الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَن مَلَّ مِنْ مَن؟

كريم المظفر

2023 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


قد يبدو العنوان غريب بعض الشيء ، ولكنه يعكس حقيقة الوضع السائد الان بين أوكرانيا ورئيسها ( المهرج ) فلاديمير زيلينسكي ، الذي على ما يبدو نسى انه ليس سياسيا محنكا ولا حتى بسيطا ، ونسى انه الخطأ في السياسة واللعب مع الكبار كمن يدخل خلية " الدبابير " ، ليتلقى اللسعات الغربية في كل أجزاء جسمه دون استثناء ، و بين الغرب ، الذي وضع كل رهاناته على " المهرج " ، وتقديم وتسخير له كل الإمكانات لأكثر من 50 دولة الكبيرة منها والصغيرة ، لتحقيق مبتغاهم ، تدمير روسيا واسقاط النظام السياسي ، وتقسيمها.
وسائل الاعلام العالمية تداولت وبشكل كبير، لصورة الرئيس " المهرج " خلال تواجده في قمة حلف شمال الأطلسي ، والتي عقدت مؤخرا في العاصمة الليتوانية فيلنيوس ، وهو يقف وحيدا منبوذا ، والى جانبه القادة الغربيين يتسامرون مع بعضهم البعض ، بضحكاتهم العريضة ، وهو ( أي زيلينسكي ) يعض شفاه السفلى بغضب شديد ، وعينيه تقدح بالشرار، صورة فسرها الكثيرون ، بانها تنطق بالواقع الان ، فقد أستنفذ الغرب " زيزو " وركنه جانبا وحقق مبتغاه ، بضم فنلندا والسويد الى ( الناتو ) ، وهما أيضا يقعان على حدود روسيا الشمالية ، وإن كان ثمن ذلك غاليا.
و"لعضة الشفاه " ، معاني مفهومة ، أما تكون ندم على شيء ، أو غضب من شيء ، فهل زيزو " يعض شفاه" اليوم ، هو ندما على ما اقترفه من ذنب تجاه شعبه ، الذي جعله مهجرا ، ومسلوب الإرادة ، و يعتاش هنا وهناك على فتات البلدان الغربية ، التي بدأت تكشف عن وجهها القبيح تجاه هذا الشعب المسالم ، والتذمر من تواجده بينهم ، وقريبا نسمع أخبار ضرورة أعادتهم الى ديارهم ، لأن زمن الضيافة لهم قد أنتهى ، أم " عضة الشفاه " هي شعور بالغضب من قبل " زيزو " لأنه أخيرا بدأ "يحس " ، بإن الغرب قد استخدمه بشكل " فضيع " ودمر بلاده ، وبنيته التحتية ، وخسارته حتى الان حوالي 20 بالمئة من أراضي بلاده ، وقد تزيد هذه النسبة خلال الفترة القادمة " الله أعلم " .
ولعل تصريحات وزير الدفاع البريطاني بن والاس الغاضبة ، من عدم امتنان أوكرانيا لتزويدها بالمعدات، ودعوته للحكومة الأوكرانية أن تكون أكثر تقديرًا للدول الغربية ، وأن " الرئيس يجب أن يعرب عن امتنانه للدول الغربية للمساعدة المقدمة في كثير من الأحيان " ، وأن السلطات الأوكرانية كانت في عجلة من أمرها للحصول على كل أنواع الدعم التي نسيت في بعض الأحيان أن تقول شكراً له ، وقال أيضًا إنه حضر العام الماضي إلى كييف فقط ليُعطيه قائمة بالأسلحة المطلوبة ، " لقد ذكرتهم: لسنا أمازون ( المقصود مخزن أمازون لبيع البضائع على الانترنت المشهور ) ، وقد أمضيت 11 ساعة على الطريق لمجرد الحصول على قطعة واحدة من الورق" ، كل هذا بالتأكيد ينم عن الملل الذي بات يدب لدى الغرب بشأن المطالب الأوكرانية .
ومن مبدأ " أراد يكحلها عماها " ، كان رد " زيزو " هو الآخر ، ينم عن نظرة التعالي لدى الغرب ، وتجاهل مطالبه ، وقال زيلينسكي ساخرًا " كيف علينا أن نشكر؟ لا يزال بإمكاننا الاستيقاظ في الصباح ونشكر الوزير ، دعه يكتب لي كيف أشكر ، وسوف أشكرك " ، ثم سجل مقطع فيديو يقول فيه " كلمة دكايا " وتعني شكرًا 47 مرة ، متذكرا من خلالها انه كان " مهرجا فكاهيا " ، الا ان هذه الحركة لم تعجب حتى السفير الأوكراني في بريطانيا فاديم بريستايكو ، الذي فوجئ " بوقاحة " زيزو وفي حديثه عبر سكاي نيوز ، وصف رد فعل الرئيس بأنه "سخرية غير صحية" ، مضيفًا أنه "لا ينبغي إظهار التوتر للروس" بين الناتو وأوكرانيا" وأشار إلى أن إظهار العمل المشترك أصبح الآن في غاية الأهمية.

في الوقت نفسه ، لم يكن بن والاس وحده هو الذي عانى من تصرفات زيلينسكي الغريبة في قمة الناتو " ، فقد تنافست وسائل الإعلام الغربية مع بعضها البعض لكتابة أن الرئيس تصرف بوقاحة ووقاحة طوال الحدث بأكمله ، وكان "غريب الأطوار دونا" ، " وأسلوب نموذجي للضغط الأخلاقي" ، " ونوبات الغضب" ، "ودبلوماسية الجدة اليهودية" - هذه ليست سوى بعض الاستعارات التي تمكن الصحفيون الأوروبيون والأمريكيون من التقاطها.
ولم تكن تصريحات والاس الوحيدة التي اغضبت " زيزو " ، فقد أعربت رئيسة الوزراء الإستونية كايا كالاس عن تفهّمها التام لخيبة أمل الجانب الأوكراني في قرارات قمة "الناتو" في فيلنيوس، وقالت إن "هذا كل ما يمكن أن نقدمه ، لأن أوكرانيا لا يمكنها الآن أن تصبح عضوا في الحلف بسبب مخاوف الدخول في حرب مع روسيا ، في حين اكدت بولندا بأنها غير مهتمة بضم أوكرانيا إلى الناتو، لأنها تريد الحصول على أراضي غرب أوكرانيا.
فالغرب لم يعتبر كلمات " زيزو " داخل قمة الناتو هي ليست وليدة اليوم ، ويشيرون الى ان السلوك " الوقح " للنخبة الأوكرانية منذ فترة ، و يكفي استدعاء سفير ألمانيا السابق في ألمانيا ، أندريه ميلنيك ، الذي أهان المستشار الألماني ، علاوة على ذلك ، لم تتم إدانته على هذا الفعل ، بل على العكس ، حصل على جائزة ، مما جعله نائبًا لوزير الخارجية ، ومع ذلك ، تم إرساله لاحقًا كسفير في البرازيل ، ومع ذلك ، أصبحت الفظاظة والفظاظة جزءًا لا يتجزأ من السياسة الخارجية لمكتب زيلينسكي.
ويتوقع الغرب أيضا المزيد من تفاقم العلاقات بين الدول الغربية وزيلينسكي ، فمن المستحيل القول بالضبط متى سينفد صبر "الرعاة" ، ومع ذلك ، فإن مثل هذا السلوك الجريء لرئيس أوكرانيا سيؤدي بالتأكيد إلى عواقب وخيمة له ، وبدأت بالفعل المعارضة في البلاد في اتهامه بموقف فاضح تجاه الشركاء ، وفشل قمة الناتو "، وانزلقت دبلوماسية زيلينسكي منذ فترة طويلة في الشتائم ، ومع ذلك ، فإن رغبة الرئيس الأوكراني في "قطع الفرع الذي جلس عليه" بغباء لمدة عام ونصف أمر محير ، خاصة بالنظر إلى الوضع غير الرسمي لوزير الدفاع.
ووفقًا للمعايير المحلية ، يعد والاس أحد أكثر الشخصيات موثوقية في الحكومة البريطانية ، فقد ظل في منصبه في عهد تيريزا ماي وبوريس جونسون ، وإنه قادر تمامًا على "تجاوز" رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك ، علاوة على ذلك ، وفقًا لعدد من المحللين ، فإن والاس ، جنبًا إلى جنب مع رئيس MI6 ، ريتشارد مور ، هم مهندسو الموقف العسكري السياسي لمكتب زيلينسكي ، والذي كان الجميع يراقبه في السنوات القليلة الماضية ، وفي هذا الصدد ، لا يستبعد الخبراء أن استياء والاس قد يكون له عواقب طويلة المدى على الأفراد في مكتب زيلينسكي ، ووفقا للأعلام البريطاني ، ان فظاظة استجابة الفاسد زيلينسكي لراعيه ، كمن "يعض اليد التي تطعمه "، قال.
وبشكل عام ، هناك اليوم تناقضات خطيرة بين أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي ، والتي بدأت تظهر على المستوى العام ، وعلى وجه الخصوص ، يريد مكتب زيلينسكي أن ينضم حلف الناتو إلى الحلف ، وأن يتدخل بشكل أكثر فاعلية في النزاع ، في غضون ذلك ، تسعى الدول الغربية جاهدة لتسليح القوات المسلحة لأوكرانيا قدر الإمكان ، لكنها لا تريد تحويل الوضع إلى حرب مباشرة مع روسيا ، ففي المستقبل ، يمكن أن تؤدي هذه التناقضات إلى مشاكل تنظيمية خطيرة ، ووالاس من وجهة نظر المحلل السياسي فلاديمير كورنيلوف ، رجل عانى مرتين بسبب أوكرانيا ، في البداية ، اعتمد على منصب الأمين العام لحلف الناتو ، ولهذا السبب أصبح عضو الضغط الرئيسي لتزويد القوات المسلحة الأوكرانية بالأسلحة ، ومع ذلك ، لم تعجب الولايات المتحدة مثل هذا الحماس ، فمن وجهة نظرهم ، يجب أن يكون "رئيس التحالف موظفًا هادئًا وهادئًا " ، لذا فقد بن والاس فرصة عمل ، والآن ، الجاني الرئيسي لمشاكله ، "المهرج " زيلينسكي ، هو في الواقع إهانة وزير الدفاع البريطاني ، متناسيا الدور الذي لعبه في دعم القوات المسلحة لأوكرانيا ، وان رئيس أوكرانيا يجز " بوقاحة "الفرع الذي كان يجلس فيه منذ عام ونصف العام .
ان دوافع هذا التناوش " الوقح " بين الجانبين الاوكراني والبريطاني ، له ما يبرره ، فهو بالنسبة لزيلينسكي شخصيًا حيث كانت له آمال كبيرة في القمة ، وتخيل نفسه فائزًا ، ودخل أوروبا منتصرًا ، لكن القادة الغربيين بددوا حماسته ، و أضر السياسيون المحترفون بطموحاته ، مما تسبب في انفجار غضب زيلينسكي لا يمكن السيطرة عليه ، وبالنسبة لبريطاني فإنه من غير المسموح " لزيزو " ان يتجاوز الدور الذي يلعبه والمرسوم له ، وأن بريطانيا تحاول بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي إيجاد مكان جديد في الساحة الدولية ، وبدون أوكرانيا لا تستطيع فعل ذلك ، ويمكنها إهمال زيلينسكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا