الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحيل المعلم ميلان كونديرا 🇫🇷 🇨🇿 ، وريث الملهمين في العصر الحديث 🧠📕 وصاحب مدرسة 🏫 السخرية 🎪🤡 والإمتاع والإدراك وغريماً عنيداً ومفككاً للأدب الروسي 📖🇷🇺 ..

مروان صباح

2023 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


/ يعود مجدداً وأثناء رحيله إلى الأضواء العالمية بصلاحية تأثيرية كبيرة ، ليس فقد 😞 كونه واحد☝من كبار صناع الفلسفة الساخرة 🤣 فحسب ، بل لأنه تخطى الدارج الاعتيادي والمتفق حوله ، وهو أيضاً لأنه كان قد ساجل بطريقة مناهضة كلياً من خلال الرواية والتى ألقت بأضوائها على جنون الاضطهاد البشري بشكل بانورامي - تفكيكي إتسعت وشملت الهوية الأوروبية والهوية المضادة ، وإذا المرء وضع جانباً قدرة الروائي الاستثنائي والعبقري الفرنسي 🇫🇷 من أصول تشيكية ميلان كونديرا وتعمد في النظر لشهرته الواسعة الشائعة ، وتحديداً عندما أراد إظهار فلسفته الخاصة ، فجاء بهذه الفلسفة التعبيرية الكثيفة والبسيطة ، حيث قال " بأن معاناة الإنسان العاطفي في خلوده الأبدي " ، لكن ما يبقى محيراً 😮 تلك الشعبية التى حظي بها كونديرا بين المثقفين والمفكرين والشرائح الشعبية البسيطة في إنحاء العالم ، والتى أكسبته القدرة على مواصلة العطاء الروائي والإبداعي والابتكاري للأفكار ، كل ذلك لأنه أمن منذ السطر الأول بأنه حليفاً في رؤياه للغرباء ، لهذا عندما هاجر من التشيك 🇨🇿 نحو فرنسا 🇫🇷 لم يجد عناء في الاندماج بالمجتمع الجديد ، بل أعتبر بأنه ألتحق في صفوف الغرباء الذين هم أخوته بالمعاناة ، وهذه الفلسفة بحد ذاتها لم تكن بعيدة عن التكوين السياسي والاجتماعي الذي نشأ عليه ميلان وتحديداً في منطقة وسطية في أوروبا 🇪🇺 والتى بالطبع شهدت تاريخاً طويلاً من المتغيرات الإمبراطورية والحروب ، كل ذلك أنعكس ثقافياً واجتماعياً وسياسياً على حياة الناس والأفراد هناك👆، بالفعل 😟 لقد أصبح القاسم المشترك للأغلبية الساحقة ، هي المعاناة ، وهذا حقاً 😟 أتاح لشخص مثل كونديرا أن يصنع علم 🔬 فلسفي 🧐 جديد ، وهو بجد مغاير عن رؤية الفلاسفة المتطورين ، فلقد فكفك أو بالأحرى حرر 🗽 إرتباط الكلمة التقلدية من معناها الثابت أو الحرفي وربطها بانسنة الإنسان ، أي أنها لم تعد أسيرة المعجم اللغوي بقدر أن معجمها أصبح الإنسان وتحديداً بطريقة عيشه ، وبالتالي هنا 👈 ، أي بالمعنى الأوضح ، فالدال على معنى الكلمة ليس المعجم التقليدي بقدر أنه ، هو الإنسان ذاته وتصرفاته الآنية ، وهذا الإبداع التحريري للإنسان من الكلمة الحرفية عند كونديرا ، هو كان سبباً في عالميته .

لقد ذهب إلى أبعد ما كان المرء يتصور ، وهنا 👈 الجديد هو أن هذه الخصائص التى تمردت على المفاهيم القديمة ، لا تكف اليوم من مواصلة تدمير البشرية ، والتى بالطبع لم تبدأ من العدم بقدر أنها اشتبكت مع الماضي ، فدرجة الرهان على أي محاولة لتحرير الإنسان من ثقافته أو لغته ، هي نفس الدرجة التى يحاول أي شخص سجن مجتمع متحرراً🗽من عنصريته ، وقد تكون المعادلة الفلسفية التى بنى عليها كونديرا رواياته ، هي لا سواها التى فسرت العلاقة بين النظام الشمولي - الاستبدادي والمواطن ، عندما أشار إلى الإدراك الذي ساهم في صنع الوعي السياسي والاجتماعي عند الفرد ، فمع الوقت حسب مفهومه " الاجتماعي السياسي " تحول الخوف 😨 هو القاسم المشترك بين الجهتين أو بالأحرى المعترف به من قبل الجانبين ، لدرجة أن المواطن يراوح في مرحلة الطفولة 👦🍼 ليوم الممات ، فهو يعيش في نظام لا يقبل الوعي والنضوج والنهوض ، لهذا يولد طفلاً ويعيش طفلاً ويموت طفيلي ، تماماً 👍 كما جاء وصفه لمن في المجتمع ، فهؤلاء ، " يتحركون نياماً " ، وهو في جوهره فن حكواتي قد أطره في سرداً روائياًً - ساخراً 🤣 وإدراكياً ، وايضاً ممتعاً 🤨 دون أن ينزع عنه التحريض والعمليات التحليل أو حتى الاستعراض والاستكشاف ، وهذا الوضوح قد ظهر جلياً في " خفّة الوجود التي لا تُحتَمل " ، ثم أظهر هذا الفن بعد ذلك أكثر في توضيحات خاصة بالرواية بين العمل الجدي والجاذبية ، فهناك 👈 فارقاً عميقاً 🧐 بين بلاغة السرد والذكاء السردي ، لأن في نهاية المطاف البلاغة قد تبهر القارئ لمدة قصيرة ، أما جاذبية الرواية المبنية على ملامسة عاطفة القارئ بذكاء ، ستستمر مدى الحياة ، فعلاً 😦، كيف يمكن 🤔 القول غير ذلك ، وهو بالطبع كان قد أعتمد في رواياته على القارئ العاطفي والذي يمتلك مشاعر سخية لدرجةٍ أنه جعلها في مكان التقديس ، بالفعل 😟 ، فهذا العالم ممتلئً بالدموع ، تماماً 👌كما من يشاهد فيلماً 🎥 رومانسياًً 🥰 ، على الرغم من أن المشاهد يعلم مسبقاً بأن اللاعبين وراء الشاشة الكبيرة مجرد أدوات فنية ، إلا أنهم يقدسون النهايات ويضعفون حتى تنهمر دموعهم بشكل مفرط في كثير من الأحيان ، بضبط كما حصل ذلك مع جميع روايات الروسي دوستويوفسكي ، فهو معلماً مرموقاً بمدرسة الحزن والضيق والبؤس والعذاب حتى التقديس ، بل واحد☝ مثل ديستويوفسكي والذي يعتبر عالماً محترفاً في النفس البشرية ، كان قد ربط الألم بالوجودية ، إذنً يعتقد هكذا ، " أنا أعاني يعني أنا موجوداً " ، وهذه المدرسة 🏫 لا تكون إلا بالألم ، فالألم هي مدرسة الأنانيون العملاقة ، لدرجة أن كونديرا لم يتجاهل ثنائية الفلاسفة في روايته بين إنكار الروح عند الحيوانات ومعانقة الحصان 🐎 المظلوم ، كنوع من الاعتذار منه على إتهامه بأنه بلا روح ، وهذا كان قد أظهره مبكراً أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عندما قال للرجل ، لقد حمَّلت جملك ما لا يطيق .

وليس لمثل هذا العبقري أن يكون تراثه العائلي خالي من الأشخاص المميزين ، بل هناك👈من أورثه روح الكابوس والذي بدوره إستطاع تحويل أفكاره إلى كوابيس للمستبدين من نوعاً جديداً ، بالطبع ، هو ليس بالأمر الغريب أو العجيب ، بأن يكون ميلان كونديرا بهذه الدرجة من العبقرية ، فوالده رئيساً لجامعة للآداب 📖 والموسيقى 🎵 ، وهذه النشأة الآسرة أتاحت لكونديرا أكتساب الكثير من المعرفيات المتنوعة والتى أهلته لنشر الشعر والمقالات والمسرحيات والروايات ، بل هي لا سواها ، التكوينية الخاصة سمحت له تقديم للقارئ مفهوم الهوية بشكل آخراً -مختلفاً ، بل من جانبي كانت رواية الهوية إحدى الروايات التى منحتني فهّم الأسباب التى جلعت الحزب الشيوعي طرد كونديرا مرتين 2 ، فالرجل كان قد قدم سؤاليين نفسيين هامين مركبين على الهوية والوجودية ، الأول ، هو " لم يعد الرجال يلتفتون إلي " والآخر ، هو " كيف المرأة تقيس مدى شيخوختها " ، ومن وجهة نظره بالطبع القياس يكون " حسب إهتمام الرجال بجسدها أو عدمه " ، لكن المعنى الحقيقي لكلمة الاهتمام ، يبقى الميزان الذي يعكس عند المرأة ثقتها بنفسها أو بانهزامها ، فاذا كانت هوية الرجل مرموقة فالنفسية بتحسن دائم ، أما إذا كان متسول ، فهي بالانحطاط والتأزم حتى الاكتئاب ، وهذا الصعود والهبوط كله يعود إلى مراقبتها للهويات الأخرى والطريقة التى ينظرون إليها ، إذنً ، أعتاد قارئ ميلان كونديرا أن يتمتع بقراءة رواية لها بعدين ، الفلسفة التأملية والفنية المجالية ، بل تماماً 👍 كما أستطاع تحرير الكلمة من معجمها الجامد وإتباعها بتصور الإنسان وخصوصية ثقافته الخاصة أو الاجتماعية ، أيضاً في المقابل ، قام بتحرير المهاجر من صورته التقليدية ، متجاوزاً جدران الثورات القديمة ، ثم وضع تصورات أكثر ملائمةً للعلاقة الخلافية بين المهاجر حيث هاجر ووطنه الأصلي ، بالطبع الجوهر الجديد هنا 👈 ، أنه انتفضى على المعزوفة الكلاسيكية " الحناننية " والتى يتباكى عليها كل ماجراً ، بل تساءل عبر هذا النحو التبديلي ، أليس من حق المهاجر أن يستبدل منفاه ليصبح وطنه ووطنه الأصلي يصبح منفاه ، وهو في حد ذاته سؤال ⁉الهوية الذي عادةً يدق مضاجع المهاجرين ، أي أن هوية الماضي القريب والمتمثلة بالوطن الأصلي وبين الحاضر المتحلل من الماضي لدرجة التحول في الجديد ، وهذا التبعثر الزماني والمكاني يُبقي صاحبه في التشتت الدائم طالما أعتمد نهج البكاء على الأطلال سلوكاً نهائياً ، فالمسألة عند كونديرا لا تتوقف عند مستوى رمزيات شعبية فاقعة أو بالأحرى هي فعلياً تتخطى مسألة الصراع الثقافي بين النبيذ 🍷🇨🇿 والبيرة 🍺🇫🇷 ، لأن الحكاية في النهاية حكاية أذواق وحضارة وليست أبداً بالمسألة الأخلاقية التى ربما تشكل خطراً بنيوياً على المهاجر أو تهدد تاريخه ، بل هو بالأصل صراع الهوية بين النظاميين ، نظاماً متقدماً حضارياً وآخر ظالماً استبدادياً متأخراً ، بل أعتبر دائماً بعدم حسم هوية المهاجر ، سيدفعه يوماً بعد الآخر إلى أن يغرق أكثر فأكثر في شعور عدم الانتماء ، وهذا الشعور قد وقعت به الأغلبية الساحقة ، والذي أفقدهم هذا الشعور بعدم العيش في حياة كاملة ومعمارية ، فهو بسبب التخبط الداخلي بين الهويتين لم يتمتع بامتيازات الحضارة والتقدم ولم يستطيع المساهمة في تسجيل أسمه في التعمير المستمر .

ما إلى هذا وسواه من معايير ابداعية خاصة بكونديرا اجترّت من النفس البشرية على نحو الكروب والأسى ، في المقابل ، تطلب منه أيضاً إلى ذلك الانحياز للضحايا حتى لو كانت في البداية تصنف بالمضطربة والمشوشة وال غير مفهومة ، لكنها كانت بوصلة تصحيحية للنفس الإنسانية لما تم تشويهها وإلحاق بها من أذى عقلي وروحي ، والذي أنعكس سلباً على انتماء الفرد بمجتمعه ، لهذا كان ميلان على مرّ حياته برجل يفيض بالحيوية الفكرية والطرافة معاً ، لقد جمع بينهما حتى التوفيق ، بل عندما كان يشعر بتعثر فلسفته في إيصال رسالته ، كان على الفور يستعين بأسلوبه الساخر لايصالها ، دون أن يحيد عن مناصرة الإنسانية والحداثة والحق والعدالة الاجتماعية ، بل كان يعي جيداً 😎 بأنه يعيش في عالم 🧐 امتزج بين سياسة المكيالين والرذيلة معاً ، فلم يكن متوافقاً مع الرأسمالية من الجانب الأخلاقي والتى هدمت الحد الأدنى من القواعد الإنسانية والاجتماعية والثقافية ، تماماً 👌 كعلاقة الفرد بمكونات عائلته ، فكما حرص على إعادة بناء علاقة المهاجر بمنفاه ، أيضاً في المقابل ، أكد على ضرورة إحترام ✊ العلاقات الإنسانية والتوقف عن الاستمرار بعلاقات اللامنطقية التي أجازت على سبيل المثال جنس المحارم ، فالرأسمالية 😟 الاجتماعية فعلت كما صنعت الشيوعيه ، وهي تساؤلات ⁉ قدمها كونديرا لكل إنسان وتحديداً للمهاجر في أصقاع الأرض 🌍 على هذا الشكل والمضمون ، هل مازال الوطن الأصلي خارج عالم الرأسمالية الاجتماعية ، وإن عاد المهاجر إلى وطنه كما عاد ميلان كونديرا إلى التشيك 🇨🇿 ، هل سيجد بلده 🇨🇿 كما كان قبل الشيوعية ، أو سيكتشف أنه غارقاً في ليل 🌙 الرأسمالية ، إذنً ، عن أي وطن المهاجر يتحدث ، بل قد ذهب إلى أكثر من ذلك ، عندما تساءل هكذا ، هل من الممكن إعادة تصنيف الوطن ، طالما المنفى هو لا سواه من أتاح الفرصة لشخص مثل ميلان كونديرا بأن يتحول روائياً عالمياً ويحقق حلمه 😴 ، في وقت كان الوطن الأصلي مقبرة 🪦 لكل حالماً 🤩 .

أخيراً ، فهذه السطور بصراحة 😶 لا تفلح سوى أن تقول الحقيقة 😱 حتى لو كان الشيطان له سطوة واسعة على تتويهها عن ذلك ، بل بالطبع دورها المركزي ، هو إنصاف القامات الكبيرة والتى غيرت سقوف الوعي المختلفة عند أجيال غير محدودة ، فالراحل لم يبدأ من حيث انتهوا الآخرين بقدر أنه بدأ من حيث أنتهى التاريخ ، لهذا لم يخفي كونديرا سعادته بأنه يعيش بين شعباً أو قارةً تُحكم من شعوبها ، وهذا حقاً 😦 كان قد أشار إلى العلاقة الملتصقة بين الأوروبيتين الغربية - الشرقية والمتنافرة مع أوروبا أخرى تكافح من أجل 🙌 إيجاد بينهما هوية مختلفة ، وهنا 👈 كان يقصد بضبط روسيا 🇷🇺 ، وهو أعتبرها محاولة روسية ستكون انعكاساتها بالكارثية على القارة الأوروبية 🇪🇺 ، لأنه أعتقد 🤔 تاريخياً بأن الروس ليسوا سوى برابرة ، لا يعرفون كيف يدمركون مجتمعهم ، أو بالأحرى لا يؤمنون بالحد الأدنى لأي نوع من أنواع الحرية 🗽أو التعبير أو حتى الاستماع👂للرأي الآخر ، وهو أيضاً كان يوماً ما قد نقل الحوار الشهير الذي دار بين الكاتبين الشهيرين ، الروسية 🇷🇺 والبولندي 🇵🇱 ، فالأخير كان يتذمر من السلطات البولندية ، فسألته الشاعرة الأشهر في الإتحاد السوفياتي 🇷🇺 آنا أخماتوف ، والتى شهدت أمام عيناها 👁 إعدام زوجها من البلشفيين🚩 ، فقالت ، هل سجنت سابقاً ، فقال لاء ، ثم أكملت هكذا ، هل طُردت من إتحاد الكتاب البولندي ، فقال لاء ، هل كتاباتك منعت من النشر ، فقال لاء ، هل زوجتك أعدمت أمام عيناك 👁 أو أحد من أفراد أسرتك ، فقال لاء ، فقالت ، إذنً علامة تتذمر ، ولعل من فضيلة التذكير بأن كونديرا المعلم ووريث الملهمين وغريمهم والكاتب المركّب بين المبتكر والمنظر والرئوي والمفكر والسياسي ، هو دون أدنى شك حاول طيلة حياته إظهار الفارق الحضري بأسلوبه الفريد والمتنوع ، نعم 👏 لقد حرص على إماطة اللثام عن العبد الحضاري بين الأوروبيتين وبين الإنسانيين أينما كانا . والسلام 🙋 ✍








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا