الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهاتما غاندي ابو الهند الحديثة

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2023 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


أشهر الزعماء الروحيين والسياسيين
المهاتما غاندي هو اب الهند الحديثة، تهتم فلسفته بالنضال السلمي السلاح الأقوى ضد قوى الاستعمار في حرب الاستقلال الهندية ضد المستعمرين الانجليز.
غاندي من أشهر الزعماء الروحيين والسياسيين في القرن العشرين. حيث أسهم بتحرير الشعب الهندي من الاستعمار البريطاني عن طريق المقاومة بدون عنف، ولذا كرَّمه الشعب الهندي بمنحه لقب (أبو الأمة الهندية). ‏ولقبه الشعب الهندي أيضاً بـ (المهاتما) ومعناها (الروح العظمى).
ولد المهاتما غاندي (مُهَنْدَس كرمشاند غاندي Mohandas Karamchand Gandhi) في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر عام 1869، في مدينة (بوربندر Porbandar)، وهي مدينة صغيرة بولاية (غوجارات Gujarat) على الساحل الغربي للهند، وكان والده رئيساً للوزراء في الولاية. تزوج المهاتما غاندي في سن السادسة عشرة من الآنسة (كستور بي)، فتاة من سنه، بترتيب من أهلهما، وأنجبا أربعة أطفال.
في عام 1889 سافر المهاتما غاندي إلى بريطانيا لدراسة القانون، وكان قد عاهد نفسه على الدراسة كما وعد أمه. واطلع خلال آخر أيام الدراسة في بريطانيا على أسفار (ألغيتا) أي الصوفية الهندوسية المترفعة عن الدنايا والداعية إلى الزهد والتقشف وقال: (هذه الأسفار تهدي إلى الحق) ودرس التوراة وسير المصلحين العالميين. وبعد إنهاء دراسته ونيل شهادة الحقوق عاد إلى الهند وهو يفكر في إصلاح شعبه وقيادته من الفقر والمرض والجهل إلى الثراء والعافية والعلم والحرية. وقد لاحظ المهاتما غاندي أن المرأة الهندية مظلومة ومتأخرة، فطالب بمساواتها مع الرجل وحثها على الكفاح للحصول على حقوقها كاملة.
درس غاندي القانون في لندن – المملكة المتحدة، وعاد إلى الهند عام 1891 ليعمل محامياً. ثم وقع في عام 1893 عقداً للعمل كخبير قانوني في جنوب أفريقيا. كانت بريطانيا، في ذلك الوقت، تسيطر على جنوب أفريقيا. وعاش هناك يعمل على مساعدة الهنود في ضمان حقوقهم، بعد أن لاحظ سوء معاملة الهنود في تلك الدولة.
انتقل المهاتما غاندي من جنوب أفريقيا إلى شبه القارة الهندية، وأراد أن يدرس أحوال الشعب الهندي ويلمس أسباب تخلفه وشقائه قبل أن يباشر حركته التحررية. وزُج به في السجن بعد أن اتهمه الإقطاعيون الهنود بتحريض الشعب على الثورة فأعلن الفلاحون العصيان المدني فما كان من المدعي العام إلا أن طلب تأجيل المحاكمة تفادياً لاندلاع الفتنة ثم أطلق سراح غاندي ليعود إلى نشاطه مجدداً.
وفي عام 1904 اشترى المهاتما غاندي جريدة (الرأي الهندي) وجعلها منبراً لحركته فأيقظت المظلومين من سباتهم العميق، ثم اشترى أرضاً واسعة في ناتال وأنشأ فيها مزرعة تعاونية جعلها ملجأً أميناً لكل عامل مضطهد وحيث كان يعيش مع اللاجئين عيشة الزهد والتقشف مع زوجته وأولاده بخشن الملابس وزهيد الطعام وفي هذه المزرعة صام لأول مرة وسجن ثلاث مرات.
استطاع المهاتما غاندي تطوير منهج للعمل والكفاح الذي يقوم على مبادئ: الشجاعة، واللا عنف، والحقيقة، سماه منهج (ساتياغراها satyagraha ومعناه التمسك بالحقيقة)، وكان منهج (الساتياغراها) يروِّج لعدم العنف والعصيان المدني، كأفضل الطرق للحصول على الأهداف السياسية والاجتماعية. ثم عاد المهاتما غاندي إلى الهند في سنة 1915، وأصبح زعيم الحركة الوطنية الهندية بعد حوالي 15 عام من عودته للهند.
وفي 13 نيسان عام 1919 اجتمع عشرات الألوف من الهنود رجالا ونساء وأطفالاً في مكان يدعى (جاليونا لألا باغ) فهاجمهم الجنرال الإنكليزي (داير) وفتح عليهم النار فقتل منهم ستمائة وجرح الآلاف كما قامت طائراته بقصف الجماهير من الجو وساق ألوف الرجال إلى السجون. عندئذ أعلن المهاتما غاندي خطة اللا تعاون مع الإنكليز حتى يرضخوا ويعيدوا للهند حقها وللشعب الهندي حقوقه وطالب:
• بالتخلي عن الألقاب ورتب الشرف.
• رفض شراء سندات القروض التي تعقدها الحكومة.
• إضراب المحاكم ورجال القانون عن العمل.
• فصل الخصومات بالتحكيم الأهلي.
• رفض المناصب المدنية والعسكرية.
• الدعوة إلى الاستقلال الاقتصادي للهند.
• مقاطعة مدارس الحكومة والوظائف على اختلاف مراتبها.
عقد المؤتمر الوطني الهندي في عام 1920 اجتماعاً، قرر فيه المطالبة بالاستقلال والعمل لإحرازه بالطرق الشرعية والسلمية، وكان المهاتما غاندي ينتظر تمادي السلطة في طغيانها ليعلن العصيان المدني، وطالب في تلك الأثناء بإعادة الاعتبار للمنبوذين الذين لا يقل عددهم عن الستين مليون نسمة، فلقي منهم تجاوباً عظيماً وخصوصاً عندما أعلن أمام الجماهير قائلاً: (خير لي أن أقطع إرباً من أن أنكر إخواني من الطبقات المدحورة وإذا قدر لي أن أبعث حياً بعد موتي فإن أقصى مناي أن أكون من هؤلاء المنبوذين لأشاطرهم ما يتلقون من إهانات وأعمل على إنقاذهم).
وعلى الرغم من استمرار غاندي في دعوته إلى اللا عنف والنضال السلمي فقد نشبت عام 1921 معارك دامية بين الهنود والإنكليز.
كانت السلطة الاستعمارية البريطانية في الهند تبذل قصارى جهدها للتفريق بين الهندوس والمسلمين وبذر التفرقة الطائفية فيما بينهم، فرد المهاتما غاندي على ذلك في 4 تشرين الأول 1921 بإعلان تضامنه مع المسلمين مع أنه هندوسي. وعلى أثر اعتقال الزعيمين المسلمين الأخوين: محمد علي وشوكت علي أذاع بياناً وقعه خمسون من أعضاء المؤتمر الوطني حظر فيه على الهندوس الخدمة العسكرية والمدنية مع السلطة الإنكليزية وكان المسلمون قد سبقوه بإصدار مثل هذا البيان.
وبعد أن أمضى المهاتما غاندي حوالي عامين في السجن تم إخراجه نتيجة سوء حالته الصحية. وبعد خروجه من السجن في عام 1924 اعتزل المهاتما النشاط السياسي مؤقتاً، واعتكف ليستعيد صحته المعتلة، وعند عودته للعمل السياسي أعلن غاندي المبادئ التالية:
اتحاد الطوائف هو السبيل الوحيد إلى الاستقلال.
• المنبوذون مواطنون.
• لا تعون مع السلطة الإنكليزية المستعمرة.
• إتباع اللا عنف قولاً وفعلاً.
• مكافحة المظالم وإنصاف العمال والفلاحين.
استعمل المهاتما غاندي منهج (الساتياغراها) لقيادة حملة استقلال الهند عن بريطانيا. وقد أوقف مراراً من قبل المستعمر البريطاني بسبب أنشطته السياسية في جنوب أفريقيا وفي الهند أيضاً، وكان يشعر بالفخر لزجه في السجن من أجل قضية عادلة. وكان مجمل سنوات سجنه 7 سنين.‏ وحصلت الهند على استقلالها سنة 1947، ثم انقسمت الهند بين الهندوس والمسلمين، الهندوس في الهند الحالية والمسلمون في باكستان الحالية، بالرغم من أن المهاتما غاندي كان قد أوصى بأن تبقى الهند موحدة يعيش فيها الهندوس والمسلمون معاً بسلام.
‏ بانتهاء عام 1944 وبداية عام 1945 اقتربت الهند من الاستقلال وتزايدت المخاوف من الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تقسيمها إلى دولتين بين المسلمين والهندوس، وحاول غاندي إقناع محمد علي جناح الذي كان على رأس الداعين إلى هذا الانفصال بالعدول عن توجهاته لكنه فشل. وحدث الانفصال بالفعل في 16 أغسطس/آب 1947، وما إن أعلن تقسيم الهند حتى سادت الاضطرابات الدينية عموم الهند وبلغت من العنف حداً تجاوز كل التوقعات فسقط في كلكتا وحدها ما يزيد عن خمسة آلاف قتيل. وقد تألم غاندي لهذه الأحداث واعتبرها كارثة وطنية، كما زاد من ألمه تصاعد حدة التوتر بين الهند وباكستان بشأن كشمير وسقوط العديد من القتلى في الاشتباكات المسلحة التي نشبت بينهما عام 1947/1948وأخذ يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين طالبا بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة.
وبهدف وقف حمام الدم في الهند بسبب الصراع بين الهندوس والمسلمين، بدأ المهاتما غاندي صياماً عن الطعام في 13 كانون الثاني /يناير 1948 وهو في سن الثامنة والسبعين، وبعد خمسة أيام من الصيام تعهَّد زعماء الصراع بوقف القتال، فأنهى المهاتما غاندي صيامه.
لم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه، وبعد 12 يوماً أي بتاريخ 30 كانون الثاني / يناير 1948 قام هندوسي أصولي متعصِّب، كان يعارض برنامج غاندي في التسامح بين العقائد والأديان، بإطلاق النار عليه، فأرداه قتيلاً.‏
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق
مصدر الدراسة: http://almustshar.sy/archives/10534








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة