسعار الغذاء في أسواق الجملة العالمية، مع ارتفاعها في الأسواق المحلية، لأن "اليد الخفية" التي ادّعى أدم سميث إنها تُعدّل السوق، منحازة إلى الأثرياء، ومناهضة للفقراء، وفقرة عن شركة "فايزر" الأمريكية، أكبر شركة عالمية لصناعة وبيع الأدوية، كنموذج للفساد والغش لتعظيم الأرباح، وفقرة عن الإرتفاع الطفيف في احتياطي النقد الأجنبي بالمصرف المركزي التونسي، بفضل تحويلات العمال المهاجرين أساسًا والسياحة بشكل ثانوي، في غياب أو ضُعْف إيرادات الصّادرات والإستثمارات الأجنبية، وتلي هذه الفقرة بعض الأخبار عن موسم الحج ( السياحة الدّينية) ومكانته في اقتصاد السعودية وفي دعايتها السياسية والإيديولوجية، وسبق أن احتوى عدد سابق من النشرة على فقرة بخصوص السياحة الدينية بالسعودية، وكذلك فقرة عن اصطفاف حُكام الخليج وراء الكيان الصهيوني عبر التطبيع الإقتصادي والتجاري...
في باب الحرب الإقتصادية والتجارية بين العملاقَيْن الرأسمالِيّيْن، احتوى هذا العدد على فقرة بخصوص قمة منظمة شنغهاي للتعاون (04 تموز/يوليو 2023 بالهند) وانظام إيران رسميا، وفقرة بعنوان "الصراع على إنتاج وتجارة الرقائق"، وتُبَيِّن الفقرة أهمية السيطرة على استخراج وصناعة وتجارة المعادن النادرة التي تحتاجها جميع تجهيزات التكنولوجية المتطورة، وتختتم النشرة بفقرة عن نموذجَيْن من جرائم الإمبريالية الأمريكية، أحدهما في لاوس، بجنوب شرقي آسيا وثانيهما في أوكرانيا بقارة أوروبا، والخلفيات التاريخية لتغلغل النازية ثم وكالة الإستخبارات الأمريكية في أوكرانيا، منذ عُقُود...

ما أهمية حجم الناتج المحلي الإجمالي؟
تحتل الولايات المتحدة المرتبة الإقتصادية الأولى في العالم بقياس حجم الناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ 23 تريليون دولارا، تليها الصين ب17,7 تريليون دولارا، غير أن الناتج المحلي الإجمالي هو مُجرّد رقم أو مِقْياس كمِّي يضم جميع ما ينتج في البلاد، في فترة مُعينة (شهر أو رُبع سنة أو سنة كاملة...) من سلع وخدمات، ولا يعكس العديد من الحقائق والوقائع، ففي الولايات المتحدة يُساهم الإستثمار الأجنبي المباشر (الأموال القادمة من الخارج، بواسطة الشركات العابرة للقارات أو المُستثمرين أو المُضاربين في البورصة أو المتهربين من الضرائب ...) ومن التجارة، ومنها تجارة التكنولوجيا والأسلحة، ويتّسم المجتمع الأمريكي باتساع قياسي للفَجْوة الطبقية وبانهيار البنية التحتية ( خصوصًا في المناطق المُعرّضة للعواصف والأعاصير) وبارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، بسبب غياب القطاع العام، والتّأمين، وبذلك يُساهم ارتفاع الإنفاق الإجباري للمواطنين في مجالات الرعاية الصحية والتّعليم والتّأمين والسّكن وتقنية المعلومات بأكبر قسط في نمو الإقتصاد الأمريكي، ما يُساهم في اهتراء دخل المواطن، كما تخلو قوانين العمل بالولايات المتحدة من الحق القانوني في إجازةِ أمومةٍ أو إجازةِ مَرضٍ مدفوعةِ الأجر، خلافا لمعظم دول العالم، ولذا فإن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لبلدٍ مَا، لا يعني البتّة تحسّن مستوى عيش العاملين (مُنْتِجِي الثروات) أو الأُسَر، بل وجب التّدقيق في العديد من البيانات الأخرى (إن كانت متوفِّرة) ومن بينها متوسط العمر بصحة جيدة، ومعدلات الوفيات للأطفال والنساء، وجودة التعليم المجاني والرعاية الصحية المجانية ( وهي غير متوفرة بالولايات المتحدة) والوظائف اللائقة برواتب وظروف عمل طيبة، والسكن اللائق بإيجار يُلائم الدّخل، والغذاء الصحي المتوازن والنقل العمومي، وجودة الهواء والمياه والبيئة الخالية من التلوث وما إلى ذلك من شروط الحياة اللائقة...
ما فَتِئَ متوسطُ العُمرِ المتوقع بالولايات المتحدة ينخفض منذ سنة 1980 (بداية رئاسة رونالد ريغن وبرامجه النيوليبرالية) فهو أقل من دول الإتحاد الأوروبي ومن متوسط العمر بمنظمة التجارة والتنمية، وأقل من متوسط العمر المتوقع بالعديد من البلدان الفقيرة، ربما بسبب انتشار الأسلحة والنظام الغذائي غير الصحي وارتفاع أسعار خدمات الرعاية الصحية والتأمين الإجتماعي...
من مظاهر الفقر المدقع في العالم
ارتفع عدد الفُقراء الذين يُعانون من الجوع ( درجة متقدّمة جدًّا من الفقر) من 735 مليون شخص سنة 2019 إلى 783 مليون شخصا سنة 2022، بزيادة 122 مليون جائع وفق تقرير مشترك نشرته خمس منظمات تابعة الأمم المتحدة يوم 12 تموز/يوليو 2023 بعنوان "تقرير عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم" بسبب الجائحة والتغيرات المناخية والبيئية وبسبب الصراعات، وإذا استمر هذا الاتجاه فلن يتحقق هدف التنمية المستدامة المتمثل في القضاء على الجوع بحلول عام 2030.
انخفض الجوع في آسيا وأمريكا الجنوبية، لكنه زاد في غرب آسيا ( من ضمنها سوريا ولبنان وفلسطين) ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا حيث يعاني 20% من سكان القارة من الجوع في هذه القارة، أي أكثر من ضعف المتوسط العالمي.
يقول التقرير أن حوالي 29,6% من سكان العالم، أو 2,4 مليار شخص لم يحصلوا على الغذاء بشكل ثابت، منهم 900 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، سنة 2022، ولا يستطيع أكثر من 3,1 مليار شخص، أو 42% من سكان العالم، تحمل تكاليف نظام غذائي صحي سنة 2021. ويمثل هذا زيادة قدرها 134 مليون مقارنة بالعام 2019. بالإضافة إلى ذلك، يعاني 22,3% من الأطفال دون سن الخامسة (148 مليون طفل) من التقزم بسبب سوء التغذية، سنة 2022
يذكر التقرير إن سوء التغذية يهدد البقاء والنمو وتنمية الأطفال الذين لا يستطيعون الحصول على أغذية مغذية وبأسعار معقولة، ويوصي مُعِدُّو التقرير "بالاستثمارات والإرادة السياسية اللازمة للقضاء على الجوع ومن أجل تعزيز الأمن الغذائي والتغذية بشكل فعال... يجب أن يستفيد صغار الفلاحين من الاستثمارات لمساعدتهم على التكيف مع تغير المناخ والوصول إلى المدخلات والتقنيات والحصول على التمويل لإنشاء الأعمال التجارية الزراعية الصغيرة، وبذلك يمكن لصغار المنتجين إنتاج المزيد من الغذاء وتنويع الإنتاج وتزويد الأسواق الحضرية والريفية على حد سواء وتزويد المدن والمناطق الريفية بالأغذية المغذية المنتجة محليًا، إذا تم منحهم الدعم الكافي..." بحسب التقرير

من أين لهم هذا؟
انخفض دخل العُمّال والأُجَراء وصغار الفلاّحين والحرفيين منذ أزمة 2008/2009، بسبب "الأزمة" والتّقشّف أو بسبب ارتفاع أسعار الفائدة على القروض أو "التضخم"، وفي نفس الفترة نهبت معظم الحكومات المال العام لتمنحه بفائدة صِفْرِيّة للمصارف والشركات الكبرى والأثرياء، في شكل قروض بدون فائدة أو بفائدة قريبة من الصّفر، وفي شكل إعفاءات أو تخفيضات ضريبية وحوافز مالية، ما رَفَعَ ثروة أثرى الأثرياء بشكل قياسي استثنائي، خصوصًا منذ منتصف سنة 2020، سنة "وباء كوفيد وضخ المال العام بلا حدود للأثرياء) فيما يتواصل انخفاض قيمة دَخل فئات الكادحين الذي يُقاوم بعضُهُم (من الأُجَراء) في الدّول الرأسمالية المتطورة، منها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا...
نشرت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية يوم الإثنين 03 تموز/يوليو 2023 خبرًا عن ارتفاع ثروة 2640 من أثرى الأثرياء بنحو 852 مليار دولارا، خلال النصف الأول من سنة 2023، أي بزيادة 14 مليون دولارا في اليوم الواحد لكل منهم، خلال الأشهر الست الماضية، كما ارتفعت مُؤشرات بورصة نيويورك الرئيسية الثلاث بنحو 70% بين آذار/مارس 2020 (بداية الإغلاق والحَجْر الصّحّي، وتدفق المال العام نحو الأثرياء) وآذار/مارس 2023، وارتفع – خلال النصف الأول من سنة 2023 - مؤشر S&P 500 بنسبة 16% ومؤشر ناسداك 100 بنسبة 39%، بينما يعاني 1,4 مليار شخص من نقص الغذاء بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القيمة الحقيقية لدّخل الأجراء والكادحين والفقراء، حيث يعيش 47% من سكّان العالم ب6,25 دولارا في اليوم ...
تضاعفت ثروة الأثرياء خلال العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين واستحوذ أغنى 1% من الناس على حوالي نصف ما أُضِيفَ إلى الثروة العالمية، وقَدَّرَ التقرير الذي أصْدَرَتْهُ منظمة "أوكسفام" قبل اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انطلق يوم 17 كانون الثاني/يناير 2023 الثروة المُضافة بين سنتي 2020 و 2022، بنحو 42 تريليون دولارا، يستحوذ 1% من سكان العالم على نَحْوِ ثُلُثَيْ هذه الثروة وبلغت زيادة ثروة الأثرياء، بين سنَتَيْ 2020 و2022 ضِعْفَ ما اكتسبته 99% من البشرية، وبذلك ارتفعت ثروة أثرياء العالم بنحو 2,7 مليار دولار في اليوم، بينما يُعاني أكثر من 820 مليون شخص من الجوع ويحتاج 340 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة من الغذاء ومياه الشّرب والأدوية والمأوى، وكان من الأجدى إنقاذ هؤلاء من الجوع ومن الفقر، بدل تخصيص موارد البلدان لزيادة ثروة الأثرياء وأصحاب الأسهم في المصارف والشركات العابرة للقارات ولزيادة الإنفاق الحربي وتخريب بلدان تبعد آلاف الكيلومترات عن واشنطن أو لندن أو برلين وباريس، بالتوازي مع شنّ حرب طبقية ضد العُمّال والأُجَراء والكادحين والفُقراء في الدّاخل...

غذاء:
يُقدّر إنتاج روسيا من الحبوب بنحو 153 مليون طنا خلال الموسم 2021/2022، وبنحو 155 مليون طنا خلال الموسم الفلاحي الذي بدأ يوم الأول من تموز/يوليو 2022 وانتهى يوم 30 حزيران/يونيو 2023، وبلغ حجم الصادرات 60 مليون طن من الحبوب، منها 47 مليون طنا من القمح، بنهاية العام الزراعي 2022/2023، بحسب صحيفة (كوميرسانت) الروسية (الخميس 06 تموز/يوليو 2023) التي قَدّرت حصة القمح الروسي في السوق العالمية بنحو 13% من الصادرات العالمية، وبلغت مستويات قياسية خلال الموسم الزراعى 2022-2023، وبذلك حافظت روسيا على مكانتها كأكبر مصدر للقمح في العالم، وبلغت قيمة صادراتها الزراعية 41,6 مليار دولارا، رغم الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا، تمكن المصدرون الروس من التغلب على الصعوبات وزيادة مبيعاتهم، مما أدى إلى زيادة الإيرادات، ويعود ذلك إلى دعم الحكومة لقطاع الزراعة ( قُرُوض ودعم تقنيات التّخْزين وخفض الرسوم الجمركية عند التصدير...)، في إطار مخططات الإكتفاء الذاتي الغذائي، لمواجهة تداعيات العقوبات المفروضة على البلاد، والتغلب على تحديات مثل الضمانات المصرفية وتأجير السفن وتأمينها، ويتوقع وزير الزراعة الروسي أن لا تقل الصادرات عن 55 مليون طنا خلال الموسم الزراعي من 01/07/ 2023 إلى 30/06/2024 مع الإشارة أن روسيا ترفض، منذ سنة 2022 تصدير الحبوب والمحروقات والمعادن إلى دول "غير صديقة"، أي التي دعمت قرارات المقاطعة والحَظْر والعقوبات الأمريكية...
من جهة أخرى تنشر منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة مؤشرًا شهريا لأسعار خمس مجموعات من الغذاء (الحبوب واللحوم والحليب ومشتقاته والزيوت النباتية والسّكّر) وأعلنت المنظمة انخفاض مؤشر الأسعار العالمية بنهاية شهر حزيران/يونيو 2023 إلى أدنى مستوى له منذ شهر نيسان/ابريل 2021، بسبب انخفاض أسعار السكر والزيوت النباتية والحبوب ومنتجات الألبان، وتراجع المؤشر بأكثر 23,4% من أعلى مستوى له في آذار/مارس 2022، عقب بدء الحرب في أوكرانيا، وقدّرت منظمة "فاو" ارتفاع الإنتاج العالمي للحبوب بنحو 1,1% ليبلغ 2,819 مليار طنًّا خلال موسم 2022/2023، لكن أسعار السلع الغذائية ما زالت مرتفعة جدًا في الأسواق الداخلية للدول الأفقر (رغم انخفاضها في أسواق الجملة العالمية بنسبة 23,4% خلال 15 شهرًا)، بل تُعاني العديد من البلدان والفئات الإجتماعية عَجْزًا غذلئيًّا مستمرًّا، وتحتاج 45 دولة إلى مساعدة خارجية لتلبية حاجاتها الغذائية، بحسب منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، وذلك بسبب الأسعار المرتفعة للسلع الغذائية والجفاف والصعوبات الاقتصادية والمالية، مما يؤدي إلى تفاقم الجوع في هذه البلدان الواقعة بشكل أساسي في أفريقيا وآسيا.

الصّحّة تجارة مُربحة، نموذج فايزر: إمبراطورية مَبْنِيّة على فَسَادٍ
تأسّست شركة فايزر (على إسم مؤسسها تشارلز فايزر وزوجته، وهما مهاجران ألمانِيّان) بنيويورك سنة 1849، لإنتاج المركبات الكيميائية والمواد الصيدلانية، بدعم من أفراد العائلة كثيري العدد، وروجت الشركة العديد من المواد الصيدلانية، أهمها "سانتونين" الذي باعته الشركة لفترة سبعة عُقُود قبل اعتراف الشركة باحتوائه مواد سامة (تم الإبلاغ عنها قبل سنوات عديدة) شكلت مخاطر جسيمة على المرضى، كما توسّع نشاط الشركة خلال عشر سنوات، لتصبح سنة 1862 أول شركة أمريكية تنتج حمض الطرطريك وكريم التارتار في البلاد.، ثم انتهزت الشركة فُرصة الحرب الأهلية لتبيع كميات كبيرة من المُسَكِّنَات والمُطَهِّرَات، واليُود والكلوروفورم والمورفين والكافور والزّئبق، لزيادة حجم المبيعات وقيمة الأرباح، بنسبة 100% سنة 1868، قبل إنتاج حامض الستريك الصناعي ( سنة 1880)، الذي تستخدمه شركات صناعة المشروبات (مثل كوككولا) على نطاق واسع، وكانت الحرب العالمية الأولى ( ثم الثانية لاحقًا) فرصة تجارية هامة لشركة فايزر التي تعاقدت مع الحكومة الأمريكية لتوفير الأدوية، وحازت على دعم الدّولة الأمريكية لإنتاج الأدوية والبنسلين، بداية من سنة 1919، من خلال تطوير عملية التخمير الخزان، لتصبح فايزر، سنة 1944، أول شركة تنتج البنسلين بكميات كبيرة، ما ساعدها على زيادة الأرباح والإستثمار في صناعة المضادات الحيوية أكثر ربحية من البنسلين الذي انخفض ثمنه بعد الحرب العالمية الثانية، غير أن الولايات المتحدة لم تَكُفَّ عن شن الحُرُوب العدوانية ( كوريا ثم فيتنام ) وعن دعم المليشيات اليمينية المتطرفة، وبذلك ارتفع الطلب الحكومي الأمريكي، وكذلك الطلب العالمي على المُضادّات الحيوية، منتصف القرن العشرين، لما انتقلت عمليات الشركة من التصنيع الكيميائي الدقيق إلى المستحضرات الصيدلانية القائمة على الأبحاث وابتكار الأدوية، بداية من سنة 1950، باعتماد التوليف في المختبر، وبذلك حصلت على براءات الإختراع بعد تطوير "تراميين" ( Terramycin ) وهو مُضادّ حَيَوِي متعدد الإستخدامات، وتطورت أعمال شركة "فايزر" لتصبح شركة عابرة للقارات، منذ منتصف القرن العشرين، ولها فُرُوع بلجيكا والبرازيل وكندا وكوبا وإنغلترا والمكسيك وبنما وبورتوريكو، واستحوذت على شركات صغيرة عديدة كانت بصدد ابتكار أدوية جديدة أو تطوير أدوية قديمة، وتوسعت لتُسيطر على قطاع "صحة الحيوان"، وأدّى توسّعها إلى تنويع نشاطها من بيع الأدوية إلى العطور والبتروكيماويات ومنتجات الحيوانات الأليفة، كما أدّى هذا التّوسُّع إلى تشكيل "كارتل" مع ست شركات أخرى اتهمتها لجنة التجارة الإتحادية، سنة 1958، ب"عرقلة حرية التجارية بتحديد الأسعار بشكل مرتفع لا يتناسب مع سعر التكلفة، كما وجهت وزارة القضاء الأمريكية، سنة 1961 (ثم سنة 1963) لشركة "فايزر" (و American Cyanamid و Bristol-Myers ) تهمة الاحتكار وفرض أسعار باهظة للغاية واحتكار إنتاج وتوزيع المواد الصيدلانية المُخَدِّرَة وأسعار المُضادّات الحيوية، منذ العام 1953، والتّحايل للحصول على براءة اختراع التتراسيكلين، لكن الشركة كانت قوية وقادرة على إرشاء ذوي النفوذ والخروج من القضايا العديدة بأخف الأضرار، بل ازدادت قوةً ونفوذًا فأنشأت قسم البحوث المركزي في بداية عقد السبعينيات من القرن العشرين، وركّزت على الابتكار وتطوير العقاقير التي تَدُرُّ عليها ما لا يقل عن مليار دولار من الإيرادات سنويًا، لمدة عشرين عامًا ( فترة الإحتكار التي تمنحها براءة الإختراع)، منها عقار فلدن (Feldene ) المضاد للالتهابات الذي أثار كثيرًا من الجدل بشأن نجاعته المشكوك بها، وأدّت أساليب المغالطة والخداع والسيطرة على المؤسسات البحثية وعلى جمعيات المَرْضى، إلى منظمة مراقبة الصحة العامة للمواطنين شكوى وتغريم شركة فايزر بأكبر غرامة جنائية في تاريخ الولايات المتحدة، بسبب التأثيرات السلبية لعقار "فلدن" الذي يُفترض أن يعالج التهاب المفاصل، فخلق مخاطر حدوث نزيف في الجهاز الهضمي بين كبار السن، وتمكنت منظمة مراقبة الصحة العامة للمواطنين من جَمْعِ تقارير عن 2621 حدثًا سلبيًا و 182 حالة وفاة بين المرضى الذين يتناولون الدواء ( نحو 1,75 مليون أمريكي) وطلبت من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية اعتباره "خطرًا وشيكًا على الصحة العامة"، ما أدّى سنة 1995 ( بعد سبعة عشر سنة من الجدل) إلى سحب الدواء من السوق الأمريكية، وفرض حظر كامل على استخدامه لجميع الأعمار، لكن داخل الولايات المتحدة، وواصلت "فايزر" ترويجه وبيعه في بلدان العالم الأخرى، كما انطلقت سنة 1986، شكاوى ضد شركة "فايزر" التي تبيع ( بواسطة فَرْعِها "شيلي" ) صمام القلب الذي لا تتوفر فيه معايير سلامة المرضى، وحصل فرع "شيلي" (التابع لشركة فايزر) على الموافقة على ترويجه بعد تزوير سجِلاّت التّصنيع، ما أدّى إلى وفاة 663 مريضًا نتيجة خلل في الصمامات، وسددت شركة فايزر 215 مليون دولارا، في عملية صُلْح لإنهاء الدعاوى القضائية المتعلقة بأعطال الصمامات، بالإضافة إلى 10,75 مليون دولار لتسوية اتهامات وزارة العدل الأمريكية بأنها كذبت على المنظمين في سعيها للحصول على الموافقة على الصمامات، وما هذه سوى عينة من مجموعة واسعة من الجرائم، مثل التحديد الإحتكاري للأسعار ونقص سلامة العقاقير والرشوة والإعلانات الكاذبة وغير ذلك من القضايا التي خصصت لها الشركة ميزانيات من أرباحها الضخمة، وبدأت منذ عقد التسعينيات من القرن العشرين تجربة الأدوية في بلدان أخرى مثل مصر ونيجيريا والهند وبلدان أمريكا الجنوبية، وأسفرت تجربة مضاد حيوي خطير ( trovafloxacin المعروف باسمه التجاري Trovan) على أطفال في نيجيريا دون الحصول على موافقة الوالدين، عن وفاة 11 طفلاً من بين مائتَيْن، وعانى الباقون على قيد الحياة من آثار جانبية خطيرة تتراوح من فشل الأعضاء إلى تلف الدماغ، ورفعت 31 عائلة نيجيرية سنة 2001 قضية ضد شركة فايزر، بتهمة "عدم احترام معايير التجارب السريرية للأدوية واستخدام الأطفال بمثابة فئران تجارب..." وبعد ثماني سنوات من المعارك القانونية، وافقت فايزر سنة 2009 على دفع 75 مليون دولار لتسوية بعض الدعاوى القضائية التي تم رفعها في المحاكم النيجيرية.
لم تتأثر شركة فايزر كثيرًا، بل لا تزال أكبر شركة عالمية في مجال المختبرات وصناعة العقاقير، وبلغت إيراداتها، 81,3 مليار دولارا، سنة 2021، وبلغت قيمة الأرباح 22 مليار دولار، وأعلنت، بنهاية شهر كانون الثاني/يناير 2023 ارتفاع أرباحها سنة 2022 إلى 100,3 مليار دولارا، وزادت أرباحها بنسبة 43% لتصل إلى 31,3 مليار دولار، وتتوقع الشركة تراجع إيراداتها خلال عام 2023، لتتراوح بين 67 و71 مليار دولار، مع انحسار جائحة كورونا وتراجع الطلب على اللقاحات والأدوية المرتبطة بها، وحققت إيرادات بقيمة 24,3 مليار دولارا خلال الربع الأول من سنة 2023.
من جهة أخرى، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال يوم 17 شباط/فبراير 2023 أن شركة "فايزر" تُجري محادثات للاستحواذ على شركة أدوية السرطان "تكيدا" التي تنتج عقار "أدستريس" (Adcetris ) لعلاج سرطان الغدد الليمفاوية وعقار سرطان الثدي، وتقدّر قيمة الشركة ما بين ثلاثين وأربعين مليار دولارا، وتتوقع "فايزر" انخفاض أرباحها عند انتهاء صلاحية براءات الاختراع لأهم الأدوية، بين 2025 و 2030 وتتوقع أن تبلغ إيرادات أدوية السرطان، في حال إتمام الصّفقة، نحو مليارَيْ دولار.

تونس:
بلغ احتياطي النقد الأجنبي لتونس (يوم الخميس 06 تموز/يوليو 2023 ) 22,9 مليار دينارًا تونسيا، أو ما يُعادل 7,4 مليار دولارا، بفضل زيادة تحويلات المُغتربين التونسيين التي ارتفعت من 1,1 مليار دولارا خلال النصف الأول من سنة 2022 إلى 1,2 مليار دولارا خلال النصف الأول من سنة 2023، وارتفاع إيرادات قطاع السياحة من 462 مليون دولارا خلال النصف الأول من سنة 2022 إلى 718 مليون دولارا خلال النصف الأول من سنة 2023، وهو مبلغ هزيل جدًّا، ويُعادل مبلغ احتياطي النقد الأجنبي ( 7,4 مليار دولارا) واردات البلاد لمدة 99 يوما، بحسب بيانات المصرف المركزي...

السعودية - سياحة دينية:
أعلن وزير الحج ارتفاع عدد الحجيج إلى أكثر من مليونَيْ حاج لأول مرة منذ فترة جائحة كورونا، رغم الفقر والبؤس والبطالة وارتفاع الأسعار بالدّول الإسلامية، وبلغ عدد الحجاج القادمين من الدول العربية 346,214 بنسبة 21% من العدد الإجمالي ومن الدول الآسيوية، غيرالعربية 1,056,317 بنسبة 63,5%، بينما بلغ عدد حُجاج الدول الأفريقية، غير العربية 221’863 بنسبة 13,4%، في حين بلغ عدد حجاج دول أوروبا وأميركا وأستراليا والدول الأخرى غير المصنفة 36,521 بنسبة 2,1%، وتنتعش التجارة السعودية في موسم الحج، حيث ارتفعت قيمة إنفاق الحجاج، من 26,9 مليار دولار سنة 2019، بحسب بيانات رسمية سعودية، لتفوق 27 مليار دولارا سنة 2023، بينما تُقدّر بعض المصادر الحكومية الأخرى إنفاق الحاج الواحد في مكة والمدينة بألفَيْ دولار على الهدايا وشراء التذكارات، ويُخطط عيال سعود إلى رفع عدد الحجيج إلى خمسة ملايين، ضمن مشروع رؤية 2030، وتأسيس شركات ضخمة للإشراف على موسم الحج ولزيادة إيرادات السياحة الدينية، خصوصًا بعد الزيادات الكبيرة في أسعار الفنادق وتذاكر السفر أو السلع ( المصنوعة في الصين) والخدمات، منذ 2015، حيث تم تهديم كافة الأحياء المحيطة بالمسجد والكعبة، وتهديم معالم أثرية عديدة، منها منزل عائشة، زوجة محمد، واستبدال الفنادق "الشعبية" بفنادق جديدة ومرتفعة الثمن، وقدّرت الحكومة السعودية عائداتها من السياحة الدينية بنحو 12 مليار دولارا، فضلاً عن حوالي 27 مليار دولارا ينفقها الحجاج ويستفيد منها أصحاب الفنادق والمطاعم والمتاجر وشركات النقل والخدمات الأخرى بمكة والمدينة وجدّة ، وتمثل السياحة الدّينية ثاني مورد للسعودية بعد النفط، وكانت السعودية قد أَقَرّت فَرْض ضريبة القيمة المضافة ورفعتْ قيمة الرسوم والإقامة على الأجانب، ما رفع أسعار السلع والخدمات والإقامة والنّقل والغذاء والهدايا خلال موسم الحج، مع الإشارة إن السعودية تستورد كل موسم ملايين المواشي من أستراليا ونيوزيلندا والأرجنتين، لتتم التضحية بها باسم الحجاج الذين سددوا ثمنا مرتفعا لها، وتستغل السعودية لحومها وجلودها، بالمجان...

ثمار التطبيع الخليجي
نشرت صحيفة يدعوت أحرونوت يوم الجمعة 07 تموز/يوليو خبرًا عن مشروع أعدّته الحكومتان الأمريكية والصهيونية بشأن استكمال التطبيع الإقتصادي بين أنظمة الخليج والكيان الصهيوني، من خلال إنشاء طريق بري لعبور الشاحنات المُحَمّلة بالسّلع، بين مينائَيْ دُبَيْ وحيفا، عبر الأراضي السعودية والأردنية، ليكون ميناء حيفا مركزًا يُمكّن من اختصار الوقت وتخفيض تكاليف عبور السلع القادمة من جنوب آسيا والمتجهة نحو أوروبا بنحو 20%، مقارنةً بنقل البضائع عبر قناة السويس، ومن المتوقع استخدام نفس الطريق لتنقل الأشخاص وللرحلات السياحية، وتعتبر وزارة الخارجية الأمريكية إن المشروع قابل للتنفيذ بسرعة بفعل توقيع اتفاقيات أبراهام، برعاية الولايات المتحدة التي أعدّت خطّة أخرى لربط الخليج بفلسطين المحتلة عبر خط سكة حديدية، في غضون بضع سنوات، لتصبح مدينة حيفا المحتلة في قلب شبكة نقل تجاري بين آسيا وأوروبا...

قمة شنغهاي
عقد أعضاء "منظمة شنغهاي للتعاون"، التي تأسست سنة 2001، قمة افتراضية يوم الثلاثاء 04 تموز/يوليو 2023، بمشاركة كل من رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي (الرئيس الحالي للمنظمة)، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني، شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، وزعماء أربع دول من آسيا الوسطى (كازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان )، وقرروا توسيع المجموعة وقبول عضوية إيران فورًا، لتصبح العضو التّاسع، وقبول انضمام بيلاروس لاحقاً، واعتبرت وكالة شينخوا الصينية ذلك خطوةً في طريق بناء "عالم متعدد الأقطاب"، بموازاة زيادة حجم التعاملات التجارية بالعملات الوطنية بين العديد من الدّول، ما يُخَفِّف آثار الحظْر الأمريكي والعقوبات والضغوط والاستفزازات التي أدّت إلى احتدام المنافسة والمواجهة مع الولايات المتحدة التي تعمل على إشعال الحروب والفِتَن في عدة مناطق من العالم،
تمثل «منظّمة شنغهاي للتعاون» نحو 40% من سكان العالم، وحوالي 20% من الناتج الإجمالي العالمي ونحو 20% من احتياطات النفط العالمية، وينص ميثاقها على تعزيز التعاون السياسي والأمني والاقتصادي، وتأمل الدّولتان المُؤسِّستان (روسيا والصين) جعلها بديلاً للحلف الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وتأمل الصين استغلال هذه المنظمات الإقليمية لتعزيز نفوذها الإقتصادي من خلال مبادرة «الحزام والطريق»، وكسر الحصار الأمريكي...




الصراع على إنتاج وتجارة الرّقائق
تزامنت زيارة وزيرة الخزانة الأمريكية إلى بكين، يوم الخميس 06 تموز/يوليو 2023، مع قرار الصين يوم الإثنين 03 تموز/يوليو 2023، تقييد صادرات معادن استراتيجية مثل الغاليوم والجرمانيوم التي تحتكر الصين إنتاجها بنسبة 80% وهي معادن ضرورية لإنتاج الرقائق وأشباه المواصلات والسيارات الكهربائية والاتصالات، والاسلحة (أنظمة الصواريخ) والخلايا الشمسية، ولقطاع التكنولوجية المتطورة بشكل عام، ردًّا على تصعيد الحرب التجارية من قِبَل الولايات المتحدة التي تستعد لتقييد وصول الشركات الصينية إلى خدمات الحوسبة السحابية التي تقدمها شركات أمريكية مثل "أمازون دوت كوم"، و"مايكروسوفت"، في محاولة للحد من التطور التكنولوجي للصين، وفق "وول ستريت جورنال"، ما يؤكد أن الدّولة الأمريكية تُسيِّر اتجاهات رأس المال وليس السوق وقانون العرض والطلب، فيما تقدم الحكومة الأمريكية الدعم المالي والسياسي وحتى العسكري لهذه الشركات، واستخدمت الصين ذريعة "الأمن القومي" وهي نفس الذريعة التي تستخدمها الولايات المتحدة، كما ألغت الصين يوم الثلاثاء 04 تموز/يوليو 2023 زيارة منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل"، دون الكشف عن السبب، وفق وكالة "أسوشييتد برس" التي أشارت إلى ارتفاع أسعار هذه المعادن وأسهم الشركات الصينية المنتجة لها...
تستخدم صناعة الأسلحة المتطورة و"الذكاء الإصطناعي" المعادن الاستراتيجية التي تحتاجها كذلك صناعة الشرائح وبطاريات السيارات الكهربائية، وحدّدت وزارة التجارة الأمريكية هذه المعادن بخمس وثلاثين معدنًا، منها الغاليوم والجرمانيوم واليورانيوم والذهب والفضة والنيكل والكوبالت، أو ما سميت "المعادن النّادرة"، وخصوصًا الليثيوم وهو ضروري لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية والطاقة المَوصُوفَة ب"النظيفة"، وتُشير البيانات الأمريكية إلى ارتفاع نسبة مبيعات السيارات الكهربائية، سنة 2022، من سوق السيارات العالمية إلى عشرة ملايين سيارة أو ما يُعادل نسبة 14% من مبيعات السيارات، وتريد الولايات المتحدة الضغط على الصين التي لا تصنع الشرائح بل تحتاج إلى الشرائح الأمريكية والأوروبية، لكنها تهيمن على تجارة المعادن الضرورية لصناعة هذه الشرائح، مثل الليثيوم والكوبالت والنحاس.
تستورد الولايات المتحدة أكثر من 50% من نحو 29 معدنا من المعادن الـ35 التي اعتبرتها استراتيجية وتعتمد على الصين في صناعة حوالي 14 معدنا من هذه المعادن النادرة التي تستخرجها الصين وروسيا من مناجم أفريقيا وأميركا الجنوبية، ما يمكّنُ خصوم أمريكا من زيادة حصتهما من سوق بطاريات السيارات الكهربائية العالمية الذي قد يصل حجمه سنة 2030 إلى حوالي 182,53 مليار دولار وفق تقديرات "بلومبرغ" التي نشرت تحليلاً حول تموقع روسيا والصين، وركزت على هيمنة الشركات الصينية على مناجم الليثيوم في الأرجنتين وتشيلي وأستراليا وأيرلندا، وعلى مشروعات ضخمة للخلايا الشمسية في أميركا الجنوبية، كما تهيمن الصين على إنتاج نحو 60% من إنتاج الليثيوم في العالم مقابل نسبة 1% للولايات المتحدة، وعلى إنتاج 63% من المعادن النادرة عالمياً و85% من مصانع معالجتها و92% من صفائح مغناطيس المعادن النادرة فيما لا تمتلك الولايات المتحدة سوى حصصاً هامشية في إنتاج معادن استراتيجية مثل الغرافيت والنيكل والكوبالت، وفق دراسة لشركة "بي أم آي" الأميركية...
يُعَدُّ مَعْدَنَا الغاليوم والجرمانيوم ضروريّان لتصنيع الإلكترونيات وأشباه الموصلات، وارتفع سعر الغاليوم بنسبة 27% في الأسواق العالمية بعد قرار الصين تقييدَ الصادرات ابتداء من أول آب/أغسطس 2023.
ليس الجرمانيوم والغاليوم من المعادن التي يتم استخراجها بشكل طبيعي من المناجم، بل يتم تشكيلهما كمنتج ثانوي لمصافي المعادن الأخرى، والجرمانيوم معدن أبيض فضي شفاف للأشعة تحت الحمراء، يتكون كمنتج ثانوي لإنتاج الزنك، كما يمكن استخدامه في التطبيقات العسكرية، في حين يعد الغاليوم (المعدن الفضي) منتجا ثانويا لمعالجة خامات البوكسيت والزنك، ويُسْتَخْدَمُ لتصنيع رقائق تردد الراديو للهواتف المحمولة واتصالات الأقمار الصناعية، وفي أشباه الموصلات ومحطات الجيل الخامس الأساسية والألواح الشمسية، وتعتمد الولايات المتحدة وحلفاءها على الصين في الحصول على هذه المعادن المهمة، بينما تحتاج الصين إلى التكنولوجيا الغربية مثل آلات الطباعة الحجرية لإنتاج رقائق عالية الأداء"
استهلكت الولايات المتحدة ثلاثين ألف كيلوغرامًا من الجرمانيوم واستوردت حوالي 14 ألف كيلوغرامًا سنة 2022 واستهلكت 18 ألف كيلوغرامًا من الغاليوم، واستوردت 14 ألف كيلوغرامًا، وفق بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، وتسعى الولايات المتحدة إلى زيادة طاقة التعدين المحلي وطاقة التكرير للمعادن الأرضية النادرة وزيادة طاقة التخزين، وأعلنت وزارة الحرب الأمريكية عن تعزيز قدرة التعدين والمعالجة المحلية للمعدنين، وفق موقع "بلومبيرغ" الأميركي (12 تموز/يوليو 2023)

جرائم أمريكية في آسيا وأوروبا
لم تكن "لاوس" رسميًّا جزءًا من "حرب فيتنام"، لكنها عانى شعبُها منها، مثل بلدان جنوب شرقي آسيا الأُخْرى، وبعد عقود على خروج الجيش الأمريكي مهزومًا سنة 1975، لا يزال سكّان لاوس يعانون من آثار العدوان الأمريكي.
نفّذ الجيش الأمريكي، بين 1964 و 1973، حوالي ستمائة ألف تفجير من الجو فوق أراضي لاوس، أي ما يعادل ضربة واحدة كل ثماني دقائق، بذريعة "قطع خطوط إمداد الأسلحة إلى شمال فيتنام"، وأطلقت الولايات المتحدة أكثر من 270 مليون قنبلة عنقودية، ذات التأثير المُدَمِّر للغاية، على مدى طويل، وتكمن خُطُورَتها في عدد الذّخائر الصّغيرة المُدَمٍّرة التي تحتويها المئات من القنابل الصغيرة التي تُلقيها الطائرات والسفن الحربية، لتنتشر على مساحة يفوق قُطْرُها مائة مترًا، ولوثت هذه القنابل العنقودية أراضي لاوس حيث لا يزال سكان أكثر من عشرة آلاف قرية لاوسية يسكنون في مساحة تفوق ألف كيلومتر مربع، يتعرضون يوميا لخطر الإصابة أو القتل بسبب هذه المتفجرات التي يُقدّر نصيب لاوس منها بنحو ثمانين مليون ذخيرة عنقودية غير منفجرة مدفونة في الحقول والغابات والقرى والمدارس والطرقات، منذ نهاية الحرب، والتي قتلت وأصابت أكثر من خمسين ألف شخص من المدنيين في فيتنام ولاوس وكمبوديا، بعد عقود من نهاية الحرب، وتمثل هذه القنابل والمتفجرات من مخلفات الحرب عقبة رئيسية لاستغلال حقول الارز والمراعي والغابات وعقبة أمام تنمية البلاد بفعل ارتفاع تكلفة مشاريع البنية التحتية في المناطق الريفية...
لا تقتصر الجرائم الأمريكية على منطقة واحدة من العالم، بل شملت كل القارات، وخصوصًا منذ الحرب العالمية الثانية وتأسيس وكالة الإستخبارات المركزية ( سي آي أَيْ ) بهدف تجنيد الضُّبّاط والعُلماء من ألمانيا النازية وحلفائها، ومنها المليشيات الفاشية الأوكرانية التي تعاون قادتها مع جيش الإحتلال النازي، مثل ستيبان بانديرا وميكولا ليبيد الذين يعتبرهم النظام القائم في كييف "أبطالًا قوميين"، وتتقاسم هذه المليشيات النفوذ مع البرجوازية المحلية العميلة للإمبريالية الأمريكية النفوذ السياسي والعسكري والإقتصادي، خصوصًا منذ انقلاب شباط/فبراير 2014 الذي أشرفت على تصميمه وتنفيذه الإستخبارات الأمريكية والبريطانية والصهيونية التي رسّخت أقدامها في أوكرانيا منذ عهد الإتحاد السوفييتي، ثم بعد انهياره لتصبح جورجيا وأوكرانيا (فضلا عن بولندا ودُوَيْلات بحر البلطيق) قواعد استخباراتية لتخريب روسيا التي لم تعُدْ اشتراكية وإنما رأسمالية قد تُنافس الولايات المتحدة في بعض المجالات...
نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية بتاريخ 05 تموز/يوليو 2023، تقريراً عن تورط وكالة المخابرات المركزية في أوكرانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وخاصة منذ انقلاب سنة 2014، حيث "تُشرف الإستخبارات الأمريكية على إدارة العمليات العسكرية، من خلال الوجود السري للقوات الأمريكية، ما يُؤَجّجُ نيران الحرب"، رغم الدّعاية الرسمية التي تنفي تواجد القوات الأمريكية في أوكرانيا، وفق تعبير المجلة التي قَدّرت قيمة الأسلحة التي أرسلتها الولايات المتحدة باسمها أو باسم حلف شمال الأطلسي - من بينها أسلحة فتاكة وصواريخ بعيدة المدى- بأكثر من أربعين مليار دولارا، بهدف تحويل الصراع إلى حرب شاملة ضد روسيا، من خلال الإستفزازات وقصف المدنيين داخل الأراضي الروسية وتفجير خط أنابيب الغاز نورد ستريم أو الهجوم على جسر كيرتش، واستخدام القنابل العنقودية المحظورة ضد المدنيين في منطقة دونباس، بإشراف مستشاري وكالة المخابرات المركزية التي قد تُضحِّي بمستقبل شعب أوكرانيا من أجل تغيير النظام في الروسي، وكشفت مقالة مجلة نيوزويك عن وجود العديد من القواعد الأمريكية التي تُدير شبكات تخريب وتهريب الأسلحة ينفذها أعضاء المليشيات النازية في أوكرانيا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف